متابعات ..
لا تدخر الحكومة الإسرائيلية جهدا في اتخاذ خطوات تصعيدية بحق الشعب الفلسطيني في محاولة منها للضغط عليه وابعاده عن قضيته ومقدساته، وما القرار الجديد القديم للكيان الصهيوني برفع الحظر المفروض على زيارة أعضاء الكنيست الإسرائيلي إلى باحات المسجد الأقصى، في القدس الشرقية المحتلة لمدة خمسة أيام تجريبية، إلا تصعيدا جديدا وخطيرا قد ينذر بتصعيد خطير داخل القدس المحتلة وعلى مساحة الأراضي الفلسطينية للأسباب التالية:
أولاً: حاولت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة اختبار صبر الفلسطينيين من خلال التعدي على مقدساتهم منذ احتلال المسجد الأقصى في العاشر من يونيو / حزيران عام 1967 وحتى الأسابيع القليلة الماضية التي شهدنا فيها تصعيدا خطيرا من قبل قوات الاحتلال التي قامت بإغلاق المسجد الأقصى، ومنعت الصلاة فيه، يومي الجمعة والسبت الماضيين 14 و15 يوليو / تموز الجاري، وأعقب ذلك تركيب إسرائيل لبوابات تفتيش إلكترونية على مداخل المسجد، وهو ما أثار غضب الفلسطينيين، حيث رفضوا الدخول عبرها وقرروا الصلاة في الشوارع المحيطة بالمسجد وانطلقت حينها مظاهرات عمت شوارع القدس وانتقلت إلى عدة مناطق أخرى، هذا الأمر أقلق الصهاينة وبث الرعب في قلوبهم خوفا من انطلاق انتفاضة ثالثة كادت أن تبدأ لولا أن الحكومة الاسرائيلية قررت فك بوابات التفتيش الالكترونية، ومن هنا نجد أنه لايمكن الضغط أو مضايقة الفلسطينيين أو محاصرتهم دون أن يلقى هذا الأمر أي در فعل من الفلسطينيين.
ثانياً: شهد المسجد الأقصى انتهاكات كثيرة من قبل جنود الاحتلال وقادته منذ عشرات السنين، وفي كل مرة يقابل هذه الانتهاكات غضب فلسطيني يصل إلى حد الانتفاضة كما حدث في عام 2000 عندما اقتحم أرييل شارون المسجد الأقصى ما سبب اندلاع شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وكان أرييل شارون في حينها رئيس المعارضة في الكنيست ممثلا حزب الليكود، وما أشبه اليوم بالأمس فهاهو النائب الاسرائيلي اليميني يهودا غليك من حزب الليكود، يعد العدة لاقتحام المسجد الأقصى يوم الثلاثاء القادم بعد أن كان قد وجه لرئيس الحكومة نتيناهو رسالة عنوانها "أنوي التوجه قريبًا للحرم القدسي"، مهددا بأنه ينوي خرق المنع كما فعل عضو الكنيست شولي معلم، ووفقا لهذا الأمر وبعد رفع الحظر من قبل نتنياهو عن زيارة المسجد الأقصى فإن الشرطة الاسرائيلية ستبدأ بتنفيذ برنامج تجريبي لدخول أعضاء "الكنيست" إلى باحات المسجد الأقصى، يوم الثلاثاء القادم، ولا أحد يعلم كيف ستكون ردة فعل الفلسطينيين على هذه التجربة التي تمس أشياء مقدسة بالنسبة إليهم.
ثالثاً: نتنياهو يلعب بالنار لأن قراره رفع الحظر عن زيارة المسجد الأقصى لأعضاء الكنيست، ليس نزهة على شواطئ الهونولولو، فهو يعلم أكثر من غيره نتائج هكذا قرار، لأنه جرب مرارته في العام 2015 حيث منع في حينها أعضاء الكنيست بمن فيهم العرب والوزراء من دخول باحات المسجد الاقصى لتخفيف حدة التوتر بعد موجة من الهجمات ومحاولات الهجوم التي شهدتها الاراضى الفلسطينية واسرائيل وأدت منذ ذلك الوقت إلى مقتل 274 فلسطينيا و41 إسرائيليا وأميركيين اثنين وأردني وأريتري وسوداني وفق تعداد لفرانس برس.
رابعاً: يأتي هذا القرار قبل ثلاثة أيام فقط من عيد الأضحى المبارك وقبل أسبوعين من الأعياد اليهودية، وفي كل عام في مثل هذا الوقت ترتفع حدة التوتر بين الاسرائيليين والفلسطينيين حول المسج الأقصى بطبيعة الحال فكيف إذا ما نفذ أعضاء الكنيست برنامج الشرطة التجريبي ودخلوا إلى باحة المسجد الأقصى في هكذا موعد حساس للطرفين قد يقود إلى حروب دينية لايرغب بها أحد.
خامساً: تلمس الصحافييون الاسرائيليون مدى خطورة قرار الحكومة الاسرائيلية بالسماح لنواب الكنيست بالدخول إلى باحة المسجد الأقصى، لذلك ضم هؤلاء أصواتهم إلى جانب الفلسطينيين وحذروا الحكومة الإسرائيلية من أبعاد قرارها السماح لنواب من اليمين المتطرف بزيارة "لمسجد الأقصى" ليوم واحد "يتم فيه اختبار رد فعل الفلسطينيين" الذي سيحدد مصير زيارات أخرى في المستقبل، وجاء كلام محلل الشؤون الفلسطينية في موقع "ولاّ" الإخباري على شبكة الإنترنت، آفي يسسخاروف، منطقيا إلى حد ما حيث قال أن هذه الزيارة قد تزيد من سخونة الوضع "المهتز أصلاً" بين "إسرائيل" والفلسطينيين ما استدعى قدوم الوفد الأميركي الرفيع برئاسة المستشار الخاص للرئيس الأميركي، جريد كوشنير، إلى كل من تل أبيب ورام الله، واعتبر يسسخاروف أن الشرطة تتعاطى مع موضوع "قابل للانفجار" كأنه مسلسل تلفزيوني أميركي يتم عرض الجزء الأول منه في انتظار ردود فعل المشاهدين مستهجنا قرار الشرطة اعتبار السماح بزيارة نواب اليمين للأقصى "اختباراً".
في الختام يمكننا القول أنه لا أحد يستطيع أن يتنبأ نتائج دخول أعضاء من الكنيست إلى المسجد الأقصى يوم الثلاثاء القادم، خاصة أن أعضاء الكنيست المتطرفين هم من يستعدون ليكونوا أول من يدخلون المسجد الأقصى وهذا الأمر كفيل بأن يؤزم الحدث أكثر وأكثر ويفتح الباب على مصراعيه أمام جميع الاحتمالات الممكنة والتي لا يود نتنياهو سماعها أو حتى معرفتها، والأيام القليلة القادمة ستكون الفيصل بهذه القضية.
*الوقت التحليلي