متابعات../
يحاولُ الاحتلالُ السعوديُّ إجبارَ أحرار وقبائل محافظة المهرة على القبول بالأمر الواقع، وإسكاتِ كُـلِّ الأصوات المناهضة للوجود العسكري غير الشرعي للقوات الأجنبية الأمريكية والبريطانية والسعوديّة وغيرها.
ومؤخّراً حرَّكت السعوديّة بيدقَها الخائنَ رشاد العليمي؛ لينفذ الزيارة الأولى له منذ أن تم تعيينُه من قبل العدوان كرئيس للمجلس الرئاسي التابعة للعدوان، وهي زيارةٌ لها الكثيرُ من الأبعاد والدلالات، حَيثُ تؤكّـد استمرارَ سعي دول العدوان السعوديّ ومن خلفه الأمريكي والبريطاني وتحَرّكاتها الهادفة إلى تنفيذ خطة احتلالها؛ بحجج وذرائع مختلفة، منها مكافحة التهريب ومواجهة الإرهاب، وغيرها من الذرائع التي طالما استخدمتها واشنطن كغطاء لمشاريعها المدفوعة بأطماع السيطرة والهيمنة والنهب والاستحواذ على ثروات وخيرات الشعوب والأوطان، وهذا ما حذَّر منه السيد القائد -يحفظه الله-، حَيثُ أوضح في خطاب سابق أن العناوين المخادعة التي تهدف لاستغلال الناس تنكشف مع المتغيرات والاختبارات الحقيقية التي يتجلى فيها الصادق عن الزائف المخادع.
وتأتي زيارةُ المرتزِق العليمي إلى المهرة في إطار الاستراتيجية السعوديّة لتفكيك البنية الاجتماعية والقبلية المناهضة للاحتلال السعوديّ لمحافظة المهرة، كما أنها لا تخلو من دلالات سياسية لها علاقة بترتيبات تجريها السعوديّة، من بينها مشروع الإدارة الذاتية، الذي تم تنفيذه بداية في حضرموت التي أعلن العليمي خلال زيارته لها عن منح المحافظة النفطية الإدارة الذاتية في تولي شؤونها المالية والإدارية والأمنية.
ويتضح من خلال هذه الزيارة التي جاءت بعد أسابيع من زيارته لحضرموت المحتلّة أن الهدف منها هو تهيئة الظروف والاطلاع عن كثب على التحضيرات الجارية لإنشاء المجلس.
ولا يخفى الدور البريطاني في الدفع بالمرتزِق العليمي إلى الواجهة، فالسيطرة على خيرات وثروات المحافظة حلم لجميع قوى العدوان، وهنا يلعب المرتزِق العليمي دور ساعي البريد، وقد أصبح جسر عبور لقوات الاحتلال السعوديّ والأمريكي البريطاني، حَيثُ قام المرتزِق العليمي بوضع حجر الأَسَاس لعدد من المشاريع السعوديّة وليس المشاريع الخدمية التي لم تتحقّق، وسبق أن أعلن عنها المرتزِق هادي قبل سنوات، ولهذا جاءت بتوجيه من السعوديّة التي تقوم حَـاليًّا بإنشاء وحدات تتبع قاعدتها العسكرية التي تريد فرضها في محافظة المهرة، والتي من بينها إنشاء وحدة صحية تحت مسمى (مدينة الملك سلمان الطبية في المهرة) والتي تبين أنها عبارة عن وحدة صحية لا تتسع إلا لـ110 أسرَّة مزودة بمهبط للطائرات؛ ما يؤكّـد أن الرياض تقوم بإنشاء بنية تحتية لخدمة قواتها في السعوديّة التي تنوي توسيع عددهم بشكل دائم في سياق مساعيها لفرض مشروعها القديم بشأن مد أنبوب نفطي من جنوب شرق السعوديّة إلى سواحل المهرة.
ووفقاً للتقارير الرسمية فَــإنَّ مد الأنبوب النفطي حلم يراود السعوديّة منذ ثمانينيات القرن الماضي، حَيثُ تطمح من خلاله الرياض للوصول إلى “بحر العرب”، والسيطرة على ميناء “نشطون” الحيوي والاستراتيجي، وبناء بنية تحتية متطورة، تسمح باستخدامه لتصدير النفط السعوديّ دون المرور بمضيق “هرمز” الاستراتيجي أَو مضيق “باب المندب”، وبالتالي بعيدًا عن إيران.
لهذا فَــإنَّ المخطّط السعوديّ تم إعداده منذ عهد عبد الله بن عبد العزيز للاستحواذ على محافظة المهرة؛ بهَدفِ تأمين منفذ للسعوديّة على بحر العرب، حَيثُ كشفت التقارير وَالوثائق، أن السعوديّة ألقت بثقلها العسكري في محافظة المهرة البعيدة عن المواجهات العسكرية؛ بهَدفِ تحقيق أطماعها المتمثلة في إيجاد منفذ بحري عبر المهرة.
فمنذ أن تشكلت الدولة السعوديّة عام 1932م كانت المساعي مُستمرّة في التمدد شرقي اليمن للوصول إلى بحر العرب والمحيط الهندي، وفي الأعوام الأولى من دولة الوحدة جرى توقيع اتّفاق الحدود بين الجمهورية اليمنية وسلطنة عُمان عام 1992م ولم تخفِ المملكةُ امتعاضَها من الاتّفاق؛ كون الاتّفاق ثبت وبشكل رسمي وقانوني التقاء الحدود اليمنية العمانية السعوديّة عند مثلث الخرخير؛ وهو ما يقطع على الرياض أية ادِّعاءات مستقبلية داخل الأراضي اليمنية في محافظة المهرة.
وعلى الرغم من توقيع معاهدة جدة الحدودية بين اليمن والسعوديّة عام 2000م إلا أن الحلم ظل يراود النظام السعوديّ في الوصول إلى البحر العربي وإن لم يكن بالضم لتلك المناطق؛ فمن خلال الهيمنة وشراء القيادات السياسية والشخصيات القبلية البارزة.
وخلال ما يسمى بمؤتمر الحوار الوطني الشامل 2012-2014م كان من اللافت أن النظام السعوديّ كان في طريقه للوصول إلى تحقيق أهدافه في المحافظات الشرقية، من خلال ما يسمى مشروع الأقاليم في الدولة اليمنية الاتّحادية بصيغة من ستة أقاليم، وضم محافظتي حضرموت والمهرة إلى جانب محافظة شبوة وأرخبيل سقطرى ضمن ما يسمى بإقليم حضرموت الذي يتمتع بكل مقومات الدولة المستقلة، وهو ما يواكب المصالح السعوديّة.
ومع استمرار العدوان سعت الرياض إلى اقتناص الفرصة في تنفيذ المخطّط الاستراتيجي بالتواجد العسكري المباشر على السواحل اليمنية في البحر العربي تحت ذريعة مكافحة تهريب الأسلحة في كامل محافظة المهرة، ومد الأنبوب النفطي من الداخل السعوديّ وباتّجاه البحر العربي ومُرورًا بالأراضي اليمنية؛ أي من منطقة الخرخير في السعوديّة إلى ساحل المهرة، كطريق بديل لتصدير النفط بعيدًا عن الصراع في مضيق هرمز والتهديدات في مضيق باب المندب، إلا أن المخطّط السعوديّ الاستراتيجي أعمق من ذلك ولهذا تم إفشاله من قبل أحرار وشرفاء المهرة بقيادة الشيخ الحريزي.
-
شرعنة الاحتلال:
وبالعودة إلى زيارة الخائن العليمي إلى المهرة، فَــإنَّها تأتي في سياق الأجندة السعوديّة، والترويج لتنفيذ مشاريع خدمية على نفقة المملكة، في حين أنه لا توجد أية مشاريع.
ويعتبر هذا التحَرّك ضمن الاستراتيجية السعوديّة، المتمثلة في تقديم المعونات الإنسانية والمشاريع الخيرية والخدمات المجتمعية لتحسين صورتها لدى أبناء المدينة، بما يمكنها من تحقيق تقدم مطلوب لها في تلك المحافظة المهمة، وكذلك إلصاق تهمة التهريب والإرهاب بمحافظة المهرة واستخدامها “ذريعة” لتوسيع التواجد العسكري السعوديّ.
وتهدف السعوديّة من خلال هذه الزيارة، إلى تعزيز حالة التوتر الأمني، عبر تهمة التهريب؛ مِن أجلِ التدخل الأمريكي في المهرة، بما يؤدي إلى تعزيز التواجد العسكري لقوات الاحتلال بحجّـة “مكافحة الإرهاب في المهرة”، من هنا نفهم تأكيدات الشيخ علي سالم الحريزي -رئيس لجنة اعتصام المهرة بأن زيارة العليمي تهدف لشرعنة تواجد قوات عسكرية كبيرة لدول الاحتلال السعوديّ -الإماراتي -البريطاني –الأمريكي، مُضيفاً بأن الخائن العليمي الذي يحمل الجنسية الأمريكية، ويمتلك أكثر من 25 شركة استثمارية جاء مرسلاً من دول العدوان والاحتلال لإدانة محافظة المهرة وشرعنة احتلالها وتسليمها للقوات الأجنبية.
-
جائزةٌ منذ عقود:
وتؤكّـد المعلومات أن “زيارة العليمي لها علاقة بالتحَرّك الأمريكي البريطاني في المحافظات الشرقية النفطية، والتحَرّك السعوديّ الهادف لإخضاع تلك المحافظات لوصايتها مستقبلاً عبر فصلها عن جنوب وشمال اليمن، والمهرة التي تخوض دولة العدوان السعوديّ صراعاً للسيطرة عليها منذ سنوات العدوان والحرب الأولى على اليمن واحدة من الأطماع التي تسعى الرياض لعزلها عن اليمن، وتحويلها إلى ممر لتصدير نفطها للخارج عبر بحر العرب بدلاً عن المحيط الهندي”.
ولهذا فَــإنَّ السعوديّة تعتبر محافظة المهرة “جائزة منذ عقود”، فالمحافظة تمتلك ساحلاً طويلاً على المحيط الهندي، وستتجاوز الشحنات عبر موانئها نقطتي الاختناق اللتين يمكن أن تعرضا صادرات النفط السعوديّة والواردات الحيوية للخطر، وهما مضيق هرمز ومضيق باب المندب.
محافظة المهرة لديها كذلك أطول خط ساحلي في اليمن بمساحة 560 كم، وتعتبر هذه المحافظة أقرب محافظة إلى جزيرة سقطرى عبر بحر العرب، لذلك، ومن أجل خلق توازن جيوسياسي ضد الإمارات وكذلك الضغط عليها لخفض قواتها في الجزيرة، وتخفيف قبضتها ونفوذها في المحافظات الجنوبية والشرقية، تحظى محافظة المهرة بأهميّة استراتيجية لدى العدوان السعوديّ.
ولهذا فَــإنَّ السعوديّة ومن خلفها بريطانيا وأمريكا تحاول أن تلعب لعبتها التوسعية المكشوفة في المهرة (التي لم تُطلق فيها طلقة واحدة منذ بداية الحرب أَو تسقط فيها حجر بقذيفة) عبر المرتزِق العليمي.
-
حربٌ اقتصادية:
وفيما يخص الدور السعوديّ في محاربة الاقتصاد الوطني لليمن، يؤكّـد رئيس الاعتصام المناهض للاحتلال بمحافظة المهرة الشيخ علي الحريزي، أن “السعوديّة عملت على منع 11 شركة أجنبية من استخراج النفط والغاز اليمني في محافظة المهرة، خلال الفترة الماضية، وإجهاض كافة المحاولات اليمنية بذلك، موضحًا أن السعوديّة تدفع الأموال الباهظة للشركات الأجنبية مقابل تخليها عن استخراج النفط والغاز اليمني في المهرة، والاستحواذ على الوثائق الخَاصَّة بالاستكشافات”.
وأجرت السعوديّة بواسطة شركات مسح جوي عن مكامن النفط والغاز الطبيعي المكتشفة في المهرة منتصف ٢٠١٧، دون الإفصاح عن كمياتها، وسط اتّهامات لتهريبها والاستحواذ عليها تحت غطاء مد أنبوب النفط السعوديّ عبر المهرة وُصُـولاً إلى بحر العرب.
وبحسب الحريزي فَــإنَّ السعوديّة تتآمر على اليمن منذُ زمن طويل، وتمنع قدوم الشركات الاستثمارية من الوصول إليها لاستخراج النفط والغاز، وتحارب أي تقدم اقتصادي في اليمن منذُ عام 1967م إلى اليوم وقبلهم كان الاحتلال البريطاني.
صحيفة المسيرة: عباس القاعدي