وغاية أخرى من الرسالة الإلهية هي إصلاح الإنسان وتربيته والارتقاء به وتكريمه وهدايته؛ ولذلك يذكِّرنا الله بعظيم النعمة علينا - نحن العرب - حينما يقول {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الجمعة: 2-4].
ولأن أمتنا في هذا العصر فقدت تفاعلها مع رسالة الله ودينه ونبيه فقد خسرت العدل، وغرقت في الظلم، وفقدت زكاء النفوس وكان البديل هو الانحطاط والسوء، وفقدت الحكمة وكان البديل هو الغباء والتخبط في المواقف والعشوائية في العمل واللغو في الكلام.
وعندما نعرف أن الغاية والهدف هو هذا العدل والخير والسعادة وزكاء النفوس والسمو بالإنسان والوصول به إلى خير الدنيا والآخرة، ونجاته من الشر في الدنيا والآخرة، نعرف أن الرسالة والدين والرسل من مظاهر رحمة الله بعباده؛ ولذلك يقول الله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: 107].
من رحمة الله جل وعلا أن يجعل لعباده من يربيهم التربية العظيمة فتزكو نفوسهم، وتطهر قلوبهم، وتُقَوَّم سلوكهم، وتُسَدّد أقوالهم، فيكون الإنسان على مستوى عظيم يليق بما أراد الله له أن يكون عليه، إنسان ذو قيم، ذو مُثُل، يتحلى بالجميل من الصفات والكريم من الأخلاق، فيكون الإنسان عظيمًا بعيدًا عن الدنس والهوان، فهذا من مظاهر رحمة الله جلَّ وعلا.