عبدالقوي السباعي
طوفان بشري يماني متجدد، تمثل في مسيراتٍ مليونيةٍ شملت أكثر من 360 ساحة شرف، في عموم المحافظات اليمنية الحرة، لم تأت لمجرد الاحتشاد وإطلاق الهتافات، بل هي تجسيد للوعي الجماهيري المتقد الساعي للدفاع عن قيم الحق والعدل، ويرفض الظلم والباطل.
طوفان جاء حاملاً شعار: “مع غزة ولبنان.. على درب الشهداء”، عكس روح التضامن العميق بين اليمن والشعبين الشقيقين الفلسطيني واللبناني، في سياق الذكرى السنوية للشهيد 1446هـ؛ ما أضاف له بُعداً رمزياً قوياً، أكّد عمق الالتزام الديني والأخلاقي والإنساني والشعور بالمسؤولية تجاه الدين والأرض والأمَّة والشهداء.
طوفان حمل بين دفتيه بُعداً دينيًّا، ربط بين هذا التدفق البشري وذكرى الشهيد؛ ما يعكس مدى المكانة والقدسية التي يُكنّها الشعب اليمني لشهدائهم، ومدى إصرارهم على الاستمرار بالتحدي والصمود والثبات في مواجهة قوى الهيمنة والاستكبار الإقليمية والعالمية، وفاء لدماء الشهداء ومواصلة دربهم.
والمتأمل لهذا الطوفان وهذه المسيرة المليونية الاستثنائية، وتكليف نجل الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، لقراءة بيانها، قد جاء في سياق الإجلال الكبير للشهيد القائد وتقديراً لتضحياته، كما أنهُ يعكس أهمية ربط الأجيال الجديدة بالماضي وتاريخ الجهاد والنضال للشعب اليمني، من خلال التأكيد على استمرارية المنهج والأهداف والمبادئ التي تأسس عليها المشروع القرآني العظيم.
لأن ظهور نجل الشهيد القائد في هذا الموقف ألهب حماس الجماهير ورفع من معنويات الحشود المليونية، وزاد من شعورهم بالفخر والاعتزاز بالتضحيات التي قدمها مؤسس المشروع القرآني وكُلّ الشهداء، ويعكس مدى التماسك الداخلي للمسيرة العالمية والاتحاد بين أفرادها، وقوتها وثباتها في مواجهة كُلّ التحديات، ومصداقيتها في أن المبادئ والأهداف التي كانت موجودة في زمن الشهيد القائد لا تزال حية وقائمة.
طوفان عبر عن الهوية اليمنية وعن موقف شعبي قوي وعارم، ترجم بوضوح من خلال تصاعد المشاعر الشعبية الغاضبة ضد العدوّ الصهيوأمريكي، هذه المشاعر ليست جديدة، لكنها تتجدد في سياق متغيرات سياسية وعسكرية واقتصادية معقدة؛ إذ بات لليمن صوت عالمي مميز في دعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية، خاصةً في ظل الوضع الحالي في غزة ولبنان، مع التأكيد اليمني على الاستعداد لمواجهة كُلّ سيناريوهات الأعداء.
بعد أن فرض اليمن معادلات عسكرية جديدة وحصاراً بحرياً خانقاً، ونكل بحاملات الطائرات الأمريكية واستهدف عمق كيان العدوّ الصهيوني، وهذا يعكس تحول الكلمات إلى أفعال أثرت بشكلٍ مباشر على العدوّ، وما الإشادة الجماهيرية بالعمليات العسكرية النوعية ضد حاملة الطائرات والبوارج الأمريكية إلا انعكاساً للجرأة والشجاعة التي تحلت بها القيادة الثورية والشعب اليمني في مواجهة العدوّ الصهيوني وحماته وداعميه.