الجمهورية اليمنية
الهيئة العامة للأوقاف والإرشاد
قطاع الإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------
خطبة الجمعة الرابعة من شهر جماد الأولى 1447ه
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
العنوان:(الموت والحياة الكريمة)
التاريخ:1447/5/24ه 2025/11/14م
الرقم: (21)
➖➖➖➖➖➖➖
🔹أولاً: نقاط الجمعة
1️⃣جعل الله الحياة الدنيا ميدان ابتلاء وامتحان ليتميز ويتغربل الناس ويظهر الأحسن عملا في تنفيذ أوامر الله والتسليم له وهي سنة إلهية جرت حتى على الأنبياء.
2️⃣ اليقين بحتمية الابتلاء يقودنا إلى اليقظة والحذر والاستقامة والأخذ بأسباب التوفيق والاستفادة من الابتلاءات بما يبنينا.
3️⃣ أكثر جانب يتميز فيه الناس هو الابتلاء في الجانب العملي الذي يتطلب تضحية في مواجهة أعداء الله.
4️⃣ تمثل القضية الفلسطينية امتحان للأمة الإسلامية كلها وبحمد الله نجح الشعب اليمني في هذا الابتلاء بموقفه المتميز والمشرف.
5️⃣ تصنيفات أم الإرهاب أمريكا لا تخيفنا ولا توقفنا عن أداء واجبنا في نصرة المستضعفين، وقطع المعونات لن يثنينا فثقتنا مطلقة بأن الله هو الناصر والرازق.
6️⃣- من المهم استقبال شهر رمضان بالتوبة والإنابة إلى الله وبالتعاطف والتراحم والتخلص من الحقوق بإرجاعها لأهلها، ويجب أن تستمر مواقفنا في المظاهرات والإنفاق والمقاطعة وصمودنا كفيل بزعزة أمريكا ونبارك كل ضربات القوات المسلحة.
➖➖➖➖➖ ➖➖
🔹ثانياً: خطبة الجمعة
الخطبة الأولى
الحمدُ لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، ورضى الله تعالى برضاه عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عباده الصالحين والمجاهدين.
أما بعد/ أيها الإخوة المؤمنون:
أوصيكم ونفسي أولاً بتقوى الله عز وجل القائل جلّ جلاله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.
أيها المؤمنون:
لقد جعل الله سبحانه وتعالى الموت أمرًا عاماً على كل البشر لا يُستثنى منه أحد، ولا يتخلص منه إنسان مهما كان له جاه أو منصب أو مال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} فالموت آتٍ لا محالة.
الموت بابٌ وكل الناس داخلهُ **** يا ليت شعري بعد الموت ما الدار
الدار دار نعيم إن عملت بما **** يرضي الإله وإن قصرت فالنار
وقد قال الله لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}،{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ}، وليست المشكلة في الموت؛ فلو كان الموت نهاية كل شيءٍ لهان الأمر ولكان الموضوع بسيطا، ولكنّ ما بعد الموت من الحساب والسؤال والعقاب والجزاء هو الأخطر والأدهى:{قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}،{لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى}.
فالإنسان المؤمن والواعي يعرف أنّ الموت آتٍ فيعدّ العدة ويعرف أنّ هذا الموت حينما يأتي لا يطرق الباب ولا يطلب الإذن، والإنسان عند ذلك إما أن يفوز وإما أن يخسر والحياة الدنيا ليست كدراستنا إن رسبنا أو فشلنا سنعيدها، ولكنها مرة واحدة فمن فاز فإلى الجنة ومن خاب وخسر فيالها من خسارة لا تعوض، وسيتمنى الإنسان بعد أن يفقد الحياة:{لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}، {رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}، ولذلك لمّا علم المؤمنون أنّ الموت آتٍ لا محالة اتجهوا ليستثمروا الموت وليحولوا هذا الخطر إلى فرصة؛ فيجعلوا منه نعمة يتنعمون بها بين يدي الله سبحانه؛ فجعلوا حياتهم لله ونذروا مماتهم لله لكي يفوزوا ولكي يأمنوا من خطر الموت وما بعد الموت؛ فاختاروا سبيل الله وكانوا كما قال الله لنبيه معلماً:{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، وعلموا أنه سيأتي يومٌ يأخذ الله من الإنسان روحهُ دون مقابل فباعوا من الله أرواحهم بأعظم مقابل، وبأعظم عطاء، وبأعظم الجزاء، وأولئك هم الشهداء، قال سبحانه:{وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ . سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ .
وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ}، وهؤلاء الشهداء علّمنا الله في القرآن الكريم دروساً عنهم لنصحح نظرتنا إليهم؛ لأن البعض قد يعتبرهم أمواتاً فصحح الله هذه النظرةِ المغلوطةِ فقال:{وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء} لأنهم بذلوا حياتهم لله فأعطاهم الله حياة الخلود وحياة الكرامة وحياة العزة وحياة النعيم؛ لأنهم قدّموا ما جعل الله يجازيهم بالحياة التي ما مثلها حياة؛ فهم انتقلوا من هذه الحياة بيننا إلى حياة هناك عند الله:{مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}؛ولذلك فثقافة الشهادة هذه هي ثقافة الحياة غيرالمحدودة،وثقافة الشهادة حينما يحملها المجاهدون والصادقون والمؤمنون هي تعني: الاستعداد للتضحية من أجل الله والبذل للروح في سبيل الله، وهذا الاستعداد لا يصل إليه الإنسان إلا عندما يذوب في الله ويحمل الإيمان الواعي والكامل بالله سبحانه، وحينما يصل الإنسان إلى درجة اليقين، وإلى درجة الحب لله سبحانه؛ فإنه يحمل هذا الشوق ويحمل هذا الفكر ويحمل هذه النظرة، وثقافة الشهادة تعني: أنّ الانسان شجاع وغيور، ويرفض الظلم ويأبى الضيم؛ فإما أن يعيش كريمًا أو يلقى الله سعيدًا؛ (فالحياة في الموت قاهرين والموت في الحياة مقهورين) كما أشار إلى ذلك الإمام علي كرّم الله وجهه.
أيها الإخوة المؤمنون:
ما الذي ينقص الأمة الإسلامية في هذه الآونة وفي هذا المنعطف الخطير؟ وما الذي تحتاج إليه الأمة اليوم لتكون أمة قوية عزيزة كريمة منيعة عظيمة؟ هل ينقصنا المال؟ لا. فدول الإسلام من أغنى الدول في الثروات والخيرات والبركات وموقعها الاستراتيجي مسيطر على موقع هام، إذاً ما الذي ينقص هذه الأمة؟ هل ينقص الأمة الرجال؟ لا. فهنالك ثروة بشرية في الأمة وتعدادها ملياران ويزيد عن المليارين.
إذاً ما الذي ينقص هذه الأمة؟ بحيث لو حصلنا عليها ووصلنا إليها لكنا سادة الأمم ولكانت الأمة في مقدمة الركب؟ إنّ الذي ينقص الأمة لتكون أمة قوية هي أن تحمل روحية الجهاد والاستشهاد لتدافع عن نفسها ولتذبّ الخطر عنها؛ فها هو الغرب يفهم هذه المعادلة، وترامب الكافر في حملته الانتخابية وإلى اليوم يقول: (فرض السلام من خلال القوة) لكنّ الأمة الإسلامية لما تركت القرآن أضاعت البوصلة فهبطت وتاهت وضلّت وقد قال الله لها: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ} فتجاهلت هذه الأوامر، وأعدت ما يضعفها، وقدمت الاستسلام والخضوع، وقدّمت الأموال لأعدائها ليصنعوا السلاح الذي يقهرها ويذلها ويقتلها؛ ولذلك فالذي سيجعل العدو يهاب منا هو أن نمتلك قوة، والذي يمكن أن يجعل العدو لا يعتدي علينا ولا يفكر في غزونا هو أن نمتلك قوة، والقوة تبدأ من القوة المعنوية حينما يرى العدو أنا نعشقُ الشهادة كما يعشقون الحياة، حينها لا يمكن أن يستذلنا ولا يملك أن يقهرنا، والعجيب والغريب والمؤسف والمحزن: أنّ الأمة وهي في هذه الحالة من الاضطهاد والاستعباد والعدوان من قبل الأعداء، والسعي الحثيث من قبلهم لإحكام السيطرة على كل دول الأمة، إلا أنه ما يزال الكثير من أبناء هذه الأمة يعتبرون الشهادة ثقافة موت، ويعتبرون الحديث عن الشهادة حديثًا عن المشاكل، ويعتبرون الحل الصحيح هو أن نتحدث عن السلام مع من يريد أن يفرض السلام بالقوة، ويريد أن نستسلم بضعف وضعة وذلة؛ فتاهت الأمة وبيدها القرآن الذي يقول لها:{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً} فبماذا قال لنا الله أنه سيكفّ بأس الذين كفروا عنا؟ هل بالتحريض على السلام والاستسلام؟ أم بالتحريض على بناء واقع الأمة وبناء القدرات وامتلاك السلاح والجهاد؟ وها هي أمريكا في ثقافتها المنشورة بين أوساط شعبها ترسخ: (إذا أردت السلام فاحمل السلاح)، وأنظمة المسلمين ترسخ:(إذا أرت السلام فانبطح واترك السلاح وانزع وسلّم السلاح)،وهم يقرأون في القرآن قول الله سبحانه للمسلمين:{وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً} يعني: فلا تترك السلاح حتى في الصلاة، بينما العملاء يريدون ترك السلاح حتى في الجبهات وأثناء المواجهات (والله المستعان).
عباد الله:
إنّ الله سبحانه وتعالى قدّم لنا خيارين اثنين فيهما الخير والعزة فقال لنا أن نقول للعدو ونحن نواجهه: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} وهما النصر أو الشهادة، لكنّ العدو يريد أن يفرض علينا خيارًا ثالثاً وهو خيار الخضوع والخنوع والاستسلام حيث يريد أن نستسلم بدون مقابل، ونحن أمام عدو حتى وإن استسلمنا له فلن
يرحمنا، واسألوا التاريخ ماذا فعل المغول والتتار في بغداد، واسألوا التاريخ القريب ماذا فعلت أمريكا خلال 20 عاماً، وكيف قتلت من البشر ثلاثة ملايين معظمهم من العرب والمسلمين؛ فهل الاستسلام حماهم؟ لا.
ولذلك فثقافة الشهادة ليست بديلاً عن ثقافة الحياة بل إنّ ثقافة الشهادة هي ثقافة الحياة الكريمة، وهي التي تجعل الإنسان يعيش كريماً، ويلقى الله سعيداً، ويُورث للأجيال من بعده الحياة الكريمة الآمنة العزيزة، وثقافة الشهادة هي ثقافة النصر والفتح؛ فالأمة التي تقدم الشهداء هي أمة منصورة، ولا يملك العدو أن يهزمها، وانظروا إلى الأحداث التي مضت حينما استشهد شهيد القرآن رضوان الله عليه؛ هل انتهى الأمر؟ وهل سقطت الراية؟ وهل انحرف المسار؟ أم سقط الذين قتلوه وذهبوا إلى مزبلة التاريخ وانتصر الحق؟ وحينما استشهد الصماد على أيدي العدو الأمريكي؛ هل انتهى اليمن وهُزم أم أصبح الصماد طائرة وصاروخاً وشعباً؟وأورث لليمن حياة كريمة وصلت إلى صناعة سلاح لا تمتلكه إلا دول معدودة في العالم؟ فالأمة التي تقدم الدماء والشهداء هي أمة قوية منصورة،والأمة التي تخاف التضحيات وتخاف أن تقدم ضريبة الحرية هي أمة يستبيحها الأعداءويقهرونها بدون مواجهة، ويحتلونها حتى بتصريحات إعلامية.
أيها الإخوة المؤمنون:
حينما كتب الله علينا القتال فهو كتبه علينا من منطلق رحمته فقال سبحانه:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ} هنا يقول لنا الله: أنا أعلم أنكم تكرهون القتال ولكن لا تستعجلوا بهذا الحكم فأنتم تكرهون شيئاً وفيه الخير لكم:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ} لكن كراهيتكم هذه لا ينبغي أن تجعلكم تكرهونه وتتركونه وتحاربونه وترفضونه:{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، ونشهد أن لا إله إلا الله وأن نبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين والمجاهدين.
أما بعد/ عباد الله:
إنّ الله سبحانه وتعالى هو أرحم بنا من أنفسنا، وهو أدرى بمصالحنا من أنفسنا؛ ولذلك حينما يتحدث القرآن الكريم عن الجهاد فإنه يختم الحديث عنه بأنه الخير وبأنه الفوز، وما سواه فهو الضعف والذل والوهن والاستسلام والفقر وترك الدين والاحتلال وقتل النفس وانتهاك الأعراض، وكل ذلك يمكن أن يحصل حينما يترك الناس الجهاد في سبيل الله ويبتغون لأنفسهم طرقاً غير التي رسم الله لهم وأراد الله منهم وأمرهم بها، والله سبحانه حينما أمرنا بالجهاد فليس لندافع عنه؛ فالله هو القوي: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}، {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} لكنه يدعونا لندافع عن المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، وبإمكان الله أن يحسم المعركة مع أعدائه برجفة أو صيحة أو زلزال؛ فلله جنود السماوات والأرض، وهو الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، لكنه سبحانه جعل من أكبر الابتلاءات: الابتلاء بالجهاد في سبيل الله، قال سبحانه:{ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ}، وقال سبحانه:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}.
