عندما نعود ونقرأ القرآن في قصة [أحد] نأخذ منها عبراً؛ لأن الله خلدها، وعندما خلد هذه القصة؛ لأن الأمة بحاجة إليها في كل مراحل حياتها، والقرآن ليس كتاباً تاريخياً، أو كتاب قصص، يخلد القضية؛ لأنها مُهمة، وموطن العبرة فيها هي المخالفة، والمخالفة التي قد نقول: أولئك لا يأثمون، إذا جئنا على قواعدنا، أنهم يأثمون أو لا يأثمون، متأولين، ألم يقولوا هكذا: التأويل ينهي الإثم ونحوه؟ لم ينطلقوا بجرأة، لكنهم عصوا، أنت عصيت أمراً، الأمر هذا لا تنطلق تتأول في مواجهته أبداً، وهذا هو ما دار حوله القرآن الكريم: التأكيد على أن لا يفسح المجال أبداً للتأويلات، والتصنيفات، والتقديرات، وربما.. ولعل كذا، والغاية واحدة، وعبارات من هذه..
التزم، التزم، وهكذا كانت روحية الإمام علي (عليه السلام) روحية الالتزام المطلق لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
ولأن من يلتزمون هذا الالتزام هم من يحصلون على الكمال المكتوب لمن دانوا بهذا الدين العظيم؛ لأن الإسلام دين تكامل، دين تكامل للبشر، فمن التزم به، من سلَّم روحيته له، وأطاع الله، وأطاع رسوله الطاعة المطلقة، يحصل على العلم، يحصل على الكمال المقدر له، لكن من ينطلقون وراء التصنيفات والتأويلات هم من يجنون على الأمة، ما ضربنا من ذلك اليوم إلى الآن إلا من التأويلات هذه.
كما قلنا سابقاً: رسول الله قال: علي بن أبي طالب يوم الغدير، ألم يقل: علي، يوم الغدير؟ الآخرون قالوا: المقصود واحد، المقصود واحد يقودنا، وهذا رجَّال باهر، وهو صهر رسول الله، وقد هو شيبة، ومجرب، وعارف، والمقصود واحد، ومن هذه تأتي؛ لأن معناه في الأخير: المسألة ليست بسيطة، معناها: إفساح المجال لوضع بدائل من قبلنا بدلاً عما رسمه الله سبحانه وتعالى في كتابه، يقول هكذا.. أقول:
ماشي! وأنا جئت أصنف المسألة، بأنه المقصود واحد، والغاية واحدة! هذا هو الذي سينتهي إليه الناس: المقصود واحد، والغاية واحدة، كله سابر، هذا، أو هذا.
مثلما قال الله عن آدم، كيف عمل الشيطان له؟ {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ}(الأعراف: من الآية20-2 2) المفسرون يقولون: أن آدم تأول، أي لم ينطلق بجرأة على الله فيأكل من الشجرة، أليس كذلك؟ لكن الله لم يتعامل معه على تأويلاته، تأول، أو ما تأول، على أساس أنك عصيت أمري، نهيتك فعصيت، قال له: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ}(الأعراف: من الآية22).
قضية أنه أنت كما قال لك إبليس: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ}(الأعراف: من الآية20) إلا كراهة أن تكونا ملكين، أو لأن لا تكونا ملكين، فمتى ما أكلتم منها يمكن أن تصبحوا ملكين، ثم تتخلدوا فتعبدوا الله، وتستغفروه، وتمحى هذه الخطيئة، هي ليست إلا شجرة واحدة، ليست مشكلة، هكذا يأتي إفساح المجال للتأويلات، والتصنيفات، ما الذي حصل؟ الله تاب على آدم باعتبار الإثم، لكن ما كرره عليه من أنه سيشقى إذا ما أكل من هذه الشجرة، شقي فعلاً، وطرد من الجنة، أو أخرج - بعبارة لائقة - أخرج من الجنة هو وزوجته، ونزعت عنهم حتى ملابسهم، حقيقة، ليست ملابس التقوى كما يقال، ملابسهم الحقيقية، كما قال الله في أكثر من آية: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} (الأعراف: من الآية22).لم يسمح حتى لملابسهم أن تبقى فوقهم، شقيوا شقاء، الشقاء الذي هو عقوبة للمعصية.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
من ملزمة دروس من غزوة أحد
بتاريخ: ذو الحجة 1422هـ
جبل الرماة - المدينة