الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للوعظ والإرشاد
-----------------------------------
العنـوان :
الإسلام دين الله الواحد
▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️
التاريخ / الجمعة
الأخيرة من شهر ربيع الأول 1443هـ
الموافق :
/ 5 / 11 / 2021م
(الخطبة الأولى)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ العليِّ عن شَبَهِ المخلوقين, الظاهِرِ بِعجائبِ تدبيرِهِ للناظرين, والباطِنِ بجلالِ عِزَّتِهِ عن فِكْرِ المُتَوَهِّمِين, القائلِ في كتابه العزيز: {وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، ونشهدُ ألَّا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ لِإِنْفَاذِ أَمْرِهِ وَ إِنْهَاءِ عُذْرِهِ وَ تَقْدِيمِ نُذُرِهِ، فدَفَنَ اللَّهُ بِهِ الضَّغَائِنَ، وَأَطْفَأَ بِهِ الثَّوَائِرَ، وأَلَّفَ بِهِ إِخْوَاناً، وَفَرَّقَ بِهِ أَقْرَاناً، وأَعَزَّ بِهِ الذِّلَّةَ، وَأَذَلَّ بِهِ الْعِزَّةَ، اللهم صل وسلم على سيدِنا محمدٍ وعلى آلهِ الأطهار، وارضَ عن صحابته الأخيار المنتجبين.
أمـا بـعـد/ أيها الأكارم المؤمنون:
لقد أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون البشرية جمعاء على دين واحد: هو الإسلام الذي جعله الله ديناً للأنبياء جميعاً منذ آدم (عليه السلام) إلى محمد صلوات الله عليه وآله، وقد جعل الله في دين الإسلام من الأسس ما يضمن للناس توحدهم وتوحيدهم لله تعالى، حتى على مستوى عنوان هذا الدين (الإسلام) لم يجعله عنواناً قومياً ولا طائفياً ولا مناطقياً، بل جعله عنواناً ومسمى جامعاً تنضوي تحته البشرية جمعاء، وكل الثقافات التي تحاول أن تصور أن الله أنزل أكثر من دين سماوي هي ثقافات مغلوطة ومخالفة لكلام الله تعالى الذي يبين أن كل الأنبياء كانوا يدينون بدين الإسلام، فهذا نوح (عليه السلام) الذي يُعد من أوائل الأنبياء، يقول: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}،
وهذا إبراهيم أبو الأنبياء وولده نبي الله إسماعيل يدعوان الله وهما يبنيان البيت الحرام قائلين: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ}، وهذا يعقوب يجمع أبناءه قبل موته ليوصيهم بالتمسك بالدين الحق كما قال تعالى: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}، وهذا يوسف (عليه السلام) يقول: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}، وهذا سليمان (عليه السلام) كان مسلماً وكتب رسالته لقوم سبأ قائلاً: {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}؛ وفي الأخير تُسلم بلقيس بنبي الله سليمان قائلة: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، وهذا موسى (عليه السلام) ـ الذي يدعي اليهود أنه جاء لهم بديانة اسمها اليهودية ـ قال الله عنه: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ}، وعندما آمن السحرة بموسى وهارون وهددهم فرعون قالوا: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ}، وحتى فرعون كان يعلم أن الدين الذي جاء به موسى وآمن به بنو إسرائيل هو الإسلام؛ فقال حين أحس بالغرق: {آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، وهذا عيسى (عليه السلام) آخر أنبياء بني إسرائيل، والذي يدعي النصارى أنه جاءهم بدين اسمه النصرانية ـ كان مسلماً وقال الله عنه وعن أنصاره الحواريين: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}؛ فمن أين جاءت الثقافات المغلوطة التي جعلت المسلمين يعترفون أن الديانات السماوية ثلاث؟! وكيف سُطر في كتب الأمة ما هو مخالف لكتاب الله؟! لأن الأمة عندما ابتعدت عن ثقافة القرآن أضلها اليهود والنصارى، حتى أصبحت ترى أن ما لدى اليهود من تحريف وضلال وباطل وانحراف عن نهج موسى وشريعته هو ديانة سماوية!!، وأن ما لدى النصارى من تحريف وضلال وباطل وانحراف عن نهج عيسى وشريعته هو ديانة سماوية!!.
عباد الله الأكارم: بيَّن الله تعالى في كتابه العزيز للأمة الإسلامية كيف يجب أن تتعامل دينياً مع اليهود والنصارى فقال سبحانه: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ . فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}، بل يبين الله أن اليهود والنصارى أشركوا وكفروا بالله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}، وقال عن اليهود: {وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ}، وقال عن النصارى: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}، وتحدث أنهم حرفوا كتب الله تعالى فقال: {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}؛ فاتخذوا ملةً صنعوها تحقق لهم مطامعهم الإجرامية في الحياة وأسموهما ديانات سماوية يهودية ونصرانية، أحلوا فيها الحرام وحرموا الحلال، وحاولوا إضفاء الشرعية على انحرافهم، وأنهم على شيء من الدين والهدى فقال الله تعالى ينفي دعواهم تلك: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ}، لستم على شيء من الدين ولا القيم ولا الأخلاق ولا الحق ولا الهدى ولا البينات: {حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}، وكلما عرضه الله عن واقع أهل الكتاب السيء هو لكي تأخذ أمة الإسلام حذرها أن تنحرف كما انحرفوا، فسيحل بها ما حل بهم إن انحرفت وحرَّفت وتنصلت عن مسؤوليتها في هداية البشرية، والجهاد في سبيل ذلك.
عباد الله: لطالما حاول اليهود والنصارى إضفاء الشرعية على انحرافهم فادعى اليهود أن إبراهيم أبو الأنبياء كان يهودياً مثلهم، وأدعى النصارى أنه كان نصرانياً مثلهم فنفى الله ذلك وقال: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، واليوم يسمون صفقات التطبيع والخيانة بين دول الخليج الوظيفية وبين اليهود وبرعاية أمريكا: اتفاق إبراهام أو إبراهيم، إمعاناً في التلبيس والتضليل، وما أسوأها من إساءة إلى نبي الله إبراهيم أبو الأنبياء وعدو الشرك والمشركين والكافرين، ورمز البراءة من كل منحرفين، وما هذا المسمى إلا تزييفاً وتلبيساً على الأمة لتتولى الكافرين والملعونين، ولتنساق وراء فسادهم، وتخضع لإجرامهم واحتلالهم تحت مسمى اتفاق إبراهيم؛ وليضفوا شرعية وقداسة نبي الله إبراهيم خليل الله على أسوأ وأحط وأنجس الاتفاقيات عبر التاريخ، التي يُراد من خلالها للأمة أن تخرج من حنيفية وإسلام إبراهيم تحت عنوان اتفاق إبراهيم، وأن تُحتل وتُنهب وتُقتل تحت عنوان اتفاق إبراهيم.
قلت ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رب العالمين, ونشهدُ ألَّا إله إلاّ الله وحدَه لا شريك له, ونشهد أنَّ سيدَنا محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله الطاهرينَ، ورَضِيَ اللهُ عنْ أصحابهِ المنتجبين.
أيها المؤمنون:
إن قوى الطاغوت المنحرفة عن رسالة الله وعلى رأسها الصهيونية العالمية قد جرَّت الشقاء والبؤس والحرمان على بني البشر في الأرض جميعاً، وعلى المسلمين والعرب خاصةً، فمن الناحية الاقتصادية: تنهب عبر شركاتها وبنوكها العالمية ثروات شعوب بأكملها، ومن خلال الحصار والمقاطعة الاقتصادية لمن يعارضها، واختراق الأسواق الداخلية للدول المستضعفة وإغراقها بالسلع والمنتجات الخارجية وتدمير الإنتاج الداخلي، وكذا عبر احتكار وتملك الإنتاج والصناعات الحيوية للدول المستهدفة، واحتكار التصدير والاستيراد، والسيطرة على الموانئ والمطارات، وإشعال الحروب بين الدول المستهدفة للاستفادة من بيع الأسلحة لها ونهب ثرواتها الطبيعية، وإغراق الدول المستهدفة بالديون والفوائد الربوية حتى
تفقد القدرة على السداد ثم ترضخ لخيارات عصابات النهب والسلب العالمية، وكذا فرض العقوبات الاقتصادية كما يفعل الشيطان الأكبر أمريكا اليوم بمن يعارض سياستها الإجرامية، ومن الناحية البيئية: عملوا على استخدام الفيروسات والبكتيريا والجراثيم كوسيلة حرب لقتل البشر كما فعلوا بسكان أمريكا الأصليين وبغيرهم، واستخدموا أسمدة ومبيدات خاصة وبذور معدلة وراثياً لتدمير المحاصيل الزراعية وتدمير التربة وإفسادها لتصبح غير صالحة للزراعة، ومن أجل الربح صنعوا المنتجات التي أضرت بالبيئة ولوثتها وأفسدت سلامتها وجمالها، ولو كان لهم وازع أو قيم أو ضمائر حية وارتباط بالله لعدلوا إلى الأشياء التي لا تؤثر على البيئة، وانتشرت ملوثات البيئة من مصانعهم ومعاملهم حتى أثرت على الهواء الجوي، وأثرت على طبقة الأوزون التي خلقها الله تعالى لتحمي الأرض من الإشعاعات الضارة القادمة من الفضاء؛ فظهرت ما يعرف بالأمطار الحمضية التي تؤثر على التربة والنباتات، وتلوثت المياه العذبة حتى أصبحت ثلث الأنهار والبحيرات على الأرض اليوم لا تصلح للشرب والسباحة، ولوثوا البحار بالمخلفات الصناعية الغير قابلة للتحلل، وبالنفايات والمخلفات الإشعاعية التي أضرت بالأسماك في عمق البحار، واستخدموا الجرف في صيدها ودمروا مراعيها، وعلى مستوى البر دمروا ملايين الهكتارات من أراضي الغابات وحولوها إلى صحاري قاحلة، وتحقق ما قاله الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} وتحقق قول الله تعالى: {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً} ومن الناحية الصحية: نشروا المنتجات والأطعمة التي تضر بالإنسان في جسده وتؤثر على صحته؛ فرأينا الأمراض الكثيرة التي تنتشر بشكل كبير بين سكان الدول المستهلكة لمنتجاتهم، وكل فترة تظهر أمراض خطيرة وكثيرة يصعب علاجها ولم يكن أحد يسمع بها في الماضي، ومن الناحية الاجتماعية: نشروا الفساد الأخلاقي بكل صوره وبمختلف وسائل الحرب الناعمة، وعملوا على فصل الناس عن الدين وعن القيم والأخلاق وحتى الأعراف التي تساعد على الحشمة والعفة، وعملوا على تعرية البشر وخاصة النساء كما فعل الشيطان بآدم وحواء: {يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا}، وشجعوا على التحرر من الضوابط والالتزامات الدينية والأخلاقية، ونشروا الخمور والمخدرات، وشجعوا على الابتذال والسقوط، وزينوا الحرية البهيمية، وقوضوا مكارم الأخلاق والعفة والطهارة والشرف؛ فانتشر الزنا والفاحشة حتى أصبحت جرائمها تحسب في بعض المجتمعات بعشرات الجرائم في الساعة الواحدة؛ فضربوا بذلك زكاء النفوس وطهارتها، فأصبحت قابلة للدنس والرذيلة، وضربوا عزة النفوس وإبائها؛ فأصبحت قابلة للإهانة والاحتلال والاستعباد، واستهدفوا اللبنة الأساسية لبناء المجتمع وهي: الأسرة؛ فعملوا وخاصة عبر المنظمات على تفكيكها إلى كيان للرجل وكيان للمرأة وكيان للشباب، وهكذا يذكون الصراع والمواجهة بين هذه الكيانات، وعلى المستوى العسكري: عملت الصهيونية العالمية ـ والتي تعتبر أمريكا أكبر أدواتها ـ على شن الكثير من الحروب لتمكين نفوذها، وعملوا على إنشاء نظريتين عالميتين متناقضتين هما الرأسمالية والشيوعية الاشتراكية، وأذكوا الصراع بينهما ليتمكنوا من قتل أكبر عدد من البشر لتستحكم قبضتهم على الأرض، ولا أدل على ذلك من إشعالهم للحربين العالميتين الأولى والثانية والتي راح ضحيتها أكثر من سبعين مليون إنسان، وفي فيتنام مثلاً وصل الحال بأمريكا أن تستخدم الرش الكيماوي لتدمير البشر والحقول والقرى، ونتج عن حربهم تلك ما يقارب أربعة مليون قتيل، وفي اليابان استخدموا القنابل الذرية فقتلوا عشرات الآلاف من البشر، ودمروا التربة فأصبحت غير صالحة للزراعة، وأوجدوا آلاف الإعاقات وتشوهات الأجنة حتى اليوم، وفي أفغانستان قتلت أمريكا عشرات الآلاف من الأفغانيين، وفي العراق وصل عدد ضحايا الاحتلال الأمريكي إلى أكثر من مليون قتيل حتى الآن، وعشرات الآلاف من جرائم اغتصاب النساء والرجال، وفي سجن أبو غريب ظهرت أسوأ جرائم أمريكا وإسرائيل، ومنذ احتلال اليهود لفلسطين قتلوا أكثر من مائة ألف فلسطيني، وتم إخراج الملايين منهم من قراهم ومدنهم ليصبحوا نازحين مشردين في بلدان أخرى، ويقبع اليوم ما يقارب خمسة آلاف فلسطيني في سجون العدو الصهيوني بينهم نساء وأطفال، وفي سوريا واليمن قتلت الصهيونية الأمريكية بشكل مباشر أو عبر أدواتهما: الآلاف، وخلفت الآلاف من المعاقين، وصنعت المعاناة المستمرة حتى الآن، وضمن مؤامراتهم الشيطانية الخبيثة في تشويه الإسلام صنعوا الأذرع الاستخباراتية الأمريكية المسماة (داعش والقاعدة) المجرمين السفاحين، الذين يقدمون بممارساتهم الإجرامية، والقتل الجماعي للأبرياء المسلمين في المساجد والأسواق وغيرها أبشع صورة مشوهة وهمجية تُحسب زوراً على الإسلام وهم من الإسلام براء.
أيها المؤمنون: إن العدوان الذي يُشن على يمن الإيمان من قبل قوى الاستكبار والانحراف الثلاث، اليهودية المنحرفة عن شريعة موسى، والنصرانية المنحرفة عن خط عيسى، والوهابية المنحرفة عن شريعة محمد إنما يعتدون على الإسلام الأصيل، ويعتدون على القرآن، ويعتدون على حنيفية وإسلام إبراهيم، وإسلام محمد صلوات الله عليه وآله وجميع الأنبياء، ويعتدون على القيم والأخلاق والزكاء والطهارة، والوعي والبصيرة والعزة والإباء والكرامة التي حملها شعب الإيمان، ويعتدون على الأمل المنبثق للأمة، ولذلك لا بد من الجهاد لكل هؤلاء، ورفد الجبهات بالمال والرجال حتى يتحقق النصر الموعود من قبل الله: {وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}.
أيها المؤمنون : من الكوارث التي حلت بالبلاد منذ عقود هي إستخدام المبيدات الزراعية والحشرية التي تتسبب في تلوث التربة والبيئة والمحاصيل الزراعية، وعلى المستوى الصحي تتسبب بالإصابة بالكثير من لأورام السرطانية، وتوجد هنا مسئولية مباشرة على المزارعين الذين يستخدمون مثل تلك المبيدات الضارة في المزروعات المختلفة وخصوصاً القات مما يتسبب ذلك في نشوء العديد من السرطانات والأمراض الفتاكة الأخرى، لذلك فإن المزارع يحمل أمانة عظيمة في عدم الإضرار بالناس والتسبب لهم بالأمراض والتي قد تؤدي بكثير منها إلى الموت
أيها المؤمنون لقد حث الإسلام على الزراعة والغراسة من خلال القرآن الكريم من نعم الله تعالى على عباده نعمة الأرض التي فرشها الخالق بين أيديهم وجعلها قرارا، وأجرى في مناكبها عيونا وانهارا، فأنبتت زروعا وثمارا، بعد أن أرسل الله السماء مدرارا. ومن المعلوم أن الله الحكيم الذي جلت حكمته، لم يخلق الإنسان على وجهه هذه الأرض عبثا، وإنما خلقه وفضله على كثير من خلقه، ليقوم برسالة سامية في هذه الحياة، فقد استخلفه في الأرض وكرمه بالعقل، وحمله مسؤولية عمارة الأرض والحفاظ على خيراتها، واستثمار غلاتها، بعد أن زوده بطاقات روحية، ومؤهلات فكرية، وخلق له هذه الأرض ذلولا سهلة ليتمكن من السيطرة عليها، وتسخيرها لخدمته. وقد اقتضت حكمة الله البالغة أن يعيش الإنسان على هذه الأرض ويستقر في ربوعها وأرجائها إلى حين، كما قال تعالى في سورة "البقرة": (ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) آية: 36. ولا يمكن للإنسان الذي شرفه الله باستخلافه في الأرض، وحمله مسؤولية عمارتها أن يعيش فوقها إلا إذا قام بهذه الرسالة السامية، وذلك بالعمل المتواصل على استخراج كنوزها وخيراتها و استغلال مكنوناتها، وهذا لايتأتى له إلا بواسطة زراعتها وغرسها بجد ونشاط دائمين لعله يقوم بالأمانة الثقيلة التي حملها، وهي المشي والسعي في ارجاء الأرض بحثا عن الرزق الذي ضمنه الخالق عز وجل للمشتغلين ا لعاملين السالكين منها سبلا فجاجا. هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله, والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ عليماً {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً},اللهم صلِ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم, وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب, وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء, وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين, وعلى آل بيت نبيك الأطهار, وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار, مِنَ المهاجرين والأنصار, وعلى من سار على نهجهم, واقتفى أثرهم إلى يوم الدين, وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين.اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجاً, ومن كلِ ضيقٍ مخرجاً, ومن النارِ النجا, اللهم انصر عَلَمَ الجهاد, واقمع أهل الشرك والعدوان والفساد, وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل، وأئمة النفاق السعودية والإمارات وكلَ من حالفهم وعاونهم يا رب العالمين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}. عباد الله:{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
➖➖➖➖➖ ➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للوعـظ والإرشاد
بديـوان عــام الــوزارة.
---