الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------
خطبة الجمعة الثالثة من شهر رمضان المبارك 1446هـ
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
العنوان:(العشر الأواخر من رمضان )
التاريخ: 1446/9/21ه 2025/3/21م
الرقم: (37)
➖➖➖➖➖➖➖
🔹أولاً: نقاط الجمعة
نقاط الجمعة
1-نحن في العشر الأواخر من رمضان ويجب علينا استغلالها وعدم الملل أو إضاعتها في الأسواق كحال البعض وينبغي أن نتلمس فيها ليلةالقدر التي سيدركها من حرص على إحياء جميع ليالي شهر رمضان
2-هذه الأيام هي أيضا أيام العتق من النار وليس كل إنسان سيحصل على ذلك وإنما لمن التزم بالطاعات وفي مقدمتها الجهاد في سبيل الله وترك المحرمات كالأكل من الحرام
3-مرت بنا ذكرى استشهاد الإمام علي الذي قُتل بسيف محسوب على الإسلام على يد أحد التكفيريين الذين ماتزال جرائمهم مستمرة في سوريا وغيرها في الوقت الذي هم ساكتون عما يعمله اليهود الصهاينة
4-بعد فرضنا الحصار على الصهاينة بسبب نقض اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أعلن الأمريكي عن جولة جديدة من الصراع معنا وكل ذلك لن يثنينا عن مواصلة الطريق وخروج شعبنا في يوم الإثنين يؤكد ذلك
5-عاد الإسرائيلي وبدعم أمريكي إلى ارتكاب المجازر بحق إخواننا في غزة في هذا الأسبوع من الشهر الكريم وسط تخاذل عربي وإسلامي ونحن كشعب يمني وقيادتنا المباركة لن نقف مكتوفي الأيدي مهما كان مستوى التحديات وحجم التضحيات.
➖➖➖➖➖ ➖➖
🔹ثانياً: خطبة الجمعة
الخطبة الأولى
بسم الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ}، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الهادي إلى سواء السبيل، وأشهد أنّ سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله المؤيد من الله بالنصر والفتح المبين، صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن أصحابه الأخيار المنتجبين.
أما بعد/ أيها المؤمنون:
ها هي العشر الأواخر من رمضان قد دخلت، وهي العشر المباركة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (وآخره إجابة وعتق من النار)، وهذه العشر هي مثل ختام عمر الإنسان، والعبرة بالخواتم؛ ولذلك ينبغي علينا أن نغتنمها، وأن نستثمرها، وأن نملأها بالطاعات والعبادات، وألّا نسمح بأن تضيع منا هذه الليالي المباركة في مصاريف العيد؛ لأن من الملاحظ أنّ بعض الصائمين يبدأ برنامجه في أول شهر رمضان بالجد والاجتهاد، ثم في آخره التي تكون فيه الثمرة - وفيه الليالي التي فيها ليلة القدر وليالي العتق من النار - إذا به يتكاسل، ويقل اهتمامه بالطاعات، ويهجر المساجد، وينشغل بالكسوة وشراء حاجات العيد، وتمضي عليه الليالي المباركة وقد ضعف عزمه، ويقضي تلك الليالي المباركة في الأسواق، بينما المؤمنون يغتنمونها بالطاعات ويتهيؤون لاستقبال ليلة القدر وإحيائها.
أيها المؤمنون:
هذه العشر الأواخر من رمضان هي أفضل ما في شهر رمضان، ومع ذلك يتركها بعض الناس ويقصر فيها؛ ولذلك سنّ الله الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان لغير المجاهدين؛ فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان: اعتزل النساء، وشدّ المئزر، وأحيا الليل كله، وأوقظ أهله للعبادة، واعتكف العشر الأواخر، والاعتكاف مشروع لغير المجاهدين في سبيل الله؛ لأن المجاهدين في أعظم رباط، وأقدس مكان، وأعظم عبادة.
عباد الله:
نحن في ليالي العتق من النيران، والعتق من النار معناه: أن يسعى الإنسان المؤمن إلى عتق رقبته من النار بالقيام بالأعمال التي تنجي من النار، والاجتناب للأعمال التي توصل إلى جهنم والعياذ بالله: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}، والعتق من النار ليس لكل الناس، وإنما لمن أخذ بالأسباب، وسلك طريق الجنة التي منها: الجهاد في سبيل الله الذي أكّد في القرآن أنّ الجنة طريقها الأعمال الصالحة، وفي مقدمتها: الجهاد المقدس كما قال سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}، وقال: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ . سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ . وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ}، ومن أسباب العتق من النار ودخول الجنة ما ذكره الله سبحانه بقوله: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ .
الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، والجنة هي لمن أطاع الله، والنار لمن عصاه: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ}، ومن أسباب العتق من النار: العمل الصالح والدعاء كما سجّل الله سبحانه في كتابه عن أهل الجنة: {إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}، وقد علّمنا الله في آيات كثيرة في القرآن الكريم كيف ندعوه سبحانه؛ لينقذنا من النار وينجينا من العذاب الأليم؛ فلنتضرع إلى الله في فكاك رقابنا من النار، ولا نكون كالذين يطلبون العتق من النار وهم في طريقها ماضون، وبأعمال أهلها منشغلون، ومن أعمال النار: التفريط في قضايا الأمة الكبرى وترك الجهاد، قال تعالى: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} ومنها: أكل الحرام كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} ومنها: الفرار من الزحف في مواجهة الأعداء والتنصل عن تحمل المسؤولية كما قال سبحانه: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.
أيها المؤمنون:
سيكون في الليالي القادمة - إن شاء الله - ليلة القدر التي نسأل الله أن يوفقنا لإحيائها وإدراكها، وأن يجعلها لنا خيرًا من ألف شهر، وأن يكتب لنا جميعا فيها ما كتبه لعباده الصالحين، وأن يجعلنا وإياكم من عتقائه من النار، وقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان)، ومن الأخطاء أن يقصر البعض في هذه الليالي ولا يهتم إلا بليلة واحدة من لياليه، بل اللازم أن نحييها كلها، وفي ليلة القدر يبرم القضاء كما قال سبحانه: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ . أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (من أحيا ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه)، وقد جعل الله ليلة القدر كرامة منه للأمة، ومضاعفة لأعمالها وأعمارها؛ ليربحهم بالأجور؛ وليرزقهم البركات الكبيرة، ويكفي الإنسان المؤمن ليتفاعل ويهتم ويقبل على الله في هذه الليالي ما ذكره الله في سورة القدر عن هذه الليلة التي يفوق ويزيد أجر إحيائها على أكثر من ثمانين عاماً يعيشه الإنسان في طاعة الله سبحانه: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ . إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ . سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} فالله الله في اغتنام مثل هذه الليالي والأيام؛ فإن المحروم من حُرم فضل الله في هذا الشهر ومن حُرم ليلة القدر؛ فعلينا أن نحيي هذه الليالي بالأعمال الصالحة، وأن نوقظ أهلنا من النساء والأولاد للعبادة والتضرع، كما قال سبحانه: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}، وكما قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}.
عباد الله:
تمر علينا هذه الأيام ذكرى مؤلمة وحزينة، هذه الذكرى هي ذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام، وهذه الذكرى تحمل في طياتها الكثير الكثير من الدروس والعبر التي نحتاجها، كيف لا وهي مناسبة مرتبطة بالرجل الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق)، وقال عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (علي مع القرآن والقرآن مع علي) وقال فيه صلى الله عليه وعلى آله: (من كنت مولاه فهذا عليٌ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله)؛ فالإمام علي عليه السلام ورغم ذلك كله ومقامه الكبير، ورغم جهاده وخوضه للمعارك في سبيل الله حتى قام عمود الإسلام إلا أنه استشهد وقُتل بسيف محسوب على الإسلام في أول عملية إجرامية للتكفيريين، حيث قام أولهم بقتل الإمام علي عليه السلام وهو قائم يصلي في المحراب في مسجد الكوفة، وهذا يدل على انحراف خطير عن الخط السوي والصراط المستقيم في واقع الأمة، حتى قُتل في أوساطها من حبه إيمان وبغضه نفاق، وها نحن اليوم نرى تلاميذ هذه المدرسة في سوريا كيف يقتلون أبناء الإسلام، ويقتلون الأطفال، ويقتلون العُزل من السلاح من المسلمين، ويتركون الصهاينة اليهود يتوغلون في ثلاث محافظات سورية،
ويدمرون مخازن السلاح ومقدرات الشعب السوري دون أن يردوا بأي موقف؛ فهم أبطال على الأبرياء وجبناء أمام اليهود، بل وعملاء لهم، وينفذون جرائمهم ضد الإنسانية، وحرب إبادة على شعبهم وأهلهم، وقد عرفهم بذلك كل العالم.
أيها المؤمنون:
في ختام الخطبة الأولى: نذكركم بإخراج زكاة الفطر وتسليمها لهيئة الزكاة التي حددتها بأربعمائة وخمسة وسبعين ريالًا لهذا العام عن كل نفس، حيث يصح إخراجها من الآن.
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، إنه تعالى ملك بر رؤوف رحيم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
بسم الله الحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائل في كتابه الحكيم: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين، صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن أصحابه المنتجبين.
أما بعد/ عباد الله:
أعلن العدو الأمريكي عن جولة جديدة من العدوان على بلدنا إسناداً منه للصهاينة في حصارهم لغزة وعدوانهم عليها، ونقضهم لاتفاق وقف إطلاق النار، بعد أن أعطت قيادتنا مهلة للوسطاء لإلزام الصهاينة بفك الحصار عن أكثر من مليوني مسلم محاصر داخل قطاع غزة، وحينما لم يتم ذلك فرضت قواتنا المسلحة حصاراً على السفن الإسرائيلية فقط، وكان الأحرى بالأمريكي إلزام الصهاينة بفك الحصار وتنفيذ الاتفاق الذي يعتبر الأمريكي ضامناً عليه، لكنه وبدلاً من ذلك اتجه ليشن عدواناً جديدًا على بلدنا بهدف ثني بلدنا عن موقفه الديني والأخلاقي والإنساني في إسناد غزة، وهذا ما لا يكون ولن يكون، يأبى الله لنا ذلك ورسوله وكتابه القرآن الكريم الذي قال الله فيه: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ}، وقال فيه سبحانه: {وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ}.
فالحصار بالحصار والبادئ أظلم، وعدوان أمريكا لن يزيدنا إلا قوة وعزما، وقد نصرنا الله عليها في الجولة الأولى من معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس؛ فطردنا بقوة الله حاملات الطائرات، وهربت من مواجهة صواريخنا وطائراتنا، وفرضنا بعون الله حصاراً خانقا على السفن الأمريكية والإسرائيلية، وفشلت حملة أمريكا وبريطانيا المسماة: (حارس الازدهار)، وحملة الاتحاد الأوروبي المسماة: (اسبيدس)، وسيفشلون مجدداً بعون الله وتأييده؛ لأننا أمام حتميات ثلاث، وليست فرضيات ومقترحات، بل هي حتميات مبنية على وعود الله وسننه التي لا تتبدل.
الحتمية الأولى: هزيمة الكافرين، قال سبحانه: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ)، وقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ)، وقال سبحانه: (وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ)، أما الحتمية الثانية فهي: النصر من الله للمؤمنين المجاهدين، قال سبحانه: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) وقال سبحانه: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، وقال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)، أما الحتمية الثالثة فهي: خسارة المنافقين والمطبعين، قال سبحانه: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) وهذه الوعود وراءها الله الذي لا يخلف وعده إن قمنا بالواجب علينا، ونحن لم نسند أهل غزة بطراً ولا أشراً، وإنما استجابة لأوامر الله، وخوفا من تهديده ووعيده الذي هو أولى بأن نخشاه من وعيد أمريكا وتهديدها: (أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ . وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ)، (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ .
إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
عباد الله الأكارم:
إنّ العدوان الأمريكي علينا ليس وليد اللحظة بل كان منذ العدوان على الشهيد القائد رضوان الله عليه، ومنذ العدوان السعودي الأمريكي على بلدنا الذي كان بأسلحة وصواريخ وطائرات وإحداثيات أمريكية وإشراف أمريكي، وأُعلن من واشنطن، وكان جزء منه في عهد ولاية ترامب السابقة، وقد سقطت وهزمت أدواتها المحلية والإقليمية بقوة الله، وقد تواجهنا مع أمريكا وجها لوجه في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس إسنادًا منهم للصهاينة اليهود وإسناداً منا للمسلمين في قطاع غزة، وقد هُزموا شر هزيمة في الجولة الأولى بقوة الله وتأييده، وسيهزمون هذه المرة، وتهديدات المهرج ترامب لا تنفع مع شعب البأس الشديد كما نفعته مع البقرة الحلوب الذي دفع له تريليون دولار باتصال، وكما نفعته مع العملاء من زعماء العرب الذين أعلن البنك الدولي أنهم أقاموا جسراً بريا لفك الحصار عن العدو الصهيوني يمر من الإمارات عبر السعودية وصولا إلى الأردن ثم الكيان المؤقت، وهم في الوقت نفسه لا يحركون ساكنا لفك الحصار عن مليوني مسلم جائع في قطاع غزة، فكم هو الفرق بين قيادة تحاصر الصهاينة وعملاء يقيمون جسرًا بريًا لفك الحصار عنهم؟ وكم هو الفرق بين من يسند غزة ومن يسند العدو الإسرائيلي؟ وكم هو الفرق بين من يرسل الصواريخ لاستهداف الأمريكي والإسرائيلي ومن يرسل مليارات الدولارات للأمريكي ويرسل البضائع للصهاينة؟ وكم هو الفرق بين القيادة التي تقف مع غزة بالموقف المتكامل عسكريا وشعبيا وإعلاميا وفي كل المجالات وبأعلى السقوف والمستويات وبين قمم القيادات الخائنة وبياناتها المخزية؟
أيها المؤمنون:
إنّ العدوان الإجرامي على بلدنا - كما أكد ذلك قائدنا وأكد ذلك شعبنا في خروجه المليوني يوم الإثنين الماضي - لن يثنينا عن موقفنا المساند لغزة، ولن يضعف قدراتنا العسكرية بإذن الله، بل سيزيدنا عزما وتوجها لتطوير قدراتنا العسكرية، وكما خرجنا من الجولة الأولى أقوى مما قبلها سنخرج بإذن الله أقوى في هذه الجولة، ولعلكم تتذكرون كيف دخلنا في الجولة الأولى ولم يكن لدينا طائرة يافا ولا صواريخ فرط صوتية، ولم يكن قد استُخدم في حروب العالم صواريخ باليستية لاستهداف أهداف متحركة في البحار، وإن شاء الله سيتفاجأ العدو والصديق بعون الله وتوفيقه وتسديده: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) فما علينا إلا القيام بواجبنا، والاهتمام بالمشاركة في دورات التأهيل من خلال دورات طوفان الأقصى ليصل تعداد قوات التعبئة إلى الملايين من أبناء شعبنا المجاهد العظيم، كما علينا الاهتمام بالإنفاق في سبيل الله دعما للقوة الصاروخية والبحرية وسلاح الجو المسير؛ فالمعركة اليوم هي معركة بين الحق والباطل والإسلام والكفر، والجهاد فرض عين على جميع المؤمنين، ولم يعد هنالك شبهة كما كان يردد البعض: (يمني يقتل يمني أو مسلم يقتل مسلم) بل هي معركة بين المسلمين واليهود الكافرين: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).
عباد الله المؤمنين:
لقد عاد اليهود لارتكاب المجازر وحروب الإبادة ضد إخوتنا في قطاع غزة، وارتكبوا العديد من المجازر التي راح ضحيتها المئات من الشهداء والجرحى في هذا الأسبوع من الشهر الكريم، وبدعم ومشاركة أمريكية، والذي يأتي مع استمرار الحصار والتجويع الذي كان مقدمة لنقض اتفاق وقف إطلاق النار، وتمهيداً لشن العدوان على غزة وسط تخاذل عربي وإسلامي، وتواطؤ من بعض الأنظمة العربية المنافقة، وفي هذا الشهر المبارك الذي يفترض أن تُثمر التقوى في نفوس المسلمين ليقوموا بواجبهم ويتقوا الله ويبرؤوا ذمتهم وينصروا إخوانهم المظلومين استجابة لقول الله سبحانه: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} وقول الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)، وقوله صلى الله عليه وآله: (من سمع مناديا يا للمسلمين فلم يجبه فليس من المسلمين) فماذا سنقول لله يوم القيامة وأهل غزة يموتون جوعا وقتلاً؟ وأين هي تقوى الله؟ وأين هي آيات القرآن التي قرأناها في هذا الشهر المبارك؟.
ونحن كشعبٍ يمني مع قيادتنا المباركة: لن نقف مكتوفي الأيدي، ولن نرضى بالسكوت والتفرج، وسنقوم بكل ما بإمكاننا أن نعمله في نصرة القضية الفلسطينية، وهذا عهدٌ قطعناه على أنفسنا مهما كان مستوى التحديات وحجم التضحيات.
موضوع الخطبة.
إخواني المؤمنين: بعد نجاح موسم زراعة القمح في الجوف وكان موسم مبشر بخير. وكميات الإنتاج الحمدلله كانت كميات كبيرة، فالمطلوب مننا جميعا وفي مقدمتهم التجار وملاك الأفران التوجه لشراء القمح البلدي.. وهذا واجب لدعم المنتج المحلي.. ودعم للمزارعين.
هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله، والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}، اللهم صلِ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم، وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ ليث الله الغالب، أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب، وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار، مِنَ المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين
اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجًا، ومن كلِ ضيقٍ مخرجًا، ومن النارِ النجا، اللهم احفظ وانصر عَلَمَ الجهاد، واقمع بأيدينا أهل الشرك والعدوان والفساد، وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، ومن تآمر معهم وحالفهم وعاونهم، وانصر المجاهدين في غزة ولبنان واليمن وانصر مجاهدينا وثبت أقدامهم وسدد رمياتهم يا قوي يا متين، يا رب العالمين.
اللهم واغفر لنا ولوالدينا ومن لهم حق علينا، واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم واجعلنا في هذا الشهر الكريم ممن شملتهم رحمتك ونالوا مغفرتك يا عزيز يا غفار، اللهم واغفر لمن أسس هذه البنية ومن يعملون على إحيائها يا أرحم الراحمين.
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
بديـوان عــام الــوزارة.
---------