مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 
قطاع الإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
نقاط وخــطبـة الجمعة الثـالـثـة  مــــن شــــهــر جــمـــادى الأولى 1444هـ 

الــعـنـوان :  ( عظمة الشهادة والشهداء في سبيل الله) 

الــتــاريــــخ / 15 / 5 / 1444ه‍
الـمـوافــق / 9 / 12 / 2022م 
الـرقـــــــم : ( 19) 

.أولاً: نــقاط الجـمـعـة
1-الحديث عن عظمةالشهادة 
وتوضيح المنطلقات التي انطلق منهاالشهداء والتي منها
أـ وعي الشهداءبأن الميدان هوميدان صراع بين الحق والباطل فإذا لم يتحرك الإنسان في سبيل الحق فقديقتل وهوبدون موقف أويساق جنديًا في صف الباطل ويقتل في سبيل الباطل
ب ـ وعي الشهداءبأن المبادئ والقيم العظيمةالتي تصلح هذه الحياةلابدفي إقامتها من تضحية
2-تبيين أنه لا يمكن مواجهةمن يحملون الشروالإجرام إلا بلغةالتصدي والمواجهة ولذلك شرع الله الجهادفي سبيله
3-التوضيح بأن الذي أذل الأمةالإسلامية هو حالةالخوف التي تبعث على الإستسلام فالمجتمع الذي يفقدرجاله الاستعداد للتضحيةيكون مجتمعًاذليلاً، والمجتمع الذي يعيش رجاله الاستعدادالعالي للتضحيةهو الذي يتمكن من كسرجبروت الظالمين
4-التذكيربأن الشهداءرحلوا إلى ضيافةالله وأن الشهيد ينتقل إلى حياةسعيدة وعظيمةإلى يوم القيامة (وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)
5-التذكيربواجبنا تجاه الشهداءومنها
أ / الثبات على نهجهم والوفاءلتضحياتهم 
ب / سدالفراغ الذي كانوا ملئه في الجبهات 
ج/ الرعايةالكاملة لأسرهم وأبنائهم ماديا ومعنويا.
▪️ثـانـيـاً: الــخـطـبــة

الخطبة الأولى
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الحمدُ للهِ الملكِ الحقِّ العدلِ المبينِ، الذي أحقَّ الحقَّ بكلماتِهِ وقَطَعَ دابرَ الكافرين، وأبطلَ الباطلَ بقدرتَهِ وتأييدِهِ ونصرِهِ للمؤمنين، فقال سبحانه وهو أصدق القائلين:
{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْـمُؤْمِنِينَ} الروم- آية (47)،
وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ الواحدُ الأحدُ، الفردُ الصمدُ، 
وأشهدُ أن سيدَنَا وأسوتَنَا وقدوتَنَا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ومصطفاه من خلقِهِ ورحمتُهُ للعالمين،
اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمد وباركْ على محمدٍ وعلى آلِ محمد، كما صليت وباركت على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيد، وارضَ اللهمَّ برضاكَ عن الصحابةِ الأخيارِ المنتجبين.                                         
   أما بعدُ/ أيها الإخوة المؤمنون:
أوصيكم ونفسيَ بتقوى اللهِ ولزومِ طاعتِهِ:
{يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ‌حَقَّ ‌تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ} [آل عمران: 102].
أيها المؤمنون:
يقولُ الحقُّ سبحانَهُ وتعالى: ﴿مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) الأحزاب- آية (23)،
تتجلى لنا - أيها المؤمنون - في هذه الآيةِ الكريمةِ جوانبُ مِنْ عظمةِ الشهداء ومكانتهم عند الله سبحانه وتعالى؛ فللشهداء مكانة ومرتبة عظيمة وعالية عند الله سبحانه وتعالى، ومن خلال الآية الكريمة المباركة بعض جوانب مكانة الشهداء وعظمتهم، ومن تلك الجوانب: وصفهم بالمؤمنين فقال سبحانه:
(مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ)، والإيمان مرتبة عالية، ودرجة رفيعة.
ومن ذلك: وصفهم بالرجولة، فقال سبحانه وتعالى: (مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ)، والرجولة بمفهومها الحقيقي هي التحلي بالصفات الحميدة، ومكارم الأخلاق، والتمسك بالمبادئ والقيم النبيلة، ولا تعني الذكورة التي هي ضد الأنوثة كما هو سائد عند الكثير من قاصري النظر.
ومن تلك الجوانب: وصفهم بالصدق، فقال جل وعلا:(صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ)، فالصدقُ في الإيمان والقول والعمل لديهم سجيَّةٌ تشدُّهُم إلى اللهِ، والشوقِ إلى لقائِهِ، فينطلقون مجاهدين في سبيلهِ، ولا يبالون بما يواجهون من الصعاب والشدائد؛ فمنهم من اتخذه الله شهيدا، فقال سبحانه: (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ)، ففاز بالشهادة، وفاز بأنَّ اللهَ اتخذه شهيدًا، فقال تعالى: (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ) آل عمران- آية (140)، 
وكما فاز هؤلاء بالشهادة فهناك من ينتظر وهو باق على العهد، فقال الحق سبحانه: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) فالصدق لدى الشهيد أوصلَهُ إلى أنْ يتخذَهُ ويختارَهُ اللهُ شهيدًا، وفي المقابلِ الصدقُ لدى المنتظرِ من المؤمنين، جَعَلَهُ متمسكًا بعهدِهِ وميثاقِهِ وإيمانِهِ فَسَلَكَ مَسْلَكَ الشُّهَداءِ: في الجهاد في سبيل الله، والدفاع عن دينه وعرضه ووطنه، وهو مشتاقٌ إلى لقاءِ ربِّهِ

باذلًا في سبيلِ اللهِ وإعلاءِ كلمتِهِ وإحقاقِ الحقِّ وإبطالِ الباطلِ مالَهُ وأغلى ما لديه وهو أنَّه قدَّم رأسَهُ ونَفسَهُ، وهو ثابت على الحق لم يتغير 
أو يتبدَّلْ، أو يُغَيِّرْ أو يُبَدِّلْ.
أيها المؤمنون:
وكما تجلى لنا من خلال القرآن الكريم عظمة الشهداء في سبيل الله؛ فإنه يتجلى لنا أيضًا عظمةُ الشهادةِ في سبيلِ اللهِ سبحانه وتعالى فهي عطاء سامٍ ومقدَّسٌ، وعطاءٌ له آثارُهُ العظيمةُ ونتائجُهُ المباركةُ في الحياةِ الدنيا، وتتجلى عظمةُ الشهادةِ في جوانبَ عدة، منها: أنَّ الشهادةَ حياةٌ وليستْ موتًا، قال تعالى: 
{وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ}، 
ويقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِـمَا يُحْيِيكُمْ) الأنفال- آية (24).
ومنها: أنَّ الشهادةَ مظهرٌ منْ أعظمِ وأجلِّ مظاهرِ الإحسانِ؛ لأنَّ الشهيدَ استوعبَ مفهومَ الإحسانِ بمفهومه القرآني، وجسَّدَهُ في قولِهِ وعَمَلِهِ، وصدَّقَ ذلك في جهادِهِ حتى قضى نحبَهُ ولقيَ ربَّهُ.
ومنها: أنّ الشهادةَ في سبيلِ اللهِ ليستْ نقصًا في العمر؛ فهناك الكثيرُ منْ أصحابِ النفوسِ الضعيفةِ، وضعفاءِ الإيمانِ يظنون أنَّ منْ يذهبْ ليقاتلَ في سبيلِ اللهِ أنه سيُقْتلْ، ومنْ يَقْعُد يَسْلمْ، وهذا الظنُّ مصدرُهُ النفاقُ والخوفُ وحبُّ الدنيا، كما أنه مخالف للواقع؛ فَكَمْ رأينا من الناس منْ يُقتلُ وهو في بيته سواءٌ كان القتلُ بالقصفِ، أو بالثاراتِ، أو بالحوادث المرورية، أو بغير ذلك، وقد قال الله رادًّا على هؤلاء ومكذِّبًا لهم: ﴿ٱلَّذِينَ قَالُواْ لِإِخۡوَٰانِهِمۡ وَقَعَدُواْ ‌لَوۡ ‌أَطَاعُونَا مَا قُتِلُواْۗ قُلۡ فَٱدۡرَءُواْ عَنۡ أَنفُسِكُمُ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰادِقِينَ﴾ [آل عمران: 168]، ويقول سبحانه: ﴿قُل لَّوۡ كُنتُمۡ ‌فِي ‌بُيُوتِكُمۡ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَتۡلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمۡۖ﴾ [آل عمران: 154].
عباد الله:
إنَّ الشهيدَ لمَّا تَحرَّكَ في ميدانِ الجهادِ في سبيلِ اللهِ هو انْطَلقَ عنْ وَعْيٍ صادِقٍ منْهُ بِواقع أمتنا الإسلامية، وبما تعانيه من أزمات في جميع الجوانب السياسية والفكرية والاقتصادية، وما تواجهه من ظلم وويلات من قِبل حكامها العملاء، ومنْ قِبلِ أعدائها من اليهودِ والنصارى، 
وانطلق أيضا عنْ وعيٍ كاملٍ بحقيقة هذه الحياة، وأنَّ هذه الحياةَ الدنيا ليست للدَّعَةِ والاسترخاء، بل هي دارُ ابتلاء وعمل، وأنَّ ميدانَ الحياة الدنيا هو ميدانُ صراعٍ بين الحقِّ والباطلِ؛ فتحرك مستشعرا للمسؤولية، وهو على يقينٍ أنَّ الإنسانَ إذا لمْ يتحركْ في سبيلِ الله ونصرةِ الحقِ؛ فقد يُقتَلُ وهوَ بدونِ موقفٍ، وقدْ يساقُ جندِيًّا في صفِّ الباطلِ؛ فَيُقْتَلُ في سبيلِ أمريكا وإسرائيل.
أيها المؤمنون:
لقد انطلق الشهداء عن وعيٍ منهم بأنَّ المبادئَ والقيمَ العظيمةَ التي تُصْلِحُ هذه الحياةَ لابدَّ لإقامتِها من التضحيةِ؛ لأنَّ هذه المبادئَ والقيمَ تُحاربُ منْ قبلِ قُوى الشرِّ والطغيانِ، حتى أنبياء الله عليهم السلام حوربوا من قبل أعداء الله ولم يَسلَموا من الصراع وهم أنبياء الله وصفوته وخيرته من خلقه، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا) الأنعام- آية (112).

عباد الله:
لقدْ تحركَ الشهداءُ وانطلقوا في سبيل الله عن وعيٍ منهم بأنَّ الشهادةَ في سبيل الله هي لديهم: ضمنَ حساباتِ الرِّبْحِ، وليست من ضمن حساباتِ الخسارةِ، فهم يعونَ جيدًا أنهم باعوا منَ اللهِ أنْفَسَهم وأمْوالَهُم، وأن الله اشترى منهم؛ فانطلقوا وغايتهم الله، ووجهتهم إلى الله، وشوقهم إلى الله؛ ليسلموا له المبيع ويقبضوا الثمن: (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة- آية (111).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

▪️الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ وكفَى وسلامٌ على عبادِهِ الذين اصْطفَى،
وأشهدَ ألَّا إلَهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَه،
وأشهدُ أنَّ سيدَنَا محمدًا عبدُهُ ورسولُه، صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليهِ وعلى آلِه الطاهرين، وارضَ اللهم برضاك عن صحابتِهِ الأخيارِ المنتجبين.

أيها المؤمنون:
إنَّ حالةَ الصراعِ بينَ الحقِّ والباطلِ في هذه الحياة مستمرةٌ، ولا يُمكنُ مواجهةُ منْ يحملونَ الشرَّ والإجرامَ إلَّا بلغةِ التَّصدِّي والمواجهة بكل الوسائل، ومن أجلِ ذلك شرعَ اللهُ الجهادَ في سبيلِه، فقال تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) البقرة- آية (194)، وقال: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِـمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) الحج- آية (39)، ويقول: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) التوبة- آية (14)، ولن يواجِهَهم ويتصدى لهم إلَّا القويّ والمستعدُّ للمواجهة، ولذلك أمرنا الله بالإعداد للمواجهة: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ ‌تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعۡلَمُهُمۡۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ﴾ [الأنفال: 60]، ولا وجود لحالة الخوف والسكوت والذلِّ في القرآن والإسلام، بل جعل الله العزة له ولرسوله وللمؤمنين، والذلة والصغار للمنافقين والمشركين، وما أذلَّ الأمة إلا حالة الخوف التي تبعث على الاستسلام، والتمسك بالدنيا ومتاعها الزائل، وهذه حالة المنافقين، قال الله تعالى مبينا نفسياتهم وكفرهم: ﴿وَلِيَعۡلَمَ ٱلَّذِينَ نَافَقُواْۚ ‌وَقِيلَ ‌لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ قَٰاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوِ ٱدۡفَعُواْۖ قَالُواْ لَوۡ نَعۡلَمُ قِتَالٗا لَّٱتَّبَعۡنَٰاكُمۡۗ هُمۡ لِلۡكُفۡرِ يَوۡمَئِذٍ أَقۡرَبُ مِنۡهُمۡ لِلۡإِيمَٰانِۚ يَقُولُونَ بِأَفۡوَٰاهِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا يَكۡتُمُونَ﴾ [آل عمران: 167]، فالمجتمع الذي يفقد الرجال المستعدين للتضحية يكون مجتمعا ذليلا مستعبدا، والمجتمع الذي يعيش حالة الاستعداد العالي للمواجهة والتضحية، هو الذي سيواجه ويتمكن من كسر جبروت الظالمين ويعيش حياة عزيزة وكريمة.
أيها المؤمنون:
إنَّ الشهيدَ هو الذي يُقتل في سبيلِ الله، وسبيلُ الله هو الجهادُ لتكونَ كلمةُ اللهِ هيَ العليا وكلمةُ الذين كفروا هي السفلى، قال رسول الله صلى الله عليهِ وآلَه وسلم: "منْ جاهدَ لتكونَ كلمةُ اللهِ هيَ العليا فهو جهادٌ في سبيلِ اللهِ"، وقال صلوات الله عليه وعلى آله: "منْ قاتلَ دونَ مالِهِ مظلومًا فهو شهيدٌ، ومنْ قاتلَ دونَ نَفْسِهِ فهو شهيدٌ، ومنْ قاتلَ دونَ أهلِهِ فهو شهيدٌ، ومنْ قاتلَ دونَ جارِهِ فهو شهيدٌ، وكلُّ قتيلٍ في جَنْبِ اللهِ فهو شهيدٌ".
أيها المؤمنون:
إنَّ الشهداءَ بتحركهم يشهدون على ضعفِ الباطلِ وهوانِهِ، على الرغم مما يمتلكه الباطل من إمكانيات، ويشهدون على واحدية المشروع والمنهج؛ فالمشروع هو الإسلام، والمنهج هو القرآن، ويشهدون على أن العدو واحد وقد ذكرهم الله في كتابه، وهم: اليهود والنصارى (أمريكا وإسرائيل) والمنافقين، ويشهدون على قوةِ الحقِّ وإنْ قلَّ الأتباع، ويشهدون على أنَّ النصرَ من اللهِ قادمٌ لا محالة (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)، ويشهدون على أن العاقبة للمتقين: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ). 
