نوال أحمد
الشهادةُ بمفهومها الصحيح وبمعناها الحقيقي هي الشهادةُ في سبيل الله أي الشهادة التي يكون مصدرها الجهاد في سبيل الله ومن مواجهة أعداء الله، الشهادة هي أثر من آثار القتال مع أعداء الله وأعداء الدين في ساحات الشرف والعزة والكرامة امتثالاً لأوامر الله واستجابة لتوجيهاته في القرآن الكريم كما في قوله تعالى (الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أولياء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا).
وكما قال سبحانه وتعالى (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَاعْلَـمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) فالشهادة هي أن يضحي الإنسان المؤمن بنفسه في سبيل الله نصرة لدين الله ولإظهار الحق وإقامة العدل، وهي (الشهادة) ميزة عظيمة يتميز بها أهل الحق دون غيرهم وهم يدفعون كيد الأعداء ويتصدون لأهل الباطل وهم يواجهون بكل عزم وثبات الذين يحاربون الدين في كُـلّ الميادين.
إن الشهادة وسام شرف ودرجة عالية ومنزلة رفيعة وتكريم إلاهي يختص به الله سبحانه وتعالى الصفوة من عباده والخلّص من المجاهدين وأولوا الصدق من الرجال المؤمنين، فالشهادة ليست كما يظن البعض أنها محنة دنيوية، كلا، الشهادة منحة ربانية لأولياء الله وأحباؤه وأنصاره من المؤمنين به والمصدقين والمستجيبين له (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ).
فالشهادة إذن هي اختيار إلَهي لهذا الشهيد الذي وُفِق وفاز في الامتحان حين أرضى ربه ورضي الله عنه وارتضاه فاتخذه شهيدا مكرما وفي ضيافة الرحمن يحيا عزيزاً منعماً.
الشهيدُ هو الذي يقاتلُ في سبيل الله لإعلاء كلمة الله وَالدفاع عن دين الله وعن المستضعفين من عباد الله، وكلمة شهيد مشتقة من الشهادة أي أن الشهيد يأتي يوم القيامة ومعه جرحه ودمه شاهدان على مظلوميته، ويكون هو شاهداً على كُـلّ المتخاذلين والمقصرين من أبناء أمته فيحتج الله به على الناس لأن دماء الشهداء هي حجّـة الله على الناس في الدنيا والآخرة، فإذا كان العالم يشهد بصحة دين الله وَيظهر حقيقته بالحجّـة والبيان، فإن الشهيد يظهر حقيقة دين الله ويُثبت صحته قولاً وعملاً وهو يجسد آيات القرآن على أرض الواقع جهاداً بالسيف والسنان بالبندقية والإيمان، الشهادة معناها التضحية هي البذل والعطاء هي أن يبذل الرجل نفسه وروحه في سبيل الله فداء للدين ودفاعاً عن المستضعفين، بمواجهة أعداء الله وأعداء الدين والإنسانية الذين يعيثون في الأرض الفساد، فأهل الإيمان يقاتلون في سبيل الله أهل الطاغوت في كُـلّ زمان ومكان حتى يُهزم الكفر وأهله، وَينتصر دين الله وَيعود الحق لأهله وكل ذلك لا يتحقّق إلا بعطاء الشهادة الذي يقابله الله سبحانه وتعالى بعطاء عظيم وواسع.