أيها الإخوة المؤمنون:
ها نحن نشاهد عربدة أمريكا وإسرائيل في بلدان الإسلام وخارج بلدان الإسلام، وترون بلطجة أمريكا على فنزويلا لنهب ذهبها وثرواتها، وترون مؤامرة أمريكا على نيجيريا بذريعة الدفاع عن المسيحيين، وترون بلطجة أمريكا في لبنان حيث توقع اتفاقية وتقدم ضمانة بيَد وباليد الأخرى تقدم الغطاء والدعم للصهاينة؛ ليقصفوا ويقتلوا وينقضوا الاتفاق، وفي الوقت الذي يبرمون فيه الاتفاقيات فإنهم يلتقطون أنفاسهم لترتيب جولة جديدة من العدوان والتآمر، وهم يصرحون بذلك ويتحدثون عن أنهم سيرسلون قوة دولية لاحتلال غزة، وما عجزوا عنه بالحرب يريدون تحقيقه بالمفاوضات، وهذا يؤكد أهمية الجهاد وضرورته في مواجهة هؤلاء المجرمين.
عباد الله:
يجب أن نتشبع بثقافة الجهاد والاستشهاد، ويجب أن نحمل هذا الوعي، وهذه الثقافة هي الخير الذي قال الله فيه: {انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}، وقال سبحانه: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ .
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ . يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}، وثقافة الجهاد هي الثقافة التي جعلها الله لنا كخارطة طريق وطوق نجاة للأمة لتخرج من وضعها المهين والمشين والمذل إلى آفاق الحياة الكريمة العزيزة، ولكي تكون سيدة الأمم وقائدة ركب الحضارة في العالم، وإنّ النبذ لهذه التوجيهات والرفض لهذه العروض هو جحود بآيات الله ورفض لأوامره التي فيها سعادتنا كما قال سبحانه: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}، وقال سبحانه:{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً . وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّـا أَجْراً عَظِيماً . وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}.
أيها الإخوة المؤمنون:
لقد كشفت وزارة الداخلية عن شبكة من العملاء والخونة الذين باعوا ضمائرهم لليهود الصهاينة وعملائهم، وتسببوا في قتل الأبرياء إسنادًا منهم للصهاينة في قتل الشعب الفلسطيني ومشاركة لهم في جرائمهم تلك، ومحاولة منهم لإيقاف عملياتنا المساندة للمستضعفين في قطاع غزة، وقد لاحظنا حجم الدور الذي يقدمه النظام السعودي لليهود، ومثل هذه الخلايا الإجرامية ما كان لها أن تُكشف لولا رعاية الله وتعاون أبناء الشعب مع الأجهزة الأمنية؛ فيجب أن يرفع الجميع الحس الأمني، وأن يبلغوا عن أي تحركات مشبوهة، وأن نحذر من أجهزة الاتصالات الحديثة فالأمن مسؤوليتنا جميعا، ولنتعاون على البر والتقوى كما يتعاونون على الإثم والعدوان.
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم فصلِ وسلم على سيدنا محمد بن عبد الله بن عبدالمطلب بن هاشم، وعلى أخيه الإمام علي، وعلى فاطمة البتول الزهراء، وعلى ولديهما الحسن والحسين، وعلى جميع آل رسول الله، وارض اللهم برضاك عن صحابة نبينا الأخيار من المهاجرين والأنصار، وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين.
ربنا لا تدع لنا في هذا اليوم العظيم ذنبًا إلا غفرته، ولا دينًا إلا قضيته، ولا مريضًا إلا شافيته وعافيته، ولا ميتًا إلا رحمته، ولا مظلومًا إلا نصرته، ولا ظالمًا إلا خذلته، ولا مفقودًا إلا وكشفت مصيره، ولا أسيرًا إلا وفككت أسره.
اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجًا، ومن كلِ ضيقٍ مخرجًا، ومن النارِ النجا، اللهم احفظ وانصر عَلَمَ الجهاد، واقمع بأيدينا أهل الشرك والعدوان والفساد، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وانصرنا على أمريكا وإسرائيل وآل سعود وعملائهم من المنافقين فإنهم لا يعجزونك، اللهم ثبّت أقدام إخواننا المجاهدين في مختلف الجبهات، اللهم سدد رميتهم، وكن لهم حافظًا وناصرًا ومعينًا يا رب العالمين.
{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
➖➖➖➖➖➖➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
بديـوان عــام الهيئة.
--------------

