أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}(آل عمران: 185)، والصلاة والسلام على رسول الله محمد خاتم النبيين وعلى آله الطاهرين.
أيها الإخوة السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
يقول الله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فََادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}(الفجر27-30) صدق الله العظيم.
إنا لله وإنا إليه راجعون، وعظم الله لنا ولكم الأجر، وأحسن لنا ولكم العزاء بوفاة الوالد العالم الكبير ربّاني آل محمد حفيد رسول الله ونسل الآل الكرام، حليف القرآن الكريم، وقرين التقوى، المجاهد الصابر السيد بدر الدين بن أمير الدين بن الحسين بن محمد الحوثي الحسني (رضوان الله عليه).
هذا الرجل العظيم الذي كان مثالاً للعالِم الرباني، العالِم المجاهد، العالِم الذي يعي مسؤوليته ويطبق الإسلام في واقعه، ويكون في موقع القدوة الحسنة، والتجسيد لقيم الإسلام في الواقع، فكان قرآناً يمشي، وإسلاماً في العمل والسلوك والموقف والروحية، وقدم الصورة الحقيقية والنموذج الحقيقي عن كيف يجب أن يكون العالِم الرباني في الإسلام، وكيف يقدم الإسلام، وما هي مسؤوليته تجاه الأمة.
ونحن - أيها الإخوة الأعزاء - نتحدث باختصار إذ لا يتسع المقام للحديث الواسع عن فضله وسجاياه، وإنما نذكر بعض الجوانب الأساسية بطريق الإجمال، نظراً لما يمكن الاستفادة منه في الإقتداء والتأسي، وكذلك للاستفادة في معرفة كيف هو العالم الرباني الذي هو في موقع القدوة، ويمثل الإسلام، ويترك في واقع الأمة الأثر العظيم، أثر الإسلام، أثر القرآن الكريم، أثراً في صلاح الناس واستقامتهم وزكائهم وطاعتهم لله، أثراً في إيمانهم، في عزتهم، في صدق انتمائهم للإسلام، أثراً في التزامهم أخلاق الإسلام وتطبيقهم تعاليم الإسلام، أثراً في ارتباطهم الوثيق بالقرآن الكريم، وفي فهمهم للمسؤولية وشعورهم بالمسؤولية واستجابتهم لله.
وحديثنا - أيها الإخوة - عن هذا الرجل العظيم (رضوان الله عليه) هو حديث عن الإيمان، حديث عن القرآن، حديث عن الجهاد، حديث عن الصبر، حديث عن الصدق، حديث عن الوفاء، حديث عن الشهامة، حديث عن الرحمة، حديث عن المسؤولية والحكمة، حديث عن مكارم الأخلاق جملة؛ لأنه كان في واقعه في حياته في اهتمامه في أعماله في أقواله في جملة تصرفاته هكذا يتحرك من خلال الإيمان، بدافع الإيمان، مستبصراً بالقرآن الكريم، مستنيراً بنور الله، فروحيته تلك الروحية العالية التي منشؤها الإيمان، وسلوكه وطريقته في التصرف والعمل، كذلك التزام كبير بأخلاق الإسلام بأخلاق القرآن الكريم، كذلك قيامه بمسؤوليته كعالم رباني، مسؤوليته في تعليم الناس، في بيان الحق، في إقامة الدين، في إقامة العدل، في التربية الإيمانية الجهادية للناس، في الأمر بالمعروف، في النهي عن المنكر، في نشر الخير ومواجهة الفساد ومواجهة الطاغوت، في التحلي بقيم الإسلام وإبرازها واقعاً في الحياة بجمالها وجاذبيتها، ومهما تحدثنا ومهما قلنا يبقى أمامنا الكثير من التفاصيل لم نقلها ولم نتطرق لها.
ولذلك فبما أن المقام لا يسع إلا القليل نختصر، ونتحدث بالقدر الذي يتناسب مع الوقت، وعندما نبدأ نبدأ بالحديث عن علاقته مع الله سبحانه وتعالى، إذ ذلك مرتكز وأساس لما عداه من المواضيع، فهذا الرجل العظيم ورث روحية الأنبياء التي حكاها الله في القرآن الكريم حينما قال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}(الأنبياء:90) فكان سابقاً بالخيرات، عنده روح المبادرة، ويتحرك فيما هو رضا لله برغبة شديدة في كل الميادين, في كل المجالات الممكنة، وبرغبة إلى الله، ورهبة وخوف من الله، وخشوع وتواضع لله سبحانه وتعالى دون أي غرور، دون أي عُجب، دون أي تعالي.
وبهذه الروحية استمر في مشواره مع الله حتى لقي الله، لم يُعرف عنه أي حالة من تواني أو تثاقل عما هو رضا لله في مجال العبادة، وفي مجال الجهاد، وفي مجال الإنفاق والبذل والعطاء، وفي مجالات العمل بشكل عام، يبادر ويسارع بكل رغبة، وبكل تواضع لله، ولقد عز عليه أن يصلي صلاته من قعود أثناء مرضه قرب وفاته، فكان يصليها تامة بمشقة شديدة وهو يرتعش، حتى صلاة الفجر الأخيرة يوم وفاته أصر على أن يقوم للوضوء في وقت مبكر وتوضأ وصلاها تامة جماعة.
ويتجلى الجانب الإيماني والتقوى في استشعار المسؤولية والقيام بها، فمن واجب العالم أن يبين الحق للناس، ويدلهم عليه، ويخشى الله ولا يخشى غيره، ولا تأخذه في الله لومة لائم، لا يرده عن بيان الحق خوف من أحد؛ لأن خوفه من الله يجب أن يكون فوق كل شيء.
وهكذا كان (رضوان الله عليه) بالرغم من كل التحديات والمخاوف والأذى والمعاناة، وقد كان الطغاة يحاولون قتله ويؤذونه على مدى ثلاثين عاماً، ولم يردعه ذلك عن بيان الحق، وإحياء الروحية الجهادية التي كانت قد ماتت، يربي عليها ويعلمها؛ ولذلك معظم طلابه شهداء.
وهو في المسيرة الجهادية القرآنية المربي والمعلم والقدوة الحسنة، ومواقفه وخطاباته وكلامه كل ذلك معروف مشهور، ومواقفه في الدفاع عن الحق، ومواجهة الضلال، ومواجهة فتنة الوهابية، ثم وقوفه كسند عظيم في مواجهة فتنة أمريكا، متحركاً في هذه المسيرة سابقاً ومؤيداً ودافعاً وباذلاً كل شيء يمكنه تقديمه، وكان سيدي ومولاي وأخي حسين (رضوان الله عليه) يقول: ((أنا حسنة من حسنات أبي)).
كما أن قربه من الناس وتواضعه ورحمته بالناس وحرصه على هدايتهم وألاّ يضلوا ولا يُظلموا مما تميز به عن الكثير من العلماء، وفاق غيره فيه، وورعه الشديد عن حطام الدنيا، ونقاؤه وطهارته على مستوى راقٍ ومتميز، وصدعه بالحق، ومباينته للظالمين، وعداوته لأعداء الله، وعداوتهم له كذلك معروف مشهور لا يحتاج إلى التفاصيل، وهو القائل كلمته الشهيرة: ((إذا لم ننصر الإسلام ولم نعاد أعداء الله، فالدين لا يُقبل منا)) وتفانيه مع الله وصبره على المشاق والمتاعب، ومواجهة الأخطار، والمعاناة من آلام المرض الذي يعاني منه من طفولته وهو [الربو] لم يؤثر على اهتمامه, على عمله, على جهاده, على بذله, على عطائه, هذا كله يدل على مستوى عالٍ من الإيمان والتقوى.
وكان واقعه في حياته من مصاديق الآية القرآنية التي وصف الله فيها عباده المتقين حين قال سبحانه وتعالى: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ}(آل عمران: 17)، كانت هذه الصفات بكلها واقعاً يعيشه في حياته، نقول هذا عن معايشة, عن معرفة نعرفه ويعرفه غيرنا، نسأل الله أن يرفع مقامه ومنزلته في الصديقين من عباده، وأن يجزيه عن أمة جده خير الجزاء.
لا يتسع الوقت لنا للمزيد من الحديث مع ضيق الوقت وما تبقى من المواضيع، لكن - إن شاء الله - سيكون هناك إصدارات عن جوانب من حياته مهمة للاستفادة منها، نسأل الله التوفيق لنا أن نواصل المشوار في نفس الطريق، نهج القرآن الكريم، صراط الله المستقيم، نهج أنبيائه، نهج الهداة من عباده، والصالحين من عباده.
وهنا - أيها الإخوة - نعرف الأثر العظيم المفيد الذي يتركه العالم الرباني المستقيم في الناس، في حياتهم، في علاقتهم بالله، في استقامتهم، في قيامهم بمسؤوليتهم.
ومما نستفيده - وكما يُقال وبضدها تتميز الأشياء - الفارق الكبير بين علماء السوء والعلماء الأبرار، العلماء الأخيار وعلماء السوء وعلماء السلاطين والعلماء المنحرفين؛ لأنه من الأشياء المعروفة المؤكدة من الحقائق التي لا تقبل النقاش أن العلماء صنفين: علماء أخيار، وعلماء سوء أشرار، هذه قضية معروفة، معروفة في القرآن الكريم، معروفة أكدها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) معروفة في واقع الحياة، يشهد عليها واقع الحياة.
هذا من أهم ما تحتاج إليه الأمة في هذا العصر وحتى إلى مستوى كبير، وأهميته كبيرة جداً، ذلك أن الأمريكيين - أيها الإخوة الأعزاء - يجب أن نعي ذلك، الأمريكيون يعملون على اختراق جميع فئات المجتمع، يستهدفون تطويع كل المجتمع الإسلامي بكل فئاته، مسؤولون ومواطنون، علماء، متعلمون، مواطنون عاديون، في أي موقع، في أي مسؤولية، في أي مجال الجميع مستهدف للاختراق والتأثير والتطويع من جانبهم.
هذه سياسة أهل الكتاب، وهذا أسلوب خطير في استهدافهم للمجتمع المسلم، ويتحركون تحت كل العناوين، يُشغِّلون كل العناوين ويفعلونها ويطوعونها فتكون بالشكل الذي يخدمهم ويفيدهم، سياسة التطويع هذه، تحويل المجتمع إلى مجتمع مطيع، مطيع لأهل الكتاب، يتحرك بشعور أو بدون شعور، بإرادة أم بدون إرادة، وهو منتبه أو هو غير منتبه، يتحرك في خدمة أهل الكتاب في خدمة اليهود والنصارى، مُطوَّعاً لليهود والنصارى يلعبون به ويوجهونه, يدفعون به كيفما يشاءون ويريدون، هذه سياسة خطيرة توصل المجتمع الإسلامي - من يتقبل هذه السياسة من لا يكون منتبهاً متيقظاً حذراً - توصله إلى حالة الكفر والعياذ بالله، كما يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}(آل عمران: 100) {إِن تُطِيعُواْ}.
ولذلك - أيها الإخوة الأعزاء - من الأشياء التي يركز عليها اليهود والنصارى، يركز عليها الأمريكيون ليفعِّلوها في خدمتهم، ولها أثرها الخطير في واقع الأمة هي هذا المنفذ الخطير: علماء السوء، وما أدراك ما خطورة علماء السوء، حديثنا هنا ليس لغرض التجنِّي، ولا الإساءة إلى أشخاص معينين، لكنه تبيين، تبيين لقضية هامة يجب أن نعيها جيداً، وأن يفهمها الجميع حتى يكونوا حذرين، حتى لا يكونوا ضحية لهذا الجانب الخطير جداً جداً.
فالدور الأمريكي في استغلال العناوين والسعي الأمريكي للسيطرة على الخطاب الديني نفسه؛ لأن الأمريكيين يعرفون أن مجتمعنا مجتمع يتأثر بالخطاب الديني، بما يُحسب على الدين، بما يُقدم على أنه دين، كثير من أوساط مجتمعنا يتأثرون بذلك، يتقبلون ذلك.
ولذلك تحرُّك الأمريكيون في هذا الاتجاه - السيطرة على الخطاب الديني - معروف، من يعرف كثرة لقاءاتهم بما يسمى وزير الأوقاف والإرشاد، من يعرف مساعيهم للسيطرة على المناهج الدراسية، السيطرة على الخطاب الديني في القنوات الفضائية، السيطرة على الخطاب الديني في المناهج الدراسية، السيطرة على المساجد، على الخطاب الديني في منابر المساجد وما شابه ذلك، تحرك واسع يقومون به وهو معروف.
سعيهم في هذا الاتجاه عبر من سيكون؟ السيطرة على الخطاب الديني تكون عبر من يُحسبون على الدين، من يُعتبرون على أنهم ممثلون للدين كعلماء، وخطباء، ومرشدين، ومعلمين دينيين، عبر هؤلاء، عبر المنحرفين منهم، عبر المضلين منهم يمكن أن ينفذوا ويضلوا ويحرفوا مفاهيم الدين، ويضربوا بعض مبادئ الدين، وبعض الفرائض الهامة في الإسلام من خلال هؤلاء.
ولذلك يجب أن يكون لدينا وعي كبير تجاه هذه القضية، الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) من أخوف ما كان يتخوفه على أمته [العالم الفاسق، والأمير المتسلط] كان يقول هكذا، على هذا المعنى: ((من أخوف ما أخاف على أمتي عالم فاسق، وأمير متسلط)).
العالم الفاسق كما الأمير المتسلط كلهم ظالمون، كلهم يلحق من خلالهم بالأمة الضرر الكبير، الضرر البالغ، الهيمنة للأعداء، النتائج السيئة في واقع حياة الناس، وفي دينهم، وفي دنياهم وآخرتهم.
أيضاً من الأشياء التي يجب أن نفهمها حتى نعرف مدى تركيزهم على العناوين المؤثرة، العناوين الدينية، أنهم لن يتحركوا عبر عناوين منفِّرة، هذا غير وارد أصلاً، من ينتظر منهم أن يأتوا ليقولوا أنهم مضلون وأنهم يريدون إهلاك الأمة، وتعالوا لنضلكم وتعالوا لنهلككم، وتعالوا ندفع بكم إلى جهنم فهو غبي! لن يقولوا هكذا! أهل الباطل، أهل الضلال، أهل الفساد، الظالمون, المضلون, المتجبرون كلهم يقدمون عناوين زائفة، وعناوين مخادعة، وعناوين مؤثرة، وعناوين مقبولة، لا يرفعون ويتحركون ضمن عناوين منفِّرة؛ ولهذا لا ينتظر منهم أحد أن يأتوا تحت العناوين المنفِّرة ليقدموها فيعرف أنه يجب أن يحذر منهم.
مثلما تُستخدم عناوين دينية كالإيمان مثلاً، ألم يحكِ الله سبحانه وتعالى عن المنافقين أنهم يتحركون حتى تحت عناوين إيمانية، تحت عناوين دينية؟ يتحركون بخداع {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ}(البقرة: 8-9)، هكذا {آمَنَّا بِاللّهِ} تحت العنوان الإيماني، تحرك نفاق، تحرك ضرب للأمة، تحرك إفساد في واقع الأمة وفي واقع حياتها، وتحت هذا العنوان {آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} إنما للخداع للتضليل يخادعون الله والذين آمنوا.
كذلك هذا العنوان عنوان علماء، وعلم، ومن هذا القبيل، وخطاب ديني، ومن على منابر مؤثرة ينتظر الناس منها هدى وبيان، بيان للحق وهداية إلى الله وإلى طريقه وصراطه المستقيم، ومن هديه المبارك، من هناك وبتلك العناوين ومن تلك المواقع يتحركون لتضليل الناس، وهذا الكلام ليس غريباً، هو حقيقة معروفة، وحقيقة واضحة، حينما نعود إلى القرآن الكريم نعرف هذا، نعرف أن الكثير الكثير ممن يتحركون تحت هذا العنوان هم في موقع الصد عن سبيل الله، وفي موقع أكل أموال الناس بالباطل، وفي عملية تضليل وخداع للناس.
ولهذا عندما يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ}(التوبة: 34) هكذا يقول: {إن كثيراً} هو حكى عن الكثير, فاعتبِر القليل هم من ليسوا كذلك، لا تنتظر الكثير؛ لأن الكثير هم هكذا، الكثير ممن يحملون هذه العناوين المؤثرة الدينية كعلماء وكعباد هم هكذا يصدون عن سبيل الله، يصدون عن سبيل الله، يبعدون الناس عن دين الله، يبعدون الناس عن القيام بمسؤولياتهم المهمة جداً التي أكد الله عليها في القرآن، يبعدون الناس عن الله وعما هو رضا لله وعما أمر به الله، ويتجهون بهم في اتجاه آخر، ويأكلون أموال الناس بالباطل، بالباطل بدون حق، وقد يأخذونها تحت عناوين دينية أيضاً؛ لنشر العلم وما شابه ذلك.
هنا - أيها الإخوة الأعزاء - عندما نعرف أن هذه العناوين تُستخدم، وتُستخدم منذ القدم، العناوين المؤثرة للإضلال للخداع لضرب الأمة لإفسادها للانحراف بها، وأن القليل القليل هم الصادقون، هذا مهم، الله سبحانه وتعالى حتى عندما تحدث عن فرعون، وفرعون معروف بما كان عليه من ضلال وجبروت وطغيان وفساد وانحراف إلى مستوى ادعاء الإلوهية والربوبية، ألم يقل فرعون لقومه: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}(غافر:29)؟ ألم يتحرك تحت عنوان الهداية وإلى سبيل الرشاد؟ قدم هذا العنوان المخادع، وعندما تحرك ضد موسى ألم يقدم موسى أمام الجميع بأنه مفسد؟! وأنه يريد أن يواجه فساد موسى؟! فقال لقومه: {إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}(غافر: 26)، بل ألم يقل الملأ من قوم فرعون لفرعون نفسه: {أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ}(الأعراف: 127).
هكذا التزييف وهكذا الخداع وهكذا تُقلَّب الأمور وتُعكس الحقائق؛ لخداع الناس لتضليلهم، لكن يجب أن يكون الإنسان يقظاً, يجب أن يكون واعياً، يجب أن يكون فاهماً؛ لنعي جيداً أن القضية الأساسية التي يجب أن يركز عليها الجميع - وبفهم ومسؤولية - هي إتباع القرآن الكريم، هذه قضية أساسية لها أهميتها الكبيرة جداً.
القضية الأساسية في الإتباع إتباع القرآن، إتباع القرآن الكريم، وهي القضية التي يجب أن يكون الجميع يتحرك على أساسها سواء علماء أو غيرهم، العالم نفسه يجب أن يكون مُتبعاً للقرآن الكريم، لا يكون مجتهداً في اتجاهات أخرى تخالف القرآن الكريم، تخالف توجه القرآن الكريم، تخالف مواقف القرآن الكريم التي رسمها للناس.
فالشخص الذي يتحرك هكذا بعيداً عن القرآن الكريم تحت أي اسم، تحت أي عنوان، بأي شكلية يجب ألاّ يكون مقبولاً نهائياً؛ لنعرف أنه مجرد شيطان، شيطان يُضل الناس، يُضل الناس، ويصد عن سبيل الله، يجب أن يحذر الناس منه، سواءً كان يحمل اسم عالم أو متعلم أو مرشد أو مُقرئ أو أي أسم كان، يجب أن يحذر الناس منه؛ لأنه شيطان مضل.
لنتعرف من خلال القرآن الكريم عن هذه القضية أكثر وأكثر، القرآن الكريم كيف يقدم العلماء السيئين، علماء السوء، العلماء الذين يتخلون،يتخلون عن مسؤوليتهم، بل يتحولون في اتجاه آخر! بدلاً من أن يقوموا بمسؤوليتهم في تبيين الحق، في إرشاد الناس إليه، في إقامة الدين، في هداية الناس، في تقديم ما يحتاج إليه الناس من خلال كتاب الله بكل أمانة بكل مسؤولية، بخوف من الله، تحت الإطار المهم وعلى أساس القاعدة المهمة جداً التي حكاها الله في القرآن الكريم: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ}(الأحزاب: 39) {وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ}.
من لم يكونوا هكذا يتحركون على هذا الأساس من خلال كتاب الله يكون ما يقدمونه من فيض القرآن من هدى القرآن، من عطاء القرآن، يشدون الناس إلى الله، يدفعون بالناس فيما هو طاعة لله، يدفعون الناس بالتحرك في القيام بمسؤولياتهم التي كلفهم الله بها. من كانوا يجمدون الأمة ويضلونها ويصرفونها عن قضاياها الكبرى، وعن مسؤولياتها المهمة جداً، كيف يقدمهم القرآن الكريم؟ من لا يقومون بمسؤولياتهم، القرآن الكريم يقول: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً}(الجمعة: 5) هكذا {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ} حُمِّلوا مسؤولية أن يتحركوا على أساس التوراة، أن يتبعوها، أن يهدوا بها.
والقرآن الكريم - أيها الإخوة - أهم من التوراة، أفضل من التوراة، أعظم من التوراة، أرقى منزلة عند الله من التوراة، مهيمن على كل كتب الله السابقة، ومن المؤكد أن حال من حُمِّلوا القرآن الكريم ثم لم يحملوه، لم يتحركوا على أساسه، لم يثقفوا به، لم يقدموا منه البيان للأمة فيما تحتاج إلى بيان فيه، لم يهدوا به، أنهم أسوأ ممن حمِّلوا التوراة ثم لم يحملوها، وحينها على أي مثل مثلهم الله سبحانه وتعالى، أي مثل ضربه لهم؟ {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً} أليس مثلاً سيئاً؟ منزلتهم عند الله منحطة، لا قيمة لهم، لا فضل لهم، لا شرف لهم، كالحمار المحمل بالكتب، فلا هو استفاد منها ولا انتفع بها ولا يمكن أن ينفع الآخرين من خلالها أيضاً، كالحمار في كثير من طبائعه، كالحمار في كثير من صفاته، وهو بتلك الحال يحمل أسفاراً.
الله جل شأنه يقول في القرآن الكريم: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث}(الأعراف: 175-176) عمن تتحدث هذه الآية؟ هل عن إنسان عادي؟ لا، عن عالم، عن عالم، عن شخص يعتبر نفسه عالماً كبيراً، عن نموذج, عن فريق من العلماء على هذا النمط ممن قد يعتبر نفسه حتى عالماً كبيراً، ويرى لنفسه منزلة كبيرة، ويلتف حوله الكثير من الناس يعظمونه يتجهون في اتجاهه أينما ذهب بهم، {آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا} لا يكفي حمل العلم ولا معرفة العلم، لا يكفي أن يكون لدى الإنسان مقروآت أو اطلع على كثير من الأشياء، يحتاج الإنسان إلى الإيمان، يحتاج إلى التقوى.
إذا كان العالِم مجرداً من الإيمان، وبعيداً عن التقوى فإنه يتحول إلى شيطان مجرم يصد عن سبيل الله، يظلم الناس ظلماً كبيراً في واقع حياتهم، يضلهم، الضلال لا يأتي عبر الأشخاص العاديين المعروفين بجهلهم، لا ينفذ إلا عبر هكذا من يُقدمون أنفسهم من موقع مسؤولية عالم وما شابه، وخطيب ومرشد ومن هذا القبيل.
ولذلك لاحظوا - أيها الإخوة الأعزاء - كيف قُدم هذا النموذج الذي يتخلى عن المسؤولية، يتبع هواه، لا يتبع آيات الله، لا يتحرك على أساس آيات الله، يتحرك على أساس هوى نفسه، ما تميل إليه نفسه، لا ما أمر به الله في آياته، لا ما وجه إليه الله في آياته {وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} فكان المُتَّبع هو الهوى؛ ولذلك علماء السوء - أيها الإخوة الأعزاء - هم هكذا يكونون متبعين لأهوائهم، ومتجهين اتجاهات أخرى لصالح أعداء الإسلام، محكومة بأمور ثانية ليس لها علاقة بهدى الله ولا بما هو من عند الله، إنما يُتبعون ذلك بالتضليل والتزييف والخداع والدجل وافتراء الكذب على الله سبحانه وتعالى؛ لتبرير ما هم عليه، بل لجر الناس إلى ما هم عليه، وهذه جريمة كبيرة من أكبر الجرائم، جرائم علماء السوء من أكبر الجرائم؛ لأن في مقدمتها الصد عن سبيل الله وهذا من أكبر الجرائم، وهم من أخطر الناس في مجال الصد عن سبيل الله؛ لأنهم باسم الدين يضربون الدين، ويصرفون الناس عن حقائق الدين.
من جرائم علماء السوء كتمان الحق، وهذه قضية خطيرة جداً في القرآن الكريم، نبَّه القرآن الكريم على خطورتها، ألم يقل الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}(البقرة:159)؟ عمن تتحدث هذه الآية؟ عن علماء، عن علماء هل هي تتحدث عن الإنسان الجاهل الذي لا يعرف شيئاً فيؤاخَذ على أنه كتم؟ من يكتم من يعلم فكتم ما علم فيما تحتاج الأمة فيه إلى بيان، يترتب على كتمانه ضلال، يترتب على كتمانه خلل في واقع الناس، يترتب على كتمانه ضرر في واقع الناس، أوَليست الأمة الآن في عصر تعيش فيه مخاطر كبرى وقضية كبرى كبيرة جداً؟ وفي نفس الوقت الكثير يكتم! لا يقول للناس ما هي مسؤوليتهم! لا يدل الناس على ما هو موقف القرآن!، أليس الكثير الكثير يكتم آيات الله التي تتحدث عن الجهاد؟ هل أن القرآن الكريم ليس فيه آيات تتحدث عن الجهاد وفرضه وضرورته وأهميته وأنه من أهم فرائض الله وتؤكد عليه وتوجبه وتتوعد بالعذاب لمن يتخلف عن هذه المسؤولية الكبيرة؟ أوَليس الكثير يكتمون؟! لا يتحدثون نهائياً! وكأن ذلك غير موجود أصلاً في القرآن الكريم!.
الموقف من اليهود والنصارى، أليس الكثير يكتمونه؟! هل أن القرآن ليس له موقف من اليهود من ظلمهم من فسادهم من طغيانهم مما يمثلونه من خطورة على هذه الأمة؟ أليس الكثير يصمت؟ لا يتحدث في أي مناسبة ولا عبر أي طريقة, لا يصدر بيان, لا يتكلم في مناسبة ولا في تدريس ولا في تعليم ولا بأي شكل من الأشكال، يتجاهل الموضوع، كتمان الحق، كتمان ما تحتاج الأمة إلى بيان فيه من خلال القرآن الكريم من أكبر الجرائم عند الله.
ماذا يقول الله عن ذلك: {أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ} هكذا، كمثل الحمير، {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً} كمثل الكلب، {أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ}, على الإنسان أن يكون حذراً منتبهاً من أن يكون متبعاً لأمثال هؤلاء، هل يسر الإنسان أن يكون متبعاً لكلب؟! أو أن يكون متبعاً لحمار؟! أن يكون قدوته من يتأثر به من يحذو حذوه حماراً أو كلباً أو ملعوناً؟! هكذا هم عند الله كمثل الحمار, كمثل الكلب, كمثل الحمير ملعونين، بهذه الصفة يقدمهم الله سبحانه وتعالى؛ لأنهم يمثلون خطورة كبيرة على الأمة، يضلون الأمة، يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(البقرة:174) عمن تتحدث هذه الآية؟ عن جاهل عادي! لا، عن علماء، عن علماء! من يكتم من يعلم، يعلم فيكتم ما علم، لا يقال لمن لا يعلم من الأساس أنه كتم، لا.
وهكذا هم وعيد شديد من يبيعون الدين بالدنيا، من يؤثرون المصالح والأطماع الدنيوية والمادية على حساب أن يبيِّنوا للناس، يكتمون، لا يبيّنون للناس ما أنزل الله من الكتاب فيما يحتاجون فيه إلى بيان، يترتب على كتمانه ضلال أو خطر أو ضرر كبير على الناس في حياتهم، هذه هي النتيجة عقاب الله، سخط شديد من الله، عبارة {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} تنبئ عن سخط شديد عليهم من الله سبحانه وتعالى، {وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
هكذا هم علماء السوء في القرآن الكريم، هكذا قدمهم القرآن الكريم، هكذا ضرب لهم أسوأ الأمثلة؛ لأن واقعهم حتى أسوأ من الإنسان العادي، الإنسان الجاهل العادي الذي لا يتفهم هدى الله كيف ضرب له الله من مثل في القرآن؟ أولئك كالأنعام، {أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}(الأعراف:179) كالأنعام كالبقر كالغنم كالإبل، لكن علماء السوء كيف ضرب لهم أمثلة، كمثل الكلب، أسوأ، أليس الكلب أسوأ من البقر أو الغنم أو الإبل؟ أسوأ بكثير، وكمثل الحمار يحمل أسفارا، أسوأ الأمثلة {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ}؛ لأنه هكذا واقعهم.
الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يقول: ((والعلماء رجلان: رجل أخذ بعلمه فهذا ناج، وعالم تارك لعلمه فهذا هالك، وإن أهل النار ليتأذون بريح التارك لعلمه))، تكون رائحته في جهنم رائحة ممتنة جداً وقذرة للغاية، حتى أنها تؤذي بقية أهل جهنم، لماذا؟ لما كان عليه في الدنيا من إضلال للناس.
لذلك - أيها الإخوة الأعزاء - يجب أن نكون واعين جيداً هذه المسألة، هناك علماء أخيار ربانيين مواقفهم منسجمة مع القرآن الكريم، قائمون بمسؤولياتهم في إحقاق الحق, في تبيين الحق, لا يخافون في الله لومة لائم، يبلغون رسالات الله ولا يخشون أحداً إلا الله، يخشون الله ولا يخشون غيره، مجاهدون في سبيل الله، قائمون بمسؤولياتهم بشكل كبير، وهناك أيضاً علماء لا يقومون بمسؤوليتهم، لا يتحملون ما حملهم الله إياه، هناك علماء سوء، هناك علماء مضلون مفسدون يمثلون خطراً كبيراً على الأمة، يدجنون الأمة لأعدائها، علماء ليس لهم من أعداء الأمة من أعداء الله أي موقف نهائياً، يُساء إلى الله، يُساء إلى القرآن الكريم، تنزل مصاحف مطبوعة محرفة، يُساء إلى الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يُلعن الرسول من جانب اليهود والنصارى، يُرسم شكل خنزير ويُكتب تحته محمد، إساءات كثيرة إلى الله، إلى القرآن، إلى النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى مقدسات الإسلام، تُنتهك حرمات هذا الدين، تُستباح الأمة بكلها، تُحتل دول بأكملها، يُقتل مئات الآلاف فلا يتحرك، فلا يُبين ما هو موقف القرآن من هذا! يكتم لا يتحدث عن موقف القرآن من هذا كله!.
حتى عندما أثناء كان الطيران الأمريكي والسعودي واليمني يقصف الأسواق، ويفرم الناس البشر، فتختلط كل دمائهم وأشلائهم وتتناثر في الأسواق وغيرها في المساجد في المدارس في البيوت، ليس هناك من موقف ولا كلام! لكن عندما تتحرك أنت لتلعن اليهود يلعنك! يستاء منك يغضب ينفعل يصدر فيك بياناً أو يحشد عليك مجاميع! يرى وجوب حمل السلاح عليك!.
هكذا توجه غير لائق لا ينسجم مع القرآن بحال، ولهذا نؤكد على القضية الرئيسية الأولوية هي للقرآن، للقرآن الكريم، ومن يتجهون اتجاه القرآن، من يرى من يرى إتباع علماء بعيداً عن القرآن ومن دون القرآن ومن دون ما أنزل الله لمجرد أنهم يحملون هذا العنوان فهو متورط بالشرك بالله سبحانه وتعالى كما تورط اليهود والنصارى قبل، ألم يقل الله عنهم: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ}(التوبة:31)؛ لأنهم هكذا كانوا يدفعونهم إلى ما خالف الله، إلى ما يخالف الله، فيتحركون معهم، يحرمون الحلال، ويحللون الحرام، ويدفعونهم في الباطل، فيتحركون معهم كيفما يشاءون ويريدون، فماذا كانت النتيجة؟ قال الله عنهم أنهم اتخذوهم أرباباً من دونه، أشركوا بالله، وأصبحوا أندداً يتخذونهم أنداداً من دون الله سبحانه وتعالى.
القضية الأساسية هي القرآن، النبي بنفسه، وهو رسول الله أكبر من أي عالم مدينة العلم، مدينة العلم بكلها، الله سبحانه وتعالى يقول له: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ}(الأحزاب:2) يقول له: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ}(الأنعام: 106) يقول له الله سبحانه وتعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}(هود:112-113)، يقول له سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا}(الأحزاب:1-3), هكذا يقول له الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} أليس هنا يحذره؟ أليس هنا ينذره؟ أليس هنا ينهاه عن أن يطيع الكافرين أو يطيع المنافقين؟ لكن ترى الكثير من علماء السوء، البعض يريد طاعته وهو في نفسه يطيع منافقاً أو يطيع كافراً، يطيعه! التثبيط عن الجهاد في سبيل الله هل هو رضا لله؟ هل هو موقف ينسجم مع القرآن؟ من ينهى الناس ألاّ يجاهدوا, من يحذرهم من الجهاد، من يعزز فيهم السخط والعداء ضد من يجاهدون في سبيل الله، هل هذا موقف ينسجم مع القرآن الكريم؟ هل هو موقف ينسجم مع سورة الصف؟ أم أنه موقف الشيطان بعينه, موقف الشيطان بعينه، موقف الضلال، موقف يخدم أعداء الإسلام. الموقف الصحيح الذي ينسجم مع صريح القرآن الكريم هو الدفع بالناس إلى الجهاد في سبيل الله، ومعاداة أعداء الله.
لهذا - أيها الإخوة الأعزاء - يجب أن يكون لدى الجميع الوعي الكافي عن هذه المسألة وأهميتها الكبيرة، وأن يكون هناك فهم أن العلماء ليس كل من يحمل اسم عالم، وقد أصبح الكثير يحمل هذا الاسم، أو يتلقب بهذا اللقب، أصبح لقب فخري الكل يتلقب به، ويتحرك على أساسة، حتى الأمن السياسي يصنع شخصيات من هذا القبيل، [حمود الهتار] هذا ضابط في الأمن السياسي عُلِّم بعض المصطلحات، وقرأ بعض الكتب ولبسوه عمامة وقدموه كعالم، وهكذا يصنعون.
في بقية العالم الإسلامي يُقدمون أشخاص باسم علماء، يفتي أن العمليات الاستشهادية جريمة, ويفتي بجواز مصافحة اليهود، ويفتي أن التظاهر لنصرة فلسطين فساد في الأرض، وهكذا فتاوى ومواقف سيئة تسيء إلى الدين، وتمثل خطورة كبيرة على الأمة.
أنا هنا أُؤكد ليس الهدف الإساءة إلى أشخاص معينين، الهدف هو تبيين قضية يجب أن تكون الأمة على وعي تام منها، وما نقوله الآن هو موقف واضح، موقف القرآن الكريم، هو ما يقوله القرآن الكريم، ما يقوله الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ما هو من الحقائق الواضحة، لا يستطيع أحد إنكار ذلك، العلماء صنفين، هناك علماء أخيار تنسجم مواقفهم مع القرآن، يخشون الله ولا يخشون أحداً إلا الله، يقومون بمسؤولياتهم العظيمة التي حددها القرآن الكريم والتي ترتبط بالقرآن الكريم وبمهماتهم كعلماء، وهناك علماء سوء مجرمون مضلون مثبطون عن سبيل الله, صادون عن سبيل الله, شياطين، يمثلون خطراً بالغاً وكبيراً على الأمة، ويعملون لصالح أمريكا، ويدجنون الأمة لصالح أمريكا. الأمريكيون منهم في أمان، الإسرائيليون منهم في أمان، لن يكون لهم موقف من أي أحد، من أي ظالم من أي مجرم من أي طاغية، باستثناء الفئة التي يرون أنها مستضعفة يتنمرون يمكنهم إصدار بيانات، يمكنهم تحديد مواقف، يمكن لأتباعهم الضالين أن يحملوا السلاح وهكذا! فلذلك تكون المسألة واضحة.
من أهم الأشياء في هذا الجانب رسالة الإمام زيد إلى علماء الأمة، هذه رسالة مهمة جداً، توضح مسؤولية العلماء كيف يجب أن يكون العالم؟ وتكشف حقيقة علماء السوء منهم, بأوصافهم, بعلاماتهم, بأساليبهم, موقعهم, خطورتهم على الأمة.
أنا أنصح كثيراً وأنصح طلاب العلم بالذات أكثر من غيرهم أن يتفهموا هذه الرسالة, رسالة الإمام زيد إلى علماء الأمة، وأكرر ليس قصدي الإساءة إلى أشخاص معينين، لكن المسألة خطيرة؛ لأن السفارة الأمريكية تريد اختراق كل فئات المجتمع وتريد أن تتحرك تحت كل العناوين وتحرك الجميع تحت عناوين كثيرة، البعض قد يتحرك بشعور والبعض قد يتحرك بدون شعور؛ لأن الكثير ليسوا متنبهين، ليسوا حذرين، ليس عندهم تركيز على هذه القضية وإلى هذا الخطر، لا يلتفت إلى هذا فقد يُدفع من حيث لا يشعر.
نذكر أن على العلماء أن يقوموا بمسؤوليتهم, عليهم أن يتقوا الله، عليهم أن يكونوا مثلما كان الوالد (رضوان الله عليه) علماء أخيار أبرار قائمين بمسؤوليتهم رحماء بالأمة، أن يكونوا أماناً للأمة، أن يكونوا في صف القرآن الكريم، أن يكونوا مقتدين بالرسول (صلوات الله عليه وعلى آله), وهناك علماء نجلُّهم, نحترمهم, نقدرهم، وهناك علماء طلابهم مجاهدون في سبيل الله ولهم دور إيجابي داخل واقع الأمة، لكن يجب أن نعي أن هناك علماء مضلين مجرمين شياطين، علماء سوء هذا هو منطق القرآن، علماء مثلهم كالحمار كالكلب لعنهم الله في كتابه، ولعنهم اللاعنون.
هذه من الحقائق التي يجب أن يعرفها الجميع وأن يكون الجميع على حذر منهم من ضلالهم؛ لأنهم آلة وسلاح خطر يشغلهم العدو لصالحه.
أصل في ختام الكلام إلى قضية هامة, الأحداث الأخيرة التي وقعت, السيارات المفخخة، هذا العدوان الأمريكي الإسرائيلي الإجرامي البشع، حادثة الجوف وحادثة المصاعبة، هذين الحادثين ليسا غريبين على الأمريكيين والإسرائيليين، ما يفعلونه في العراق, ما يفعلونه في أفغانستان, ما يفعلونه في باكستان من هذا النوع من هذا النمط، إنما هناك بعض الإيضاحات التي يجب التنبه لها.
في الفترة الماضية كان هناك سعي حثيث على الربط ما بين هذه المسيرة وبين التنظيم الإستخباراتي الأمريكي الذي يُطلق عليه - للتضليل والخداع - اسم [تنظيم القاعدة] لكن هذه المحاولات باءت بالفشل لم تنجح أبداً؛ لأنها محاولات فاشلة خاسرة.
كانوا يريدون من خلالها، من خلالها الاعتداء على الناس وإيجاد مبررات لتحرك الطيران الأمريكي ليضرب بفاعلية ويعتدي بفاعلية وبكل حرية، حين سقط هذا المشروع، حين فشل هذا المخطط اتجهوا لطريقة أخرى ارتكاب جرائم ينفذها عناصر من العملاء المجرمين الذين باعوا أنفسهم للشيطان وتجندوا مع الاستخبارات الأمريكية والموساد الإسرائيلي، عمليات إجرامية بكل وضوح، عليها الصبغة اليهودية عليها الشكل اليهودي؛ لأنها إجرامية بحد لا يمكن أن يقترفه إلا اليهود.
أولئك العملاء المجرمين التابعين للموساد الإسرائيلي والاستخبارات الأمريكية ينفذون عدوانهم ثم يُعلن عنه أنه باسم - هذا الوهم هذا الزيف هذا الدجل عبارة - [تنظيم القاعدة] ليس هناك من كيان مستقل ولا تنظيم مستقل، هناك عناصر عربية استخباراتية موظفة في الاستخبارات الأمريكية والموساد الإسرائيلي تشتغل بوضوح كانت في الجبهة الأمريكية في مواجهة الإتحاد السوفيتي أيام أفغانستان ونُقلت إلى جبهة أخرى تحت عناوين أخرى، بمسميات أخرى، لكنها تلعب دوراً واحداً لصالح طرف واحد هم اليهود، هي أمريكا وإسرائيل.
يجب أولاً تجاه هذه الجرائم أن يكون هناك وعي، أن يكون منطق الجميع، المنطق الذي يتكلم به الجميع أن هذه الجرائم هي أمريكية وإسرائيلية، هي من بِنات ومن إنتاج ومن مخترعات ومن نماذج ومن أعمال ومن إجرام المخابرات الأمريكية و الإسرائيلية، هم الذين ينفذونها، وهذه لعبهم، وهذه جرائمهم.
هذا منطق مهم؛ لأن الأمريكيين يعملون دائماً أن يشتغلوا تحت غطاء، الأمريكي لا يريد أن يشتغل بالمكشوف؛ لأنه لا يريد أن يثير سخط الناس عليه، يريد أن يقتل في الناس الموقف، لا يكون منهم موقف تجاهه؛ لذلك يسعى بكل جهد أن يضرب الناس من حيث لا يشعرون، وأن يستغلهم، وألاّ يُستثار سخطهم عليه، وبهذه الجرائم الخطرة جداً يحقق أهدافاً متعددة: قتل وإبادة بشكل عام للمسلمين وكذلك خداع للناس وتوجيه لحالة السخط إلى وهم، إلى وهم وليس عليه، وهذا هدف خطير؛ لأنه يتحاشى من وراء سخط الناس ما يترتب على سخط الناس من مواقف قد يتحركون فيها.
فالقضية الأولى والأساسية هي أن يكون منطق الناس موحداً، وفي هذا الاتجاه أن هذه جرائم أمريكية إسرائيلية تستهدف الشعب اليمني المسلم، كما هناك من أمثالها جرائم لنفس الأمريكيين والإسرائيليين تستهدف الشعب العراقي المسلم, الشعب الباكستاني المسلم, الشعب الأفغانستاني المسلم، جرائم واحدة لطرف واحد, بأسلوب واحد، هذا شيء.
الشيء الثاني الاهتمام بالجانب الأمني يجب أن يتحول الحس الأمني والشعور بأهمية الجانب الأمني والتعاون في الجانب الأمني يكون مسؤولية عامة، من مسؤولية الجميع، من اهتمام الجميع، وأن يتربى عليها الجميع، وأن تكون محط اهتمام عند الجميع هذا شيء مهم، وهو من أكثر ما يفيد.
المجاهدين من جانبهم سيتحركون في أي عمليات يقتضيها العمل الأمني في ملاحقة تلك العناصر الإجرامية التابعة للموساد الإسرائيلي والاستخبارات الأمريكية، ومن واجب الناس أن يتعاونوا في النشاط الأمني في كل مجالاته سواءً ما يقدمونه من معلومات أو ما يتعاونون فيه في الواقع الميداني لدفع هذا العمل, لتقويته, لتنشيطه, لدعمه بما يحتاج, هذه أمور هامة وهي من مسؤولية الجميع, وأملنا كبير في الله أنهم فاشلون عن قريب بإذن الله وبحول الله، ولن نقف مكتوفي الأيدي، هناك خيارات كثيرة ندرسها والله هو المعين، والله هو خير الناصرين.
أسال الله لي ولكم التوفيق، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا أن نواصل المشوار مع الله على نهج أوليائه، في الطريق الذي كان فيه الوالد (رضوان الله عليه)، طريق القرآن الكريم, الجهاد في سبيل الله، صراط الله المستقيم, هذه المسيرة العظيمة القرآنية المقدسة المباركة، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتب لنا النصر والعون والتوفيق والسداد إنه ولي قريب مجيب سميع الدعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،،
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]