مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

ربيع النقيب
لم تُخلَق فاطمة الزهراء لتكون سيرةً تُروَى في المناسبات، ولا نموذجًا تُستحضر صورته للزينة الخطابية.. لقد وُجدَت لتكون مِعيارًا، ولتثبت أن المرأة حين تمتلك الوعي تتحول إلى قوة تاريخية، وأن الوعي حين تقوده القيم يصير مقاومة لا تُقهَر.

إن الحديث عن فاطمة اليوم ليس استذكارًا للماضي، بل قراءة دقيقة لمعركة الحاضر، واستشراف لمستقبل الأُمَّــة.

في عالم تُدار فيه الحروب بأدوات ناعمة، وتُغزَى فيه الشعوب من داخلها، تُصبح المرأة الهدف الأول.

فهي البوابة إلى الأسرة، والذاكرة، والهوية، وهي الحاضن الأول للوعي أَو الانحراف.

ولهذا لم يكن استهداف المرأة في عصرنا صدفة، بل خيارًا استراتيجيًّا في مشاريع الهيمنة العالمية، وعلى رأسها المشروع الصهيوني، الذي أدرك مبكرًا أن كسر الأُمَّــة يبدأ من تفكيك بنيتها الأخلاقية، وأن الطريق الأقصر إلى ذلك هو إفراغ المرأة من معناها الحقيقي.

فاطمة الزهراء تقف هنا على النقيض الكامل من هذا المشروع.

فهي امرأة لم تُختزَل في دور واحد، ولم تُفصَل عن قضيتها الكبرى.

جمعت بين عمق الإيمان، ووضوح الموقف، وصلابة الانتماء.

لم تكن معركتها معركة صدام جسدي، بل معركة وعي، حَيثُ الكلمة سلاح، والثبات موقف، والتربية فعل مقاوم بامتيَاز.

هكذا تُبنى الأمم، لا بالشعارات، بل بالنساء اللواتي يعرفن لماذا يعشن، ومع من يقفن.

إن أخطر ما تستهدفه الصهيونية العالمية في المرأة هو وعيها.

فهي لا تعادي المرأة القوية ظاهرًا، بل المرأة المتجذّرة في قيمها، الواعية بدورها، المرتبطة بقضيتها.

لذلك تعمل على إعادة تعريف "تحرّر المرأة" خارج سياقه الإنساني، وتقدّمه بوصفه تمرّدًا على الهوية، وقطيعة مع الأسرة، وانفصالًا عن قضايا الأُمَّــة.

تُغريها بالمظهر، وتستنزفها بالاستهلاك، وتشغلها بالتفاهة كي لا ترى العدوّ، ولا تسمع الحقيقة، ولا تشارك في المواجهة.

وفي مقابل هذا النموذج المشوّه، تقدّم فاطمة الزهراء صورة المرأة التي تعرف أن حريتها لا تكون في التخلّي عن قيمها، بل في التمسك بها.

امرأة تفهم أن الأسرة ليست قيدًا بل قلعة، وأن التربية ليست دورًا ثانويًّا بل فعلًا سياسيًّا من الدرجة الأولى، وأن صناعة الإنسان المقاوم تبدأ من حضن أم واعية، لا من مناهج مستوردة ولا شعارات جوفاء.

وإذا كانت الصهيونية تعمل على تفكيك الأسرة، وتسفيه دور الأم، وإضعاف العلاقة بين الأجيال، فَــإنَّ فاطمة الزهراء تعلّمنا أن المرأة حين تحمي بيتها إنما تحمي الأُمَّــة، وحين تبني أبناءها على الحق إنما تبني مستقبلًا كاملًا.

إن البيت الذي قادته فاطمة لم يكن هامشيًّا في مسار التاريخ، بل كان منبعًا لأعظم نماذج التضحية والعدل.

اليوم، والمرأة تقف في قلب الاستهداف الثقافي والإعلامي والاقتصادي، تصبح العودة إلى فاطمة ضرورة لا ترفًا.

ليس بوصفها رمزًا مقدسًا يُعلَّق على الجدران، بل بوصفها وعيًا يُحمَل، وموقفًا يُجسَّد، وخطًا يُستكمَل.

فالمعركة الراهنة ليست معركة حدود فقط، بل معركة هوية، والمرأة هي خط الدفاع الأول فيها.

إن المرأة التي تريدها الأُمَّــة اليوم ليست امرأة صامتة ولا امرأة منزوعة الجذور، بل امرأة واعية، ثابتة، تعرف أن دورها في معركة الكرامة لا يقل عن أي دور آخر، وأن صمودها اليومي، ووعيها، وخياراتها، هي سلاح حقيقي في وجه مشاريع الهيمنة.

فاطمة الزهراء لم تكن استثناء عابرًا في التاريخ، بل كانت دليلًا.

وكل امرأة تستعيد وعيها، وتحمل قيمها، وتختار موقعها بصدق، إنما تسير على الدرب ذاته: درب المرأة التي لا تُكسَر..؛ لأَنَّ وعيها أقوى من كُـلّ مشاريع الاستهداف.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر