الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------
خطبة الجمعة الثالثة من شهر جماد أول 1446ه
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
العنوان: (ما البديل عن ثقافة الجهاد والاستشهاد؟)
التاريخ: 20/5/1446هـ 22/11/2024م
الرقم: (20)
➖➖➖➖➖➖➖➖
🔷أولاً: نقاط الجمعة:
1️⃣-ما يحصننا في مواجهة استهداف أهل الكتاب لنا في كل المجالات هو ثقافة الجهاد والاستشهاد وحينما ابتعدت الأمة عنه ذُلت وهانت وأصبحت أُلعوبة بيد أعدائها.
2️⃣-البديل عن ثقافة الجهاد والاستشهاد بمفهومه القرآني أن يفقد الإنسان حياته وهو في صف الباطل فإما أن يحشره الأعداء للقتال في صفهم أويقتل وهو في حالة من الاستسلام أو يقتل في قضايا عبثية.
3️⃣-من البدائل عن ثقافة الجهاد والاستشهاد التخاذل والوهن والضعف الذي عليه حال الكثير من شعوب هذه الأمة والخيانة والتواطؤ من بعض الأنظمة العربية والإسلامية وأهم أسباب ذلك الخوف من الموت والتهرب من التضحية.
4️⃣-من المضحك المبكي أن تجد أمة الملياري مسلم يتفرجون على غزة ولبنان ولو كان القليل من هذه الجرائم بحق غيرها من الأمم لما سكتوا.
5️⃣-النظام السعودي يعمل على تمييع الأمة خدمة لأعدائها وثقافة القرآن والجهاد والاستشهاد تحمينا وبها استهدفنا البوارج وحاملات الطائرات الأمريكية ولأول مرة في تاريخ البشرية.
6️⃣-في ختام ذكرى الشهيد لابد أن يستمر الإهتمام بأسرهم ومواصلة طريقهم بخروج المظاهرات والمقاطعة والإنفاق وحمل ثقافة الجهاد والاستشهاد.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
🔷ثانياً: خطبة الجمعة
الخطبة الأولى
بِـسْــــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَــنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَنشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، القائل في كتابه الكريم: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ}، والقائل: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}.
وَنشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين، وإمام المتقين، وقائد المجاهدين، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أما بعد/ أيها المؤمنون:
أوصيكم ونفسي بتقوى الله سبحانه وتعالى والجهاد في سبيله؛ عملًا بقوله جلّ جلاله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وحينما نتأمل في الواقع السيء والمرير والمؤلم الذي تعيشه أمتنا بسبب استهدافها من قِبل أعدائها؛ فإننا نجد أنفسنا في هذه المرحلة بالذات أحوج ما نكون إلى ما يحصننا من هذا الاستهداف الممنهج والخطير في كل مجالات حياتنا، ولا شكّ أن من أهم ما سيحصننا من ذلك هو الإعداد والجهاد في سبيل الله بالمال والنفس: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}.
أيها الأكارم المؤمنون:
حينما ابتعدت الأمة عن ثقافة الجهاد والاستشهاد: ذلّت وهانت وأصبحت ألعوبة في يد أعدائها من أهل الكتاب: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ . اشْتَرَوْا بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ}، وحينما لم تُجند الأمة نفسها لمواجهة طواغيت العصر: (أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وأذنابهم): كان البديل عن ذلك هو: الاستعباد والقهر وتمكن الأعداء: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا
أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}.
وحينما لم تقاتل الأمة أعداء الله: أُهدرت كرامتها، واستُبيحت مقدساتها، وانتُهكت أعراضها، وسُفكت دماؤها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ . إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
عباد الله:
إنّ البديل عن ثقافة الجهاد والاستشهاد بمفهومه القرآني الصحيح هو أن يخسر الإنسان حياته ويضحي بنفسه في سبيل الباطل:
فإمّا أن يحشره الأعداء رغماً عنه للقتال في صفهم، وهذا ما حصل قديمًا حتى في الحروب العالمية، واليوم هناك الكثير ممن هم في صف أمريكا وإسرائيل، وما أكثر من قُتِلَوا وقَاتَلوا قبل ذلك حيث أرادت منهم أمريكا وإسرائيل أن يقاتلوا، فقاتلوا وقُتِلُوا وخسروا.
أو قد يُقتل الإنسان في حالة من الاستسلام، والعجز التام، والانسحاق بجبروت الأعداء.
أو قد يُقتل الناس في قضايا عبثية، ولا تستحق هدر التضحيات من أجلها؛ فنجد الكثير قد يتحمَّسون للقتل والقتال والمعارك الضارية، ويدعون إلى النكف القبلي، أو النفير العام، ويندفعون بكل حماس من أجل قضايا لا تستحق حتى أن تسيء فيها بكلمة إلى أخيك المسلم، مثل: نزاع بسيط على أرض، أو في قضايا بسيطة معينة، ويمكن حلها بكل بساطة إذا توفرت الإرادة الصادقة والوعي وصفاء النفس؛ حيث يمكن حلها بصلح، أو بحكم قضائي.
فالذي لا يجند نفسه في سبيل الله، ولا يوطن نفسه للشهادة في طريق الله؛ فإنه قد يقتل وهو في طريقٍ آخر؛ فيكون ممن خسر الدنيا والآخرة والعياذ بالله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}.
أيها المؤمنون:
كما أنّ البديل عن ثقافة الجهاد والاستشهاد هو: حالة التخاذل والوهن والضعف والتقصير والتفريط، والتهاون والإهمال واللامبالاة، وانعدام الحس الإنساني والأخلاقي والشعور المعنوي، وهذا هو ما عليه حال الكثير من الدول العربية والإسلامية، ومن كوارث ذلك تمكّن أمريكا وإسرائيل الذين لهم رصيد إجرامي كبير، ومن أهم الأمثلة على جرائمهم ما يحصل في (غزة ولبنان).
ومن أكثر عوامل التفريط والتخاذل هو الخشية من الموت، والتهرب والقلق من التضحية، وهذا هو ما أكّده الله كثيراً في القرآن الكريم، من مثل قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا}، ويقول الله أيضاً وهو يوبِّخ، ويعاتب، ويكشف سوء رأي البعض، ممن يمتلكون نظرةً سلبية تجاه التضحية في سبيل الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا . أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}، ويقدِّم القرآن الكريم أيضاً درساً عجيباً ومهماً عن قومٍ من الأقوام، ممن كانت لديهم هذه الرؤية تجاه التضحية في سبيل الله في إطار الموقف الصحيح الذي يحميهم، ويدفع عنهم خطر أعدائهم؛ فيقول الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ . وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
عباد الله الأكارم:
إنّ من المضحك المبكي في نفس الوقت: أن تجدَ أمة الملياري مسلم يتفرجون على ما يحصل من جرائم يندى لها جبين التاريخ والإنسانية في غزة ولبنان، ولو كان القليل من هذه الجرائم بحق أي أمةٍ أخرى من أمم الأرض كاليهود أو النصارى أو الوثنيين أو حتى بحق عباد البقر؛ لَمَا سكتوا ولتحركوا لمواجهة ذلك، بينما نحن المسلمين يراد لنا أن نسكت وأن نتفرج حتى يصل الدور إلينا.
وقد وصل الحال بالبعض إلى التواطؤ والمساندة لأعداء هذه الأمة، والبعض يعيشون حياتهم وكأن الأمر لا يعنيهم، وها نحن نجد أنّ الرسول "صلوات الله عليه وعلى آله" يقول في نصٍ مشهور ومعروف بين الأمة: (مَنْ أَصْبَحَ لاَ يَهْتَمُّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ سَمِعَ مُسْلِماً يُنَادِي: يَا لَلْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ
يُجِبْهُ فَلَيْسَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
بينما الانتماء الإيماني وثقافة الجهاد والاستشهاد ستجعلك تعيش الإحساس؛ لأنه يربطك بهذه الأمة كل شيء: مصيرك وحياتك، والخير والشر، والبؤس والنعيم، والضر والنفع مرتبط بهذه الأمة وبهذا الواقع؛ فإذا تنكرت، وإذا كنت تتهرب من هذه المسؤولية؛ فإن ذلك لن يعفيك عما سيطالك بسبب هذا التنصل عن المسؤولية، وستسحقك الأحداث، وستطالك المتغيرات إما بشرّها أو بأخطارها، ولن يعفيك التنصل عن المسؤولية، ولن ينفعك الحِياد، ولن يجديك شيئاً؛ لأنك واحدٌ من هذه الأمة، وإذا تنصل كل واحدٍ منا في هذه الأمة عن مسؤوليته وتفرج على الآخرين؛ فإنه يهيئ الظروف لأن يأتي عليه الدور وهو في حالةٍ من الانفراد والعجز والضعف ليُسحق بكل بساطة وبكل سهولة، أما إذا أحسّ كل واحدٍ منا بالمسؤولية تجاه الآخر، وتعاونا وتكاتفنا وتظافرت جهودنا؛ فإننا سنكون في منعة، وسنكون أقوياء، وسيكون موقفنا قوياً ومجدياً وفعالاً، وسنحقق لأنفسنا وللمستضعفين من أمتنا: النصر والعزة والتمكين، يقول الله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا . الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}.
قلت ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمدٍ وآله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.
أما بعد/ أيها المؤمنون:
إنّ الأعداء في هذه المرحلة يستهدفون الأمة في كل المجالات، ويحاولون أن يضربوا الجانب المعنوي والروحية الإيمانية لدينا، ويعملون على إبعادنا عن ثقافة الجهاد والاستشهاد في سبيل الله بمعناه الصحيح؛ لأنهم يعرفون أهمية ذلك في الارتقاء بالأمة إلى مستوى مواجهتهم، وهم يشتغلون بكل الوسائل: كالتمييع، والدفع نحو الرذيلة، والضياع، وإفساد القيم والأخلاق، وشراء الذمم بالأموال، وفي المقابل أيضاً يستخدمون سلاح الجبروت، والبطش، والهمجية، والطغيان، والتوحش، والإجرام، والقتل الجماعي، والتدمير، كوسيلة أخرى لإذلال الشعوب، ولكسر إرادتها، ولتحطيم معنوياتها، ولإجبارها وإخضاعها للاستسلام.
وفي هذه الأيام ها نحن نشاهد ونرى ما يعمله النظام السعودي فيما يسمى بموسم الرياض، حيث يستضيفون الفنانات العاهرات من كل أنحاء العالم بملايين الدولارات، حتى وصل بهم الحال إلى إقامة حفلات الرقص والمجون حول مجسمٍ يشبه شكل الكعبة المشرفة ضاربين بذلك عرض الحائط حرمة المقدسات الموجودة لديهم كمكة والمدينة، كما باعوا سابقًا المقدسات في فلسطين، وهم بذلك يسعون إلى إفساد أمتنا ونشر الفواحش والرذائل حتى يسهل على أعدائنا أن يسحقونا ويمتهنوا كرامتنا ويحتلوا أوطاننا وحسبنا قول الله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
وها هم أيضاً يستعدون لإقامة مهرجان الكلاب كما فعلوا في العام الماضي في الوقت الذي ما تزال الأمة تنزف جراحها خصوصًا في (فلسطين ولبنان)، وفي الوقت الذي يتم فيه نسف المباني السكنية في قطاع غزة، وفي الوقت الذي ما تزال الكلاب البشرية المسعورة من الصهاينة يرسلون الكلاب الحيوانية لنهش لحوم النساء الكبيرات في السن ولنهش جثث الشهداء من الفلسطينيين، والله المستعان.
عباد الله:
أمام كلما سبق لا بد أن نفهم أن ثقافة الجهاد والاستشهاد وفق الرؤية القرآنية هي التي ستحمي الأمة من الضياع والتمييع والرذيلة والفساد، وهي التي سترسِّخ المبادئ والقيم العظيمة، وهي التي ستربي الإنسان على الإباء والعزة والكرامة، وهي التي سترتقي بالأمة إلى مستوى التحرك لمواجهة الأعداء، مهما كان جبروتهم وطغيانهم، ومهما كانت وحشيتهم.
وها نحن نجد مصاديق ذلك في واقع المجاهدين الأعزاء في غزة ولبنان، وفي واقع بقية محور الجهاد والمقاومة وجبهات الإسناد في العراق ويمن الإيمان، ومن ذلك: القرارات والخطوات العملية والجريئة لشعبنا العزيز وقيادتنا القرآنية المباركة التي استهدفت عمق الكيان الصهيوني، كما استهدفت البارجات والمدمرات وحاملات الطائرات الأمريكية في البحار، وجعلتها تهرب وتبتعد لمئات الأميال، وقد كان لنا شرف القيام بذلك لأول مرّة في التاريخ؛ لأنه لم تجرؤ أي دولة في هذا العالم أن تقوم بذلك بما في ذلك الدول التي بينها وبين أمريكا عداوة كالصين وروسيا وكوريا وغيرها.
وما كان ذلك ليتحقق لنا إلا بفضل الله وتوفيقه وعونه وتأييده، وبعظمة المشروع القرآني وقيادته المباركة، ولأننا حملنا ثقافة الجهاد والاستشهاد، وببركة تضحيات شهدائنا العظماء وجرحانا الأوفياء التي أثمرت لنا عزًا ونصرًا وكرامةً في الوقت الذي فقدت فيه الأمة عزتها، وأُهدرت كرامتها: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ . وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}.
أيها المؤمنون:
في ختام الذكرى السنوية للشهيد: لا بد أن يستمر الاهتمام بأسرهم في كل المجالات طيلة العام على المستوى الرسمي والشعبي، وكما قال السيد القائد: (أكرموهم يكرمكم الله).
كما أنه لا بد من الاستمرار في خط الشهداء والثبات على طريقهم حتى يتحقق النصر، ومن ذلك: خروج المظاهرات الأسبوعية، والمقاطعة الاقتصادية، وحملات الإنفاق، والالتحاق بدورات طوفان الأقصى، والارتباط بالمشروع القرآني وقيادته المباركة، والتثقف بثقافة الجهاد والاستشهاد: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ . وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ . فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم فصلِ وسلم على سيدنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، وعلى أخيه الإمام علي، وعلى فاطمة البتول الزهراء، وعلى ولديهما الحسن والحسين، وعلى جميع آل رسول الله، وارض اللهم برضاك عن صحابة نبينا الأخيار من المهاجرين والأنصار.
ربنا لا تدع لنا في هذا اليوم العظيم ذنباً إلا غفرته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شافيته وعافيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا خذلته، ولا مفقوداً إلا وكشفت مصيره، ولا أسيراً إلا وفككت أسره، {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وانصرنا على أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وآل سعود وعملائهم من المنافقين فإنهم لا يعجزونك، اللهم ثبّت أقدام إخواننا المجاهدين في فلسطين وفي العراق وفي لبنان وفي يمن الإيمان، اللهم سدد رميتهم، وكن لهم حافظاً وناصراً ومعيناً يا عزيز يا جبار، واحفظ اللهم قيادتنا وشعبنا وأمتنا من كل سوء ومكروه يا رب العالمين.
{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
➖➖➖➖➖ ➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
بديـوان عــام الــوزارة.
-------------