مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الشهادة في سمو وعظمة منزلتها واعتبارها لدى الجميع، الشهيد في مقامه العظيم والعالي وما حظي به من شرف باعتراف الكل، ولذلك يتنازعون على هذا المسمى، كلٌ يريد أن يكون قتلاه الذين ضحوا أَوْ قدموا، أعطوا في اتجاهه أن يكونوا بهذا العنوان وبهذا الاسم، ونلحظ مثلاً أن البعض لم يعد لديهم حتى فهم صحيح عن مسألة الشهيد الحق والشهادة الحقة التي تعتبر وفق التوصيف القرآني وفق التسمية الإلهية التي ارتبط بها الوعد الإلهي فيما وعد به الشهداء، فحصل التباس فيه لدرجة أن البعض مثلاً يتصور أن عنوان الشهيد يتعلق بأية جهة، كُلّ قتيل بنظرهم يعتبر شهيداً ويرون فيه أنه شهيد باعتبار أنه قتيل، فمن قتل فهو بنظرهم شهيد، ولغياب مثلاً حالة التثقيف أَوْ تشوش حالة التثقيف والتوعية تجاه هذا الأمر وتجاه هذه المسألة، طبعا يمكن النظر إلى كثير من هذه الحالات التي يطلق فيها هذا المسمى على كثير من الناس بالعرف، المسمى العرفي والعنوان العرفي، يعني شيء الكل تعارفوا عليه بهدف التقديس أَوْ التثمين والتقدير للتضحية التي قدمها شخص ما، لكن علينا أن نعي جميعا ما هو المعنى الحقيقي والصحيح للشهيد والشهادة ومتى يكون الإنْسَان فعلا شهيداً في سبيل الله، هناك أَيْضاً في الأوساط الدينية لدى البعض سوء تقديم وسوء ترغيب في الشهادة في سبيل الله، فمثلاً البعض حتى تحت العناوين الدينية يقدم عنوان الشهادة وكأنها مجرد عملية انقتال بسبب الاستعجال السريع للانتقال للجنة والتمتع بالحور العين، كثير يقدم الشهادة هكذا مثلا، إنْسَان عجال زهق من هذه الحياة يشتي يتنعم، يريد يرتاح ومستعجل جِدًّا للذهاب إلى الحور العين، ويأتي في بعض الأوصاف ذات العناوين الدينية غير الواعية، يأتي كَثيراً الشد إلى الشهادة والترغيب في الشهادة تحت عناوين مادية بحتة إما الحرمان أَوْ غير ذلك من النعيم وأصبحت منهجية ربما لدى البعض مثل القوى التكفيرية، منهجية محاطة بأساليب معينة وطرق معينة، تُحدِثُ تأثيراً في البعض، فيذهب هكذا ليس لديه قضية ليس لديه مبدأ، ليس لديه أي شيء، المسألة ملخصة عنده ومختصرة عنده في حدود أنه يريد أن يذهب ليجعل من عملية القتل وسيلة إلى انتقال سريع إلى هناك، إلى ما قد شدوا أنظاره إليه وعبأوه إليه بشكل جذاب ومغري جِدًّا جداً، حتى بات لا يفكر بشيء إلا بالحوراء ومعانقتها والعيش معها إلى آخره.

عندما نأتي إلى القرآن الكريم نجد التعبيرات القرآنية، تعبيرات حكيمة وهادية وتقدم لنا كذلك المدلول الصحيح والتعريف الصحيح ومع إحاطة المسألة هذه بالتعظيم والتقديس والتبجيل الكبير، يقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون)، ويقول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضلهم ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين)، الشهادة الحقة الشهادة التي ارتبط بها الوعد الإلهي بالحياة الكريمة عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى والزلفى لديه وأن يحظى الإنْسَان في تلك الحياة برعاية إلهية خاصة وعظيمة حيث يحل الإنْسَان الشهيد ضيفاً في رعاية الله، في كرامة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، محفوفاً بهذه العناية الإلهية، في ظل انتقال إلى حياة حقيقية مؤكدة، أكدت في النصين القرآنيين وإن كانت غير الحياة المألوفة في واقعنا، ولا نعرف التفاصيل الكثيرة عن هذه الحياة إلا بحدود ما قدم في القرآن الكريم، أَوْ أثر عن الرسول صلوات الله عليه وعلى آله، هذه الحياة ينتقل الإنْسَان فيها إلى حالة من الاطمئنان التام والأمن والاستقرار النفسي والاستبشار بجنة الخلد التي ما بعد مرحلة القيامة والحساب، يعني ليست الحالة انتقال إلى جنة الخلد ينتقل الشهيد إليها مثلاً التي يمكن أَوْ يفترض الانتقال إليها بالنسبة للمؤمنين والموعودين ممن يرضى الله سعيهم في هذه الحياة ويرضى عملهم ويتقبل إيمانهم والتي هي ما بعد قيام القيامة، هذه مسألة أخرى، الشهيد لا، يحظى ما قبل ذلك بحياة لها شكلها الآخر في ظل رعاية إلهية مؤكدة عظيمة، في ظل ضيافة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مستبشرا وفرحا برزق الله، بل أحياء عند ربهم يرزقون، يتنعمون حقيقة، الله أعلم عن تفاصيل هذا النعيم، عن تفاصيل هذا النعيم عن تفاصيل هذا الحياة عن كيفية هذه الحياة.

