الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------
خطبة الجمعة الثانية من شهر ربيع الآخر 1446ه
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
العنوان: (وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ)
التاريخ: 9/4/1446هـ 11/10/2024م
الرقم: (14)
➖➖➖➖➖➖➖➖
🔷اولاً: نقاط الجمعة
1️⃣من أهم مايجب أن تحمله الأمةالمؤمنة المجاهدة هو عدم التأثر بحروب العدو الإعلاميةوالتضليلية.
2️⃣كل شيء مهما كان عظيماً لا بد أن تسمع عنه كلاما مثبطاً ومشوهاً وقد تعرض لذلك حتى النبي صلى الله عليه وآله.
3️⃣من التشويه الذي يطلقه الصهاينة ويردده عملاؤهم أن الجهاد والمجاهدون ضد إسرائيل في فلسطين والمحور المساند لهم كله إيراني أو يقولون مسرحية.
4️⃣طوفان الأقصى لم تكن وليدة وقتها إنما كانت نتاج ظلم واحتلال وتشريد وإجرام صهيوني ضد الشعب الفلسطيني امتد لأكثر من 75 عاما وصلت مؤامرة الصهاينة وعملائهم إلى حد القضاء على القضية الفلسطينية لهذا كان ضرورة.
5️⃣من ثمار طوفان الأقصى أنه أعاد القضية الفلسطينية إلى واجهة الاهتمام عالمياً، وكشف ضعف العدو، وفضح المطبعين وأوقف مسارهم، وفرز المسلمين والعرب ومدى مصداقيتهم وأنتج وحدة الساحات في مواجهة العدو، وقضى على الفرقة الطائفية التي يسعى لها العدو.
6️⃣اليهود أصبحوا لا يثقون بدوام كيانهم ونحن نثق بوعد الله في زوال كيانهم وسنمضي بكل ثبات في تحقيق وعد الله الذي لا يخلف الميعاد.
➖➖➖➖➖➖➖➖
🔷ثانياً: خطبة الجمعة
الخطبة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ للهِ رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَلَا بِحَوْلِهِ، وَ دَنَا بِطَوْلِهِ، مَانِحِ كُلِّ غَنِيمَةٍ وَفَضْلٍ، وَكَاشِفِ كُلِّ عَظِيمَةٍ وَأَزْلٍ، نَحْمَدُهُ عَلَى عَوَاطِفِ كَرَمِهِ، وَسَوَابِغِ نِعَمِهِ، وَنُؤمِنُ بِهِ أَوَّلًا بَادِياً، وَنَسْتَهْدِيهِ قَرِيباً هَادِياً، وَنَسْتَعِينُهُ قَاهِراً قَادِراً، وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ كَافِياً نَاصِراً.
ونشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بشيراً للمؤمنين، ونذيراً ومجاهداً ومحارباً للطغاة المفسدين، اللهم صل وسلم على سيدِنا محمدٍ وعلى آلهِ الأطهار، وارضَ عن صحابته المنتجبين الأخيار.
المؤمنون الأكارم:
من الصفات التي يجب أن تحملها الأمة المؤمنة التي حملت على عاتقها نصرة الدين والمستضعفين هي: حالة التقوى التي تعني اليقظة والحذر والخوف من الله كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}، وكذا الصبر على الشدائد في حالة المواجهة مع الأعداء كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ} بالإضافة إلى المحبة لله والحرص على رضاه، والرحمة بالمؤمنين والذلة لهم، والشدة والغلظة على الكافرين والمنافقين، وكذلك الإيمان الواعي الذي يكتسبه الإنسان من خلال تأملاته للقرآن والأحداث وقراءة النفسيات؛ فيتحرك على بصيرة من أمره في كل خطواته، وتكون لديه القدرة على معرفة أساليب الأعداء وحروبهم ولهذا يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
في هذه الآية يبين الله تعالى لنا أنّ الأمة المجاهدة التي وعد بأن يأتي بها في زمن تخاذل الأمة وتراجعها عن جهاد عدوها من اليهود والنصارى يجب أن تحمل صفة مهمة وهي: {وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ} وفيها الدلالة على أنّ هؤلاء سيتعرضون لحملات إعلامية كبيرة من قِبل أعدائهم، فيها التضليل، وفيها التشويه، وفيها الإرجاف والتثبيط والتخذيل ولكنهم لا يتأثرون بكل ذلك.
ومما يجب أن يعرفه المؤمن المجاهد في سبيل الله أنه مهما كان الشيء عظيما وراقيا وساميا؛ فإنه لا بد أن يسمع عنه كلاما معاكسا ومثبطا ومشوها، وقد عرض لنا القرآن الكريم الكثير من أقوال أهل الباطل في مواجهة الحق وتشويهه بالدعايات والأكاذيب وقلب الحقائق؛ فالقرآن الكريم الذي هو أعظم كتب الله، ورغم ما فيه من النور والهدى والبينات تعرض للتشويه؛ فقالوا عنه أنه سحر وأنه خرافات وأساطير من قصص الأولين كما قال تعالى: {فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ}، {وَقَالُوا
أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}، والنبي صلى الله عليه وآله أكمل الناس عقلا، وأزكاهم نفسا، وأعظمهم بالخلق رحمة، وأكثرهم لهم نصحا قالوا عنه: مجنون وهو أعقلهم، وقالوا عنه كذاب وهو أصدقهم، وقالوا عنه ساحر وشاعر وهو ما عرف السحر ولا علمه الله الشعر، وقالوا: {مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ}.
عباد الله:
يعرف ويعترف العالم كله أنّ مظلومية الشعب الفلسطيني هي اليوم أكبر مظلومية على الأرض، وخلال عام منذ انطلاق طوفان الأقصى تكشفت الحقائق بشكل كبير، وارتكب العدو الصهيوني ما يقارب ثلاثة آلاف وسبعمائة مجزرة في غزة، نتج عنها من القتلى والجرحى والمفقودين ما يقارب مائة وخمسين ألف فلسطيني، وكانت تلك المجازر كفيلة بتحريك كل عربي ومسلم لا يزال له قلب حي، ولا يزال إيمانه وعروبته ونخوته سليمة، ولكن الشعب الفلسطيني بحركاته المجاهدة كحماس والجهاد الذين يجاهدون للدفاع عن أرضهم وشعبهم، والذين حرّكتهم مظلومية ستة وسبعين عاما، وحرّكتهم دماء الأطفال والنساء وانتهاك الحرمات وتدنيس مسرى رسول الله، وحرّكتهم المعاناة التي يعيشونها يوميا؛ إلا أنك تجد أنّ البعض يقول: إنما تعلمهم ذلك إيران وتحركهم إيران، ونسوا أو تناسوا أنّ ما يحركهم هو الظلم الواقع عليهم، وأنّ أرضهم احتلت ونُهبت، وأبناؤهم قُتلوا وشُردوا؛ فالصهيوني يختلق الدعاية وأذنابه يرددونها، كما كان يُتهم النبي صلى الله عليه وآله فيقولون عنه: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ}.
وقد اتضحت حقائق أولئك الذين قال الله عنهم: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ . وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ}، بل وصل المنافقون إلى مرحلة سيئة من الوقاحة وقلب الحقائق وافتراء الأكاذيب بل والتحريض على من يجاهد اليهود؛ فعلى الرغم من أنّ حزب الله يجاهد الصهاينة على مدى أربعين عاما، ويحرر الأرض، ويقدم الشهداء، ويدافع عن كرامة الأمة، وقدّم حتى أمينه العام السيد حسن نصر الله شهيدا من أجل القدس وفلسطين؛ إلا أنك تجد من المنافقين من يقول أنّ حزب الله عميل لإسرائيل.
وفي الوقت الذي يقتل الصهاينةُ الشعبَ الفلسطيني العربي المسلم السني، ويتحرك إخوانهم من المجاهدين من أبناء محور الجهاد لنصرتهم؛ إلا أنك تجد من المنافقين من يقول أنّ هذه حرب الشيعة مع اليهود.
وحينما يقف اليمن قيادة وشعبا بكل صدق وإخلاص مع غزة وفلسطين، ويضرب السفن الإسرائيلية والأمريكية والداعمة للصهيونية، ويتلقى بسبب موقفه ذلك الضربات من العدو الإسرائيلي والأمريكي ويقدم الشهداء؛ إلا أنك تسمع من المنافقين من يقول: أنّ كل ذلك عبارة عن مسرحية.
وحينما يعترف الصهيوني بحجم خسائره الكبيرة التي خلّفتها الضربات والصواريخ الإيرانية، ويعترف بخسائره نتيجة الضربات اليمنية والعراقية، ويغلق ميناء أم الرشراش نتيجة لذلك؛ إلا أنك تجد من المنافقين ممن يدعي أنه مسلم عربي يقول: أنّ تلك الضربات لم تؤثر شيئا على الصهاينة، وكل هذا مصداقا لقول الله تعالى: {لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاء الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ}.
المؤمنون الأكارم:
بريطانيا كانت محتلة لفلسطين وسمحت وساعدت اليهود ليتجمعوا إليها، وفي عام1948م أعلن اليهود قيام كيانهم الغاصب على أرض فلسطين، وعانى الشعب الفلسطيني من خذلان معظم العرب والمسلمين الذين لم يتحركوا لنصرته عسكريا، وأعانوه إلى حد ما إعلاميا وسياسيا، ثم حدثت حالة إقصاء وتغييب للقضية الفلسطينية من الواقع العربي السياسي والإعلامي ومن المناهج الدراسية، ثم وصل الحال إلى التواطؤ والتآمر على القضية الفلسطينية، وبقي الفلسطينيون يواجهون اليهود بالحجارة.
وبعد 31 عاما من قيام الكيان الغاصب انطلقت الثورة الإسلامية في إيران وحملت على عاتقها دعم القضية الفلسطينية ونصرة الشعب الفلسطيني بالمال والسلاح والتدريب؛ فاتُهم الفلسطينيون بأنهم إيرانيون، واحتل اليهود أرضًا عربية وقتلوا وهجروا شعوبًا عربية، ولا يزالون يقتلون العرب، ولا زال حلمهم يقوم على خرافة إقامة دولة لهم تمتد من الفرات إلى النيل على أرض عربية؛ فيأتي اليهودي والأمريكي ليقول: أنّ القضية إيرانية، ومن يتحرك ليواجه إسرائيل فهو إيراني، ويردد العملاء المنافقون من أبناء الأمة تلك المقولات والدعايات؛ وكأنهم يقولون للفلسطينيين استسلموا لليهود ولا تقاتلوا ولا تواجهوا حتى لو قتلكم اليهود وانتهكوا أعراضكم، وإلا سنقول عنكم أنكم إيرانيون؛ فلا العرب نصروا فلسطين ولا دعموهم، ولا تركوا من يدعمهم وينصرهم؛ لأن المسؤولية الأساسية للدفاع عن فلسطين العربية ولبنان
العربية تقع على عاتق العرب.
ومع ذلك تحركت إيران لدعم الفلسطينيين بدافع المسؤولية الإسلامية، وبسبب موقفها ذلك حوربت من قِبل الغرب وحوصرت على مدى سنوات، ويتحدث قادة المقاومة الفلسطينية أنّ من يدعمهم هي إيران ثم تأتي أبواق النفاق لتقول: أنّ إيران متآمرة على فلسطين، وأنّ الأنظمة العربية المطبعة هي الحريصة على القضية الفلسطينية، فهل وصل النفاق في أي زمن إلى مثل هذا المستوى من الوقاحة والكذب والافتراء وقلب الحقائق؟
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، إنّه تعالى جوادٌ برٌ رؤوفٌ رحيم، أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيم لي ولكم ولكافةِ المؤمنينَ والمؤمناتِ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رب العالمين، ونشهدُ أن لا إله إلاّ الله وحدَه لا شريك له، ونشهد أنَّ سيدَنا محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله الطاهرينَ، ورَضِيَ اللهُ عنْ أصحابهِ المنتجبين.
الإخوة المؤمنون:
لقد مرّ عام على عملية طوفان الأقصى التي لم تكن وليدة يومها قبل عام، بل كانت نتيجة خمسة وسبعين عاما من الاحتلال والإجرام، وكانت ضرورة بعد مؤامرات العدو المتواصلة لتصفية القضية الفلسطينية، والعمل على تجنيد الأنظمة والشعوب العربية لخدمته، ومواصلة تدنيس المسجد الأقصى ومحاولة هدمه؛ فكان من نتائجها: أنها كشفت هشاشة العدو وضعفه، وأسقطت صورته الأسطورية، ووحدت القوى الحرة في الأمة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وإيران لتواجه العدو المشترك للأمة، وعرّت الأنظمة المطبعة والخائنة، وكشفت عورة النخب الدينية والعلمائية والسياسية المطبلة للعدو، والتي تسعى لتدجين الأمة، وأفشلت خطط الصهاينة في القضاء على القضية الفلسطينية، وأعادتها إلى صدارة الاهتمام العالمي، وأوقفت مسار المطبعين، وأعادت الأمة إلى مربع الموقف، وفرزت العالم إنسانيا والمسلمين إسلاميا والعرب عروبةً وإسلاما، وأبرزت الشعب اليمني إلى صدارة الأمة والقوى الحرة المجاهدة بموقفه الجهادي المناصر لقضايا الدين والأمة.
عباد الله المؤمنون:
لقد مارس الصهاينة أبشع ما يستطيعون فعله من الإجرام والقتل والإبادة للفلسطينيين خلال عام كامل، وكل ذلك لتحقيق عدة أهداف لم يحققوا حتى الآن ولا واحدًا منها، وما فعلوه هو آلاف الجرائم بحق الأطفال والنساء والمدنيين كجريمة استهداف مستشفى المعمداني ومجمع الشفاء ومخيم النصيرات ومذبحة مدرسة التابعين وغيرها الكثير من جرائم الإبادة التي يتبعون فيها نصوصًا شيطانية في كتبهم المحرفة ومنها نصٌ يقول: (لا تعفوا عنهم، بل اقتلوا رجلا وامرأة، طفلا ورضيعا، بقرا وغنما، جملا وحمارا) فهذا هو نهجهم الإجرامي.
ومارسوا ويمارسون أيضا: الحصار والتجويع والتهجير والاختطاف والتعذيب والترويع، وتدنيس وتخريب المقدسات، والتدمير لكل مقومات الحياة؛ فقد دمروا في قطاع غزة خلال عام: ستمائة وخمسين مدرسة، ومائة وثلاثين منشأة إدارية وأكاديمية، واستهدفوا مائةً واثنين وستين منشأة صحية ومستشفى، وثمانمائة وأربعة عشر مسجدا، وكل ذلك تحت عنوان حرب يعتبرونها مقدسة لإبادة المسلمين وتدمير الإسلام، وأمام كل ذلك تزداد المسؤولية على الأمة الإسلامية، فما هو جواب الأمة وهي تتفرج على كل ذلك؟
المؤمنون الأكارم:
في الحرب العالمية الثانية، سيطرت ألمانيا على فرنسا في شهرين، وسيطرت على عدة دول أخرى في غضون أيام.
وهُزمت عدة جيوش عربية أمام اليهود عام1967م خلال ستة أيام واحتل اليهود فيها سيناء والجولان والضفة الغربية والقدس، ولكننا اليوم نجد آيات الله ونصره وتأييده أمام أعيننا؛ فقد هاجم الصهاينة قطاع غزة بثلاثمائة وخمسين ألف جندي، وألقوا عليها (مائة ألف طن من المتفجرات) وأحرقوا فيها كل شيء؛ لكنهم وخلال عام كامل لم يستطيعوا السيطرة عليها على الرغم من مليارات الدولارات التي تأتيهم دعما من أمريكا والغرب، وخلال ثلاثة أشهر في بداية عدوانهم على غزة أمَدتهم أمريكا وحدها بمائة صفقة سلاح، ومائتين وأربعين طائرة شحن جوي لنقل السلاح والمساعدات، وعشرين سفينة مليئة بالأسلحة؛ فتحقق أمام كل ذلك قول الله تعالى: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ}، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ}.
وصمود الشعب الفلسطيني والمجاهدين اليوم هو صمود عظيم لم يشهد له التاريخ مثيلا في ظل الحصار والعدوان وقلة الإمكانيات؛ فكان من نتائج طوفان الأقصى: ترسيخ قضية أنّ الأمة تستطيع الانتصار على الأعداء، وأنّ الإسلام يستطيع أن يبني أمة تتغلب على كل العوائق والصعوبات، وتنتصر باعتمادها على الله في أحلك الظروف.
اخوة الإيمان:
ونحن نعيش الذكرى الأولى لطوفان الأقصى والتي عصفت ونكلت بالعدو نريد أن يكون هناك طوفان زراعي يقضي على الاستجداء للعدو وأن نحقق الاكتفاء الذاتي، فهبوا يا أبناء اليمن نحو أرضكم وازرعوها قمح وحبوب وكل محصول يتناسب مع الموسم.
المؤمنون الأكارم:
لقد وعدنا الله بالنصر على اليهود، وبشرّنا في كتابه العزيز بزوال كيانهم، ويدرك العدو وداعموه الغربيون حتمية زوال هذا الكيان المجرم والورم الخبيث في جسد الأمة؛ لأنه في تاريخ اليهود ليس هناك دولة يهودية دامت لأكثر من ثمانين عاما، وفي معتقداتهم أنه لا يمكن لدولة يهودية أن تزيد عن ثمانين عاما، وهم في الواقع يتوقعون سقوط كيانهم بسبب الهجرة العكسية التي تحدث من أرض فلسطين المحتلة نحو البلدان التي جاءوا منها؛ فهم لا يثقون بدوام كيانهم، ونحن نثق بزوال كيانهم كما وعد الله تعالى، والعاقبة للمتقين.
هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله، والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ عليماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}، اللهم صلِ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم، وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ ليث الله الغالب، أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب، وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار، مِنَ المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجًا، ومن كلِ ضيقٍ مخرجًا، ومن النارِ النجا، اللهم احفظ وانصر عَلَمَ الجهاد، واقمع بأيدينا أهل الشرك والعدوان والفساد، وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، ومن تآمر معهم وحالفهم وعاونهم، وانصر المجاهدين في غزة وانصر مجاهدينا في القوة البحرية والجوية والصاروخية وثبت أقدامهم وسدد رمياتهم يا قوي يا متين، يا رب العالمين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
➖➖➖➖➖ ➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
بديـوان عــام الــوزارة.
------