الجمهورية اليمنية
الهيئة العامة للأوقاف والإرشاد
قطاع الإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------
خطبة الجمعة الثانية من شهر جماد الأولى 1447هـ
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
العنوان:(.الفائزون )
التاريـخ: 9/ 5/ 1447ه
المـوافق: 31/ 10 / 2025م
الرقم: (19)
➖➖➖➖➖➖➖
🔹أولاً: نقاط الجمعة
1-استطاع الشيطان تجنيد الكثير من البشر ليتحركوا ضد الهدى والحق، بغيا وظلما وعدوانا ولا رادع لهم سوى بالجهاد والقتال في سبيل الله
2-كل الأمم تسعى لتمتلك القوة ويريدالله للمؤمنين كذلك أن يمتلكوا القوة ليحموا الحق ويقيموا العدل في الأرض كما أمر الله
3-يستخدم الأعداءالقتل والبطش كوسيلةلترهيب الناس ليخضعوا ولمواجهة ذلك يجب أن تحمل الأمة ثقافة الشهادة في سبيل الله لتصبح قوة معنوية تفشل تخويف العدو
4-أمر الله بالقتال وشجع عليه وسمى من يقتل في سبيله شهيدا، وقدمها كحياةوربح وليست موتاوخسارة كما يراهاالبعض
5-الجهاد والقتال يمثل حلا للأمة والموت والحياة بيد الله والمتهربون منه تقصف أعمارهم ويضحون أكثر من المجاهدين والتاريخ ملئ بالدروس
6-نحيي ذكرى الشهداءلنحيا ونستلهم من الشهداء قيم الصبروالإخلاص والثبات ولكي تصبح حياتهم دروساللأجيال
7-تضحيات شهداء المحوروحدت الأمةوأعزتها وأكسبتهاأملا وتضحيات شهداءاليمن جعل لليمن عزةوقوة لايمتلكهاالعرب، وعطاء الشهداء يقابله الله بعطاء وعلينامسؤولية السيرفي خطى الشهداء.
🔹ثانياً: نص الخطبة
-
✒️الخطبـة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي لا يبلُغُهُ بُعدُ الهمم، ولا ينالُهُ حَدسُ الفطَنِ، الأول الذي لا غاية له فينتهي، ولا آخر له فينقضي، والحمد لله الذي جعل الجهاد باباً من أبواب الجنة فتحه لخاصة أوليائه، وجعل الشهادة في سبيله فوزاً في الدنيا والأخرى، القائل في كتابه العزيز: {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
ونَشْهَدُ أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ لِإِنْفَاذِ أَمْرِهِ وَإِنْهَاءِ عُذْرِهِ وَتَقْدِيمِ نُذُرِهِ، فبلَّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله كل الطغاة والمستبدين والمستكبرين حتى أتاه اليقين، اللهم فصلِ وسلم على سيدنا محمدٍ وعلى آله الطاهرين، وارض عن صحابته المنتجبين.
أما بعد/ أيها الإخوة المؤمنون:
حين خلق الله الإنسان في هذه الحياة ميزه عن بقية مخلوقاته، وكرمه وشرفه على الكائنات، وفي نفس الوقت حمَّله مسؤولية تمثل شرفاً وفخراً عظيماً له أن يكون خليفة لله على أرضه، ومظهراً من مظاهر قدرته وحكمته وعظمته وسلطانه، ومنذ بداية وجود الإنسان في هذه الحياة ظهر له عدو مبين، هذا العدو يستهدف الإنسان في أفكاره ومشاعره؛ ليصرفه عن الله وعن نهجه وصراطه، وقد بيّن الله خطورة وعداوة هذا العدو وحذّر الإنسان منه فقال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}.
ولأن الإنسان نسي وتجاهل تحذيرات الله فقد استطاع هذا العدو أن يستدرج الكثير من بني الإنسان، ويجند له جنوداً منهم يعملون لصالحه، ويوالونه ويتحركون كجنود للشيطان ضد من سلك الطريق إلى الله من الأنبياء والأولياء الذين تحركوا كجنود لله، ووصل الشيطان بأوليائه إلى حد القتال في سبيله من أجل الطغيان والظلم لا من أجل القيم والمبادئ، ومن أجل الهوى والشهوات لا من أجل الحق والعدل، ومن أجل تحقيق مطامعهم التي كلها على حساب دين الله والمستضعفين من عباده، وهؤلاء الذين تجندوا مع الشيطان لم يستجيبوا لأنبياء ولا لهدى، ولا لقيم ولا لأخلاق، ولذا وضع الله الجهاد والقتال كحلٍ وحيدٍ لإيقاف طغيان الطغاة، وكبح استكبار المستكبرين، فقال تعالى: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ}.
وشجّع المولى تعالى المؤمنين على القتال في سبيل الله ضد الشيطان وحزبه، وقدمها كصفقة رابحة للمؤمنين ليبيعوا منه فيقاتلوا المجرمين، قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}؛ لأن أولياء الشيطان يحملون عقدة البغي والعدوان، والطغيان، والاستكبار، ويمارسون الظلم، ويشكِّلون خطراً وتهديداً على المجتمعات البشرية، وعلى السلم في المجتمع البشري كله، وإذا لم يتحرك المؤمنون بالمبادئ والقيم الإلهية، وبالقيم الفطرية والإنسانية، وفي إطار مسؤولياتهم المقدَّسة والعظيمة، وفقاً لسنَّة الله "سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى"، التي قال الله عنها: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ
لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} فإنّ الساحة ستكون مفتوحة لجبهة الشر من المجرمين والطغاة والأشرار والسفاحين والسفاكين للدماء، وينتج عن ذلك مآسٍ كبيرة، وكوارث ومظالم كبيرة جدًّا في واقع الناس، ولا حلّ يوقف المجرمين ويكف إجرامهم سوى الجهاد والقتال في سبيل الله.
عباد الله:
من أعجب الأشياء: أن يجد الإنسانُ أنّ الأممَ جميعا تسعى بكل وسيلة لتمتلك وسائل القوة والمنعة؛ لتحمي نفسها، والبعض يسعى لامتلاك القوة لاستعباد الآخرين والسيطرة عليهم، إلا المسلمين فهم يريدون القوة فيأخذون بأسباب الضعف، ويريدون العزة فيأخذون بأسباب الذلة، ويريدون التمكين فيأخذون بالأسباب التي تؤدي بهم إلى أن يكونوا أمة مغلوبة مقهورة، وكل هذا لأن الأمة لم تسمع وتطبق كلام الله وتوجيهاته، والضعف ليس في الإسلام بل في المسلمين الذين ابتعدوا عن الإسلام، والأمة الإسلامية تحتاج إلى القوة أكثر من أي أمة أخرى؛ لأنها أمة أمرها الله أن تواجه الطغاة والمستكبرين، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر في العالمين، وتقيم الحق والقسط والعدل، وتنقذ المستضعفين.
وأيضا لأنها أمة مستهدفة من أعداء خطيرين مجرمين لا يرعون حرمة ولا يقيمون قيمة لعهد ولا ميثاق، فلا حل لها إلا القتال: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ}، فالأمة تحتاج أن تكون قوية بإيمانها، وقوية بعلاقتها القوية بالله، وقوية بهويتها، وقوية بوحدتها، وقوية بسلاحها وحديدها، وقوية لتفرض الحق، وقوية لتحمي الحق وتحمي نفسها، وهذه إرادة الله، فهو يريد أن يكون جنده أقوياء، وعبيده أشداء يستطيعون مواجهة عبيد الطاغوت، ويفرضون الحق في واقع الحياة.
-
عباد الله:
الأمة الإسلامية لديها رسالة، وعليها مسؤولية، وتحتاج أن تمتلك القوة النفسية والمعنوية؛ لأن الطغاة والمجرمين يستخدمون وسائل القتل والبطش والجبروت ليخاف الناس فيخضعون لهم، ويقبلون بالاستعباد والإذلال، وهذا ما شاهدناه ونشاهده من قبل اليهود في فلسطين وغيرها الذين يقتلون الرجال والنساء، والأطفال والكبار والصغار، ويدمرون المنازل على ساكنيها، ويستبيحون كل المحرمات وبكل وحشية، لماذا كل هذا؟ لكي يخاف بقية أبناء الأمة فيخضعون ويستسلمون لهم، ولذا فالأمة تحتاج أن تحمل روحية الشهادة لكي تهزم عدوها، وتحصن نفسها بالخوف من الله وحده.
وحين نرجع إلى القرآن نجده يأمر المؤمنين بالقتال، ويشجعهم ويحفزهم على القتال، وإن كان هناك احتمال أن يقتلوا فلن يخسروا مع الله أبدا، بل سمى الله القتل في سبيله شهادة، وقدمها كحياة لا كموت، وكربح لا كخسارة، فقال تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ}، وجعل الشهداء رفاق الأنبياء في المحشر {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} ورفاقهم في الجنة، {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً}.
-
أيها الإخوة المؤمنون:
الجهاد في سبيل الله يمثل حلا للأمة من مشاكلها، ومخرجًا من أزماتها، ونظما لأمرها؛ لأن الذي رسمه وأمر به ووجه إليه هو الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى، ويجب أن نفهم أنّ الأمة التي تتنصل عن مسؤوليتها الجهادية خوفا من القتل؛ فإنّ أعمارها تقصف، كما تحدث القرآن عن القوم الذين فروا من عدوهم خوف الموت: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ}، فالموت بيد الله لا بيد الأعداء، والموت بيد الله لا بيد أمريكا ولا إسرائيل، وليس بيد المجرمين والطغاة، وعلى الأمة أن ترسخ اليقين بذلك في مشاعرها.
ويقول تعالى مخاطبا أولئك الذين يتهربون من القتال في سبيل الله خوف الموت: {قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً}، ويقول الإمام علي في وصيته لابنه الحسن: (وَاعْلَمْ أَنَّ مَالِكَ الْمَوْتِ هُوَ مَالِكُ الحَيَاةِ، وَأَنَّ الْخَالِقَ هُوَ الْمُمِيتُ، وَأَنَّ الْمُفْنِيَ هُوَ الْمُعِيدُ، وَأَنَّ الْمُبْتَلِيَ هُوَ الْمُعَافِي)، ليتقرر في نفس المؤمن أنّ الموت والحياة بيد الله لا بيد غيره.
والأمة التي تتنصل عن مسؤوليتها الجهادية وتقعد وتتخاذل تقدم أثمانًا أكبر وأكثر وبشكل أسوأ، وتضحي بأكثر من الأمة المجاهدة، وهذا معروف عبر التاريخ، وقد حصل ذلك كثيرًا للمسلمين عبر التاريخ؛ ففي تاريخ مواجهتهم مع التتار، ضحت الأمة بالملايين حين تخاذلت عن مواجهتهم، وفي بغداد قتل التتار مليون مسلم ومسلمة حين دخلوها، وحين كانت بلاد الشام تتفرج على العراق والتتار يقتلون أهله ظنا منهم أنه لا خطر عليهم فقد انتهى التتار من العراق ثم اتجهوا نحو الشام ليفعلوا به ما فعلوا بالعراق، وحين احتل الفرنسيون الجزائر قتلوا أثناء احتلالهم الملايين من أبنائه، وحين جاهد الجزائريون احتاجوا لمليون شهيد وتحرروا، وحين تخاذل المسلمون عن مواجهة الصليبيين كان الصليبيون يسبون عشرات الآلاف من نساء المسلمين ومن أطفالهم، ويقتلون الآلاف، وهكذا يجد الإنسان في التاريخ دروسا، لا يجوز أن تتكرر، بل نأخذ منها العظة والعبرة.
-
أيها المؤمنون:
من كرم الله تعالى ومنته العظيمة أن فتح للإنسان بابا ليجعل من شهادته بوابة للانتقال إلى حياة كريمة، وإلى استضافة الله تعالى: {بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ}، وبهذا فإنّ الله يزيل أكبر عائق يعيق المسلمين عن الجهاد والمواجهة للأعداء، ويجعلها تتحرك بروح وثابة، وانطلاقة جادة، وتتحرر من قيود الخوف التي تقعد الأمة، ومما يجب أن يدركه الإنسان في الحياة الدنيا أنّ الكل راحل منها لا محالة: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ}، ولكن رحيل الشهداء مختلف؛ فهو إلى ضيافة الله، وإلى حياة سعيدة وهنيئة، ويرزقون فيها وهم في حالة فرح دائم ومتجدد، وفي حالة استبشار بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم، وكل هذا تحفيز من الله للأمة لتجاهد وتقاتل.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، إنّه تعالى جوادٌ برٌ رؤوفٌ رحيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولكافة المؤمنين والمؤمنات فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
-
الخطبة الثانية:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى أهل بيته الطاهرين، ورضي الله تعالى برضاه عن صحابته الأخيار المنتجبين.
أما بعد/ أيها الإخوة المؤمنون:
إحياء ذكرى الشهداء مهم جدا لنا، أما الشهداء فهم في غنى عما نقدم وقد أصبحوا في نعيم مقيم، ولكن إحياء ذكرى الشهداء له أهمية كبيرة؛ فنحن بإحياء هذه الذكرى نعظم ونبجل أعظم عطاء، ونقدس أسمى تضحية، ومن خلال الذكرى نستلهم كل المعاني التي حملها الشهداء في حياتهم، ونستلهم روحيتهم الإيمانية والجهادية، ونستلهم إخلاصهم لله، والتجرُّد من أي أهداف مادية أو حسابات شخصية.
ونستلهم منهم الصبر على الشدائد والمعاناة، وصدق بيعهم من الله، ونستلهم منهم الوعي العالي بالمسؤولية، والوعي بحقيقة الحياة الدنيا، والوعي بالأخطار المترتبة على التنصل والتخاذل، والوعي بخطورة الأعداء وإجرامهم وفسادهم، ونستلهم منهم العزة التي حملوها، والإباء والكرامة، والصمود والثبات في مواجهة التحديات، وفي مواجهة الطغاة والمجرمين، وبإحياء ذكرى الشهداء نخلد ذكرهم كما خلّد الله ذكرهم في كتابه العزيز، ونجعل من الحديث عن قصصهم دروسًا تربوية للأجيال تغرس في النفوس قيم الصدق والوفاء والتضحية.
-
عباد الله المؤمنين:
تضحيات شهداء محور الجهاد والمقاومة في سبيل الله، وفي مواجهة إسرائيل وأمريكا خلال طوفان الأقصى حفظت للأمة بقية كرامتها وعزتها، ووحدت الأمة على قضية القدس والأقصى التي من أجلها صعد الشهداء من فلسطين ولبنان وإيران واليمن، ورغم تباعد المسافات أثبتوا أنّ الدين واحد، والنهج واحد، والعدو واحد، والقضية واحدة، وتضحيات الشهداء أحيت الأمل في أنه لا زال للإسلام جذور صلبة، تنبت رغم الشدائد والمؤامرات، وتثمر نصرًا ومجدًا.
وتضحيات الشهداء الأعزاء من أبناء اليمن كان له أعظم الأثر في صمود الشعب اليمني على مدى عامين في إسناده لغزة، وهزيمته لأمريكا وتحالفاتها، ولأن الشهادة عطاء قابلها الله بعطاء؛ فهناك عطاء للشهيد نفسه بحياة كريمة في فرح وسرور عند الله، وهناك حياة للأمة بعده في عزة ونصر وغلبة، وهناك حياة للأجيال التي يريد العدو إضلالها وإذلالها واستعبادها، وهناك حياة للدين الذي يريد العدو مسحه وإزالته، ومما يجب أن ندركه أنّ على كل مسلم مسؤولية فردية في أن يحمل راية الشهداء العظيمة، ويحمل المبادئ والقيم والأخلاق التي حملوها، فدماؤهم أمانة في أعناق من خلفهم، وعلى المجتمع والأمة مسؤولية جماعية في حمل تلك الراية، والانتصار للقضية، والوفاء للدماء، والثبات على النهج والخط بإيمان وعشق للقاء الله، فالله يقول: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}.
كما أنّ من الوفاء للشهداء أن نكون أوفياء لأهاليهم وأسرهم وأولادهم بالاهتمام والرعاية لهم في كل المجالات (التربوية والتعليمية والاجتماعية والمادية والمعنوية وغيرها) على المستوى الرسمي والشعبي.
-
أيها الإخوة المؤمنون:
لقد كان الأمريكي والإسرائيلي يخطط خلال طوفان الأقصى لاستباحة الأمة كلها، وإقامة إسرائيل الكبرى، وإعادة صياغة المنطقة بما يسميه الشرق الأوسط الجديد، ويصل بالأمة إلى حالة الاستعباد، وكان واقع الأمة مهيأ لذلك بالتخاذل والتطبيع من الأنظمة الخائنة والعميلة، ولولا دماء الشهداء وتضحياتهم لتحقق له ما يريد، ولذا يجب أن يكون الجهاد ثقافة، والشهادة ثقافة تحيا بها الأمة، وتسير عليها، حتى تحقق ما يريده الله منها.
كما نؤكد على أهمية الجهوزية والاستعداد لأي تطورات في المرحلة القادمة سواءٌ فيما يتعلق بقضية إخواننا في غزة، أو أي اعتداء على شعبنا اليمني من قبل الصهاينة أو عملائهم من المنافقين؛ فالشعب اليمني حاضرٌ وجاهزٌ لكل الاحتمالات بإذن الله.
هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله، والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ عليما: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}، اللهم صلِ وسلم وبارك وتحنن على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم، وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ ليث الله الغالب، أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب، وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار، مِنَ المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجًا، ومن كلِ ضيقٍ مخرجًا، ومن النارِ النجا، اللهم احفظ وانصر عَلَمَ الجهاد، واقمع بأيدينا أهل الشرك والعدوان والفساد، وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، ومن تآمر معهم وحالفهم وعاونهم، وانصر المجاهدين في غزة واليمن ولبنان، وانصر مجاهدينا في البر والبحر، وفي كل الجبهات والثغور والميادين، وثبت أقدامهم وسدد رمياتهم يا قوي يا متين، واشف مرضانا، وارحم شهدائنا وموتانا وموتى المؤمنين، يا رب العالمين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
➖➖➖➖➖➖➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
بديـوان عــام الــهيئة.
-------------

