مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
العنوان: ((تكريم الله للبشرية بالرسالة الإلهية)) 
التاريخ:  28 / 3 / 1445ه‍
الموافق: 13 / 10 / 2023
الرقم : (13)
خـطـبة الجـمــعة الرابــعة مــن شهر ربيع الأول للعام 1445 هجريـــة
➖➖➖➖➖➖➖➖
🎙️أولاً: نقاط الجمعة 
1-من ظلمات الجاهلية امتهان الكرامةالإنسانية بكل أشكالها وقدتحرك رسول الله بنور القرآن لإعادة الاعتبار للإنسان ومن التكريم له أن الله أرسل له أعظم القادةالهداة من أنبيائه وقدّم لهم التعليمات الإلهية التي ترعى للإنسان حقوقه
2-في القرآن الكريم الأسس والتوجيهات التي تبني المجتمع البشري على أساسٍ من العدل والخير والرحمة والتعاون فيما بينهم
3-القرآن يرسخ لدى الإنسان الإيمان بقيمةوجوده في هذه الحياة وما يميزه عن غيره من الحيوانات وما يؤهله على مستوى الرشد والحكمة والأخلاق والقيم للقيام بتلك المسؤوليات بشكل صحيح
4-نبارك عملية طوفان الأقصى ونؤكد أننا حاضرون للمشاركة بكل ما نستطيع ولا يليق بأمتنا أن تتخلى عن الواجب الشرعي في نصرة فلسطين في الوقت الذي نرى دول الغرب وأمريكا يقفون لمساندة كيان الاحتلال
5-في ذكرى ثورة 14 أكتوبر لا بد من تحمل المسؤولية لطرد المستعمرين الجدد وإلا فإن نتائج التنصل كارثية وقد شاهدنا ماحصل في حضرموت من اقتحام غرف النوم وإخافة النساء والأطفال وهذا مالا يمكن أن يقبله أحرار الشعب اليمني.
🎙️ثانياً: نص الخطبة
الخطبة الأولى
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، القائل في محكم التنزيل: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، وأَشهَدُ أن لَا إلهَ إلَّا الله الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين، اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأخيارِ المنتجبين، وعن سائرِ عِبَادِك الصالحين والمجاهدين.
أما بعد/ أيها الأكارم المؤمنون:
في الجمعة الأخيرة من شهر ربيعٍ الأول، وفي ظل الانتصارات والتحولات التي حققها الله لأمتنا؛ ما زال حديثنا يتجدد عن النبي المصطفى صلوات الله عليه وعلى آله، الذي غيّر واقع البشرية، والذي حينما بدأت الأمة تعود إليه وإلى القرآن الكريم؛ تحقق لها كلما تحقق من إنجازات في كل المستويات ومختلف المجالات.
وحينما نعود إلى بعض ظلمات الجاهلية؛ فإننا نجد أن من أبرز ظلماتها هو: امتهان الكرامة الإنسانيَّة بكل أشكال الامتهان؛ فالإنسان في نظرها وقانونها: مهدور الدم، ومستباح الحياة، ومستباح العرض، ومستباح المال، ومستباحٌ فيما يملك؛ طالما تعلَّقت بذلك مصالحٌ أو رغباتٌ أو أطماعٌ من جهة من يستطيع أن يسلبه شيئًا من ذلك بالقهر والغلبة، أو المكيدة والحيلة؛ فالإنسان في نظر الجاهلية وطاغوتها ومروجيها الظلاميين رخيصٌ مستباح، والمهم هو مصالحهم.
فتحرك رسول الله "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم" بنور القرآن لتغيير تلك المفاهيم، وتغيير الواقع المظلم المبني عليها، وإعادة الاعتبار للإنسان بآيات الله تعالى التي بيَّنت كرامة الإنسان، ومكانته، ودوره الحقيقي، والحرمات المتعلقة به في نفسه وعرضه وماله، فبيَّنَ الله تعالى: التكريم للإنسان في خلقه وواقع حياته، قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}، وقال "جَلَّ شَأنُه": {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}، وبيَّن أنه أمر الملائكة بالسجود لآدم أبي البشر "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وذلك تكريمٌ عظيمٌ.

عباد الله:
ومن التكريم للإنسان: أنَّ الله منَّ على البشرية بأعظم القادة والهداة من أنبيائه ورسله، الذين هم على مستوىً عظيم في كمالهم الإنسانيِّ والأخلاقي، وفي رشدهم ومعارفهم وحكمتهم وزكاء أنفسهم، وفي منزلتهم عند الله، وفي رحمتهم بالناس، وحرصهم على هداية الناس وإنقاذهم، وقد أخبرنا القرآن الكريم في آيات كثيرة عن مدى حرص الأنبياء واهتمامهم بهداية قومهم، وإصلاح نفوسهم، وتزكية قلوبهم، ومن الأمثلة على ذلك ما ذكره الله عن نبيه نوح عليه السلام بقوله: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا .

فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا . وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا . ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا . ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا . فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا . مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}.
وقد أنزل الله كتبه إلى أنبيائه، بما فيها من التعليمات والتوجيهات القيِّمةِ، والهداية الواسعة التي تسموا بالبشرية، وتفيدهم الرشد والحكمة، وترسم لهم طريق الفوز والفلاح، والنجاة والعزة والكرامة، والخير العظيم في الدنيا والآخرة، كما قال سبحانه وتعالى في بداية سورة الجمعة: {بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ . يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ . هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ . وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.
إخوة الإيمان:
لقد بيَّنَ الله للناس الهدف المقدَّسَ من وجودهم في هذه الحياة التي سخَّر لهم فيها ما في السماوات وما في الأرض، وعن المسؤولية المرتبطة بالإنسان في أعماله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.
كما بيّن الله سبحانه وتعالى لنا: التعليمات والتوجيهات الإلهية التي ترعى للإنسان حقوقه كإنسانٍ، وحقوق كل أبناء المجتمع، وحقوق المرأة واليتيم والطفل، ومسؤوليات المجتمع تجاه اليتامى والفقراء والمساكين وغيرهم، وكذلك ما يرتبط بالمعاملات من التزاماتٍ وضوابط، وكلها تقوم على العدل والبر، والإحسان والقسط، وحفظ الحقوق، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، وكما قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}.
وفي القرآن الكريم: كلّ الأسس، والتوجيهات، والتعليمات، والتفاصيل، التي شرعها الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" لعباده، والتي تبني المجتمع البشري بناءً راقيًا، وعلى أساسٍ من العدل والخير، والمحبة والرحمة، والتعاون والتضامن، بدءًا من اللبنة الأولى للمجتمع، وهي: الأسرة؛ فأتت التعليمات والتوجيهات المتعلقة بالعلاقة بين الزوج والزوجة، ومسؤولية كلٍّ منهما تجاه الآخر، ومسئوليات الأبوَّةِ والأمومة، وعلاقة الأسرة ببعضهم البعض: الأبناء مع الوالدين، والإخوة والأخوات، وغير ذلك، بتفاصيل دقيقة، وعلى أساس المبادئ الإلهية، والقيم العظيمة، وهكذا إلى بقية الأرحام والقرابة، وإلى المجتمع عمومًا، وأعاد الاعتبار والكرامة الإنسانيَّة للمرأة بعد أن كانت الجاهلية بظلماتها وظلمها قد امتهنتها، وظلمتها، واحتقرتها، وحطَّتها عن قيمتها الإنسانيَّة، ورسَّخت نظرةً سلبيةً تجاهها، إلى درجة الإقدام على الجريمة الشنيعة بوأد البنات ودفنهن أحياء؛ فانتقل الإسلام بها نقلةً كبيرة، وأنقذها من ذلك الواقع المظلم، وأعاد لها اعتبارها كإنسانٍ ضمن دورها ومسئولياتها الفطرية، ودورها في إطار المهام المشتركة بين المؤمنين والمؤمنات.
