مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
----------------------------
خطبة الجمعة الثانية من شهر ذي القعدة  1445هـ
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
العنوان: 
(الخوف من الله)

التاريخ: ٩/  11 / 1445هـ

١٧/ 5 / 2024م

الرقم: (٤٥)

➖➖➖➖➖➖➖➖
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
🔹أولاً:نقاط خطبة الجمعة
نقاط الجمعة
1-أهميةاستشعار الخوف من الله وهذاماكان عليه الأنبياء وخاتم الأنبياء(قل إني أخاف إن عصيت) وكذلك عبادالله الصالحين (إنا نخاف من ربنا) بل وحتى الملائكة(يخافون ربهم من فوقهم)
2-الخوف من الله حالة إيجابيةتساعدنا على الاستقامةوالانضباط والابتعادعن الشهوات والمعاصي أما الغفلةوالنسيان فهي حالةخطيرةجدا
3-الخوف من الله يساعدالإنسان على المبادرةإلى التوبةمن الذنوب لأن الإصرارعليها خطيرجدا لأنها تفسدنفسية الإنسان وتبعده عن الله وتقربه من الشيطان ويقسو قلبه فلا ينتفع بالذكرى ولا بالقرآن ولا بالأحداث
4-ما يعيننا على الخوف من الله هو تذكريوم القيامةهنا في الدنيا حيث ينفعنا ذلك أما الحسرةوالندم والبكاءفي يوم القيامةفلن ينفعنا حتى لو بكينا بدل الدموع دما
5-الخوف من الله يبعدنا عن الخوف من غيره وأكثرماأثر على المسلمين هو خوفهم مما بأيدي الطغاة وشعبنا حينما كان خوفه من الله لم يخف من أمريكاوإسرائيل بل صرخ في وجهيهما وتحرك في نصرةالشعب الفلسطيني وهو مستمرفي خروجه الأسبوعي المليوني وفي مواقفه العملية مهما كان الثمن.
▪️ثانياً: نص الخطبة

خطبة الجمعة الثانية من شهر ذي القعدة 1445هـ

        «الخطبة الأولى» 

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، القائل في محكم التنزيل: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ . وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}، وأَشهَدُ أن لَا إلهَ إلَّا الله الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين، اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأخيارِ المنتجبين، وعن سائرِ عِبَادِك الصالحين والمجاهدين.
أما بعد/ أيها المؤمنون:
هناك موضوع من أهم المواضيع، وللأسف أنّ هذا الموضوع غائبٌ عن الكثير منا، ولا يحسبون له حسابًا على الرغم مِن أنه كان ينبغي أن يكون في سُلّم أولوياتنا كما كان في سُلّم أولويات الأنبياء والصالحين بل وحتى الملائكة.
ألا وهو أهمية استشعار الخوف من الله رب العالمين، وأن نحسب حساب الله في كل لحظات حياتنا؛ لِما لهذا الموضوع من أهميةٍ بالغةٍ في استقامتنا وصلاحنا في ديننا ودنيانا، وهذا الموضوع له أهميته حتى عند الأنبياء على الرغم من إيمانهم وعُلو قدرهم وسُمو منزلتهم، وها هو خاتم الأنبياء يقول: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} كما أنّ هذا الموضوع له أهميته عند الصالحين من عباد الله الذين يتحدثون عن أنفسهم يوم القيامة ويذكرون أنّ سبب نجاتهم هو خوفهم من الله: {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ . فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ . إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} وها هو الصالح من ابني آدم يقول: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}.وهذا الموضوع له أهميته ليس على مستوى الصالحين من البشر بل حتى على مستوى الملائكة كما حكى الله عنهم: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.
عباد الله:
نرى في القرآن الكريم كيف أنّ الخوف من عذاب الله هي حالة إيمانية، وحالة موجودة حتى عند ملائكة الله، وعند أنبيائه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا}، وهي حالة موجودة عند أوليائه الصالحين، فيقول الله عن أوليائه وهو يحكي عن واقعهم: {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا}، ويقول عن عباده المؤمنين الصادقين الذين يخشون الله:

{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} لو قدَّموا ما قدَّموا، لو أنفقوا ما أنفقوا، لو عملوا ما عملوا من الأعمال الصالحة؛ فإنه يبقى عندهم الخوف من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ويستشعرون رجوعهم إلى الله، ويطلبون من الله بكل تضرع أن يقبل منهم ما عملوا من الأعمال الصالحة.
والخوف من عذاب الله هي حالة إيجابية جدًّا تساعدنا على الاستقامة والانتباه، وتفيدنا في الابتعاد عن الشهوات والرغبات التي قد تدفع بنا إلى فعل المعصية وإلى ارتكاب المحرم: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى . فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}، والخوف من الله يدفع عنا عذاب الله في الدنيا ويدفع عنا عذابه في الآخرة، والبديل عنه يوم القيامة هو الأمن والاطمئنان في يوم الفزع الأكبر.
وحالة الخوف تساعد الإنسان على الطاعة والمبادرة إلى العمل الذي فيه نجاته، والسلامة له من عذاب الله؛ أمَّا حالة الغفلة والنسيان فهي الحالة الخطيرة جدًّا، كما قال الله: {كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ}، وقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا}، 
بالإضافة إلى أنّ حالة الخوف تعين المؤمن على الانضباط حتى عند الغضب؛ لأن البعض عند الغضب قد يقول أي شيء، وقد يفعل أي شيء، وقد يتصرف أي تصرف، لكن الذي يخاف من غضب الله الجبار؛ سينضبط، وسيراجع نفسه، وسيعمل على أن يسيطر على أعصابه، وسيستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
أيها المؤمنون:
كما أنّ حالة الخوف من الله تعين الإنسان على عدم الاستمرار في المعاصي، وتجعله يبادر إلى التوبة بدون تأخير ولا تسويف: ولذلك يقول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" عن عباده المتقين: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} نلاحظ في هذه الآية المباركة كيف أنهم: يذكرون الله؛ لأنهم لا يستمرون في حالة الغفلة عن الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"؛ فقد يسهو الإنسان، وقد يغفل لبعض الوقت ولكنه ينتبه ويتذكر الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ولا يستمر في حالة الغفلة عن الله أوقاتاً طويلة فيتمادى في عصيانه ويصر على ذنبه، بل هو ينتبه ويذكر الله، وعند ذكره لله يتحرك فيه الخوف من الله والحياء من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" فيبادر فوراً: {ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} يستغفر الله، ويتوب إلى الله توبةً نصوحاً جادةً صادقة، ويقلع عن المعاصي والذنوب.
{وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} والإصرار على الذنوب من أخطر الأمور على الإنسان، سواء كان هذا الذنب معصية بشكل تجاوز لحدٍ من حدود الله ومخالفة لنهيٍ من نواهيه، أو كان هذا الذنب تفريطاً في طاعة الله وما ألزمنا به من مسؤولياتنا التي حملنا الله إياها، وكلاهما يعتبر ذنباً ومعصيةً؛ لأن البعض لا ينتبه لهذا الجانب الآخر، الذي هو التفريط في الطاعة اللازمة.
والإصرار على الذنوب خطيرٌ جدًّا على الإنسان، ويفسد نفسيته، ويؤثِّر الشيطان فيه أكثر، وفي الوقت نفسه يعظم سخط الله وغضبه عليه، وقد يصل - والعياذ بالله - إلى أن يخذله الله؛ فلا يمنحه شيئاً من رعايته ورحمته، ولا يتوب عليه، ولا يوفقه للتوبة، وهذه حالة خطيرة جدًّا على الإنسان.
كما إنّ الإصرار على الذنوب يجعل الإنسان يتحمل الوزر أكثر، ويذنب أكثر، ويبعده عن التوفيق أكثر، ويساعد الشيطان في السيطرة عليه، ويُذهب منه مَنَعَة التقوى، ويُضعف في نفسه دوافع الخير، وتكبر وتعظم في نفسه ميول الشر والفساد، ويقسو قلبه، وقسوة القلوب من أخطر الأشياء على الإنسان؛ لأنه إذا قسيَ قلب الإنسان فلن ينتفع بالذكرى، ولن ينفع فيه حتى القرآن الكريم، ولن تؤثر فيه الأحداث والمتغيرات التي فيها العبرة الكبيرة والكافية؛ فيتجه بجرأة إلى المعاصي، ويتجه بشكلٍ أكبر إلى التفريط والإصرار على التخاذل عن مسؤولياته وعن طاعة الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وعلاقته بالله تضعف، وعلاقته بالشيطان تَكبُر.
أيها المؤمنون الأكارم:
إنّ من الأشياء المهمة التي تعيننا على الخوف من الله هو الخوف من لقائه في يوم القيامة، كما قال الله: {بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ . يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ . يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}.

والإنسان هنا في الدنيا هو ما يزال في فرصةٍ، وبإمكانه أن يتذكر ويعمل قبل الحسرة في يوم القيامة: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} والإنسان في تلك اللحظات يكون فيها متحسراً ونادماً وباكياً ومستعطفاً لكن في الوقت الذي لا يجديه ذلك، بينما يجديه في الدنيا: أن يندم على ما قصر فيه، وعلى ما عصى الله فيه، وهنا في الدنيا ينفعه أن يتوب وينيب ويطلب من الله المغفرة، وكل شيءٍ هنا في الدنيا له قيمته، والاستعطاف والتضرع والبكاء والدعاء والرجوع إلى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" يفيده هنا في الدنيا، بينما هناك في الآخرة لا فائدة لذلك، ولا رحمة ولا عطف ولا عفو عن الباكي المتحسر المستعطف حتى لو بكى دمًا بدل الدموع، وكم سيبكي الكثير من الناس آنذاك؛ لأن من أكثر مواطن البكاء هو البكاء في يوم القيامة، وكثير ممن كانوا في هذه الدنيا يعيشون حالة القسوة، وقلوبهم أقسى من الحجارة، ولا يستشعرون الخشية من الله، ولا الخوف من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" ولا الحياء من الله، وكانوا يعيشون حالة الاستهتار بكل شيء؛ آنذاك في يوم القيامة سيكونون في أبلغ مستوى من الخشوع والخضوع والخوف الشديد جدًّا، وتكاد قلوبهم أن تخرج من صدورهم من شدة الخوف:
{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}، حالة رهيبة جدًّا من الخوف الشديد، والرهبة الشديدة، والندم الشديد، والحسرة الشديدة، والعذاب النفسي، وهذه حالة خطيرة جدًّا.
فلا بد أن نستحضر الخشية من الله ومن يوم القيامة ونحن هنا في الدنيا، وها هو أبو الدرداء يتحدث عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (كرّم الله وجهه) فيقول: (شهدت علي بن أبي طالب عليه السلام في إحدى الليالي وقد اعتزل عن الناس واختفى عنهم في مكان بعيد بين أشجار النخيل، ثم سمعته يقول بصوت حزين: "إلهي كم من موبقة حَلُمت عن مقابلتها بنعمتك، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك، إلهي إن طال في عصيانك عمري، وعظم في الصحف ذنبي، فما أنا مؤمل غير غفرانك، ولا أنا براجٍ غير رضوانك" ثم ركع ركعات في جوف الليل الغامر، وتفرغ للدعاء والبكاء والبث والشكوى، وكان مما ناجى به الله تعالى: "إلهي أفكر في عفوك فتهون عليّ خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم عليّ بليتي" ثم قال: "آهٍ إن أنا قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها وأنت محصيها، فتقول: خذوه، فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشيرته، ولا تنفعه قبيلته، ولا يرحمه الملأ إذا أذن فيه بالنداء" ثم قال: "آهٍ من نار تنضج الأكباد والكلى، آهٍ من نزاعة للشوى، آهٍ من ملهبات لظى" قال أبو الدرداء: ثم أمعن في البكاء حتى لم أسمع له حسًا ولا حركة، فقلت: غلبه النوم بطول السهر؛  فأتيته لأوقظه فإذا هو كالخشبة الملقاة؛ ثم سكبت على وجهه الماء فأفاق ونظر إليّ وأنا أبكي؛ فقال عليه السلام: "مم بكاؤك يا أبا الدرداء؟" فقلت: مما أراه تنزله بنفسك، فقال: "يا أبا الدرداء فكيف لو رأيتني وقد دُعي بي إلى الحساب، وأيقن أهل الجرائم بالعذاب، واحتوشتني ملائكة غلاظ، وزبانية فظاظ، فوقفت بين يدي الملك الجبار، وقد أسلمني الأحباء، ورفضني أهل الدنيا، لكنتَ أشد رحمة لي بين يدي من لا تخفى عليه خافية").
عباد الله : يجب علينا الإهتمام بالموسم الزراعي الحالي المتمثل في موسم بذار الذرة بكل أنواعها، وهو من أهم المواسم الزراعية، والتي حث عليها السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي(يحفظه الله)في محاضرته الأخيرة في شهر رمضان المبارك. قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
(الخطبة الثانية)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمدٍ وآله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.
أما بعد/ عباد الله:
إنّ حالة الخوف من الله لها أهميتها عند الرغبات، ولها أهميتها عند المخاوف، ونحن نرى - مثلًا - كيف أنّ الخوف مما بيد الأعداء من سلاح، والخوف من القتل وغير ذلك؛ يؤثِّر على البعض فيجعله يتخاذل عن القيام بمسؤولياته العظيمة، وعن الجهاد في سبيل الله، وعن الوقوف في موقف الحق، بل قد يقف البعض في صف الباطل نتيجةً لذلك، فينسى ما كان يجب عليه أن يخاف منه، وينسى أنّ كل ما بيد الأعداء من إمكانات وجبروت، ومن وسائل القتل والتدمير لا تساوي لحظة واحدة في جهنم والعياذ بالله.
يقول الله "جلَّ شأنه": {لا تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً} فالإنسان الذي يخاف من الله ولا يخاف من غيره سيحظى برعاية إلهية واسعة، وسيتحرك وينطلق في واقع هذه الحياة وهو معتمدٌ على الله، أما الآخرون الذين يخافون من غير الله، فهم بكلهم في دائرة الخذلان، وفي دائرة الضعف، وفي دائرة الحرمان من كثيرٍ من أشكال الرعاية الإلهية والتوفيق الإلهي والهداية الإلهية، وبالتالي هم خاسرون.

ونحن كمسلمين في أمسِّ الحاجة إلى الخوف من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" والرغبة إليه؛ لكي نتحرر تحرراً كاملاً من الخوف من غيره "جلَّ شأنه"، فلا نكون ممن يخافون غير الله أكثر من الله، أو ممن يرغبون في غير الله أكثر من رغبتهم في الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وبقدر ما نرسخ هذه الحالة عقيدةً وإيماناً ووجداناً وشعوراً؛ سنكون متحررين من قوى الطاغوت والاستكبار، وسنصبح أقوياء في رفض كل آلهةٍ مصطنعة من قوى الطاغوت من البشر، ومن الحجر، ومن كل الأشكال المزيفة التي تسعى أو يسعى الآخرون إلى فرضها علينا. وأنبياء الله وأولياؤه الصادقون كانوا أقوياء جدًّا في مواجهة الطاغوت والاستكبار، واتجهوا لتحرير البشرية من العبودية لقوى الطاغوت، وفصلوا أنفسهم كلياً عن تلك الآلهة المزيفة من الطواغيت والمستكبرين؛ لأن خوفهم من الله ورغبتهم فيه كانت أكبر من كل شيءٍ آخر؛ فلم يؤثر فيهم الترهيب والترغيب من الآخرين.
أيها المؤمنون: اليوم في ساحتنا الإسلامية ما الذي يُضعف الكثير منا أمام قوى الطاغوت والاستكبار، فيخافونهم أكثر من خوفهم من الله، ويرغبون إليهم أكثر من رغبتهم في الله؛ وبالتالي يخنعون لهم ويخضعون لهم، وهم يستعبدونهم؟! كل ذلك هو بسبب الضعف في استشعار وترسيخ حالة الخوف من الله؛ لذلك نحن في أمس الحاجة إلى أن نثق بالله وأن نرغب في عطائه وأن نخاف منه؛ لأنه هو الله وحده؛ فبه ثِق، وعليه توكل، وإياه فاسأل، وبه فاستعِن، وإليه فارغب، وإياه فارهب، وإياه فاعبد، وله فأخلص: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ . هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ . هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. ويجب أن ننظر إلى كل من هم في غير طريق الله: أنهم في دائرة الضعف والخذلان مهما بلغت إمكاناتهم وقدراتهم، وهذا يعطينا قوة في التصدي لقوى الطاغوت والاستكبار، والإصرار على التحرر من العبودية والخنوع لها؛ لأنها ضعيفة، ونحن بالله أقوياء كلما وصلنا حبلنا بحبله، وانطلقنا على أساس هذا المبدأ العظيم والمهم.
وها هو شعبنا اليمني العزيز وقيادته المباركة - وبفضل المشروع القرآني - حينما عاد إلى الله وخاف من الله؛ لم يعد يخاف من الأمريكي والبريطاني ومن كل طواغيت الأرض، بل صرخنا في وجوههم، وتحولت الصرخة إلى مواقف عملية في مواجهتهم، ومن أهم مصاديق ذلك هو مناصرتنا للقضية الفلسطينية بدون خوفٍ من تهديدات العدو؛ ولذلك نحن ماضون في ذلك مهما كلفنا ذلك من ثمن، وكما قال قائدنا: "نحن ليس عندنا خطوط حمراء أو حسابات أخرى نحسب حسابها"، ولذلك بدأنا المرحلة الرابعة ومستعدون للخامسة والسادسة بإذن الله، ونحن نقول ذلك ليس تكبرًا ولا غرورًا ولا تجبرًا ولا بطرًا؛ بل ثقةً بالله وتوكلًا عليه واستعانةً به وخوفًا منه ورغبةً إليه، كيف لا وهو القائل: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}.
وسنستمر في خروجنا المليوني الأسبوعي في المظاهرات ليسمع العالم صوتنا، ولنقول للصهيوني وللأمريكي أنّ نهايتكم حتمية، وزوالكم قريب، وأنّ استهدافكم لـ (رفح) سيعجل من هزيمتكم بإذن الله، وشعبنا اليمني، وقواتنا المسلحة، وقيادتنا المباركة، ومحور الجهاد والمقاومة، والأحرار في العالم لن يقفوا مكتوفي الأيدي: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ . لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ}.
فالله الله في الخروج المشرف من أجل الله والمستضعفين، فاليوم يوم غزة، يوم نصرة المظلوم، يوم إغاثة الملهوف، يوم التضامن والمواساة لأهل غزة ورفح، واليوم هو يوم إبراء الذمة أمام الله، ويوم البراءة إلى الله ممن خذلوا غزة وفلسطين، واليوم هو يوم بياض الوجوه لمن نصر غزة، ويوم سواد الوجوه لمن خذلها، فاحضروا يرحمكم الله في مسيرات اليوم صغارا وكبارا؛ لأن الحضور هو من الجهاد في سبيل الله، وفيه الأجر والثواب عند الله سبحانه.
عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم فصلِ وسلم على سيدنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، وعلى أخيه الإمام علي، وعلى فاطمة البتول الزهراء، وعلى ولديهما الحسن والحسين، وعلى جميع آل رسول الله، وارض اللهم برضاك عن صحابة نبينا الأخيار من المهاجرين والأنصار.

ربنا لا تدع لنا في هذا اليوم العظيم ذنباً إلا غفرته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شافيته وعافيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا خذلته، ولا مفقوداً إلا وكشفت مصيره، ولا أسيراً إلا وفككت أسره، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وانصرنا على أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وآل سعود وعملائهم من المنافقين فإنهم لا يعجزونك، اللهم ثبّت أقدام إخواننا المجاهدين في فلسطين وفي غزة ولبنان والعراق واليمن وفي مختلف الجبهات، اللهم سدد رميتهم، وكن لهم حافظاً وناصراً ومعيناً يا أكرم الأكرمين.
{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار}.
عباد الله:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
➖➖➖ ➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
 بديـوان عــام الــوزارة.
--------


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر