هاشم أبوطالب
يسعى ترامب -من خلال تحركاته في منطقة البوليفاري- إلى تأمين النفط من أكثر دولة تمتلك أكبر مخزون نفطي هناك وهي فنزويلا. فإخضاع فنزويلا -وهو يسعى إليه- سيكون الخطوة الأولى للمواجهة مع إيران واليمن، فواشنطن بحاجة إلى تأمين مخزونها النفطي للعودة إلى مواجهة محور المقاومة، وسيقف ترامب محرجا أمام الرياض، ولن يستفيد من نفطها الذي لن يسلم من الصواريخ والمسيرات اليمنية في حال فكر بالعودة للمواجهة، ولهذا اتجه إلى خصم يمتلك الذهب الأسود ولا يمتلك قوة المواجهة.
لم يستغل الرئيس الفنزويلي "مادورو" الثروةَ في بناء الجيش كما فعلت إيران، والآن ما يمكن أن يفعله فقط هو حشد مئات الآلاف من المقاتلين، وهذه الورقة لم تعد رابحة في معادلات الصراع الحديثة، فقد تفعل أمريكا مع فنزويلا ما فعلته مع نيكاراغوا: دمرت المنشآت الحيوية والاقتصادية بشكل كامل حتى أخرجتها من الخارطة السياسية عقب الانهيار الاقتصادي المستمر إلى الآن.
وفي فنزويلا فالأمر أكثر خطورة من نيكاراغوا: هناك مئات الآلاف من المعارضين لمادورو يتحينون الفرصة للخروج للشوارع بالتزامن مع الضرب الأمريكي للمنشآت الحيوية في فنزويلا، بالتالي، إذا لم ينهَرْ "مادورو" فعلى الأقل سيدخل في حرب أهلية، وفي كلا الحالتين مصلحة لأمريكا، إلا إذا دخلت الصين أو روسيا على خط الأزمة فسيكون الوضع مختلفا تماما، لكن في الوقت الراهن لا تبدو الدولتان في جهوزية لمثل هذه التطورات، خاصة بعد الغرق الروسي في أوكرانيا وانكفاء الصين على نفسها.
كان على مادورو أن ينحو منحى اليمن وإيران من حيث التقدم في تطوير الأسلحة محليا، والعمل على تقوية الجبهة الداخلية، كأهم ركيزتين تحدد مستقبل الدول أثناء الحروب، خاصة وأن أمريكا ستعتمد في حربها مع فنزويلا على القصف الجوي والبحري دون الحاجة للاجتياح البري، بالتالي فالمليون مقاتل الذين جهزهم مادورو بلا جدوى من المنظور العسكري.
إذا نجحت أمريكا في إخضاع فنزويلا فعلى إيران ودول المحور الاستعداد للجولة الأكبر من الصراع، فأمريكا ستعيد الكَرَّة أمام إيران كونَها التهديد الأخطر، فيما ستعمل أمريكا على الدفع بالسعودية للحرب على اليمن دون اكتراث للتبعات على مصادر الطاقة هناك بعد تأمين حاجتها من فنزويلا.
وهنا يمكن القول إن العدوان على فنزويلا يعَدُّ عدوانا على كل الدول المناوئة للهيمنة الأمريكية، الأمر الذي يستدعي تكاتف الجهود لتوحيد الموقف تجاه العنجهية الأمريكية.