   أيها المؤمنون:
إنَّ الشهداءَ لمْ يموتوا، بلْ هم رحلوا إلى ضيافةِ اللهِ وانتقلوا إلى حياة سعيدةٍ وعظيمةٍ؛ لأنَّ الشهادة ليست موتًا بل هي انتقالٌ من الحياة الدنيا إلى الحياة الكريمة العليا، ولذلك نهانا الله أن نحسب أنهم ماتوا، فقال: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ .  فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَـمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ .  يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْـمُؤْمِنِينَ).
  أيها المؤمنون:
لا بد من الاستفادة من مناسبة الذكرى السنوية للشهيد باعتبارها محطة تربوية تذكرنا بالشهداء العظماء، وأنهم هم من أوصل هذه الأمة في واقع اليوم إلى القوة والنصر والتمكين.
وفي هذه الذكرى لا بد أن نتعلم من الشهداء: قيم ومبادئ وأخلاق الإسلام التي جسدها الشهداء في مسيرة حياتهم وعطائهم، كما نستفيد من هذه الذكرى: أهمية الثبات والاستقامة في خط الشهداء، وكذا الاهتمام بخدمة الناس الذين ضحى الشهداء من أجلهم.

وتكريما للشهداء فإن علينا واجبات نحوهم، وواجبات نحو أُسرهم، فمن واجبَنا نحو الشهداء، هو الوفاءُ لتضحياتِهم، وأنَّ نتعلمَ منهم معنى التضحية والفداء، وأنَّ نعيشَ القضيةَ التي عاشوها، وأنَّ نؤهلَ أنفسَنا لمواجهةِ الأعداءِ في شتى المجالات، وأنَّ نقومَ بالدورِ الذي قاموا به حتى استُشْهِدُوا، فنكونَ خيرَ خلفٍ لخيرِ سلفٍ، وأنَّ نسدَّ الفراغَ الذي كانوا يملؤونه في الجبهات.  
وأمَّا واجبُنا تجاه أسرهم وأبنائهم: فإنه يتمثل في العناية بهم في كافة المجالات: (المادية والتربوية والإيمانية والاجتماعية)، والرعايةُ الكاملةُ لأولادِهم وأسرِهم ماديًا ومعنويًا، وهذا واجبٌ إيماني ومسؤولية جماعية على جميع شرائح المجتمع، وعلى الجهات الرسمية وغير الرسمية، فهذا من مقابلة الإحسان بالإحسان فالشهيد قد أحسن إلينا ودافع عن الدين والأرض والعِرْض وقدَّم من أجل ذلك أغلى ما لديه،؛ فيجب علينا أن نقابلَ ذلك الإحسانَ بالإحسانِ يقول الله تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) الرحمن- آية (60).
وكذلك لا بد من الاهتمام بزيارة أسر الشهداء، وتقديم عبارات الإجلال والإكبار لهم على إسهامهم العظيم في نصرة الإسلام، مع الاهتمام بزيارة روضات الشهداء لتذكير أنفسنا بعطائهم اللامحدود والاستفادة روحيًا ونفسيًا من ذلك.
عباد الله:  
كان ظهورُ الفساد في الأرض ناشِئًا عما اجترحَه الناس من سيئات، وما اقترَفُوه من خطايا، كما قال -سبحانه-:(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ، فإن الذي لا ريبَ فيه أن دفعَ ذلك وعلاجَه إنما هو بما تكسِبُه أيديهم أيضًا؛ لأن الله تعالى لا يُغيِّرُ ما بقومٍ حتى يُغيِّرُوا ما بأنفُسِهم، وذلك فإننا معنيون في المقام الأول بمؤازرة جهود الدولة في محاربة الفساد بكل أشكاله وأنواعه ومقاومة ورفض أدواته من خلال عدم الإنصياع والإستجابة للأساليب التي يمارسها المفسدون في الإدارات الحكومية أو في أي قطاع من قطاعات تقديم الخدمات لأفراد المجتمع وعدم التعامل معها كأمر واقعي يجب التعايش معه لغرض إنجاز المعاملة او الحصول على الخدمة وإنما تقتضي المسؤولية الدينية علينا محاربة هذا الواقع اللاأخلاقي واللاديني وإبلاغ الجهات المختصة في الدولة كالهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بمظاهر الفساد وبالأشخاص والجهات التي تمارس الفساد بأي شكل من اشكاله.فاتقوا الله -عباد الله-، واستَجيبُوا لله وللرسول إذا دعاكُم لما يُحيِيكم، وحذارِ من سلكِ سبيل الذين يُفسِدون في الأرض ولا يُصلِحون.
عباد الله الأكارم
إنَّ اليمن تمتاز بجودة منتجاتها الزراعية، حيث وهبها الله بيئةً فريدةً ومناخ متنوع،  فما أكثر ما نشاهده من منتجات زراعية في الأسواق وبجودة عالية جداً هناك الخضار والفواكه والحبوب، وهذه المنتجات تتعرض للتهديد من قبل المنتجات المستوردة والتي تغزوا  أسواقنا فهناك التفاح الخارجي تمتلئ به الأسواق رغم رداءة جودته وكذلك البرتقال واللبن والثوم والزبيب  وغيرها الكثير،  ولذا علينا أن ندعم منتجاتنا الزراعية عن طريق التوقف عن  شراء المنتجات المستوردة، و  الإقبال على شراء المنتجات الزراعية  اليمنية لما له من فوائد  صحية نظراً لجودتها  ودعم الإقتصاد  كونها  ستخفض فاتورة الإستيراد  فالمزارع اليمني أولى بالريال من المزارع الصيني أو الهندي أو الامريكي، وهذا واجب علينا جميعا.
وفي الختام:
نعبر عن إدانتنا واستنكارنا ورفضنا لكل أشكال الولاء والتطبيع مع الكيان الصهيوني، وكان من آخر ذلك زيارة رئيس كيان العدو الإسرائيلي لدويلة البحرين؛ مما يحتم على جميع الشعوب الإسلامية أن يتحملوا مسؤوليتهم في مواجهة ذلك.
هذا وأكثروا في هذا اليوم وفي كل يوم من ذكر الله، ومن الصلاة والسلام على رسول الله امتثالا لأمره سبحانه: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وصل اللهم وسلم على وصيهِ وبابِ مدينةِ علمِهِ سيدِنا ومولانا الإمامِ عليٍّ بنِ أبي طالب، وعلى بضعةِ النبي المصطفى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى سيدي شبابِ أهل الجنةِ أبي محمدٍ الحسنِ وأبي عبدالله الحسينِ، اللهم وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وعلى الملائكة المقربين، وعلى جميع عبادك الصالحين، وارض اللهم برضاك عن أصحاب رسولك المنتجبين من الأنصار والمهاجرين، وعن زوجاتِ نبيك أمهاتِ المؤمنين، وعلينا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أصلح من في صلاحه صلاحٌ للإسلام والمسلمين، وأهلك من في هلاكه صلاحٌ للإسلام والمسلمين، اللهم انصرْ الإسلام والمسلمين واخذلْ أعداءك أعداءَ الدين، اللهم انصرْ المجاهدين في سبيلك في كل الجبهات وفي كلِّ مكان وثبتْ أقدامَهم وسددْ رمْيَهم واحفظْهُم بحفظِك وأكْلَأْهُم برعايتك ونكِّلْ بعدوِّك وعدوِّنا بأيدينا وأيدي المؤمنين يا رب العالمين.
عباد الله:
(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْـمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل (90).
➖➖➖➖➖ ➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
بديـوان عــام الــوزارة.
-------------


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر