الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------
خطبة الجمعة الثالثة من شهر جمادى الأول 1445هـ
العنوان: ( (عظمة الشهادة وعطاء الشهداء الأحياء))
التاريخ:1445/5/18ه
الموافق:1/ 12/ 2023م
الرقم : ( 20)
➖➖➖➖➖➖➖➖
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
🎙️أولاً: نقاط الجمعة
1️⃣-الشهادة فوزعظيم تؤهل الإنسان لمرافقة الأنبياء(فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم..) وبفضلها حصلت المتغيرات والتحولات لبلدنا طيلةتسع سنوات من العدوان الأمريكي علينا
2️⃣-الشهداء برهنوا على صدق الإيمان والتولي والوعي ولولا تضحياتهم لما وقفنا المواقف المشرفةتجاه القضية الفلسطينية ولهيمنت علينا أمريكا وأدواتها لتذيقنا الذل والهوان
3️⃣-ثقافةالشهادة تقاوم حالةاليأس التي يعمل الأعداءعلى فرضها علينا والشهداء وثقوا بنصر الله وطلبوا العزة من الله بينما المنافقون طلبوها من أمريكا فأذلهم الله
4️⃣-من أهداف الإحياء الواعي لذكرى الشهيد: الاستفادة الحقيقية والعملية من مواقفهم واستلهام كل معاني الثبات وتعزيز عوامل الصمود، والتذكير بالمسؤولية تجاه أسرهم
5️⃣-تشابه مظلومية شعبنا اليمني بمظلومية الفلسطينيين؛ لأن عدونا واحد، وشهداء اليمن وفلسطين هم شهداء القضية الواحدة والعادلة نحو تحرير الأقصى بإذن الله
6️⃣-من المهم التفاعل مع أنشطةالذكرى السنوية للشهيد وزيارةروضات الشهداء ومعارض صورهم وكذا الالتحاق بدورات التعبئةالثقافية والعسكرية.
🎙️ ثانياً: نص الخطة
الخطبة الأولى
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمد لله رب العالمين، القائل: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ}، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائل: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
وأشهد أنّ سيدنا وأسوتنا محمدًا عبد الله ورسوله القائل: (مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَيُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ إلاّ الشَّهِيدُ فَإنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ فَيُقْتَلُ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ الكَرَامَةِ)، وصلوات الله وسلامه على سيدنا رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين الشهداء المظلومين الذين قضوا نحبهم في سبيل الله نصرةً لدين الله وإعلاءً لكلمة الله، ورضوان الله عن الصحابة الأخيار والتابعين الأبرار ما تعاقب الليل والنهار.
أما بعـد/ أيها المؤمنون:
يقول الله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}.
عباد الله:
إنّ للشهادة في سبيل الله عظمة لا تصل إليها عظمة، ومنزلة رفيعة لا تدانيها منزلة عند الله سبحانه وفي قلوب المؤمنين الذين يحبون أن يلحقوا بركب الأنبياء والصديقين، وهي بالنسبة للمؤمنين المجاهدين في سبيل الله الوسيلةُ التي يمكن أن تؤهلهم لمرافقة صفوة عباد الله والفوز بالفضل الإلهي العظيم الذي قال الله عنه: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا . ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا).
وكما قال الإمام عليه كرم الله وجهه: (إِنَّ الْمَوْتَ طَالِبٌ حَثِيثٌ لَا يَفُوتُهُ الْمُقِيمُ وَلَا يُعْجِزُهُ الْهَارِبُ، وإِنَّ أَكْرَمَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ، وَالَّذِي نَفْسُ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ بِيَدِهِ لَأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّيْفِ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ مِيتَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ)، وقد قال عندما ضربه الشقي اللعين بن ملجم ضربته الغادرة وهو في المحراب: (فزت ورب الكعبة)، ومن عظمة الشهادة أنها ترتقي بالمؤمنين إلى مرتبة الفوز العظيم والحياة الأبدية، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ). وهناك الكثير من الدلائل والشواهد على قيمة الشهادة والتضحية في سبيل الله وعظمة التجارة مع الله والبيع منه، ومن أهم الدلائل على قيمة الشهادة في سبيل الله تعالى هي تلك المتغيرات والتحولات التي هيأها الله، وتحققت طيلة تسع سنوات من العدوان الأمريكي على بلدنا منذ أن أُعلن من واشنطن.
أيها المؤمنون:
إنّ كل عام من أعوام الصمود والتضحية وتقديم القرابين الطاهرة من الشهداء العظماء والأحرار الأوفياء: حصلت فيه متغيرات لصالح القضية التي حركت الشهداء، ودفعتهم إلى ميادين الصبر والمصابرة والمرابطة، ومتارس وخنادق الثبات والعزة والرجولة التي برهنوا فيها على صدق الإيمان والتولي، وبرهنوا على مستوى الوعي تجاه العدو وما يمثله من خطر وجودي وشر حقيقي وفساد كبير، ولولا تضحيات الشهداء وتوكلهم على الله وتجارتهم مع الله وجهادهم لأعداء الله من الخونة والمنافقين؛ لذاق الناس مرارة الهزيمة والخزي، وتجرعوا كؤوس الذلة والهوان، وتسلط عليهم الأنذال، وحكمهم الأشرار بالحديد والنار، ولعادت أمريكا وأدواتها للهيمنة المطلقة على يمن الإيمان برًا وبحرًا وجوًا، ولكن هيهات لها ذلك بعد كل هذه التضحيات المباركة والقرابين الطاهرة من رجال الرجال الذين قاتلوا ودافعوا عن الشعب اليمني المستضعف والمستهدف من قبل أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا، ولولا ثقافة الشهادة وعطاء الشهداء الأحياء لما تم إفشال كل تلك المخططات، وإسقاط كل المؤامرات، وإجهاض مشاريع التقسيم، ودحر المحتلين والغزاة وأدواتهم. ولولا أولـٰئك الشهداء لما وقفنا هذه المواقف مع إخواننا في فلسطين، ولما تحولت الصرخة إلىٰ صواريخ تذيق أمريكا وإسرائيل الموت الحقيقي حتىٰ استطاع المجاهدون في القوات البحرية من احتجاز سفن اليهود وقطع طريق الإمداد البحري علىٰ الصهاينة.
عباد الله:
إنّ ثقافة الشهادة هي القوة المعنوية والزاد الجهادي والعتاد الروحي الذي قاوم حالة اليأس والاستسلام التي يسعى الأعداء لفرضها وإقناع الشعوب المستضعفة بها، ولذلك نحن اليوم والحمد لله في ظل الثقافة والمسيرة القرآنية نُحيي في ذكرى الشهيد كل عوامل الثبات، وكل عوامل الصمود، وكل العوامل التي تمدنا بالأمل في مواجهة اليأس، وبالقوة في مواجهة الضعف، وبالعزة في مواجهة المذلة.
وكل عام مرّ من سنوات الصمود في وجه العدوان الأمريكي يشهد على أن ثقافة الشهادة هي السلاح الإيماني، والخيار الواعي، والمسار التربوي الذي يجب أن يتحرك فيها المستضعفون، وأن يتربى عليه المظلومون إذا أرادوا أن يقهروا المستكبرين، ويتخلصوا من الطغاة والظالمين، ويخلعوا عار الذلة والهوان، وينعموا بالعدل والرعاية والكرامة والعزة قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.
أيها الأكارم المؤمنون:
إنّ الذكرى السنوية للشهيد هي ذكرى مهمة، وإحياؤها لا بد أن يكون إحياءً واعيًا وصادقًا، والتفاعل معها يجب أن يكون تفاعلًا جادًا؛ لأن هذه الذكرى المباركة مرتبطة بالشهداء العظماء الأحياء عند الله، والأحياء في قلوب الأوفياء والصادقين الثابتين على الدرب الإيماني الجهادي الذي ثبت عليه الرجال الصادقون مع الله تعالى، وإنّ هذه الذكرىٰ تعتبر مدرسة نتعلم منها الكثير من الدروس والعبر التي من أهمها: الاستمرار في حمل روحية الجهاد والاستشهاد، والثبات علىٰ مبدأ الشهداء، والاستمرار في خطهم حتىٰ تحقيق كل أهدافهم والتي من ضمنها: الموت والزوال لأمريكا وإسرائيل، وحتىٰ يتحقق النصر للإسلام. والإحياء للذكرى السنوية للشهيد ليس إحياءً بلا أهداف، وليس إحياءً ترفيًا أو شكليًا للاستهلاك الإعلامي، بل هو إحياء يقوم على الأهداف الإيمانية والمقاصد النبيلة والغايات العظيمة، ومن أهمها:
التعظيم والتبجيل والتقديس لأسمى وأصدق وأشرف عطاء وتضحية وهو عطاء الشهداء الأحياء الذي قدموه في سبيل الله، قال تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).
ومن أهم أهداف الإحياء لذكرى الشهيد السنوية: أن نستفيد جميعًا الاستفادة الحقيقية والعملية من كل تلك المواقف الخالدة لرجال الرجال
.ولنا أن نقف هنا مع نموذج الصدق والوفاء نموذج ثبات الموقف في أصعب ظرف مر به آنذاك إنه الشهيد البطل الشجاع عبدالقوي الجبري الذي حاول الأعداء بكل أنواع التعذيب أن يقدم تنازلاً عن مبادئه وقيمه وأن يتراجع عن موقفه وأن يسب قائده العلم السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله) فكان قوياً ثابتاً وصابراً وقد عمل العدو به أبشع أنواع التعذيب لدرجة أنهم دفنوه في التراب حياً فلقي الله كريماً وبقي في الأحياء وعند الله وكما هو أسرته الكريمة والوفية والصابرة حين تمثلت أمه في تلك القوة عندما اتصلوا بها المرتزقة أنهم قد قتلوه فأجابتهم بما يغيظهم حين قالت نحن قد بعناه من الله وأضافت أيضاً ( كلوه )
وهذا نموذجاً واحد.
وقد تميز زين الشهداء عليه السلام بثبات المبدأ وقوة الموقف وصلب العقيدة وعدم السكوت على الباطل وإلغاء الإستسلام من قاموس الحياة من أجل الخلود والحضور ومنح العبر والدروس وشرح معاني التضحيه وقيمها وثمارها.
فسلام الله على زين المجاهدين في الميدان وزين الشهداء في التضحيه ورمز الوفاء والولاء في المبدأ والموقف والإرادة والإيمان
وسيبقى الشهيد عبد القوي الجبري وكل الشهداء في قلوب أبناء شعبنا اليمني أحياء نحيا بهم وبمواقفهم الخالدة وليعلم الجميع أن وراء كل شهيد حكاية الذين سطّروا مواقف الإباء، وسجلوا بطولاتٍ أذهلت العالم وأغاظت المنافقين وقضَّت مضاجع المستكبرين، وتلك الموقف الإيمانية التي انهزمت وانكسرت أمامها زحوفاتُ الأعداء، وتلاشت أمام أرادة الشهداء العظماء كلُ تلك الترسانة العسكرية التي تحولت إلى خردة بفضل الله وببركة ثقافة الشهادة التي صنعتها الثقافة القرآنية المباركة التي لا تقبل الهزيمة والضعف والوهن والاستكانة قال تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ). ومن خلال الإحياء الواعي والصادق لهذه المناسبة الغالية والعظيمة يمكن استلهام كل معاني العزة والكرامة والرجولة، وكل ما يساعد الإنسان على تعزيز عوامل الصمود والثبات في مواجهة التحديات والتهديدات والأعداء الظالمين المستكبرين، وكما قال الإمام الحسين: (ليرغب المؤمن في لقاء الله؛ فإنّي لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظّالمين إلا برماً) أي: سآمة وضجرا. وإنّ من أهم أهداف الإحياء للذكرى السنوية للشهيد هو: التذكير بمسؤولية الجميع تجاه أسر الشهداء، تلك الأسر الكريمة الصابرة المحتسبة التي قدمت فلذات أكبادها ورجالها العظماء قرابين رخيصة في سبيل الله وفي سبيل عزة وكرامة وحرية وسيادة واستقلال الشعب اليمني وتحرير أرضه الطيبة وتطهيرها من الاحتلال والمحتلين والمرتزقة والمنافقين؛ فمن حق أسر الشهداء المضحية أن نقابل إحسانهم بالإحسان، وكرمهم بالكرم، وأن نحفظ وصايا شهداءها ونحولها إلى مسؤوليات عملية، وأن نكون أوفياء معهم ومحسنين إليهم كما قال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}.
قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم وللمؤمنين والمؤمنات فاستغفروه وتوبوا إليه أنه هو الغفار التواب الرحيم.
................ ......... ..........
🎙️الخطبة الثانية
(شهداء اليمن وفلسطين: القضية والمظلومية)
.....................................................
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وأسوتنا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله الأطهار، ورضي الله عن أصحابه الأخيار.
أما بعد/ أيها المؤمنون:
إنّ التوقفَ عند ذكرى الشهيد السنوية هو توقفٌ عند ذكرى رجالٍ صدقوا مع الله، وتوكلوا على الله، ووثقوا بنصر الله، وأحبوا لقاء الله، وانتصروا بالله، وطلبوا العزة من عند الله سبحانه وتعالى.
أما المنافقون والخونة فقد طلبوا العزة من عند غير الله فأذلهم الله وأخزاهم، وجعل دائرة السوء تدور عليهم، وهم إلى الندامة والهزيمة والخسران أقرب من أي وقت مضى قال تعالى: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ). والشهداء العظماء من أبناء اليمن وقفوا وقفة الحق والشموخ في وجه قوى الطاغوت وتحالف النفاق والكفر العالمي، ودول التحالف الإجرامية التي تعتدي على أهل الإيمان والحكمة وتحاصرهم هي ذاتها التي تتآمر على القضية المركزية للأمة الإسلامية، وهي التي تتآمر على الشعب الفلسطيني وعلى القدس الشريف؛ فالقضية والمظلومية واحدة ومشتركة بين أبناء اليمن وفلسطين، والعدو هو العدو ذاته، وها هي المعركة التي بدأها شهداؤنا مع قرن الشيطان قد وصلت إلىٰ المواجهة مع الشيطان نفسه من الأمريكان والصهاينة حتىٰ أسقطنا طائرات الأمريكيين واحتجرنا سفن العدو الإسرائيلي.
أيها المؤمنون:
إننا اليوم حينما نستذكر الشهداء الأحياء والرجال العظماء إنما نستذكر القضية العادلة، والمظلومية الكبيرة لشهداء الحق في فلسطين واليمن؛ لأن شهداء اليمن كما حملوا قضية ومظلومية الشعب اليمني فقد حملوا قضية ومظلومية الشعب الفلسطيني من منطلق الأخوة الإيمانية الجامعة التي جمعت أحرار المقاومة على نصرة قضايا الأمة ومقارعة الاستكبار العالمي؛ فشهداؤنا العظماء هم شهداء القضية العادلة والموقف المشروع والهدف المقدس، وهم شهداء الأمة كل الأمة؛ لأن إيمانهم الصادق وثقافتهم القرآنية جعلتهم يحملون هَمَّ الأمة كل الأمة، ويتحركون بوعي ومسؤولية تجاه
قضايا الأمة المصيرية، وأمام دول الاستكبار التي أفشلوا مخططاتها، وأسقطوا رهاناتها، وهزموا أدواتها، ونكلوا بعملائها، وقدموا الشاهد على قوة سلاح الإيمان والثقة بالله والاستعانة به؛ فهم شهداء القدس، وهم شهداء القرآن، وهم شهداء الإسلام، وهم شهداء الأمة.
عباد الله:
إنّ العمليات الإيمانية البطولية والمواقف الجهادية العظيمة التي قام بها شباب فلسطين في الأيام الماضية هي عمليات فدائية مباركة، وهي تُعبر عن عمق الإيمان وعشق الشهادة في سبيل الله من أجل القضية والمظلومية العادلة، وقد انتصر المجاهدون في غزة، وقبول اليهود بالهدنة هو اعترافٌ ضمني بالهزيمة، وتنازلٌ عن لغة الغطرسة التي هددوا فيها بسحق حماس، وتراجعٌ عن أهدافهم التي فشلوا في تحقيقها.
وفي الختام:
نبارك ونؤيد العمليات الجهادية المباركة والموفقة لسلاح الجو المسير التي تستهدف الصهاينة، كما نبارك عمليات القوات البحرية التي أغلقت البحر أمام اليهود نصرة لإخواننا في غزة وفلسطين.
ونؤكد على أن ضربات سلاح الجو المسير والقوة الصاروخية هي ضربات مشروعة دينًا، ومكفولة قانونًا، ومباركة شعبيًا؛ لأنها ضرباتٌ للدفاع عن جزءٍ من أمتنا، وعن أُولى القبلتين وثالث الحرمين، ومسرىٰ رسولنا محمد صلوات الله عليه وآله.
كما أنه من المهم في هذه الأيام أن نتفاعل مع أنشطة الذكرى السنوية للشهيد، وأن نزور روضات الشهداء، ومعارض صور الشهداء، مع الاهتمام بأسر الشهداء وأيتامهم. وأيضاً لا بد منا جميعًا أن نشارك في الفعاليات والوقفات والمسيرات الداعمة لفلسطين، ومقاطعة المنتجات الأمريكية والإسرائيلية، وأن نستمر في الإنفاق، وكذا الالتحاق بدورات التعبئة والتحشيد حتى نوصل رسالةً للأعداء أننا أمةٌ تستعد لمواجهتهم.
هذا وأكثروا من ذكر الله ومن الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الطاهرين، اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد بن عبد الله، وعلى أهل بيته الطاهرين لا سيما من شملهم الكساء (علي وفاطمة والحسن والحسين) وعلى كافة الأنبياء والمرسلين، وملائكة الله أجمعين، ورضي الله عن الصحابة الأخيار المنتجبين.
اللهم انصر المجاهدين وثبت أقدامهم وسدد رميهم واغفر ذنوبهم وأصلح أعمالهم ودبر أمورهم.
اللهم عليك بآل سعود ومن ساعدهم، وعليك بأمريكا وإسرائيل ومن تحالف معهم، اللهم شتت شملهم، وفرّق جمعهم، واهزم جندهم، واجعل كيدهم في نحورهم يا رب العالمين.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين وللمؤمنات الأحياء منهم والأموات، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
عباد الله:
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.
➖➖➖➖➖ ➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
بديـوان عــام الــوزارة.
-----------