أيها المؤمنون:
كما أنّ الرسالة الإلهية والقرآن الكريم: يرسِّخ لدى الإنسان الإيمان بقيمة وجوده في هذه الحياة، والهدف المقدَّس لذلك، وما يميزه عن غيره من الحيوانات، ويبيّن له ما يرتبط به من مسئولياتٍ مقدَّسة، وما يؤهله على مستوى الرشد والحكمة، وعلى مستوى الأخلاق والقيم؛ للقيام بتلك المسئوليات بشكلٍ صحيح، وبالتالي ما يترتب على أعماله من نتائج وعواقب في الدنيا والآخرة، كما قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}، و يربط ذلك بمصير الإنسان ومستقبله في الآخرة.

بينما الأطروحات الباطلة الظلامية على العكس من ذلك، حيث تفرغ الإنسان من الشعور بكرامته الإنسانيَّة، وتُحَرِّكُهُ بالغرائز دون ضوابط ولا موازين، وتجرده من الأخلاق، وتدفعه للاستهتار والعبث والانفلات والفوضى، وتبعده عن تعليمات الله تعالى ونوره، وتضرب فيه أي شعور بالمسؤولية، وقدسية المهمة، كما تفعل جاهلية العصر، التي يقودها اللوبي اليهودي الصهيوني وأتباعه، وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل، إلى درجة حربهم المعلنة على القيم والأخلاق الفطرية، وترويجهم للشذوذ الأخلاقي والفاحشة الجنسية، وسعيهم المعلن لتقويض الأسرة، وتفكيك المجتمع الإنساني، وقد روَّجوا باطلًا: أنَّ أصل الإنسان قِرد، وحاولوا أن يجعلوا علاقته في منزلِهِ بالكلاب والقطط أكثر من روابطه وعلاقته بأسرته، ويدفعون به الآن في المجتمعات الأوروبية إلى ممارسة حياته بطريقة الكلاب والقردة والحيوانات الأخرى، في أسخف مهزلة وأسفه عبث وأسوأ امتهان للكرامة.
وهذا من أكبر الشواهد على أنّ القرآن الكريم والرسالة الإلهية والاقتداء والاتِّباع لخاتم النبيين ووارث المرسلين محمد "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم" هو الكفيل بأن يحفظ للإنسان إنسانيته وكرامته واعتباره.
قلت ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم: {بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ . وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.
الخطبة الثانية
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمد لله قاهر الجبارين، وناصر المستضعفين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.
أما بعد/ أيها الأكارم المؤمنون:
يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}، ويقول: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا . فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا} ويقول الله سبحانه وتعالى حاكيًا عن المكذبين من قوم نوح: {فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} وها هي عملية (طوفان الأقصى) التي انطلقت في السابع من أكتوبر؛ تفتك بقطعان الصهاينة؛ ردًا على الاعتداءات المتكررة للمسجد الأقصى، وثأرًا لجرائم القتل الشبه يومية بحق الشعب الفلسطيني، وإحساسًا بمعاناة الأسرى من الرجال والنساء والكبار والصغار في سجون الاحتلال، ووفاءً لتضحيات الشهداء، وهذه العملية حقق الله بها على أيدي المجاهدين الأبطال نصرًا تاريخيًا عظيمًا لا سابقة له في المسيرة الجهادية للمجاهدين الأبطال من شعب فلسطين المظلوم.
وقد رأينا في هذه العملية المباركة ما يثلج صدورنا، ويشفي غليلنا، كما قال سبحانه: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} ولطالما انتظر الأحرار من شعوب أمتنا العربية والإسلامية أن يكون هناك عمليات بهذا المستوى بحق الكيان الصهيوني.
