مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------

العنوان: (دروس من معركة الفرقان، ومواجهة أعداء القرآن)
التاريخ: 16/9/1444هـ   7/4/2023م
الرقم: (40)

خطبة الجمعة الثالثة من شهر رمضان المبارك 1444هـ

أولاً: نقاط الجمعة 
1-من أهم ما نستفيده من غزوة بدر هو تحمل رسول الله للمسؤولية الجهادية في مواجهة التحديات فهو لم يرَ لنفسه السكوت والجمود أو الاعتكاف في زاوية مسجده كما يعمل البعض وقد قال الله ( كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ) 
2-معركة بدر كانت بين اتجاهين: اتجاه الطواغيت والمستكبرين، واتجاهٌ يمثل دعوة الله الحق التي تحرر الإنسان من عبودية الطواغيت الذين يسعون للسيطرة عليه في كل المجالات
3-لم يراهن رسول الله والمؤمنين معه على مسألة الإمكانات وإنما كان اعتمادهم على الله؛ لذلك استغاثوا بالله وهم في ميدان العمل وهيأ الله لهم الكثير من عوامل النصر وتعزيز الجانب المعنوي الذي يعتبر أهم ما يحتاجه الناس في ميدان الصراع
4-مصير الإنسان مرتبط بمدى اهتدائه بالقرآن وأمام الإساءات المتكررة من قبل دول الغرب للقرآن لا بد من اتخاذ الموقف ومن أهمه مقاطعة منتجاتهم والعودة إلى منهج القرآن
5-الإهتمام بالتعاون والإحسان للفقراء ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) والحذر من البخل لأن عاقبته سيئة في الدنيا والآخرة ( وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْـمَوْتُ ).
➖➖➖➖➖➖➖➖
ثانياً: الخطبة 
الخطبة الأولى
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، اللهم لك الحمد بديعَ السموات والأرض، ذا الجلال والإكرام، والحمد لله الذي حبانا بدينه، واختصنا بملته، وسبّلنا في سبل إحسانه؛ لنسلكها بمنّه إلى رضوانه، حمدًا يتقبله منا، ويرضى به عنا.
وأَشهَدُ أن لَا إلهَ إلَّا الله الملكُ الحقُّ المُبين، القائل في كتابه الكريم: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين، اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأخيارِ المنتجبين، وعن سائرِ عِبَادِك الصالحين والمجاهدين.
أما بعد/ عباد الله الأكارم:
ما زلنا نعيش وإياكم أجواء شهر رمضان، شهر الصيام والقرآن، وشهر التقوى وتزكية الإنسان، وشهر الجهاد والعطاء والتضحية ومواجهة الطغاة عبر الأزمان، ومن ذلك في عهد النبي العدنان: فتح مكة ومعركة الفرقان.
أيها المؤمنون:
في هذه الأيام المباركة سنتحدث عن معركة بدر، والحديث عن هذا الموضوع مهم جدًا، لا سيما على ضوء العرض القرآني الغني بالدروس والعبر، والأمة اليوم تواجه تحديات كبرى، وتعصف بها مآسٍ وحوادث وفتن، ويتحرك أعداء الأمة (أمريكا وإسرائيل) ومن يدور في فلكهم بكل جهد للقضاء على هذه الأمة، وتقويض كيانها، والسيطرة التامة عليها، واستعباد أهلها.
عباد الله:
إن من أهم ما نستفيده من غزوة بدر هو موقف رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله في مواجهة التحديات والمشاكل؛ لأنه لم يكن بإمكانه في مواجهة تلك التحديات أن ينكفئ على نفسه، وأن يتجاهل الواقع من حوله، وأن يعتكف في مسجده ليتفرغ للدعاء والذكر ثم لا يتحرك لمواجهة هذا التحدي، وهذا بحد ذاته هو درس مهم؛ لأن البعض عندهم قصور في فهم معنى الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى، فالالتجاء إلى الله عندهم حالة منفصلة عن العمل وتحمل المسؤولية، وحالة يبررون بها تنصلهم عن المسؤولية، وهذا أمر غير صحيح؛ لأنه لو كان متاحًا لأحد لكان متاحًا لرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، الذي هو أعظم الناس قربة إلى الله، وها نحن نجد أن الله سبحانه وتعالى قال في سورة الأنفال: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ)، وفي سورة الأحزاب: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)، وفي سورة التوبة: (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ)؛ فنتعلم من رسول الله كيف نتحمل المسؤولية، وكيف نتحرك، وكيف نواجه التحديات، وكيف نمتلك الاستعداد العالي للتضحية، والاستعداد الكبير للصبر والتحمل، وبناءً على ذلك ننطلق ونتحرك.

عباد الله الأكارم:
إن معركة بدر كانت بين اتجاهين: اتجاه الطواغيت والمستكبرين، واتجاهٌ يمثل دعوة الله الحق التي هي دعوة خير وفلاح وعزة وكرامة وتحرير للإنسان من عبودية الطواغيت، وهذا هو أول عنصر يمثل إشكالية كبيرة جدًا مع قوى الطاغوت والاستكبار في الأرض؛ فالذي كان يسعى له أبو سفيان وأبو لهب وأبو جهل ومن معهم، وكذلك ما كان يسعى إليه أمثالهم من زعماء اليهود أو من زعماء الروم أو الفرس أو غيرهم من كل القوى التي كانت قائمة في الساحة هو نفس ما تسعى له اليوم (أمريكا وإسرائيل)، وما تسعى له اليوم أدواتهم التي تتحرك معهم للسيطرة على هذا الإنسان، والاستعباد للبشر، والتحكم في هذه الحياة، والاستغلال والنهب للخيرات والمقدرات، وممارسة الظلم، والاستعباد والتحكم والاستحواذ بعيدًا عن منهج الله سبحانه وتعالى.
إخوة الإيمان:
يقول الله سبحانه وتعالى: {وَإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ . لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} في هذه الآيات درس مهم جدًا هو: أن إحقاق الحق لكي يتحول إلى حالة قائمة في واقع الحياة، ولكيلا يبقى فقط في بطون الكتب أو يبقى حالة دعوية في الساحة؛ فإنه لا بد من العمل والتحمل للمسؤولية والتحرك والتضحية والمواجهة؛ لأن هناك من لا يقبل بأن يكون لهذا الحق وجود وحضور فعلي وعملي في واقع الحياة.
ويقول الله سبحانه وتعالى حاكيًا عن بعض تفاصيل المعركة: {إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} وهذه الآيات تكشف حقيقةً مهمة هي: أن الذي دبّر أمر المعركة، وهيأ لها، وأوصل إليها هو الله، بتدبيره هو، وبما سيترتب عليها من نتائج مهمة في إحقاق الحق، وفي تقوية المستضعفين، وفي إخزاء وإضعاف الكافرين، وفي تغيير الواقع بكله.
{وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ} الركب هم: الذين كان لديهم قافلة التجارة والأموال، {وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَـكِن لِّيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ} لأن الواقع العملي وخصوصاً (الصراع) تتجلى فيه حقائق مهمة، وتزيد من وضوح الحق، وتزيد من بيان الحق، وترسخ القناعة بالحق، وتكشف حقيقة الباطل فيما هو عليه من زيف وضعف، وما إلى ذلك: {وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} فالله يرحم عباده المؤمنين، ويصرف عنهم أشياء كثيرة مما قد تؤثر على نفسياتهم، ويعطيهم عوامل تزيدهم قوةً حتى على المستوى النفسي والتفاعل القلبي.
ثم يدخل بنا إلى أجواء الترتيبات الإلهية والتدخل الإلهي الذي أوصل إلى حالة الاشتباك: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَـكِنَّ اللهَ سَلَّمَ} لأن الله يصرف الكثير من العوامل التي يرى فيها العدو أنها عوامل تقوية لجانبه مثل: كثرته، ومثل: هول إمكانياته وتأثيرها وما شابه: {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} فهو يرحم عباده المؤمنين ويصرف عنهم أشياء كثيرة مما قد تؤثر على نفسياتهم.
{وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ} أما حينما تمت عملية اللقاء فهناك مظهر آخر من مظاهر التدخل الإلهي وهو أنه: قلّل كل طرف في عين الآخر؛ ليتشجع الطرفان على الاقتتال: {لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً} فاقتتل الطرفان، وانتصر المؤمنون، وابتدأت مرحلة جديدة في تاريخ المسلمين نحو القوة، وترسيخ دعائم الإسلام، وإزهاق الباطل، وإضعاف المشركين والكافرين، وكسر شوكة الجبابرة والظالمين والفاسدين.
وهكذا يتدخل الله في الواقع العملي ويهيئ في واقع الصراع المتغيرات التي هي لصالح عباده المؤمنين المستضعفين فيخرجون من حالة الضعف إلى القوة، ومن حالة الاستضعاف إلى التمكين، ومن حالة الأخطار التي تتهددهم إلى موقع القوة في مواجهة العدو: {وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأمُورُ}.
أيها المؤمنون:
وحينما نأتي إلى حركة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله والمؤمنين معه نجد أن المعايير والاعتبارات التي انطلق من خلالها في حركته كلها كانت إلهية، ولذلك لم يعتمد في حركته صلوات الله عليه وعلى آله على نظرة التكافؤ المادي والتكافؤ في العدد والعدة فيما بينه وبين العدو، فما الذي اعتمد عليه الرسول والمؤمنون معه؟
يقول الله: {إِذ تَستَغيثونَ رَبَّكُم فَاستَجابَ لَكُم أَنّي مُمِدُّكُم بِأَلفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُردِفينَ .

وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلّا بُشرىٰ وَلِتَطمَئِنَّ بِهِ قُلوبُكُم ۚ وَمَا النَّصرُ إِلّا مِن عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ} وهنا يأتي الدعاء وتأتي الاستغاثة بالله سبحانه وتعالى والالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى في هذا السياق العملي، مع التحرك، مع العمل، مع تحمل المسؤولية، والالتجاء إلى الله والاستغاثة بالله سبحانه وتعالى مسألة أساسية لخوض الصراع في مواجهة التحديات، والانطلاقة بهذا الإحساس وبهذا الشعور وبهذا الوجدان: أننا ننطلق ونحن نعتمد على الله، ونحن نراهن على الله، ونحن نتوكل على الله، ونحن نثق بالله أنه خير الناصرين، وأنه نعم المولى ونعم النصير، وأنه كفى به وليا وكفى به نصيرا.
والجانب المعنوي يمثل الجانب الرئيسي للمعركة وللصراع ويعطيه القرآن أهمية كبرى، وهي مسألة بديهية لدى كل البشر، والجانب المعنوي أساسهُ: الثقة العظيمة بالله سبحانهُ وتعالى، والوعي بطبيعة التقلبات في الميدان، وأن الانكسارات في بعض الأحيان هي ناتجة عن خلل أو تقصير وليس لأن هناك معادلات ثابتة لا يمكن كسرها، أو لأن العدو يمتلك إمكانات أكثر وبالتالي لا يمكن أن نصمد بوجهه، هذا غير صحيح أبداً.
وها هي الشواهد على مر التاريخ وفي زمننا هذا عشناها وشاهدناها ورأيناها في واقعنا وفي واقع غيرنا تثبت غير ذلك، وأنه يمكن هزيمة العدو الأقوى عدةً والأكثر عدداً إذا توفرت في واقع المؤمنين والمستضعفين أسباب وعوامل النصر المعنوية والعملية، بينما إذا فرطوا أو قصروا، أو حصل عندهم خلل أو عصيان؛ فإن هذا يؤثر عليهم في الواقع، وهذه مسألة مهمة جداً يربينا عليها القرآن الكريم.
قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم، {بسم الله الرحمن الرحيم . وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله العليم الخبير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إلى العالمين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.
أما بعد/ عباد الله:
يقول الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في القرآن الكريم: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} والإنسان مصيره مرتبطٌ بمدى اهتدائه بالقرآن، وفي ذلك الخير والفلاح، والفوز والنجاة، وفي هذا السياق لا بد أن يكون لنا موقفٌ من أعداء الله، ولا سيما ونحن في هذه المراحل نشهد حربًا مسيئةً مستمرةً تستهدفنا كأمة إسلامية، تجاه هذا المقدس العظيم (كتاب الله)، وتكررت في العالم الغربي حالات الإحراق للمصاحف.
وجرائمهم هذه هي تشكل خطورةً عليهم، وهي في سياق ما هم فيه من ضلال مبين، وانحراف عن الرسالة الإلهية، وكفرٍ بالله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى ورسله وأنبيائه، واتجاهٍ نحو الإلحاد والكفر والفساد، بل ووصلوا إلى أحط مستوى من مستويات الفساد؛ فنراهم يروجون لما يسمونه بالمثلية، التي تعني جريمة الفساد الأخلاقي.
يقودهم في ذلك: اللوبي الصهيوني اليهودي، وهو بذلك يُضِلهم ويهلِكهم، وهم كلما غيبوا الرسالة الإلهية في مبادئها، وأخلاقها، وتعاليمها، وانحرفوا عن القيم الفطرية الإنسانية؛ كلما توحشوا وانحطوا وفقدوا إنسانيتهم، وكلما انتشرت عندهم معدلات الجرائم، إضافةً إلى ما يسببه هذا لهم من سخط الله، والعقوبات الإلهية التي لها أنواع كثيرة وواسعة، فهم لا يزالون تصيبهم بما صنعوا قارعة، والواقع يشهد، وسيتضح ذلك أيضًا في مستقبلهم أكثر؛ لأن الوعيد الإلهي هو وعيدٌ صادق، يتحقق حتمًا، لا ريب في ذلك.
وبالنسبة لنا نحن المسلمين، يجب أن يكون لنا موقف تجاه محاربتهم للإسلام والقرآن، وعداؤهم للقرآن هو عداءٌ صريحٌ للإسلام، وديننا يجب أن يكون أغلى عندنا من كل شيء، ولسنا بشيء إلا بديننا الذي شرفنا الله به، وقال عنه: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}.
وانتماؤنا الإيماني يفرض علينا أن نغضب عندما يحارب ديننا، وأن نُستفز عندما تستهدف مقدساتنا، وأن يكون لنا موقف كمسؤولية: ومن أهم تلك المواقف: المقاطعة لبضائع الدول التي تسيء إلى ديننا ومقدساتنا.
والأمة ستُحاسب عندما تترك ما يمكنها أن تفعله وهو في إطار مسئوليتها، ولو توحدت كلمة المسلمين على هذا المستوى، وكان هناك مقاطعة جادة، وقرار صارم وحازم في ذلك، لأرغموا أولئك؛ لأنهم عُبَّاد للمال، وهو صنمهم الأكبر الذي يعبدونه من دون الله، ويعطونه أهميةً فوق كل شيء.
وإذا لم تتجه الأمة الإسلامية بشكلٍ عام، فلا يعني ذلك أن يتنصل الكل؛ لأن هذا هو الموقف الصحيح، الذي سيكون له فاعلية كبيرة جدًا، ولو اجتمعت كلمة المسلمين - أكثر من خمسين دولة، أكثر من مليار إنسان - لمقاطعة تلك البضائع، وهم أكبر سوق لها؛ فإن هذا هو الموقف الفاعل والمؤثر، والذي سيرغم أولئك على أن يمنعوا منعًا باتًا إحراق

القرآن الكريم، وأن يحترموا هذه الأمة، وأن يقدروا لها مقدساتها، وحرماتها، ودينها.
وهنا أيضًا لا بد من التوجه إلى الاهتمام بالقرآن بشكلٍ أكثر؛ حتى يرى أولئك أن النتيجة هي: أن تندفع هذه الأمة أكثر وأكثر نحو الاهتمام بالقرآن، والتقديس للقرآن، والصلة الوثيقة بالقرآن الكريم.
أيها المؤمنون:
كما أن من الأشياء المهمة في هذا الشهر الكريم هو الإحسان والإنفاق والاهتمام بالتكافل الاجتماعي، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، والإنسان حينما ينفق في سبيل الله فإن الله يخلف عليه ويعوضه في الدنيا والآخرة: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}، وها نحن نجد الله يدفعنا إلى الإنفاق في سبيله بلطفه وكرمه فيقول: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً}.
أما إذا بخلنا فإن الله قد تهددنا بالعذاب فقال سبحانه: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}، وقد أخبرنا الله أن من أهم ما يتحسر الإنسان عليه لحظة الموت هو الصدقة قبل بقية الأعمال الصالحة؛ فقال سبحانه: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ}.
عباد الله:
ونحن نعيش ايام الشهر الفضيل والذي يكثروا فيه الصدقات وفعل الخير والبر والاحسان، ونشاهد الكثير من فاعلي الخير من التجار والجمعيات والمنظمات والهيئات تقوم بتوزيع السلات الغذائية على الفقراء والمساكين والمحتاجين فجزائهم الله خير الجزاء، هذا السلات الغذائية تحتوي على حبوب وطحين ومواد غذائية اخرى ولكن للأسف الشديد نجدها مواد غذائيّة مستوردة، فالقمح امريكي او روسي او اوكراني او استرالي، وكذلك الدقيق فلماذا لا يتم توزيع سلات غذائيّة تحتوي على القمح والحبوب المحلية شعير او بر او ذرة او قمح او دخن بلدي، اكثر فائدة، وهذا سيدعم المنتج المحلي، وهذه الايام موسم حصاد القمح في الجوف وهو موسم مبشر بالخير، فندعوا هيئة الزكاة والاوقاف ورجال الخير من التجار والجمعيات أن يبادروا في شراء القمح الجوفي وتوزيعه على الفقراء والمساكين والمحتاجين، وهذا واجب على الجميع دعم المنتج المحلي....
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم فصلِ وسلم على سيدنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، وعلى أخيه الإمام علي، وعلى فاطمة البتول الزهراء، وعلى ولديهما الحسن والحسين، وعلى جميع آل رسول الله، وارض اللهم برضاك عن صحابة نبينا الأخيار من المهاجرين والأنصار.
ربنا لا تدع لنا في هذا اليوم العظيم ذنباً إلا غفرته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شافيته وعافيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا خذلته، ولا مفقوداً إلا وكشفت مصيره، ولا أسيراً إلا وفككت أسره، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وانصرنا على أمريكا وإسرائيل وآل سعود وعملائهم من المنافقين فإنهم لا يعجزونك.
اللهم اهدنا وانفعنا وارحمنا بالقرآن العظيم، واجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، وشفاء صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، وسعةً في أرزاقنا، ومكفرًا لسيآتنا.
اللهم صل على محمد وآله، وإذا كان لك في ليلة من ليالي شهرنا هذا رقابٌ يعتقها عفوك أو يهبها صفحك؛ فاجعل رقابنا من تلك الرقاب، واجعلنا لشهرنا من خيرٍ وأهلٍ وأصحاب.
{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

➖➖➖➖➖ ➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
 بديـوان عــام الــوزارة.
----


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر