{وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}جاء الأمر من الله سبحانه وتعالى بإعلان هذه البراءة، إعلانها بأكبر قدر ممكن لإعلانها وإسماعها لتكون صوتاً مسموعاً وموقفاً معلوماً يصل إلى كل الأعداء.
{أَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} إعلام وإبلاغ وإعلان إلى الناس موقف معلن موجه إلى الناس، واختير لهذا الموقف مناسبة يتحقق فيها اعتبارات مهمة ومتعددة، الاعتبار الأول: الاجتماع، إعلان في أكبر اجتماع يمكن أن يجتمع فيه الناس آنذاك وهو يوم الحج، في إطار مناسبة إيمانية عبادية من أهم المناسبات، وهي اجتماع الناس في الحج، وفي الحج نفسه اختيار اليوم المهم في الحج الذي يمكن أن يجتمع فيه الكل وأن يصغي فيه الكل ويسمع بهذا الموقف الكل، الجميع من الحجاج.
نلحظ هنا أهمية أن تكون البراءة براءة معلنة، لا مكان في الإسلام لموقف عدائي يُدَّعى ثم لا يعلن، مثلما قلنا بعض المتدينين الجهَلَة الذي يقول: [نحن نعادي أمريكا وإسرائيل] هذا لا يكفي عند الله، الله يريد منا أن تكون براءتنا من أعداءه موقفاً معلناً صريحاً واضحاً، وليس موقفاً يمكن أن نخبيه في داخل قلوبنا ثم ندعيه عند مناقشة أو جدل أو إشكال أو ما شابه.
هذا الموقف المشروع المؤكد عليه المسند إلى الله وإلى رسوله كموقف أساسي يعنى به كل مؤمن، الموقف الصحيح لكل إنسان مؤمن، لكل من في قلبه إيمان أن يتبناه، وأن لا يتحرج منه، وأن يدرك أنه مسألة أساسية في الدين.
عندما نلحظ من البعض مواقف غريبة جداً تعبر عن حالة استياء كبير من الشعار الذي هو هتاف براءة من كافري العصر، من مشركي زمننا، من أئمة الكفر في عصرنا، هو موقف براءة. عندما نلحظ من البعض استياء كبير من هذا الموقف أو عداء شديد لهذا الموقف، موقفهم غريب لا ينسجم أبداً مع القرآن الكريم، لا ينسجم مع إيمانهم مع إسلامهم.
ما الذي يدفع البعض على أن يستاء منك؟ لصالح من؟ لصالح أمريكا، لصالح إسرائيل، على أن يتخذ ضدك موقف، لماذا؟ لبراءتك من أعداء الإسلام.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
وهذا الموقف موقف البراءة هو موقف إيماني يعبر عن إيمانك، موقف ديني، موقف يمثل رضاً لله، وطاعة لله، واستجابة لله، وهو موقف عبادي، لا تنافر بينه وبين الأمور العبادية الأخرى، مثل من يتصورون أنه غير مناسب أن يهتف بالبراءة في المسجد، أو في مناسبة الحج، هو ذا جعل البراءة في مناسبة الحج التي هي عبادة من أهم العبادات في الإسلام، عبادة لها قداستها وركن من أركان الإسلام.
هذا أيضاً يشير إلى أهمية الحج في تبني القضايا الكبرى للأمة، في تبني الموقف الصارم الموقف الإلهي الموقف الإيماني تجاه المشركين، وأن من الوظائف الأساسية للحج هو أن يتبنى المسلمون في إطار مناسبة الحج ومغتنمين فرصة اجتماعهم لموقف موحد من أعداء الإسلام.
{أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} طبعاً عطلت مناسبة الحج إلا من بعض الحجاج القلائل من بعض الدول الإسلامية الذين يهتفون بالبراءة من المشركين، وينظر إلى هذا الموضوع ويعمم في الثقافة الدينية بأسلوب تضليلي، أن المواقف التي فيها براءة المواقف من أعداء الإسلام أنها مواقف غير مناسبة مع الأمور العبادية وهذا غير صحيح، هذا غير صحيح، نظرة مغلوطة ونظرة تخدم أعداء الإسلام، تخدم أعداء الإسلام.
{وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} مع الموقف هذا الموقف موقف البراءة الموقف الحازم والصارم فتح الله باب التوبة، ومهما كانوا عليه من شرك وكفر وطغيان لكن باب التوبة لا يزال مفتوحاً، إن هم خرجوا عما هم عليه من شرك وكفر ورجعوا إلى الله سبحانه وتعالى وأنابوا إلى الله ورجعوا إلى دينه فهو خير لهم، خير لهم.
الله سبحانه وتعالى ليس له موقف منهم كموقف شخصي، والدين لا يقوم على أساس مواقف شخصية، الموقف منهم لما هم عليه من شرك وكفر وفساد وطغيان، إن تراجعوا عما هم عليه يتغير الموقف تجاههم، وبدلاً من أن يكونوا في محل سخط من الله ومؤاخذة من الله ووعيد بعقاب الله سبحانه وتعالى، التوبة إلى الله والرجوع إلى الله هي سلام من سخط الله وعذاب الله سبحانه وتعالى.
دروس من هدي القرآن الكريم
من سورة التو بة .
ألقاها السيد :
عبد الملك بدر الدين الحوثي
الدرس الأول / بتاريخ/ 5/ رمضان/1434هـ