عباد الله:
إنّ كل ما يحصل في الواقع هو يؤكد الحتميات الثلاث التي قدمها القرآن الكريم، والتي يجب أن نعيها جيدًا، وهي:
أولًا: هزيمة هذا العدو؛ كما قال سبحانه وتعالى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا}، فهو يبين هنا النتيجة الحتمية لسقوط هذا العدو، وهزيمته، وهذه طمأنة كبيرة جداً، وهذا هو مقتضى العدل الإلهي؛ لأنه كيان بهذا الإجرام، وبهذا الإفساد، وبهذا التضليل، وبهذا العداء لله ولرسله ولأنبيائه ولعباده، وبهذا السلوك الإجرامي، بالتأكيد أنّ مآله هو الهزيمة، والسقوط، وقد تجلّى في عملية (طوفان الأقصى) مدى هشاشة هذا العدو، وضعفه وعجزه، وأنّ هزيمته سهلة وممكنة وباتت قريبة بإذن الله.
الحتمية الثانية: خسارة الموالين له والمطبعين معه: كما قال سبحانه: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ . وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ}، فكل المطبعين والمطبلين للتطبيع: تصوراتهم خاطئة، ورهاناتهم ساقطة، وفشلهم وخسرانهم وندمهم هو النتيجة الحتمية، وقد كشفت لنا عملية (طوفان الأقصى) مدى خسة ودناءة بعض الأنظمة العربية وفي مقدمتها النظام

الإماراتي الذي كشف عن وجهه القبيح من خلال تصريحاته السيئة فيما يتعلق بهذه العملية، وكذلك سمعنا - وللأسف - بعض أصوات النشاز هنا وهناك، وبالتأكيد أن عاقبة كل أولئك هي الخسارة والندامة، ولا شك في ذلك.
الحتمية الثالثة: غلبة عباد الله المؤمنين، الذين وثقوا به، وجاهدوا في سبيله، وكان ولاؤهم لله سبحانه وتعالى ولأوليائه: كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.
لذلك فإنّ على أحرار وشعوب أمتنا أن يقفوا مع الشعب الفلسطيني ومع حركات المقاومة والجهاد في فلسطين، وها هو شعبنا اليمني في طليعة المناصرين والمتمسكين بالقضية الفلسطينية، وقد كان خروجهم الكبير في مختلف المحافظات، واستجابتهم السريعة خصوصًا في صنعاء حينما خرجوا في ساحة (باب اليمن) على الرغم من أنّ الدعوة للاحتشاد كانت متأخرة؛ كل ذلك هو خير شاهدٍ على أصالة الشعب اليمني، وانتمائه الإيماني.
وفي هذا السياق فإنه لا يجوز ولا يليق بهذه الأمة أن تتفرج على الشعب الفلسطيني ومجاهديه في الوقت الذي تتقدم فيه الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا بكافة أشكال الدعم لمساندة العدو الظالم والمدنس للمقدسات؛ فالدول الغربية ترى لنفسها الحق بأن تساند اليهود المجرمين؛ لأنهم مجرمون، ومعظم الدول العربية والإسلامية - وللأسف - تتخلى عن واجبها الشرعي والديني في نصرة القضية الفلسطينية.
ونحن كشعبٍ يمني موقفنا هو ما أكّد عليه السيد القائد: بأننا حاضرون للمشاركة بكل ما نستطيع في إطار التنسيق الكامل مع محور الجهاد والمقاومة، وإذا تدخل الأمريكيون بشكلٍ مباشر فإننا سنتدخل بشكلٍ مباشر من خلال القصف الصاروخي وإرسال الطائرات المسيرة والقيام بكل ما بإمكاننا أن نعمله، وعندنا استعدادٌ - لو توفر لنا طريق - بتفويج مئات الآلاف من المجاهدين ليكونوا جنبًا إلى جانب مع الشعب الفلسطيني.
أيها المؤمنون:
تمرّ بنا في يوم الغد مناسبة مهمة، وهي مناسبة: الرابع عشر من أكتوبر من العام 1963م الذي كان فيه انطلاقة الثورة التحررية للانعتاق من الاستعمار والاحتلال البريطاني للجنوب حتى تم خروج آخر جندي بريطاني في الثلاثين من نوفمبر من العام 1967م.
ومناسبة الاحتفال بالذكرى ال60 لثورة ال14 من أكتوبر ضد الاحتلال، وفي هذا التوقيت بالذات هي فرصة مهمة جداً لاستنهاض شعبنا العزيز وفي المقدمة: المحافظات الجنوبية؛ للتحرك الجاد، والإحساس بالمسؤولية ضد الاستعمار الجديد والاحتلال البغيض الذي هو احتلال لصالح أمريكا بأقنعة عربية تتقدم فيها الإمارات العربية المتحدة إلى جانب النظام السعودي.
والاحتلال للجنوب ليس فيه أي خير للإخوة في الجنوب، وهذا قد تجلى لكثير من أبناء الشعب اليمني في الجنوب وفي بقية المناطق، والمواطن الجنوبي اليوم يعاني الأمرّين من هذا الاحتلال: فلا أمن ولا حرية ولا كرامة ولا حلول للمشاكل الاقتصادية، بل إنّ الانهيار الأمني والتدهور الاقتصادي وحالة الانفلات واللا دولة هي الحالة القائمة والجاثمة في المناطق الجنوبية، وما حصل في حضرموت من اقتحام غرف النوم وترويع النساء والأطفال، هو نتيجة طبيعية للقبول بالاحتلال، بينما لا نجد ذلك يحصل في المناطق المحررة المستقلة.
وأمام هذا الواقع، واستذكاراً لثورة الرابع عشر من أكتوبر: يجب أن نعي كشعب يمني أن علينا أن نعزز ثقافة الحرية والاستقلال والروح الوطنية المسؤولة، والوعي تجاه خطورة الاحتلال الأجنبي وأطماعه وأهدافه وما يترتب عليه، وأنه لا يمكن أن يطيق الجميع حالة الإذعان والاستسلام لهذا الأجنبي، وهذا درس مهم يجب أن نستفيده اليوم في مواجهة هذا الاحتلال والاستعمار الجديد، وإلا فنتائج التقصير، والتنصل عن المسؤولية، وانعدام الوعي؛ كارثية على أي شعبٍ لا يعي ولا يتحرك.
ومن المهم في هذا التوقيت لشعبنا المسلم العزيز ولشعوب المنطقة أن تعي بأن من الضروري التحرك الجاد منذ البداية لمواجهة المحتل بدلاً من الانتظار حتى يتمكن أكثر، ثم تضطر الشعوب إلى دفع ضريبة أكبر وتعاني أكثر في سبيل سعيها للتحرر، والله المستعان.
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم فصلِ وسلم على سيدنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، وعلى أخيه الإمام علي، وعلى فاطمة البتول الزهراء، وعلى ولديهما الحسن والحسين، وعلى جميع آل رسول الله، وارض اللهم برضاك عن صحابة نبينا الأخيار من المهاجرين والأنصار.
ربنا لا تدع لنا في هذا اليوم العظيم ذنباً إلا غفرته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شافيته وعافيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا خذلته، ولا مفقوداً إلا وكشفت مصيره، ولا أسيراً إلا وفككت أسره، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وانصرنا على أمريكا

وإسرائيل وآل سعود وعملائهم من المنافقين فإنهم لا يعجزونك، اللهم ثبّت أقدام إخواننا المجاهدين في فلسطين، وانصرهم نصرًا عاجلًا يا قوي يا جبار.
{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
➖➖➖➖➖ ➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
 بديـوان عــام الــوزارة.
---------------


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر