مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------
خطبة الجمعة الثالثة  مـن شهر ذي القعدة  1444هـ

العنوان:(الرَّقَابَةُ الْاِلَهِيَّةُ ) 

التاريخ: 20 / 11 / 1444هـ 

المــوافـق / 9 / 6 / 2023 م


الـرقــم: (50)

🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️

أولاً:نِقَاطُ الْجُمْعَةِ
1-يَتَحَرَّكُ الْإِنْسَانُ فِي الْحَيَاةِ عَلَى أَسَاسِ ثَلَاثَةِ اعْتِبَارَاتٍ: الدَّافِعِ وَالْقُدْرَةِ وَالنَّتَائِجِ وَاسْتِشْعَارُ الرِّقَابَةِ الْإِلَهِيَّةِ سَيَضْبِطُ هَذِهِ الِاعْتِبَارَاتِ {وَمَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا..)
2-الْحَذَرُ مِنْ الْغَفْلَةِ وَالنِّسْيَانِ لِلَّهِ وَعَدَمُ اسْتِشْعَارِ الرَّقَابَةِ الْإِلَهِيَّةِ لِأَنَّ لِذَلِكَ آثَارٌ سَيِّئَةً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ {وَلَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ...)
3-الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ يُسَاعِدُ عَلَى اسْتِحْضَارِ الرَّقَابَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْأَذْكَارِ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ وَمِنْ أَهَمِّ غَايَاتِ الصَّلَاةِ ذِكْرُ اللَّهِ {وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي وَذِكْرُ اللَّهِ يَعْنِي تَذَكُّرَهُ وَاسْتِشْعَارَ رِقَابَتِهِ
4-مَعَ الرَّقَابَةِ الْإِلَهِيَّةِ رَقَابَةُ الْمَلَائِكَةِ لِيَكُونُوا شُهُودًا عَلَى النَّاسِ {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ.. وَاسْتِشْعَارُ ذَلِكَ يُعِينُ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ فِي الْحَيَاةِ
5-يُحْيِي الْعَالَمُ فِي هَذَا الْأُسْبُوعِ الْيَوْمَ الْعَالَمِيِّ لِمُكَافَحَةِ الْمُخَدِّرَاتِ وَأَعْدَاؤُنَا يَعْمَلُونَ عَلَى إِغْرَاقِ بَلَدِنَا بِالْمُخَدِّرَاتِ مِمَّا يُحَتِّمُ عَلَيْنَا الْيَقَظَةَ تُجَاهَ ذَلِكَ وَالْإِبْلَاغُ عَمَّنْ يُتَاجِرُونَ بِهَذِهِ الْآفَةِ الْخَطِيرَةِ
6-بِمُنَاسَبَةِ قُرْبِ عِيدِ الْأَضْحَى لَا بُدَّ مِنْ الْحِفَاظِ عَلَى الثَّرْوَةِ الْحَيَوَانِيَّةِ بِعَدَمِ ذَبْحِ الصِّغَارِ وَالْإِنَاثِ وَالتَّعَاوُنِ مِنْ الْجَمِيعِ لِإِنْهَاءِ هَذِهِ الْحَالَةِ الْمُتَنَافِيَةِ مَعَ الْحِكْمَةِ.
▪️ ثانياً: نص الخطبة ▪️
الخطبة الأولى
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالمِينَ، الحمد لله الملك الحق المبين، الْحَمْدُ لِلَّهِ غَيْرَ مَقْنُوطٍ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَلَا مَخْلُوٍّ مِنْ نِعْمَتِهِ، وَلَا مَيؤُوس مِنْ مَغْفِرَتِهِ، وَلَا مُسْتَنْكَفٍ عَنْ عِبَادَتِهِ، الَّذِي لَا تَبْرَحُ مِنْهُ رَحْمَةٌ، وَلَا تُفْقَدُ لَهُ نِعْمَةٌ. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ غَيْرَ مَعْدُولٍ بِهِ، وَلَا مَشْكُوكٍ فِيهِ، وَلَا مَكْفُورٍ دِينُهُ، وَلَا مَجْحُودٍ تَكْوِينُهُ، شَهَادَةَ مَنْ صَدَقَتْ نِيَّتُهُ، وَخَلَصَ يَقِينُهُ، وَثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَرْسَلَهُ لِإِنْفَاذِ أَمْرِهِ، وَإِنْهَاءِ عُذْرِهِ، وَتَقْدِيمِ نُذُرِهِ؛ فبلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، وجاهد في سبيل ربه صادعًا بالحق بشيرًا ونذيرًا؛ فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن أصحابه المنتجبين الأخيار من المهاجرين والأنصار.
أما بعد/ أيها الإخوة المؤمنون:
يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}.
عباد الله الأكارم:
من يتأمل في حركة الإنسان في هذه الحياة؛ فإنه سيجده يتحرك على أساس ثلاثة اعتبارات مهمة ومؤثرة في كل تصرفاته وأعماله.
وهي: الدافع، والقدرة، والنتائج، ومن الطبيعي جدًا لأي انسان أن يتحرك على أساس: الدافع والقدرة وبالتالي تحصل النتائج.
ولكنه يحتاج مع هذه الاعتبارات إلى ما يساعده ليستقيم في هذه الحياة، وليتحرك فيها بهذه العوامل الثلاثة تحركًا إيجابيًا، ومن أهم ما سيساعده على ذلك هو: استشعار رقابة الله تعالى عليه؛ بحيث تكون هي الضابط الأساسي لكل الاعتبارات الثلاثة. 
ولهذا جاءت الآيات المتكررة في القرآن الكريم؛ لتذكر الإنسان بهذا الموضوع المهم، ومن الأمثلة على ذلك: قول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء .

هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} حتى وأنت ما زلت في رحم أمك هو مطلع عليك ويراقبك ويصورك كيف يشاء، {اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ}.
ويقول سبحانه وتعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} حتى حركة رمش عينك التي نظرت بها إلى الحرام وإلى حيث لا يحل لك: الله يرصدها ويحصيها ويعلم بها، ويقول أيضًا: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}.
هكذا هي رقابة الله الدائمة والمستمرة علينا جميعًا، والتي تصل إلى مستوى ما يوسوس به الإنسان في أعماق أعماق صدره، وما يخفيه عن الآخرين؛ فلنحذر ولنتنبه.
عباد الله:
في مقام العمل يقول سبحانه وتعالى: (وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً) أي عملٍ كان: سواء كان كثيرًا أو قليلًا، كبيرًا أو صغيرًا، حسنًا أو سيئًا، وفي أي ظرف وفي أي مكان، ولو كان هذا المكان مستورا وداخل غرفة مغلقة، ولا يراك فيها أحدٌ من البشر، وتظن أنك قد أغلقت النوافذ والأبواب، وتسترت عن الجميع، الله يقول: (وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) فالله حاضرٌ على الدوام، ولا يغيب أبدًا ولا لحظة واحدة، ولا تحجبه السواتر: (وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ).
وما أحوجنا - عباد الله - إلى استشعار هذه الرقابة العظيمة علينا من الله، وأن نرسخ في أنفسنا حالة الحياء من الله، وأن نستشعر حضوره ومعيته، يقول سبحانه وتعالى: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}، ويقول سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وسيأتي اليوم الذي ترى فيه كل أعمالك وتصرفاتك جليةً أمامك وعندها لا تستطيع الإنكار.
فلنحذر - أيها المؤمنون - من الغفلة والنسيان لله تعالى ورقابته الدائمة علينا؛ لأن آثار ذلك خطيرة جدًا علينا في الدنيا والآخرة، والله تعالى ينهانا فيقول: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}؛ فإذا ما نسيت الله؛ نسيت نفسك، وتمـر أيـامك ولياليك، وينقضي عمرك وأنت ساهٍ وناسٍ، وتمــوت وأنت على هذه الحـالـة؛ فتأتي يوم القيامة فتكون منسياً عما كنت تـرجـوه من الخير، أو تأمله من الخير والنجاة والفوز يوم القيامة، وهذه تمثل أعظم خسارة على الإنسان: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ).
وقد أخبرنا الله تعالى في كتابه الكريم عن حال الكثير من الجن والإنس الذين وصلوا إلى قعر جهنم؛ أنه كان بسبب غفلتهم ونسيانهم لله، قال سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}.
فما أسوء الإنسان حينما يعيش حالة الغفلة عن الله، وعدم استشعار حضوره ورقابته؛ فيصبح حاله أسوء من الانعام (بَلْ هُمْ أَضَلُّ) وتصبح تصرفاته بدون مسؤولية، ويكون منفلتا وليس لديه اهتمامات.
أيها الإخوة المؤمنون:
إنّ الإكثار من ذكر الله هو مما يساعد الإنسان على استحضار واستشعار رقابة الله؛ ولذلك فقد جاءت الكثير من الأذكار في القرآن الكريم، وقد فرض الله الصلاة؛ ليكون الإنسان بها ذاكرًا لله في كل أوقاته؛ يقول سبحانه وتعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)، ويقول سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً . وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} ويقول سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}.

والمقصود بذكر الله: أن تتذكر دائمًا أنه معك وإلى جانبك ومطلع عليك، وليس ذكرًا أجوف لمجرد الذكر، بل ذكرًا يجعلك تستشعر رقابته عليك؛ فتراجع نفسك قبل أي عمل أو تصرف: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}؛ فتعيش حالة الحذر والتنبه الدائم؛ لتستقيم في هذه الحياة كما أراد الله منك ووجهك كخليفة له في أرضه.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {بسم الله الرحمن الرحيم . وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
  ▪️الخطبة الثانية▪️
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله ولي الصالحين ورب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له ولا مثيل، ولا خلف لقوله ولا تبديل، وأشهد أن سيدنا وسندنا وقائدنا وهادينا ومرشدنا محمد بن عبدالله، اللهم صلِ وسلم وبارك عليه وعلى آله الطاهرين، وارض اللهم برضاك عن أصحابه المنتجبين الأخيار من المهاجرين والأنصار.
أيها الإخوة المؤمنون: 
ما أحوجنا جميعًا الى استشعار رقابة الله الدائمة والمباشرة علينا، هذه الرقابة التي لا تنفك عنك لحظة واحدة، وهذه الرقابة تعتبر كافية، ومع ذلك ما يزال هناك رقابة أخرى وضعها الله تعالى وأحاطنا بها وهي رقابة: ملائكته الكرام الكاتبين، وهذه من الأشياء التي يغفل عنها الكثير من المسلمين.
ولا يوجد انسان في هذا الوجود الا وقد أوكل الله به ملائكة من ملائكته يبقون معه على الدوام، ويراقبون كل تصرفاته؛ ليكونوا شهودًا عليه، وليوثقوا كل أعماله؛ يقول الله سبحانه وتعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ . مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} أي كلمة تقولها وتنطق بها سيتم تسجيلها مباشرة، ولا ينسون أي كلمة فيحتاجون منك لتعيدها، بل يتم تسجيله مباشرة دون زيادة أو نقصان.
ويقول سبحانه وتعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ . كِرَاماً كَاتِبِينَ . يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} على علم دائم، ولا تخفى عنهم أي عمل من أعمالك، ولا تستطيع أن تمنعهم من دخول أي مكان ما، بل يلازمونك حيث ما كنت وحيث ما تحركت واتجهت.
أيها المؤمنون:
أمام هذه الرقابة الشاملة والكاملة بدءًا من الله ثم ملائكته التي توثق كل أعمالك وتشهد عليها ما الذي سيترتب على هذا؟ هل ستنتهي المسألة؟ أم أنه سيغادر كل إنسان منا هذه الحياة حتمًا، وسيكون أمامه أشبه ما يكون بفلم حياته، وسيرى وسيطلع بل وسيجازى على كل أعماله، وسيأتي اليوم الذي قال الله عنه: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} ويقول سبحانه وتعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} وكما قال جل جلاله: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
لذلك لا بد من الالتزام والاستقامة في الحياة حتى نفوز في الدنيا والآخرة.
أيها المؤمنون: 
في هذه الأيام تجاهر بعض الأنظمة الغربية بالفاحشة الشنيعة (المِثلية) وتدعمها وتسعى لنشرها بمختلف الوسائل لتشاهدوا إلى أي حد وصلوا من السقوط الذي لم تصل إليه حتى الحيوانات والبهائم، ولا شك أنّ هذه المبارزة بالفواحش سيعقبها هلاك الغرب الفاجر، وسقوط هذه الأنظمة الخبيثة ومن يسير في ركابها من الأنظمة العميلة: (وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ).
ومما يجب علينا - أيها الإخوة - هو الإيمان بوعد الله ووعيده، والحذر من سُعار هذه الحضارة الهالكة التي تنشر سمومها وجيفتها عبر القنوات ومواقع التواصل، وعبر المنظمات وبمختلف الوسائل من الأفلام والمسلسلات؛ كل ذلك سعيًا منهم لإفساد الإنسان وتغيير فطرة الله التي فطر الناس عليها.
عباد الله: 
يُحيي العالم في هذا الأسبوع: اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، ونحن نعلم علم اليقين أن دول الاستكبار مثل أمريكا والغرب الملحد هي من تتاجر بالمخدرات وتنشرها في أوساط الشعوب كما حصل في أفغانستان، وكما هو حاصل في أمريكا وكندا والمكسيك، وفي دول العدوان كالسعودية، وها نحن نشاهد كيف انتشرت عندهم هذه الآفة.

وما يجب التنبه له والحذر منه هو: سعي دول العدوان لإغراق بلادنا وتمييع شبابنا بنشر المخدرات في أوساطهم لإفسادهم وتدميرهم، وقد اكتشفت الأجهزة الأمنية أن هناك مؤامرة كبرى لإغراق الشعب بهذه المخدرات؛ وذلك يستدعي اليقظة من الجميع للتعاون مع الأجهزة الأمنية لضبط هؤلاء المجرمين وتفكيك عصاباتهم وإنقاذ الأبرياء من خطورتهم، ولا يتردد أحد في الإبلاغ عنهم وفضحهم.
كما يجب على أولياء الأمور: الانتباه والحذر وتنبيه أولادهم بخطورة هذه العصابات، ولا سيما الذين في المدن والمناطق الحدودية ليكونوا على بصيرة من أمرهم.
وأخيرًا:
ونحن على مقربة من عيد الأضحى المبارك ينبغي الاهتمام بالثروة الحيوانية، والحذر من ذبح الإناث أو الصغار منها؛ لأن الثروة الحيوانية هي ثروة وطنية يجب تنميتها والاهتمام بها، وكل دول العالم تمنع ذبح الإناث والصغار وتجرمه؛ لأن ذبحها فيه إهدار لثروة البلد، وعمل يتنافى مع العقل والعلم والحكمة؛ لأن الصغار من الأغنام والعجول والإبل ليس فيها قيمة غذائية؛ لأنها في وقت الرضاعة، ولا تحمل الفائدة الغذائية التي تحملها الكبار منها؛ فيجب علينا أن نكون واعين؛ فالأطباء يقولون هكذا، والعلم يقول هكذا، وللأسف يخالف البعض، ويستعجل في ذبح الصغار، ولو صبر عليها قليلا لكانت أضعافا مضاعفة، والبعض يذبح الإناث التي لو رباها لأنتجت الكثير.
وهنا نوجه نداءنا للإخوة أصحاب الملاحم من الجزارين، وكذلك أصحاب المطاعم، وأصحاب الأغنام والعجول، ونقول لهم: اتقوا الله في الثروة الحيوانية ولا تهدروها بذبح الإناث والصغار؛ فهذا يعتبر مخالفًا للرشد ومنافيا للعقل والدين والحكمة، ونناشد الأجهزة المختصة بحماية الثروة الحيوانية من العابثين والمخالفين،  وعلينا كمواطنين مقاطعتها وعدم شراء لحوم الصغار والإناث سواء من محلات بيع اللحوم، أو من المطاعم؛ لنساهم في الحفاظ على ثروة هذه الشعب، ومن المؤسف ألا نصل إلى الوعي الذي وصل إليه الناس من جيراننا في الصومال والحبشة الذين يعيشون على فضلات ما يبيعون لنا من مواشي؛ فأصبحوا أكثر اهتماما وأكثر وعيا منا بالثروة الحيوانية وأهميتها، ونحن شعب الإيمان والحكمة، والله المستعان.
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال عزَّ من قائل عليما: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
اللهم اجْعَلْ شَرَائِفَ صَلَوَاتِكَ، وَنَوَامِيَ بَرَكَاتِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، الْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، وَالْفَاتِحِ لِمَا انْغَلَقَ، وَالْمُعْلِنِ الْحَقَّ بِالْحَقِّ، وَالدَّافِعِ جَيْشَاتِ الْأَبَاطِيلِ، وَالدَّامِغِ صَوْلَاتِ الْأَضَالِيلِ، وصلِّ اللهم على بقية الخمسة أهل الكساء، علي المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن المجتبى، والحسين سيد الشهداء، اللهم وعلى جميع أهل بيت نبيك الأكرمين، وارض اللهم عن صحابته الأخيار المنتجبين، وعلى من يستحق الصلاة من المخلوقين، وعلينا معهم بمنك وفضلك يا أرحم الراحمين.
ربنا لا تدع لنا في هذا اليوم العظيم ذنباً إلا غفرته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شافيته وعافيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا خذلته، ولا مفقوداً إلا وكشفت مصيره، ولا أسيراً إلا وفككت أسره، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وانصرنا على أمريكا وإسرائيل وآل سعود وعملائهم من المنافقين فإنهم لا يعجزونك.
{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
➖➖➖➖➖ ➖
📝 صَادِرٌ عَنْ الْإِدَارَةِ الْعَامَّةِ لِلْخُطَبَاءِ وَالْمُرْشِدِينَ 
بِدِيوَانِ عَامِّ الْوِزَارَةِ.
------------------


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر