الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
----------------------------
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
العنوان:(الثقة بالله والتوكل عليه )
التاريخ: 5/ 6 /1446هـ
المـوافــق 6 / 12 / 2024م
الرقم:(22)
خطبة الجمعة الأولى من شهر جمادى الآخرة 1446هـ
➖➖➖➖➖➖➖➖
🔹أولاً: نقاط الجمعة
1️⃣- لقد أنـزل الله الهدى ليحقق للإنسان الاستقرار والارتقاء والسعادة في الدنيا والآخرة
2️⃣-حـالة الإنسان الإيجابية هي التي تكون فيها أذنه سامعة للهدى، وقلبه منشرح ومستشعر حاجته للهدى، وحذرا من حالة الإعراض واللامبالاة والتقصير
3️⃣-التذكير بأهمية إخــراج الزكاة لتسهم في حـل المشاكل الاجتماعية والاقتصاديـةلمصارفها وقد جعل الله الشعائرالعبادية كالصلاةوالزكاة وقراءة القرآن والصيام والإنفاق والجهاد وسائل تعين الإنسان على الاستقامة
4️⃣-كلما زاد إيمان الإنسان زادت ثقته بالله وبعونه ونصره ووثق بكل وعوده لأوليائه في كتابه
5️⃣-من أخطرالأشياء على الإنسان هي المعاصي وأخطرهاالأخلاقية التي يتوجه بها العدو عبر حربه الناعمة التي تدمر زكاء النفس وتميت القلب وتفصل الإنسان عن الله وتعمي البصيرة ويفقد الإنسان بسببها الفطرة الإلهية
6️⃣-في زمــن كشف الحقائق ظهرت حقيقة الجماعات التكفيرية التي تحركت في سوريا بإرادة نتنياهو لتقتل المسلمين وتشوه الإسلام، وتشغل الأمة عن مسؤوليتها.
وندعوكم للخروج في سبيل الله جهادا لأعدائه، ونصرة للمؤمنين في غزة.
▪️ثانياً: نــص الخطبة
الخطبة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْحَمْدَ مِفْتَاحاً لِذِكْرِهِ، وَسَبَباً لِلْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِهِ، وَدَلِيلًا عَلَى آلَائِهِ وَعَظَمَتِهِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا تَبْرَحُ مِنْهُ رَحْمَةٌ، وَلَا تُفْقَدُ لَهُ نِعْمَةٌ، القائل في كتابه الكريم: {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، نَحْمَدُهُ عَلَى عَوَاطِفِ كَرَمِهِ، وَسَوَابِغِ نِعَمِهِ، وَنُؤمِنُ بِهِ أَوَّلًا بَادِياً، وَنَسْتَهْدِيهِ قَرِيباً هَادِياً، وَنَسْتَعِينُهُ قَاهِراً قَادِراً، وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ كَافِياً نَاصِراً.
ونشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بشيراً للمؤمنين، ونذيراً ومجاهداً ومحارباً للطغاة والمفسدين، اللهم صل وسلم على سيدِنا محمدٍ وعلى آلهِ الأطهار، وارضَ عن صحابته المنتجبين الأخيار.
أما بعد/ أيها المؤمنون الأكارم:
يعيش الإنسان في الدنيا وسط الكثير من المؤثرات التي تؤثر عليه سلبًا أو إيجابًا؛ فتؤدي إلى نجاحه أو إلى فشله، وقد أراد الله للإنسان: النجاح والفلاح والارتقاء والسعادة في الدنيا والآخرة، وجعل الله التمسك بهداه والاتباع له؛ مفتاحا لكل الخير والسعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، ولذلك أنزل الله الهدى واختار الهداة، وأَمَرَ الإنسان بالاتباع والالتزام لكي تبقى له كرامته وسعادته، وإذا ابتعد الإنسان عن هدى الله وتهرب من سماعه، أو إذا سمعه وتهرب من تفهمه وتطبيقه؛ فسوف يعيش الضنك والقلق، والتردد والتشكك، وعدم الاستقرار في الحياة، ففي هدى الله المعايير التي تبين إن كانت حالة الإنسان إيجابية أم سلبية، والوضع السليم للإنسان على المستوى الإيماني والنفسي والعملي هو أن تكون أذنه سامعة للهدى، وصدره منشرحاً، وقلبه مفتوحاً لمنطق الحق، وفي إحساسه شعور بالحاجة للهدى والاستفادة من الذكرى كما قال تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}.
بينما الإنسان المنحرف عن الاستقامة فإنه يكون على قطيعة مع الهدى ومتهرباً منه، وقد سَخِرَ اللهُ ممن يتهربون من الهدى وينفرون من سماعه بقوله: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ . كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ . فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ}.
ولذلك كان من اللازم على الإنسان أن يتعامل بجدية مع هدى الله، وأن يحذر من حالة اللامبالاة والتقصير؛ لأن الإنسان إذا تعامل مع الهدى بلا مبالاة؛ فستأتي الأحداث الكبيرة والتطورات الخطيرة التي لم يرتقِ إلى مستواها؛ وبالتالي ينحرف ويسقط والعياذ بالله، وقد جعل الله في الشعائر العبادية كالصلاة والصيام والإنفاق والزكاة وتدبر القرآن والالتجاء إلى الله والدعاء وبقية الشعائر العبادية كلها؛ وسائل تساعد الإنسان على الثبات على طريق الاستقامة، وتساعده على الارتقاء الإيماني، وعندها يزداد الإنسان ثقة بالله، وتوكلا عليه حتى في أحلك الظروف، ولا تزيده شدة الأوضاع وتكالب الأعداء إلا إيمانا وثباتا وقوة، والتجاء إلى الله، واستغراقا في طاعته.
عباد الله:
الواثقون بالله يؤمنون بأنّ الله هو القوي العزيز، والقاهر فوق العباد، والمهيمن على الخلائق، فإذا أَمَرَ فإنه يقف ناصرا ومؤيدا ودليلا وملهما مع عباده الذين ينفذون أمره، والذين يؤمنون بأنه عالم الغيب والشهادة، وأنه على كل شيء قدير، ولا يغلبه شيء، ولا يعجزه شيء، ولا يعجزه نصرة الحق مهما كانت قوة الباطل: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ}.
وهذا الإيمان يجعلهم واثقين بوعد الله تعالى حينما يقول: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} فهو تعالى ينصر عباده المؤمنين إذا استجابوا له، وحملوا راية الجهاد، وتحركوا لمواجهة الطغيان والظلم والإجرام والاستكبار، ووثقوا بأنّ الله يصنع المتغيرات الكبيرة لصالح جنده وأوليائه، وقد ذكر لنا المولى تعالى في كتابه العزيز كيف كانت ثقة أنبيائه به في أحلك الظروف، وكذلك يجب أن تكون ثقة أوليائه؛ فهذا نبي الله موسى (عليه السلام) يخرج ببني إسرائيل من مصر بتوجيهٍ من الله ولديه الثقة الكاملة أنّ الله لا يمكن أن يوجهه بشيء ثم يتركه يعاني فيه، ويصارع وحده؛ لأن الله لا يأمر الناس بأمر إلا ويكون معهم - إذا استجابوا له - بنصره وتأييده، وبعنايته ورعايته، وبلطفه وعونه، وبقوته وجبروته؛ فكيف يمكن أن يوجه موسى ثم يتركه وهو الأوفى بعهده ووعده؟!
وحينما وصل موسى بقومه إلى ساحل البحر، بعد أن خرج بهم ليلا هاربين من ظلم فرعون وطغيانه، ولما طلعت الشمس صباحا كان فرعون وجنوده قد أقبلوا لاحقين لموسى وقومه - إمعانا في الظلم والطغيان - وكأن الله يسوقهم إلى حتفهم وهلاكهم، وفي تلك اللحظات قال أولئك الذين لم تمتلئ قلوبهم بعظمة الله والثقة به: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}، ولكنّ موسى (عليه السلام) الواثق بالله، والذي يعي أنّ الله لا يمكن أن يضيع أولياءه: {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}.
فكان التوجيه الإلهي من الله الحاضر مع موسى ما دام واثقا به: {أن اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ} ويستجيب موسى لذلك الأمر الإلهي الذي يمثل سببا بسيطا لكنّ وراءه الله بكل قوته وجبروته؛ ففلق البحر وجعل لبني إسرائيل طريقا جافًا لينجوا من ظلم فرعون؛ فأصبح ذلك الطريق في البحر وسيلة نجاة للمستضعفين، وفي نفس الوقت وسيلة هلاك للطغاة الظالمين، حيث أهلك الله فرعون وجنوده، وضاع جبروتهم، وانتهى طغيانهم؛ لنعلم أنّ الله على كل شيء قدير، ولا يوجد شيء مستحيل أمام الله وقدرته وقوته، والمستحيل لا يوجد إلا في قلوب الناس الذين لا يعرفون الله ولا يثقون به.
وها نحن اليوم نواجه أمريكا وإسرائيل حسب توجيهات الله الذي أمرنا بجهادهم ونصرة المستضعفين؛ فكان الله معنا بنصره وعونه، وبتسديده ولطفه، وبعنايته ورعايته، وكما فلق البحر لموسى؛ فإنه قد مكننا من فلق حاملات الطائرات والمدمرات الأمريكية في الوقت الذي لم يجرؤ على ذلك أحدٌ من البشرية، وكما أغرق فرعون فإنه سيغرق بارجاتهم وأساطيلهم، وما أسلحتنا إلا سبب كعصى موسى، وكما نصر موسى فإنه سينصر المؤمنين السائرين في طريق موسى وفي طريق الأنبياء والأولياء، وكما أنقذ المستضعفين في ذلك الزمن من فرعون فإنه سينقذ وسينصر المستضعفين في هذا الزمن على أمريكا وإسرائيل.
وكلما مكروا تذكرنا قول الله تعالى: {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} {وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ} {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} {قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْراً}.
وكلما كادوا تذكرنا قول الله تعالى: {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} {فَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ} {وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} {أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ} {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}.
وإن حشدوا تذكرنا قول الله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً} وسنبقى على ثباتنا وصمودنا وجهادنا لهم واثقين بوعد الله بالنصر: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} {وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، إنّه تعالى جوادٌ برٌ رؤوفٌ رحيم، أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيم لي ولكم ولكافةِ المؤمنينَ والمؤمناتِ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رب العالمين، ونشهدُ أن لا إله إلاّ الله وحدَه لا شريك له، ونشهد أنَّ سيدَنا محمداً عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرينَ، ورَضِيَ اللهُ عنْ أصحابهِ المنتجبين.
الأخوة المؤمنون:
لم يحذر الله الإنسان من المعاصي إلا لأنها خطيرة على نفس الإنسان وعلى علاقته بالله وهي ليست خطيرة على الله، والمعاصي كلها تضرب النفوس، وتغطيها بالران، وتجعل تفاعل القلوب مع الله ضعيفا، وتعاملها مع الله قاصرا وناقصا، وعندها يضعف خوف الإنسان من الله، وتضعف رغبته وانشداده واستجابته لتوجيهات الله ولأوامره، وتسهل للشيطان السيطرة على الإنسان؛ وكلما عصى الإنسانُ اللهَ أكثر؛ سيطر الشيطان عليه أكثر، وأصبح الشيطان هو من يقود الإنسان ويسيره.
ومن أخطر ما يضرب النفوس ويدمر زكاءها ويدنس طهارتها هي المعاصي الأخلاقية، وهي التي يسعى العدو لنشرها كحرب ناعمة مدمرة للنفوس وللقيم والمبادئ والأخلاق، ومدمرة للدين؛ لأنها تفصل الناس عن الله، وتفقدهم هدايته وعونه ولطفه ونصره، وما أكثر تلك الوسائل التي يستخدمها العدو في حربه تلك من الأفلام والمسلسلات عبر التلفونات التي تحوي المشاهد الخليعة والصور العارية المفسدة، وفيها الألعاب الخطيرة والتطبيقات التي تعلم الأولاد التوحش والعنف، وتعلمهم الإدمان على التلفونات وفيها من القصص ما يشجع على التخلي عن القيم الإلهية، والحدود القرآنية، والأخلاق والآداب الإسلامية، وتحرر الإنسان من عزة الدين وطهارته لتوقعه في سجن الفساد ودناسته، وفيها ما يغير نظرة الإنسان وتفكيره؛ فينظر إلى العري المخزي بأنه حضارة، والحيلة والفساد شطارة، والتعامل الحيواني رقي وصدارة، وما ذلك إلا لأن تفكير الإنسان قد صار مضروبا؛ فأصبح يرى القمة قاعاً والقاع قمة: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}.
وعندما يصبح المجتمع منفلتا؛ فإنّ العدو يكون قد حقق غايته، وأصبحت الأمة المؤمنة فريسة سهلة الاصطياد؛ فيسيطر وينهب ويقتل وينتهك دون رادع؛ لأنه قد فقدت النفوس عزة الإسلام، وفقدت عوامل الفطرة السليمة من غيرة وشهامة وإباء.
عباد الله:
يبقى الله تعالى مع الإنسان ما دام الإنسان مع الله، وسيذكرك إن ذكرته، كما قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}، وسينساك إن نسيته، كما قال تعالى: {نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ}، ومن توكل عليه كفاه، كما قال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، ومن نصر دينه وجاهد أعداء دينه وكتبه ورسله نَصَرَهُ الله وأيده كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، فما علينا سوى الارتباط القوي بالله، والعودة إليه، والالتجاء إليه، والاستعانة به، والفرار إليه: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}.
أيها المؤمنون الأكارم يا عباد الله:
ونحن بعد موسم حصاد الزروع والثمار البعض لم يخرج زكاة ماله إلى اليوم مع أن الله سبحانه وتعالى يقول ( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) أمر إلهي بأن تخرج زكاة المال يوم الحصاد وقبل أن يدخل حتى إلى بيت المزارع المسلم لماذا التهاون بالزكاة رغم أنها ركن من أركان الإسلام شأنها شأن الصلاة بل هما مقرونتان في آيات القرآن الواضحات شأنها شأن الصيام وكل أركان الإسلام
فلماذا البعض من المسلمين أصبح منكراً لهذه الفريضة طالما وجبت عليه الزكاة بل البعض يراجع ويراجل في فريضة أوجبها الله عليه مع أن من مقاصد الزكاة أنها تطهر نفس المزكي من البخل والشح وسيطرة حب المال على مشاعره، وتعوّده على البذل والعطاء، والجود والكرم، قال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ فلماذا يبخل البعض بها لأنه لم يستشعر قداسة هذه الفريضة التي تصنع الألفة والمحبة بين الغني والفقير وتطهر نفس الفقير من الحقد والغل على الأغنياء.
كما أنها تنمي مال المزكى، بوضع البركة فيه بفضل دعاء الفقير ورضاء الله سبحانه وتعالى عمن لبى نداءه فأخرج الزكاة، قال تعالى: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ [الروم:39].والزكاةياعباد الله تحقق التكافل الاجتماعي، وتسهم في حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية كالفقر والبطالة ومن أعظم فوائدها أنها تحقق للمسلم الفلاح في الدنيا، والفوز بالجنة في الآخرة، قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ.
الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ مسألة مهمة هل في زكاة الزروع والثمار يشترط مرور سنة؟ اعلموا يا مؤمنون أنه لا يُرَاعَى الحَوْلُ في زَكَاةِ الزُّرُوعِ والثمار بل يُرَاعَى المَوْسِمُ والمحصُولُ ؛ فإذا أَخْرَجَتِ الأرضُ أكثَرَ من مَحْصُولٍ واحدِ في السّنَةِ وجَبَ على صاحبِها إخراجُ الزكاةِ على كُلِّ مَحْصُولٍ.
الإخوة الأكارم:
في هذا الزمن تكشفت الحقائق على أوضح صورة؛ ليعرف الإنسان الحق من الباطل، وليتميز في الأمة تياران لا ثالث لهما: تيار يجاهد إسرائيل، وتيار يجاهد مع إسرائيل؛ فما كان يسمى بداعش والقاعدة ومسمى الدولة الإسلامية، والذين كذبوا على الأمة لسنوات وزعموا أنهم متحركون من أجل الإسلام وفي سبيله؛ جاءت الأحداث في غزة لتكشف كل زيف؛ حيث لم يذهب أحد منهم ليفجر نفسه بين اليهود، ولم يغضبوا لقتل الفلسطينيين واللبنانيين على يد اليهود، ولم تصدر منهم حتى مجرد إدانة لجرائم اليهود على مدى أكثر من عام.
وبعد الأحد اللاهب على إسرائيل الذي قصف فيه حزب الله تل أبيب، وبعد أن توعد نتنياهو سوريا بالعقاب على دعمها لحزب الله؛ فإنه لم تمر سوى أقل من أربعة وعشرين ساعة حتى نهض أولئك وتحركوا ضد سوريا، وكأن كلام نتنياهو كان موجها لهم بكل وضوح، وبدلا من أن يبقى اليهود هم من يقصفون سوريا ويقتلون أبناءها؛ يأتي الداعشي ليتحرك في سبيل إسرائيل، ويقتل أبناء الإسلام بدلا عن اليهود، ويرتكب جرائم بشعة كجرائم اليهود؛ فيشوه الإسلام، وينظر الناس إلى أنّ الإسلام دين متوحش؛ وهم بذلك يخدمون اليهود بعدة طرق: بقتل المسلمين، وبتشويه الإسلام، وبمحاربة كل من يحارب اليهود.
ولهذا فإنه يجب الحذر من التضليل، والحذر من الكلل والملل والتراجع عن نصرة الدين والمقدسات حتى لو طالت المدة؛ ففلسطين تنزف، والمقدسات تُدنس، ودماء المسلمين تُسفك، وأعراضهم تُنتهك، والنساء تصرخ، والأطفال تُقتل، والإبادة جارية على قدم وساق لإخواننا المسلمين المستضعفين.
والنجاة هي في النفير والتحرك، والهلاك هو في التفريط والقعود والتخاذل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعاً}، وشعب الأنصار اليوم قد أصبح أمل المستضعفين، ومزلزل عروش المستكبرين بفضل الله وبفضل الدين، وبقيادة الأعلام الربانيين من ورثة سيد المرسلين؛ فيجب علينا أن نواصل تحركنا ونصرتنا لإخواننا في فلسطين؛ فقد حبانا الله لنكون أنصارا لدينه وللمستضعفين، ولا تراجع عن جهادنا والعدو يقتل في غزة كل لحظة، وكيف نكسل عن أن نخرج للمظاهرة كل جمعة، والإنفاق في سبيل الله، والمقاطعة لأعداء الله؟! ومن العيب أن يتكاسل من تجند لله، بينما يتحرك أعداء الله بنشاط ليفسدوا في أرضه، وليظلموا عباده.
هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله، والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ عليماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}، اللهم صلِ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم، وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ ليث الله الغالب، أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب، وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار مِنَ المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجًا، ومن كلِ ضيقٍ مخرجًا، ومن النارِ النجا، اللهم احفظ وانصر عَلَمَ الجهاد، واقمع بأيدينا أهل الشرك والعدوان والفساد، وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، ومن تآمر معهم وحالفهم وعاونهم، وانصر المجاهدين في غزة وانصر مجاهدينا في القوة البحرية والجوية والصاروخية، وثبت أقدامهم وسدد رمياتهم يا قوي يا متين، يا رب العالمين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
*عباد الله:*
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
➖➖➖ ➖➖➖➖➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
بديـوان عــام الــوزارة.
--------------