محمد حسن زيد
أبطل (طُـوفَانُ الأقصى) سحرَ الفتنة المذهبية التي صنعتها التنظيماتُ التكفيرية في سوريا نتيجةَ الربيع العربي؛ فبعدَ (طُـوفَانِ الأقصى) وجبهات الإسناد الشيعية لأهل غزة، أدرك الجميع أن أُمَّـة الإسلام واحدة وأن افتعال الأعراب لصراعٍ مذهبيٍّ في سوريا والعراق واليمن ليس سوى صراع سياسي يُرادُ له أن يظهرَ برداءٍ مذهبيٍّ؛ كي تغرَقَ الأُمَّــةُ في الفتنةِ؛ خدمة لـ “إسرائيل”..
نتنياهو خاطب الشعبَ اللبناني يَحُثُّه على التحَرّك ضد حزب الله؛ لترتاحَ “إسرائيلُ” وتتفرَّجَ على الحرب الأهلية اللبنانية، فلم يتحَرّك الشعب اللبناني.
نتنياهو خاطب الشعب الإيراني يَحُثُّه على التحَرّك ضد نظام آية الله وقلب نظام الحكم؛ لترتاحَ “إسرائيلُ” وتتفرَّجَ على الحرب الأهلية الإيرانية فلم يتحَرّك الشعب الإيراني.
نتنياهو أشار فقط بالتهديد لنظام الأسد فتحَرّكت التنظيمات التكفيرية في سوريا فورًا..
اتضح بعد الإخفاق العسكري الإسرائيلي أن التنظيمات التكفيرية في سوريا هي الكرتُ الرابحُ للمشروع الصهيوأمريكي فقد نجحت هذه التنظيماتُ أن تُحيِّدَ معظمَ جمهور أهل السُّنة من الصراع العربي الصهيوني؛ باعتبَاره صراعًا بين محور مقاومة شيعي معادٍ لأهل السُّنة من جهة وبين “إسرائيل” من جهة أُخرى، وقد قالها الشيخُ سمير كعكة، أحد قادة هذه التنظيمات التكفيرية مبرّرًا احتفالَه باغتيال “إسرائيل” للسيد حسن نصر الله: “اليهود لم يُعادوا المسلمين سوى منذ سنة 1948م، بينما الشيعة يُعادون المسلمين منذ مئات السنين” هذا الشيخ يحتكر صفة الإسلام لنفسه ولأمثاله من التكفيريين ويُخرِجُ ملايينَ الشيعة من الإسلام رغم أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؛ ليُدلل على أن عداوة الشيعة أولى في أجندته المنحرفة من عداوة الصهاينة.. فهذه هي أولويةُ هذه التنظيمات التكفيرية التي لا مشروعَ سياسيًّا لها سوى شيطنة الشيعة والتعبئة ضدهم والتحريض عليهم، ولا حَـلَّ للشيعة -كي يتوقَّفَ هذه العداء ضدهم- إلا أن يُبادوا عن بكرة أبيهم، فماذا سيكون رَدُّ الشيعة؟
من الطبيعي أن يُدافعوا عن أنفسهم ووجودِهم.. وستبقى الحربُ طالما بقيت أجندةُ الشيخ سمير كعكة وشعاراته، وبذلك فوظيفة هذه التنظيمات التكفيرية هو خلق فتنة مُستمرّة وإبقاؤها مشتعلةً متأججةً متصاعدةً حاضرةً؛ كي ترتاحَ بها “إسرائيل” وتتفرَّجَ على الحروب الأهلية.. علمًا أن أغلبيةَ سكان المحافظات السورية التي يحكُمُها النظام السوري هم من أهل السُّنة ولا أحد يقتلهم أَو يشيطنُهم لمُجَـرّد كونهم من أهل السُّنة، وفي المقابل هل تتخيلون أُسرةً شيعيةً واحدة تعيش تحت حكم التنظيمات التكفيرية، سواء في سوريا أَو في العراق أَو في اليمن؟!
هذه التنظيماتُ نشطت فجأةً من جديد بصورة كثيفة وخرقت اتّفاقَ خفض التصعيد الذي تم توقيعُه سنة 2019م بعد يوم واحد فقط من وقف إطلاق النار بين “إسرائيل” وحزب الله 2024م، وهذه ليست مصادفةً؛ فمقتلُ السيد حسن نصر الله خلق فراغًا سياسيًّا، والضرباتُ التي تلقاها حزبُ الله خلقت فراغًا عسكريًّا، وكثمرة لهذا الفراغ تحَرّكت هذه التنظيماتُ التي يدعمُها الأعراب والأتراكُ؛ لقطع طريق الإمدَاد عن حزب الله إن أمكنها ذلك، فقطعُ شريان الدعم العسكري هذا هو هَــمُّ “إسرائيل” الأولُ لتحييد حزب الله، وليس أمام حزب الله لمواجهة هذا التهديد الاستراتيجي إلا واحدٌ من خيارَينِ: إما أن يتفرَّجَ بسذاجة على هذه التنظيمات التكفيرية وهي تخنقُه ببطء، أَو أن يضطرَّ للتدخل كما اضطرَّ للتدخل من قبلُ لحماية خطوط إمدَاده فيخوض حربًا مع تنظيمات تكفيرية أولويتُها مذهبيةٌ وخطابُها مذهبي وتأثيرُها مذهبي ولُعبتُها صهيونية؛ لتتفرَّجَ “إسرائيلُ” وترتاح..
هذه التنظيمات التكفيرية تُحيْي الدورَ الخبيثَ للأعراب (لقناة الجزيرة بالذات) وتسعى لإنجاز ما فشلت “إسرائيل” عن إنجازه عسكريًّا، كما تسعى جماهيريًّا لإعادَةِ إحضار الشحن الطائفي الذي أبطل (طُـوفَانُ الأقصى) مفعولَه..
والله المستعانُ، هو نعم المولى ونعم النصير.