النص القرآني يؤكد أنها حياةٌ حقيقية؛ لأن البعضَ كذلك يستبعدونها ويتصورون المسألة وفق تأويلاتهم مسألة تحكي عن المستقبل البعيد، أَوْ مستقبل ما بعد القيامة، فيما هي تأكيدات وتطمينات إلى آخره، لكن لا النص القرآني يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنها حياة حقيقية وفيها النعيم وفيها الرزق وفيها الاستبشار بالمستقبل الموعود العظيم، وفيها الاستقبال بمن خلفهم ممن هم في نفس الطريق في نفس النهج، في نفس المبادئ، في نفس التوجه في نفس الالتزام في نفس الهدف، فالقرآن يؤكد هذا، هؤلاء الذين يحظون بهذا الشرف العظيم، برضى الله عنهم، بتقديره العظيم بعطائهم بتضحيتهم لدرجة أن يخلدهم في حياة أبدية وألا يذهبوا إلى الفناء والانعدام إلى يوم القيامة، بل يحظون حتى من بعد لحظات شهادتهم ومرحلة شهادتهم إلى قيام الساعة بهذه الحياة، بهذه الضيافة الإلهية، هذا تقدير كبير بعطائهم، وتمجيد وشكر لسعيهم وعطائهم، يعني مكافأة إلهية عظيمة تعبر عن عظمة هذا العطاء وعن التقدير الإلهي والتثمين الإلهي والرضى الإلهي عن هذا العطاء، رضى من الله وقابل عطاءهم وتضحياتهم بحياتهم بهذا العطاء العظيم.

فالشهيدُ يرى نفسَه ما بعد الشهادة مع فارق لحظة السقوط في حالة الشهادة، يرى نفسه بعد ذلك في ذلك العالم، الله أعلم أين، وقد صار في ظل تلك الحياة في كُلّ أجوائها في ظل تلك الضيافة والرعاية الإلهية الكبيرة والعظيمة، هذه الشهادة ليست مجرد توجه من الإنْسَان برغبة مادية بحتة، يعني إنْسَان لم يكن يهمه من الشهادة إلا معانقة الحور العين وإلا الوصول إلى تلك الماديات، لا، العنوان الواضح في الآيات القرآنية سواء في قوله تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)، أَوْ في قوله تعالى: (ولا تحسبن الذين قُتلوا في سبيل الله)، هذا العنوان العظيم المهم الكبير المقدس وهو في “سبيل الله” يوضح أن للشهيد قضية وله هدف وله مبتغى، ليس مجرد شخص لم يكن يفكر أبدا بأي شيء ولا يهمه شيء ولا يرتبط بشيء ما عدا ذلك الهدف المادي الذي استعجل للذهاب إليه وكان مستعجلا جِدًّا للرحيل إليه، الشهيد له مبدأ، له قضية، له أخلاق له أهداف وهو ينطلق على أساس من تلك القضية، فيضحي وهو يحمل تلك القضية، هذه القضية يعبر عنها في أنها قضية عادلة وفي أنها قضية مشروعة وفي أنها قضية محقة وفي أن الهدف فيها هدف مقدس، بهذا العنوان الشامل الجامع وهو في سبيل الله، لا يمكن أن يكون هناك عنوان يعبر عن حق وعدل وصدق وهدف مقدس وتوجه صالح وعمل مشروع مثلما يعبر هذا العنوان، “في سبيل الله”؛ لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وهو الملك الحق المبين، هو الحق ومنه الحق وهو الذي يرسم لعباده الحق، وهو جل شأنه هو ملك السموات والأرض وهو الذي يشرع لعباده الشريعة الحق يرسم لهم معالم الحق يعلمهم العدل يقدم لهم في تعليماته في توجيهاته فيما يأمرهم فيما ينهاهم، فيما يفصل بينهم في كُلّ ما يقدمه لهم، العدل، العدل في كُلّ شيء، العدل في كُلّ شؤونهم، العدل في كُلّ شؤون حياتهم، العدل في كُلّ المواضيع التي يمكن أن تكون ذات خلاف أَوْ محل صراع، أَوْ يمكن أن يحدث بشأنها اختلافات ونزاعات، الحق من الله هو الحق، ولا حق غيره، العدل فيما يقدمه لعباده، هو العدل لما تعنيه الكلمة، لا حيف فيه ولا جور فيه ولا ظلم فيه، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رسم لعباده في هذه الحياة المبادئ التي تمثل المبادئ الحق لكل من يريد الحق في هذه الحياة، من يريد أن يكون ويهمه أن يكون على الحق في هذه الحياة الله رسم من خلال أنبيائه ورسله وكتبه المبادئ الحق التي من التزم بها من البشرية، أيا كانوا من أي صقع وأي قطر وأي منطقة في العالم، من يلتزم بتلك المبادئ هي مبادئ حق، ورسم لهم طريق العدالة وحد لهم حدود العدالة التي إن التزموا بها أَيْضاً كانوا على العدل وحذرهم من الظلم ونهاهم عنه بكل أشكاله الظلم بكل أشكاله بكل أساليبه ما كان منه يطال الإنْسَان في نفسه في حياته مثل قتل أَوْ مثل سجن أَوْ مثل أذى بالتعذيب أَوْ أية وسيلة من وسائل الظلم الذي يمس الإنْسَان مباشرة في حياته أَوْ في جسده أوفي نفسه أَوْ ما يمسه في حق من حقوقه في هذه الحياة في ماله أَوْ في عرضه أَوْ في غير ذلك.

يحدد متى يمكن أن يعاقب هذا الإنْسَان بحق وأن يجازى بعدل ومتى لا يجوز ذلك أبداً وعلى كلٍ في سبيل الله هو عنوان للطريقة التي رسمها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من ارتبط بها والتزم بها وسار على أساسها والتزم بها في هذه الحياة، التزم بها سلوكا التزم بها موقفا وهي مجموعة من القيم الأخلاقية والإنْسَانية والفطرية والتعاليم العادلة والتعاليم التي هي عدل وصدق وحق وخير وفلاح ورشد وزكاءٌ لا حيف فيها لا مساوئ فيها لا خزي فيها لا عار فيها كلها شرف لهذا الإنْسَان كلها خير لهذا الإنْسَان كلها تعبر عن مصلحة حقيقة لهذا الإنْسَان وللبشرية جمعاء أيضاً، فمن لقي الله بهذا الطريق على أساس من هذه المبادئ والقيم والأخلاق ملتزماً بها يعتبر عند الله شهيداً، شهيداً يحظى بها النعيم بهذا التكريم بهذه الرعاية بهذه الضيافة بعدها نعيم يمتد إلى الأبد إلى ما لا نهاية له نهائياً أبدا “جنة الخلد التي وعد الله بها المتقين”، ولذلك لنعي جميعا ما كُلّ من يقتل فهو شهيدٌ، لا، الذي يقتل لهدف باطل ليس شهيداً عند الله كان يريد هدفا أَوْ يسعى من وراء جهده القتالي مثلاً لأهداف مادية باغيا فيها معتديا فيها لا يملك قضية ليس هو هذا الشهيد الذي تحدث عنه القران الكريم والذي قدم له هذا الوعد الإلهي، من كان في موقف باطل ليس في موقف الحق لا يسمى عند الله شهيداً ولا يعتبر عند الله شهيداً ولا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالوعد الإلهي للشهداء، من كان باغياً ظالماً مجرماً وقتل في هذا الاتجاه الإجرامي فهو مجرم خلاص مجرم.. المجرم ليس بشهيد المجرم مجرم، المجرم يعني اتجاهه إلى جهنم ولا يمكن له أن يحظى بذلك النعيم والشرف والتكريم والرعاية الإلهية وذلك المجد والسنا إلى آخره، لا.. ولكن من ينطلق يحمل هذه القضية العادلة والموقف الحق المشروع بحق ويضحى بهدف سامي فهو شهيد وقد يكون الإنْسَان مثلاً شهيداً مظلومية يعني قتل بغير حق اعتداء عليه بغيا عليه ولكن لم يكن في إطار مسئولية هذا شهيد مظلومية لكن شهيد المسئولية شهيد الموقف شهيد الحق الذي يحمل قضية عادلة ويتحرك ويضحي مقامه أعلى مقام، وموقفه هو الذي حظي بذلك التمجيد والثناء وارتبط به تلك الوعيد العظيمة والكبيرة.

