{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (المائدة: 55) في كثير من المواضع يأتي بالكلام عن الصلاة والزكاة وكأنهما نموذج للمجالين الرئيسين في العبادة ـ مثلما يقولون ـ عبادة روحية، وعبادة بدنية مالية. هذه الآية المشهور فيها أنها نزلت في الإمام علي (صلوات الله عليه) عندما تصدق بخاتمه وهو راكع، ومثلما قلنا في درس سابق: أن هذا فعلا يعطي مؤشراً هاماً جداً، الإمام علي عندما دخل فقير يسأل ولم يعطه أحد أشر إليه بخاتمه ليأخذه.
إذاً قضية الخاتم أليست تبدو قضية بسيطة؟ لكن ماذا تدل عليه؟ تدل على نفسية ثانية، نفسية تهتم بالناس، أليس هذا مؤشرا كبيرا؟ نفسية رحيمة، ونفسية تهتم بالناس، وليس يهتم كيف يأخذ حق الناس، يهتم بالناس، فأعطاه الخاتم، معناه: أن الأمة إذا لم تكن على هذا النحو: تتولى الله ورسوله وتتولى الذين آمنوا ستنهار، وفعلا قد تصبح فيما بين واحد من اثنين: إما أن تكون متولية لليهود والنصارى، أو متولية للذين آمنوا، فعلاً أن المسألة تصل إلى هذا أعني: لا تلحظ في كثير مما يقدم في القرآن في أجواء تبدو وكأنها أجواء مقارنة إلا ومعنى هذا أنه إذا ما حصل تقصير هنا سيكون الطرف الآخر هو البديل، إذا حصل تقصير في تولينا لله ورسوله والذين آمنوا سيكون اليهود والنصارى هم البديل ، أليس هذا واقع الآن ؟ واقع.
هذه الآية هي نزلت في الإمام علي فعلاً، وقلنا في درس سابق: بأن الآية هي نفسها تشهد، وتدل على أنها نزلت في قضية خاصة، بداية نزولها قوله: {يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} لا يمكن أن نفسر راكعون بمعنى: مصلون، إذ كيف يمكن يقيمون الصلاة وهم مصلون، ويؤتون الزكاة وهم مصلون، هذا لا يصح في التعبير العادي فضلا عن القرآن الذي أحكمت آياته، ولم يأت فيما نعرف كلمة: راكعون بمعنى: خاضعون، يأتي بكلمة: ساجد ، ساجدين، أو قانتين، هذا الذي نعرفه من خلال القرآن، فالآية نفسها هي فعلا تدل على أنها نزلت في قضية، في واقعة خاصة، لشخص خاص، في بداية نزولها، وما تزال، ولنعرف مثلا لماذا أنه تأتي مثل هذه الآية في سياق الحديث عن بني إسرائيل، ويظهر من خلال الواقع: أن الأمة بحاجة إلى تولي الله ورسوله، وتولي المؤمنين في المقدمة الإمام علي من بعد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) .
أن هذه القضية لا بد منها حتى تهتدي بالقرآن، وحتى تكون بعيدة جدا عن أي محاولة قد تكون بها قريبة من تولي اليهود والنصارى، وحتى تكون بشكل أخير على مستوى عالي، تعتبر حزب الله، وحزب الله كما قال :{هُمُ الْغَالِبُونَ} كما قال بعد في آخر الآية أنهم هم الغالبون؛ لأن الإمام علياً ، وهذا هو منطق الإمام الهادي هو يعتقد أن ولاية الإمام علي هي قضية واجبة على المسلمين، قد تكون القضية مختصة بالإمام علي أساساً، قد يكون بعده أئمة متأخرين قد لا تكون تعرفهم، قد لا تكون مسئولاً أمام الله بأنك لماذا لم تعرفهم، وتتولاهم بالتحديد، الإنسان يتولى المؤمنين بشكل عام ، بشكل عام يتولى أولياء الله، ويدين الله بولايته لأوليائه، وحبه لأوليائه، لكن الإمام علياً هنا يشكل ضمانة، ويشكل نموذجاً يقدم، قدم كنموذج لكيف يجب أن تكون ولاية الأمة من بعد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) إلى نهاية التاريخ .
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
[الدرس الثالث والعشرون – من دروس رمضان]
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 23 رمضان 1424هـ
الموافق: 17/11/2003م
اليمن – صعدة.