هي بديلة عن ثقافة التدجين، التي تجعل الأُمَّة تقتل عبثاً وهدراً في الإبادات الجماعية:
كما حدث كثيراً في تاريخ المسلمين، هناك مراحل كبيرة- على مدى قرون من الزمن- تخلَّت فيها الأُمَّة عن الجهاد في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وأصبحت نظرتها للشهادة وكأنها خسارة، وترسَّخت فيها حالة الوهن، في كراهية الشهادة، وفي التشبث بهذه الحياة بنظرةٍ خاطئة، ومن منطلقاتٍ خاطئة، وبمفهومٍ خاطئ، فماذا كانت النتيجة؟ هل كانت هي سلامة الأُمَّة، حياتها، بقاؤها، بقاء الناس، سلامة المجتمعات؟!
الأمة الإسلامية على مدى تاريخها نكبت نكباتٍ كبرى، وخسرت الملايين، الملايين من أبنائها، الذين قُتِلوا في حالة استسلام، وخنوع، وخضوعٍ تام، بدون قتال، بدون موقف، استباحهم أعداؤهم وفتكوا بهم، وأبادوهم.
اقرأوا تاريخ أمَّتنا الإسلامية وما فعله المغول بها، في بغداد لوحدها، وهي آنذاك عاصمة الدولة الإسلامية بكلها، حينما وصل المغول إليها، قتلوا- بحسب الإحصائيات التاريخية، وما وثَّقته كتب التاريخ- مليون إنسان في بغداد لوحدها، لوحدها، مليون إنسان أبادوهم إبادةً جماعية، بدون أن يكونوا في حال قتال، ولا دفاع، ولا مواجهة؛ وإنما في حالة استسلام تام، وقد قبلوا بالاستسلام، وعرضوا الاستسلام، وقدَّموا الاستسلام، فأبادوهم بهذا المستوى الشنيع جداً من الإبادة، وهَلَك مثل هذا العدد أو أكثر بالطاعون؛ لأن الجثامين بقيت من دون دفن آنذاك، وانتشرت الكثير من الأوبئة، وفي مقدِّمتها: الطاعون، فَهَلك الكثير مِمَّن كانوا مختفين أو مختبئين، بما يقارب هذا العدد أو أكثر منه كما في كتب التاريخ، أبيدت مجتمعات بأكملها، مدن، أبيد فيها كل سكانها، البعض ثلاثمائة ألف، بعض المدن مائتين ألف... وهكذا.
ما فعله الصليبيون في حملاتهم الثمان على هذه الأُمَّة، كم أبادوا! كم قتلوا! كم سبوا من النساء والأطفال من أبناء هذه الأُمَّة، وأخذوهم إلى أوروبا؟ ما حدث فجائع كبرى في تاريخ هذه الأُمَّة.
ثم في الاستعمار الأخير، في مرحلة الاستعمار كلها، منذ الاستعمار البرتغالي، والبريطاني... والأوروبي بشكلٍ عام، وصولاً إلى هذه المرحلة من تاريخ الأُمَّة، هي تقدِّم الكثير والكثير من القتلى في غير قتال، في غير موقف، في غير تحرُّكٍ يدفع عنها شرَّ أعدائها؛ إنما هكذا بالهدر، بالمجان.
الأمريكيون اعترفوا- في هذا العام- بأنهم قتلوا على مدى العشرين عاماً الماضية ما يقارب ثلاثة ملايين، معظمهم من أبناء هذه الأُمَّة، مِمَّن قتلوهم وهم في غير قتال، في غير موقف؛ إنما قتلوهم ضمن اعتداءاتهم المعروفة على هذه الأُمَّة.
ماذا لو كانت هذه التضحية (ثلاثة ملايين شهيد) في إطار جهاد، وموقف، ودفع لخطر الأعداء، ودفع لشرهم، والاستهداف لهم، في مقابل أنهم يستهدفون هذه الأُمَّة، ويعتدون عليها بغير حق، ويظلمونها، ويسعون لاستعبادها من دون الله، ويسعون إلى إذلالها، إلى نهب ثرواتها، إلى احتلال أوطانها، إلى السيطرة عليها، إلى مصادرة كل حقوقها؟ لكانت المعادلة مختلفة.
فالشهادة هي تقابل ثقافة التدجين، الذي نتيجته الفناء لغير ثمرة، لا في الدنيا ولا في الآخرة، لا في الدنيا ولا في الآخرة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد 1447




