الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------
*خطبة الجمعة الرابعة من شهر ذي القعدة 1446هـ*
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
*العنوان* :{( *الاستغفار سبب نزول الأمطار)*
التاريخ: 25/ 11/ 1446هـ
المـوافــق: 23/ 5 / 2025م
*الرقم* : (47)
➖➖➖➖➖➖➖
🔹أولاً: نقاط الجمعة
1- *أهميةالرجوع إلى الله* بتوبةوإنابة صادقة واستغفار من كل ذنب وتقصير لأن خير الدنيا والآخرة مرتبط بالإستقامة
2- *الذنوب هي أكبر خطر على الإنسان* في الدنيا والآخرة ومن أخطر الذنوب التقصير في المسؤولية كالتفرج على معاناة إخواننا في غزة والتقصير في الزكاة والخيانة المالية والأخلاقية
3- *من رحمة الله لنا أن فتح لنا باب التوبة* ومن أسباب المغفرة مساعدة المحتاجين وحينما نسأل من الله المطر لا بد من استغلاله ببناء الحواجز والسدود وزراعة القمح وتحقيق الاكتفاء الذاتي
4- *ذكرى النكبة تذكرنا بتوحش* الصهاينة وتآمر المجتمع الدولي وصمود الشعب الفلسطيني
وترامب تعهدبحماية ودعم إسرائيل من ترليونات عربية عرضوامعها لترامب النسوان
ودعموا فلسطين بالأكفان
5- *قمةبغداد لم تعمل شيئا لغزة* بل ازداد تصعيد الصهاينة وصواريخ اليمن من فوق رأس ترامب نصرة لغزة
وقرار الحظر على ميناء حيفا خطوةعظمى
6- *في ذكرى الوحدة نستنكر* دعوات الانفصال والولاء للخارج ولا بد من الاستمرار في خروج المظاهرات ودعم قواتنا المسلحة.
🔹 *ثـانـياً: نـص الـخـطبـة*
*الخطبة الأولى*
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ ربِّ العالمين، الحمد لله منتهى خوف العابدين، وغاية خشية المتقين، الذي لا يصفه نعت الواصفين، ولا يجاوزه رجاء الراجين، ولا يضيع لديه أجر المحسنين، القائل في كتابه الحكيم: {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}، والقائل: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}.
ونشهدُ ألَّا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، ونَشْهَدُ أنَّ سيدنا محمدًا عبدُهُ ورسولُه، أرسلَه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، اللهم صل وسلم على سيدِنا محمدٍ وعلى آلهِ الأطهار، وارضَ عن صحابته المنتجبين الأخيار.
أما بعد/ أيها المؤمنون:
أوصيكم ونفسي أولًا بتقوى الله والتوبة الصادقة النصوح: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}.
ومع تأخر موسم الأمطار لهذا العام فإننا بحاجة إلى الرجوع إلى الله، والتضرع والدعاء والتوبة والاستغفار، قال الله سبحانه وتعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً}، ويقول تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}، وقال جل شأنه: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}، وقال تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً . يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً}، وقال صلى الله عليه وآله وسلم (ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا يُرفع إلا بتوبة).
عباد الله:
**إنّ التوبة والرجوع إلى الله* والاستغفار هي من صفات الأنبياء والأولياء والصالحين والمؤمنين؛ فقد قال سبحانه عن نبيه إبراهيم: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ}، وقال عن داوود عليه السلام: {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}، وسجل في القرآن استغفار نبيه نوح عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً}، وقال عن إبراهيم عليه السلام: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ}، وذكر عن الربيين استغفارهم: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}، وأمر نبيه محمداً صلى الله عليه وآله وسلم: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}، ووصف المؤمنين بقوله: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ}، ووصفهم بأنهم: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ}.
أيها المؤمنون:
*إنّ التوبة والاستغفار مطلوبان* بشكل دائم؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يؤدي حقوق الله التي عليه كاملة؛ فلذلك يستشعر التقصير والذنب ويبادر بالاستغفار؛ ولهذا فنحن بحاجة إلى الاهتمام بالرجوع إلى الله والاستغفار له من ذنوبنا دائما؛ فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال الله له: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} كان يُحصى له في المجلس الواحد أكثر من سبعين مرة وهو يقول: (أستغفر الله العظيم وأتوب إليه)، بينما بعض المسلمين يُحصى له في المجلس الواحد أكثر من سبعين ذنباً، ولا يحظى له باستغفار واحد (والله المستعان).
عباد الله:
*إنّ أكبر خطر على الإنسان في الدنيا والآخرة هي الذنوب؛* فالذنوب والمعاصي هي التي تجلب الشقاء على الإنسان في الدنيا والآخرة، والذنوب هي التي تحبس الدعاء وتقطع الرجاء وتنزل البلاء وتديل الأعداء، وهي التي تحبس الرزق وتضيق الصدر وتظلم القلب، وهي التي تغير النعم وتنزل النقم وتهتك العصم، وهي التي تدمر مستقبل الإنسان في الدنيا والآخرة، قال سبحانه: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} وقال سبحانه: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُون}، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا أخبركم بدائكم ودوائكم قالوا بلى يا رسول الله: قال: فإنّ داءكم الذنوب، وإنّ دوائكم الاستغفار).
أيها المؤمنون:
*إنّ من أخطر الذنوب على الإنسان: التقصير في مسؤولياته* وواجباته تجاه أمته ودينه؛ فعندما يتخاذل الإنسان عن قضايا الأمة العامة ولا يتفاعل معها؛ فإنه قد لا تنفعه صلاته ولا صيامه ولا أي شيء من العبادات، طالما وهو مقصر تجاه قضايا دينه وأمته، كحال أولئك الذين لم يسجلوا موقفاً مع غزة، ولم ينصروها لا بالمال ولا بالكلمة ولا بالموقف؛ فإنّ هؤلاء لا تزيدهم صلاتهم من الله إلا بُعدا، ولا سيما في بلادنا والدولة تدعو الجميع لاتخاذ موقف؛ فالحجة على الناس أعظم؛ لأنه لا يوجد لديه مبرر؛ فلا أحد سيسجنه، ولا أحد سيعاقبه كما في بعض الدول التي حكوماتها عميلة، بل بالعكس فعندنا الدولة تدعوه وتحميه وتشجعه وتشاركه الموقف عسكرياً وإعلامياً وفي جميع المجالات.
كما أنّ من الذنوب التي يجب التوبة منها: منع الزكاة وتأخيرها فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (ما منع قوم زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا) فيجب علينا إخراج الزكاة والاهتمام بإعطائها كاملة غير منقوصة.
*ومن الذنوب الخطيرة: ذنب* الخيانة، وهي نوعان: الخيانة *المالية* وهي: عندما يأكل الإنسان مالاً حراماً لا يحل له سواء كان من حق أرحام، أو حق أباعد، أو مال أيتام، أو مال أوقاف، أو مال دولة، أو غيرها؛ فهو من الحرام، وقد قال سبحانه: {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ}، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ . وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}، *ومن الخيانة المحرمة: الخيانة في* الجوانب غير الأخلاقية كالزنا والفاحشة المثلية والنظر إلى ما حرّم الله، قال سبحانه: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (عُفّوا عن نساء الناس تعف نساؤكم)، وقال الله سبحانه: {وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً}، وما أخطر وأكثر هذه الذنوب مع الحرب الناعمة التي تستهدف الكثيرين عبر تلفوناتهم وفي مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أصبح البعض مدمنًا عليها، ولا يهتم بصلاة ولا بقرآن ولا بذكر ولا بهدى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}.
أيها الإخوة الأكارم:
*وإنّ من أكبر النعم علينا: أن فتح الله لنا باب التوبة والمراجعة؛* ولذلك فلا يجوز للإنسان أن يقنط من رحمة الله وعفوه: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}، {قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ}، {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ .
وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}؛ فالله يقبل توبة العباد: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}، {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، ولكن يجب أن تكون التوبة نصوحاً وألّا نتأخر بها: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً}، ويجب أن تكون بخطوات عملية، وتتحول إلى طاعات، وإقلاع عن المعاصي باستمرار، وترك قرناء السوء الذين يجرجون الآخرين إلى المعاصي.
أيها المؤمنون:
*كما أنّ من أسباب المغفرة* وقبول التوبة ونزول الرحمة: التراحم ومساعدة المحتاجين، قال سبحانه: {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (الراحمون يرحمهم الرحمن) (وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)، و(إنما تنصرون بضعفائكم)، وقال الإمام علي عليه السلام: (إنّ من مكفرات الذنوب العظام إغاثة الملهوف، والتنفيس عن المكروب).
عباد الله:
*ونحن نطلب من الله الأمطار* يجب أن نتوجه لزراعة الحبوب والقمح والثمرات بدلاً من القات الذي سيطر على معظم الأراضي الزراعية، واستنزف الكثير من المياه الجوفية، ولا يعتبر ثروة اقتصادية؛ لأنه لا يسمن ولا يغني من جوع، ولا بد أن نسعى للاكتفاء الذاتي في الزراعة؛ لنصبح أمة قادرة على الوقوف على قدميها في وجه أعدائها كما استطعنا في المجال العسكري، ولكن أن نطلب المطر من الله ثم يأتي ولا يوجد زراعة ولا حواجز مائية فهذه حسرة على مياه الأمطار التي تذهب هدراً بدون استثمار.
باركَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعنا بما فيهِ من الآياتِ والذكرِ الحكيم، إنّه تعالى جوادٌ برٌ رؤوفٌ رحيم، أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيم لي ولكم ولكافةِ المؤمنينَ والمؤمناتِ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رب العالمين، ونشهدُ ألَّا إله إلاّ الله وحدَه لا شريك له، ونشهد أنَّ سيدَنا محمداً عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرينَ، ورَضِيَ اللهُ عنْ أصحابهِ المنتجبين.
أما بعد/ أيها الأخوة المؤمنون:
*مرّت علينا الذكرى السنوية* السابعة والسبعون للنكبة والتي رغم مرارتها إلا أنها تحمل دروساً هامة، من أبرزها: عدم تغير الأسلوب العدواني الصهيوني، حيث لم يختلف لا بالمفاوضات ولا بالتنازلات ولا بغيرها، كما لم يختلف الموقف الغربي الملحد الداعم لإجرام الصهاينة، ولم يصحو الضمير الإنساني، ولم تفعل المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان أي موقف لصالح القضية الفلسطينية، كما أنّه خلال كل هذه العقود من السنوات لم تتوجه الأنظمة العربية توجهاً جاداً وعملياً لنصرة القضية الفلسطينية، اللهم إلا ما باعت وضيعت وتآمرت، كما أنّ من الدروس الهامة هو: الصمود الفلسطيني طيلة هذه السنوات، ورغم قلة الإمكانات، ورغم الخذلان العربي والإسلامي، ورغم مئات الألاف من الشهداء والجرحى إلا أنّ صمودهم يعتبر معجزة هذا العصر.
عباد الله:
*كما تابعنا زيارة المجرم ترامب* لدول الخليج والتي استمرت أربعة أيام عاد فيها بحوالي أربعة تريليونات، وشاهدنا فيها الإهانة لحكام العرب، وكيف يضحك عليهم كالأطفال والعبيد، وكيف يتعاملون مع ثروات الشعوب تعامل السفهاء، وصدق الله القائل: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً}؛ فرغم ذلك الاستقبال والحفاوة إلا أنّ تلك المبالغ المهولة لم توقف العدوان على غزة، ولم يقدم أولئك الحكام مع غزة أي موقف، ولا دعموا أهلها الذين يموت أطفالهم ونساؤهم ورجالهم جوعاً حيث لا شربة ماء ولا علبة دواء ولا ذرة حليب، وإنّ تلك الزيارة المشؤمة تعكس بوضوح طبيعة العلاقة الأمريكية مع أتباعهم، وكيف أنها قائمة على الابتزاز والإهانة لا على الاحترام والمصالح المتبادلة، كما أنّ تلك الزيارة أكدت أنّ إسرائيل شريكة في المكاسب السياسية والمالية، وأنّ أصدقاء أمريكا هم أصدقاء إسرائيل، ومن يقبل بترامب يقبل بنتنياهو، ومن يصافح ترامب سيصافح نتنياهو، ومن يحالف أمريكا يحالف إسرائيل، ومن يدعم أمريكا يدعم إسرائيل، ومن يوالي أمريكا يوالي إسرائيل، وهذه حقائق أثبتها الواقع.
*أيها المؤمنون:*
لقد ظهر في هذا الزمان نموذجان: النموذج الأول قال الله عنه: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، والنموذج الثاني قال الله عنه: {وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}، *وظهر كيف أنّ ولاية غير الله هي إهانة
وذل وخزي كما رأينا في حكام* الخليج، وكما رأينا فيما يسمى بالرئيس السوري الجديد كيف تنازل عن أرضه وعن مبادئه وقَبِلَ التطبيع مع اليهود، وتنازل لهم عما احتلوه من أراضي، وسمح لأمريكا بنهب الثروات في بلاده، ووعد بأنه سيعمل على بناء برج باسم ترامب في دمشق، والتزم بطرد ومحاربة الفلسطينيين الموجودين في بلاده مقابل أن ترضى عنه أمريكا، *وهذا الجولاني هو صورة* لما كان سيفعله مرتزقة اليمن فيما لو تمكنوا، ولكانوا طبّعوا مع أمريكا وإسرائيل، وسلموا لهم الثروات، وفرطوا في السيادة والمبادئ كما قد فعلوا إلى الآن، ولاحظنا كيف أنّ هذا التولي لليهود يبذل فيه العملاء تريليونات من أجل حمايتهم وهم لا يزالون خائفين مهانين، بينما نحن في عزة وكرامة؛ فأرسلنا بالصواريخ من فوق رأس ترامب أثناء كلمته، وأنفقنا أموالنا لصناعة الأسلحة التي ندافع بها عن الأمة، ورغم الفارق بين أموالنا وأموال المنافقين لكننا توصلنا لصناعة الصواريخ الفرط صوتية والدفاعات الجوية التي قال عنها الأمريكان أنها كادت أن تسقط طائرة الشبح وطائرة إف 35، وهذا من فضل الله سبحانه، أما أموالهم تلك لو أنفقوها كما ينبغي لكانوا قد استطاعوا صناعة حاملة الطائرات مع الطائرات، ولكانوا قد وصلوا إلى النووي، ولكن كما قال الله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}، {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ}.
أيها المؤمنون:
*كما شاهدنا شيطان العرب بن زايد كيف أدخل ترامب إلى بيت من بيوت الله،* واستقبل ترامب ببنات المسلمين الكاشفات الراقصات، وهذا المنافق الخسيس هو الذي لا تزال طائراته المدنية لوحدها تغدو وتروح كل يوم إلى مطارات الصهاينة، وهو الذي فتح جسراً برياً لفك الحصار عن الصهاينة، وهو الذي يصنف حركات المقاومة بالإرهاب، وهو الذي ينشر الفتن في السودان والجزائر واليمن وغيرها، ولا يزال مجموعة من المرتزقة في اليمن مرتبطين به رغم ولائه الكبير لليهود.
*ولعل بعضكم تابع القمة العربية* التي عقدت في بغداد والتي غاب عنها معظم زعماء العرب؛ لأنهم قد استنفدوا الكذب ولم يعد لديهم ما يقولون، ولأن أمريكا قد حددت لهم سقفا لا يتجاوزونه؛ فصدر من تلك القمة بيان هزيل يمكن أن يصدر من طلاب مدرسة أفضل وأقوى منه، ولم تستطع تلك القمة أن تدخل رغيف خبز لأهل غزة الجوعى، ولا ذرة حليب لأطفالهم، ولا أن توقف التصعيد الصهيوني ضدهم، بل صدر من بعضهم ما يصدر من ألسنة اليهود من مطالب نزع السلاح والاستسلام، وتلك القمة لم يخف منها الصهاينة وإنما خافوا وهربوا إلى الملاجئ من صواريخ قواتنا المسلحة، وتلك القمة لم تجمع مالاً لآهل غزة، بينما حضروا جميعا بين يدي ترامب وسلّموا له كل المحصول، وصدق الله القائل: ( *بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا . الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا).*
*عباد الله الأكارم:*
ها هي ذكرى عيد الوحدة اليمنية تعود علينا هذا العام وقد ظهر المرتزقة مجددًا وهم تشكيلة متنوعة: فيهم الانفصالي، وفيهم من يريد فصل حضرموت، وفيهم من ولاؤه للسعودي، وفيهم من ولاؤه للإماراتي وللأمريكي، وفيهم من يجاهر بالولاء للصهاينة، ولم يبقَ للوحدة صمام أمان إلا حكومتنا وقواتنا المسلحة، وستعود بإذن الله كل منطقة في اليمن إلى الوحدة، وسيفشل المرتزقة كما فشل أسيادهم بإذن الله، وسيعود اليمن السعيد (يمن الإيمان والحكمة) سيد الجزيرة العربية وقدوة الأمة الإسلامية إن شاء الله: {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ}.
أيها المؤمنون:
إنّ إخواننا في غزة يموتون جوعاً وقتلاً وحصاراً ومرضاً، ومسؤوليتنا الدينية والأخلاقية والإنسانية تحتم علينا أن نستمر في نصرتهم ودعمهم، وفي هذا السياق: نحن نبارك وندعم قرار قيادتنا الثورية والسياسية وقواتنا المسلحة التي أعلنت الحظر على ميناء حيفا البحري، كما فرضنا الحظر سابقًا على ميناء أم الرشراش.
فالله الله عباد الله في الاستمرار في الخروج معهم بالمسيرات، والدعم لهم وللقوة الصاروخية وسلاح الجو المسير الذي يسندهم، ولن نكلّ ولن نملّ؛ لأننا نخاف من التفريط؛ فيحاسبنا الله ويعذبنا في الدنيا ويوم القيامة؛ ولذلك ندعوكم بدعوة الله ورسوله ودعوة القدس والأقصى للخروج في مسيرات اليوم مع غزة؛ لنعلن موقفنا الثابت والمساند والداعم لهم، ولقواتنا المسلحة اليمنية حتى يمنّ الله بنصره وهو خير الناصرين.
أيها الإخوة المؤمنون:
إنَّ من أعظم الأمانات التي حملنا إياها ربُّنا سبحانه وتعالى أن نتعاملَ مع خَلْقِه بِرِفْقٍ وَإِحْسَان، سواءٌ كانوا بشرًا أم حيوانات.
فها هنا رسالةٌ نوجهها لكلِّ مَنْ رزقه الله عملًا في رعاية الثروة الحيوانية اتَّقوا الله في هذه الأمانة، وأطعموا الحيواناتِ أعلافًا طَيِّبَةً طبيعية، تَحْرصون بها على صحتها، وتَجنبوا الغِشَّ المؤقت بِإِفراط الأملاح أو المياه قبل البيع؛ طمعًا في كسب عابر! ألا وإنَّ النبيّ صلوات الله عليه واله حذَّرنا مِنْ غِشِّ المسلم لأخيه، فقال:«مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» ففي كلِّ ذرةِ علفٍ تضعونه أمامها أجرٌ إنْ حسُنت النية، وإثمٌ إنْ ساءت. واذكروا أنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاه،أحَفِظَ أم ضيَّعَ.
هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله، والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ عليماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}، اللهم صلِ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم، وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب، وعلى زوجتهِ الحوراء،سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار، مِنَ المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين. اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجاً، ومن كلِ ضيقٍ مخرجاً، ومن النارِ النجا، اللهم احفظ وانصر عَلَمَ الجهاد، واقمع أهل الشرك والعدوان والفساد، وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل، وأئمة النفاق السعودية والإمارات وكلَ من حالفهم وعاونهم يا رب العالمين، واسقنا برحمتك الغيث، وانشر علينا رحمتك وفضلك يا كريم: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
➖➖➖➖➖ ➖➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
بديـوان عــام الــوزارة.
-----------------