فهذه لمحة عن الشهادة، وأيضاً من الأشياء المهمة التي ينبغي أن نلحظها في موضوع الشهادة أن الشهادة ليست مجرد حالة من التضحية غير الواعية، يعني مثلاً أن الإنْسَان ضبح وَتعقد خلاص يشتي يخلص من هذه الحياة، لا، الشهادة تضحية واعية ثابتة هادفة بدافع إيماني، الشهيد

هو إنْسَان له مشاعره لها علاقاته له ارتباطاته في هذه الحياة إنْسَان طبيعي إنْسَان سليم إنْسَان متزن يملك في وجدانه كُلّ المشاعر الإنْسَانية يحب له عواطف له أحاسيس له مشاعر إلى آخره.

ولكن هدفه السامي مشروعه الكبير قضيته العادلة هي كانت فوق كُلّ اعتبار وأيضا هذه المشاعر والأحاسيس تتحول إلى عامل مساعد حتى محبته للناس حتى محبته لـ أسرته حتى محبته لأصدقائه حتى محبته لأمته تتحول إلى عامل مساعد ومحفز على الشهادة في سبيل الله تعالى نصرة لـ أولئك المستضعفين ودفاعاً عنهم ودفعاً للظلم عنهم ودفعاً للاضطهاد عنهم.

هي في نفس الوقت تضحية واعية بحقيقة هذه الحياة فالحياة هذه الحياة هي حياة مؤقتة على كُلّ حال، وإذا جينا لندرس الشهادة في ميزان الربح والخسارة وهل الشهيد خسر حياته وترك ما هو فيه في هذه الدنيا وخلاص انتهى، لا، إذا جئنا لنحسب الأمور بحساب الربح والخسارة كلنا يعلم وكلنا يوقن أن وجودنا في هذه الحياة وجود مؤقت وأن الفناء محتوم عليه والموت نهاية حتمية لكل الموجودين في هذه الحياة، الله جل شأنه قال عن الأرض “كُلّ من عليها فانكُلّ من عليها ملوك، رؤساء، زعماء، قادة، كبار، رجال، صغار، نساء، الكل نهايتهم في هذه الحياة في الوجود على كوكب الأرض في الوجود في هذه الحياة الفناء، الفناء أمر حتمي “كُلّ من عليها فان” يقول جل شأنه “كُلّ نفس ذائقة الموت” هذا أمر واضح لهذا كم هي الأجيال التي رحلت قبلنا، نحن اليوم جيل متأخر في آخر الزمان الله أعلم كم من الأمم كم من المليارات من البشرية التي قد رحلت وفارقت هذه الحياة عاشوا في هذه الحياة كانوا في هذا الوجود عاشوا بحظهم بنصيبهم في هذه الحياة بمقدار ما كتب لهم في هذه الحياة وما أعطوا في هذه الحياة فعاشوا هذه الحياة بحلوها ومرها بصراعاتها ومشاكلها وخيرها وشرها وما فيها ورحلوا جيلا إثر جيل إثر جيل لم يستطع جيل ولم يستطع حتى البعض من البشرية أن يبقوا خالدين في هذه الدنيا وأن يتخلصوا من الفناء وأن يدفعوا عن أنفسهم الموت وأن يعيشوا إلى الأبد، فنرى مثلاً في عصرنا شخصا له كذا كذا آلاف من السنين وكذا كذا مئات الآلاف أَوْ عشرات الآلاف في عمره من الأعوام، أجيال إثر أجيال كان فيهم الملوك والمقتدرون والأغنياء ذو الثروة الهائلة الذين من لو استطاع في هذه الحياة بأموال كثيرة وهائلة أَوْ بكميات هائلة من الذهب وَالفضة أَوْ من المبالغ أَوْ من النفائس أعمارا طويلة ومددا وأجيالا متأخرة لفعلوا، لا.. خلاص يطويهم الزمان الموت يأتي عليهم الفناء يحل عليهم أمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الغالب القاهر ويرحلون، وأصبحت هذه مسالة حتمية معروفة عند البشر لا أحد يستطيع أن يدعي لنفسه الخلود في هذه الدنيا وفي هذه الحياة كُلّ منا يوقن أنه سيموت وأن الفناء محتوم عليه، فهذه أول حقيقة من الحقائق التي تجعلنا ننظر إلى الشهادة ونفهم كيف هي في ميزان الربح والخسارة لا بد لكل منا من الرحيل من هذه الحياة وأننا موجودون بين آجال وحدود معينة لك أجل لا يمكن أن تتعداه نهائياً هذه واحدة من المسائل.

حقيقة أخرى من الحقائق كلنا لا يدري ولا يعرف متى سيموت؟؟ ما أحد يعرف بالتحديد والتأكيد واليقين أن وفاته ستكون في عام كذا في يوم كذا في وقت كذا لا.. ما أحد يعرف على وجه التأكيد واليقين متى سيموت ولا كيف ستكون نهايته في هذه الحياة، هل بوفاة بشكل طبيعي هل بمرض معين هل بحادث من الحوادث؟ بعضهم مثلاً حادث اصطدام سيارة أَوْ انقلاب سيارة أَوْ أي حدث من الأحداث الكثيرة جِدًّا والمتنوعة في هذه الحياة والتي تنوعت أكثر في زمننا هذا في زماننا هذا تنوعت الحوادث بشكل أكثر وأوسع.

كيف هي نهايتك في هذه الحياة لا تعرف، أَيْضاً أين أين ستكون نهايتك أين ستلاقى حتفك؟ أين سيأتي الموت وأنت في أي مكان (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) ما تعرف أي أرض ستكون نهايتها في بقعة في أي منطقة لا تعرف هذا، هذه حقائق مؤكدة بالنسبة لنا لابد من الفناء لابد من الموت لا يعرف الإنْسَان متى ولا كيف ولا أين؟.

فإذاً الشهادة هي السبب الوحيد لانتقالك من هذه الحياة فإذا فرضنا أنك لم ترزق بالشهادة فتبقى في هذه الحياة لا.. بل هي أفضل وأرقى وأسمى عملية استثمار من فناء محتوم وموت لابد منه وانتقال حتمي، انتقال لابد منه، إذاً الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بفضله بكرمه برحمته فتح فرصة أمام عباده لاستثمار هذا الفناء وهذا الموت وهذا الانتقال من هذه الحياة المحتوم الذي لابد منه باستثماره بشكل ينتقل الإنْسَان فيه إلى درجة عالية منزلة رفيعة نعيم عظيم فضل عظيم أجر كبير عن طريق الشهادة في سبيل الله. بأن تتحرك في طريق الحق لمقارعة الظلم والطاغوت والاستكبار بأن تتحرك؛ لأن الشهادة في سبيل الله ليست عملية تفاني في الدفاع عن الله جل شأنه هو الغني هو الغني لا يناله ضر من أحد من خلقه أبداً ولا حتى مثلاً عملية الإنْسَان يدافع فيها عن الدين بمعنى أنه هذا الدين أصبح عبء علينا وإذا لم ننطلق نحن لندافع عنه خلاص مات وانتهى الدين هو لنا هو عبارة عن برنامج حياة إذا أخذنا به سعدنا وشرفنا واعتززنا وكرمنا وكان فيه خير لنا في الدنيا والآخرة وليس عبارة عن شيءٍ ثانوي خارج حياتنا خارج واقعنا خارج مصلحتنا خارج ما هو مفيد وخير لنا هو مثل هناك عبء نضحي من أجله هو لنا مصلحة لنا خير لنا فضل لنا شرف لنا أجر لنا في الدنيا والآخرة، وعلى كُلّ عملية الاستثمار هذه تحدث عنها القرآن بعبارة عظيمة ومهمة قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) كيف ختمت هذه الآية المباركة شطرها وختامها لهذا التعبير العجيب ومن الناس من يشري نفسه يعني يبيع نفسه عن طريق التضحية بهذه النفس ابتغاء مرضاة الله في نفس الوقت يقول والله رءوف بالعباد يعني من رأفة الله بنا من رحمته لنا أن فتح لنا مجالاً لاستثمار هذه النهاية الحتمية هذا الرحيل المحتوم الذي لا بد منه من هذا الوجود من هذا العالم من هذه الحياة على نحو نستفيد منه فيما يكتب به ويكتب له ويكتب عليه ما يكتب لأجله من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ويكتب به من فضل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فتفتح لنفسك بهذه التضحية الآفاق الواسعة من رحمة الله من فضله العظيم الواسع الكبير من رعايته الكريمة.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

في الذكرى السنوية للشهيد/ 1439 هـ.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر