مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
خطبة الجمعة الثانية من شهر رمضان المبارك ١٤٤٦هـ

العنوان: (وأوسطه مغفرة وغزوة بدر وفتح مكة)
التاريخ: ١٤٤٦/٩/١٤هـ ٢٠٢٥/٣/١٤م
الرقم:(٣٦)

➖➖➖➖➖➖➖
🔹أولاً: نقاط الجمعة 
نقاط الجمعة
1️⃣-نحن في منتصف شهر رمضان وأيام المغفرة وسينقضي ما تبقى منه فهنيئا لمن استغله وأسفاه على من ضيعه وسيغفرالله لمن تاب التوبة النصوح. 
2️⃣-شهر رمضان هو محطة للإقلاع عن الذنوب والتوبة والاستغفار منها وما كان له علاقة بحقوق الآخرين لابد من إعادتها لأصحابها لكي يتقبل الله توبتنا. 
3️⃣-في مثل هذا الشهر حدثان عظيمان غيرا تاريخ الرسالة الإلهية هما غزوة بدر وفتح مكة لندرك أن رمضان هو شهر الجهاد والفتوحات. 
4️⃣-نستفيد من غزوة بدر وفتح مكة أن الخيار الصحيح في مواجهة الأعداء هو بالجهاد في سبيل الله ولا خيار ينفع الأمة غير ذلك فانكسرت شوكة قريش في يوم بدر وانتهى شرها في فتح مكة بالجهاد في سبيل الله. 
5️⃣-كشفت الأحداث في سوريا توحش الجماعات التكفيرية المسلحة في استباحتها للمواطنين العزل وذلها في مواجهة إسرائيل وأمريكا ولايجوز السكوت عن ذلك
6️⃣-أدركنا كم هو الفرق بين قيادتنا التي أمهلت الصهاينة أربعة أيام لتنصلهم عن الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في فلسطين وبين القادة العرب الذين اجتمعوا في القمة الطارئة ليثبتوا ضعفهم أمام الأعداء فاعتبروا يا أولي الأبصار.
➖➖➖➖➖➖➖
🔹ثانياً: خطبة الجمعة
الخطبة الأولى 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الحكيم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القوي العزيز والغالب على أمره، والقاهر فوق عباده، والفعال لما يريد، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون) َ، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن أصحابه الأخيار المنتجبين.
أما بعد أيها المؤمنون
ها نحن في منتصف شهر رمضان المبارك، وسيبدأ بعد ذلك العد التنازلي لهذا الشهر المبارك الذي هو ضيف قليل البقاء وسريع الرحيل، فهنيئاً لمن أقبل على الله في هذه الأيام والليالي المباركة، وهنيئاً لمن استثمر هذه الساعات في الطاعات والقربات، ويا أسفاه على من أعرض ولهى وغفل وسها في هذا الشهر الكريم؛ فرمضان أشبه ما يكون بصورة مصغرة عن عمر الإنسان وحياته؛ فمن اغتنم رمضان فسيتمكن من اغتنام بقية أيامه، ومن فرط في رمضان فهو يعمل على تضييع عمره، ونحن هذه الأيام في أوسط أيام المغفرة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (وأوسطه مغفرة) ؛ فكيف نحصل على غفران الذنوب؟ وكيف يمكن أن نتعرض للتوبة من الله سبحانه وتعالى؟
عباد الله:
إن شهر رمضان ليس كدرجة الطقس وحالة الجو التي تدخل على كل الناس من يريد ومن لا يريد، حيث يدخل الشتاء ويدخل الصيف على الجميع بدون استثناء، أما رمضان فحينما يكون أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره إجابة وعتق من النار فإنّ ذلك لا يحصل للجميع، وإنما لمن بذل الأسباب، ولمن استفاد من بركات هذا الشهر الكريم، ولمن تعرض لنفحات الله في هذه الليالي المباركة؛ فالمغفرة في وسط رمضان هي لمن تاب وأناب واستغفر كما قال سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ، وكما قال سبحانه: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمُ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ الله يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَّحِيماً} ، وكما قال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيما ً} وكما قال سبحانه: {وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} ، فالمغفرة تكون للتائبين المستغفرين كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُون} َ ؛ فإذا أردنا أن يكون أوسطه لنا مغفرة؛ فعلينا أن نتوب ونستغفر إلى الله سبحانه وتعالى.

أيها المؤمنون:
إن هذه الأيام محطة هامة لتخفيف ظهورنا من الذنوب ووضع الأثقال من على كواهلنا، وإذا لم نحطها في هذه الأيام فمتى سنحطها؟ فعلينا أن نبادر بالتوبة النصوح كما قال سبحانه: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} ، ولا بد إذا أردنا المغفرة من الله، أن نرجع إلى الله، وأن نندم على التفريط في جنب الله، وأن نقلع عن الذنوب، وأن نتضرع إلى الله بصدق؛ ليغفر ذنوبنا ويتوب علينا، وأن تقبل على الطاعات وتقلع عن المحرمات، وأن نغتنم هذه الأيام والليالي، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) ، ومن أسباب المغفرة: الجهاد في سبيل الله، قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ . تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُم} وقد قال صلى الله عليه وآله: (الرباط يوم في سبيل الله خير من عبادة ستين سنة تصوم نهارك لا تفطر وتقوم ليلك لا تفتر).

كما يجب علينا إن أردنا من الله المغفرة: أن نرد الحقوق إلى أهلها فالله سبحانه أسمح الغرماء فيما بيننا وبينه، أما حق المخلوق والحق العام فالتوبة منها أن نردها، وأن نخلص ذمتنا منها كما قال سبحانه: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} فالتائب الصادق الذي يريد من الله قبول توبته هو من يحاسب نفسه، وينصف الناس من نفسه، ويرجع الحقوق لأهلها، ويعطي الأرحام حقوقهن من المواريث كما قال سبحانه:{ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} ، ويحسن إلى والديه كما قال سبحانه: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} ، ويصل رحمه فإن الرحم معلقة بالعرش وتقول: اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني)، ويصلح ذات البين كما قال سبحانه:{ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} ، وكما قال صلى الله عليه وآله وسلم:( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) ويخرج زكاته طيبة بها نفسه كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} ، ويتجنب الحرام خوفاً من عذاب الله كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: (أيما جسد نبت من السحت فالنار أولى به،) وكما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرا} ً .
أيها المؤمنون:
حدث في صدر الإسلام في مثل هذه الأيام من هذا الشهر حدثان عظيمان غيرا وجه الحياة، وهما: غزوة بدر الكبرى وفتح مكة، وهذه الأحداث المفصلية في التاريخ أحدثت تغييراً كبيراً في الواقع، وأرسى الله بها قواعد الحق والعدل والإسلام، وغزوة بدر سماها الله في القرآن بيوم الفرقان؛ ليدل بذلك على أهمية ما حدث، وعن تأثيرها الكبير جداً؛ حيث كانت معركة فارقة في تاريخ الأمة الإسلامية والتاريخ البشري، وقد كانت في شهر رمضان؛ ليدل ذلك على أن رمضان هو شهر الجهاد وشهر الفتوحات وشهر التغيير وشهر الانتصارات، وعلى الرغم من أن البعض وقتها كان كارهاً للمعركة إلا أن الخير كل الخير كان فيها كما قال سبحانه: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ . يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ} ، والنظرة للجهاد بكراهة هي نظرة مغلوطة ونظرة خاطئة سعى القرآن الكريم إلى تصحيحها في عقيدة المؤمن لكي يرى الجهاد كما صوره الله، وليس كما يتصوره الإنسان بنظرته القاصرة فقال سبحانه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} .
أيها الأكارم المؤمنون
لقد خرج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لاعتراض قافلة قريش التي كان يقودها أبو سفيان، حيث كان راجعاً بها من الشام وهي محملة بالأموال والبضائع، لكن الله سبحانه كان يريد أمراً آخر وهو أن يحقق المسلمون نصراً عسكرياً فائدته أعظم من السيطرة على القافلة، وأكثر أثراً من إلحاق الضرر الاقتصادي بقريش، قال سبحانه: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} ، ولذلك فإنّ غزوة بدر تحمل الكثير من الدروس والعبر التي من

أهمها أن النصر بيد الله:{ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ} ، ولذلك انتصر المسلمون وهم قليل على الكثير من الكفار : {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ، ونحن نحتاج إلى هذا الدرس اليوم ونحن نواجه قوى الطاغوت لنثق بأن مقاليد الأمور هي بيد الله، وأن الذي يصنع المتغيرات هو الله، وأن العاقبة للمتقين، وأن النصر بيد الله سبحانه كما قال جل جلاله: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيم} ِ ؛ ولذلك يحدث كما ذكره الله: {كم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِين} َ .

كما أن من الدروس الهامة في غزوة بدر وفتح مكة هو : أهمية الجهاد والتحرك في سبيل الله؛ فالأعداء هم عدوانيون، ولا ينفع معهم أي أسلوب إلا أن نجاهدهم، ونستعين بالله عليهم، ونقف ضد مؤامراتهم، وقد أثبتت كل الخيارات فشلها؛ فلم ينفع مع قريش آنذاك أخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو من قال الله عنه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ، ولا رحمته وهو من قال الله فيه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين} َ ، ولا حرصه على هدايتهم حتى قال الله له: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} ، ولكن الذي أوقف شرهم وأبطل مؤامراتهم هو الجهاد في سبيل الله؛ فانكسرت شوكة قريش في يوم بدر وانتهى شرها في فتح مكة ولو لم يجاهد الرسول والذين آمنوا معه؛ لكان الإسلام قد تلاشى وانتهى، ولكان الباطل قد استحكم واستولى، ولذلك قال الله لرسوله صلى الله عليه وآله: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرْضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً}} ، وقال: {{لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ولي المؤمنين وناصر المستضعفين ومذل المستكبرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين.
أما بعد أيها المؤمنون
ما أحوجنا اليوم إلى أن نستلهم الدروس والعبر من سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومن غزوة بدر وفتح مكة، وقد أطل الكفر برأسه وعاد بعجرفته ووحشيته، وأن نحيي في واقعنا جهاد الرسول وصبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حتى نحقق الانتصارات الكبيرة على الأعداء؛ وقد سمعنا المجرم النتن يقول أنه سيغير خارطة الشرق الأوسط، وما هو الشرق الأوسط ؟ إنها بلاد العرب والمسلمين، وسيسعى إلى احتلالها وتقسيمها ونهب ثرواتها بمساعدة ودعم أمريكا التي كان البعض خلال الفترة الماضية يفرق بينها وبين إسرائيل فإذا بهما وجهان للصهيونية العالمية، ويتبادلان الأدوار لنهب ثروات المسلمين واحتلال أرضهم، وقد جرّب العرب خلال كل السنوات الماضية كل الخيارات؛ فلم ينفع مع أمريكا وإسرائيل خيار السلام؛ لأنهم يريدون منا الاستسلام، وهم عدوانيون كما قال سبحانه: وَتَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، وكما قال سبحانه: {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلاَ ذِمَّة} ً ، وقال: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَة} ً ، وكما قال تعالى:
{كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُون} َ ؛ فلا يمكن أن ينفع مع من هذه صفتهم ونفسيتهم أي حوار ولا مفاوضات ولا سلام ولا تنازلات ولا تطبيع، وإنما الخيار الذي ينفع معهم هو الخيار الذي اختاره الله سبحانه لنا وهو خير الحاكمين، وهو الخيار الحكيم كما قال سبحانه: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِين} َ ، وإذا رفضنا هذا الخيار فإن حالنا سيكون عذاباً في الدنيا والآخرة، قال سبحانه: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} ، وقال: {إِلا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ،} وعندما نتحرك في هذا الخيار الإلهي فإنّ الله معنا، وسيمدنا بعونه ونصره وتأييده وسكينته، وسيمدنا بجنده وملائكته وتوفيقه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ

أَقْدَامَكُمْ} أَمَا الخيارات الأخرى فقد أثبتت فشلها، فلا الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن ولا منظمات حقوق الإنسان يمكن أن تدفع عنا شيئاً، فها هي إسرائيل تتوغل في سوريا، وتنتهك اتفاق وقف إطلاق النار في فلسطين، ولا أحد ينكر عليها بل يدعمها الغرب سراً وجهراً، وقد ظهرت حقائق الكل فها هي من كانت تسمى بهيئة تحرير الشام تحولت إلى هيئة تسليم الشام، ولمن ؟ لليهود، وأصبحت قواتها فقط لقتل الأبرياء العزل من أبناء الشعب السوري بصورة إجرامية، وتقوم بتصوير ونشر ذلك لكي تشوه صورة الإسلام وتشوه مفهوم الجهاد وهما منهم براء، وذلك يؤكد أن تلك الجماعات صناعة أمريكية صهيونية يهودية،

ولا أحد يستنكر تلك الجرائم أو يدينها في الوقت الذي لم تطلق تلك الجماعات الإرهابية رصاصة واحدة ضد المحتل الإسرائيلي وقد توغل في ثلاث محافظات سورية.
وها هو المهرج ترامب يتحرك كالكلب المسعور فيعادي الصديق والعدو والقريب والبعيد، ويحاول أن يستعيد هيبة أمريكا، ولكن في الوقت الضائع، فقد سقطت على رمال غزة وسقطت في البحر الأحمر وسقطت على أكثر من جبهة، وبات نجم أمريكا يتجه نحو الأفول: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ، وما تصنيف أمريكا لشعبنا على لائحة الإرهاب إلا تصرف سخيف ومعاقبة لشعبنا على موقفه من غزة، ولا يمكن أن يؤثر ذلك على موقفنا الديني والإنساني والأخلاقي، وقد سمعنا إشادة الناطق الرسمي باسم كتاب القسام المجاهد أبو عبيدة وهو يشيد بموقف قيادتنا وشعبنا وجيشنا، وكم هو الفرق بين موقف قيادتنا المؤمنة الشجاعة التي قالت بأن عملياتنا العسكرية ستعود إلى التصعيد إن عاد العدو إلى التصعيد، وأعطت مهلة للوسطاء والصهاينة لمدة أربعة أيام لرفع الحصار عن غزة وإلا عادت اليمن لفرض الحصار على الصهاينة، وقد هرعت أمريكا للتفاوض مع حماس مباشرة وتراجعت عما هددت به سابقا من أنها ستحول غزة إلى جحيم عند ظهر السبت بعد تهديد قيادتنا آنذاك، فكم هو الفرق بين ذلك وبين موقف قيادة العرب في قمتهم الهزيلة والضعيفة التي يسعون فيها لاسترضاء ترامب وتسليم غزة إلى حكومة السلطة الفلسطينية العميلة للصهاينة؟ ولكنهم سيفشلون بإذن الله سبحانه.
وبيان وقفتنا الاحتجاجية بعد صلاة الجمعة - التي نؤكد على أهمية المشاركة فيها - هو أقوى بكثير من بيان تلك القمة التي تعكس ضعف أولئك القادة العملاء الذين سيأتي الدور عليهم وحينها سيندمون، وقد سمعنا المهرج ترامب وهو يقول بأنه سيزور السعودية بعد أن وعدت بدفع ترليون دولار الأمريكا كجزية لهم وسرقة لأموال الأمة، في حين تحتاج غزة إلى القليل من مليارات الدولارات لإعادة الإعمار وكذلك لبنان لكن أموال المسلمين في بلاد الحرمين تذهب لدعم أمريكا التي شاركت في العدوان على غزة ولا زالت ولعلكم تتذكرون كيف استقبلت قواتنا الصاروخية ترامب عندما زار السعودية بصاروخ قبل هبوط طائرته في الرياض، وستستقبله كذلك بالصواريخ إن نقضوا اتفاق وقف إطلاق النار واعتدوا على بلدنا، وكم هو الفرق بين قيادة تستقبله بالقصف والصواريخ له ولطائراته وحاملات طائراته وبين قيادة المملكة التي تدفع له مئات المليارات من الدولارات؟ {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} .
هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله، والصلاة على نبينا محمد وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائل عليم:{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلَّمُوا تَسْلِيماً} ، اللهم صل وسلم على سيدنا أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وعلى أخيه ووصيه وباب مدينة علمه ليث الله الغالب، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وعلى زوجته الحوراء، سيدة النساء في الدنيا والأخرى فاطمة البتول الزهراء، وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارض اللهم برضاك عن صحابة نبيك الأخيار، من المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنك وفضلك يا أرحم الراحمين
اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن النار النجا، اللهم احفظ وانصر علم الجهاد واقمع بأيدينا أهل الشرك والعدوان والفساد، وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، ومن تأمر معهم وحالفهم وعاونهم، وانصر المجاهدين في غزة ولبنان واليمن، وانصر مجاهدينا وثبت أقدامهم وسدد رمياتهم يا قوي يا متين يا رب العالمين.

اللهم واغفر لنا ولوالدينا ولمن لهم حق علينا واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، واجعلنا يا الله يا كريم في هذا الشهر الكريم من عتقائك وطلقائك ونقذائك من النار يا أرحم الراحمين.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ .
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} .
➖➖➖➖➖➖➖
📝 صادر عن الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
 بديوان عام الوزارة. 
----------------


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر