عبدالكريم الوشلي
من بين غبار العدوان الدموي الأمريكي الصهيوني المستكبر الأوحش والأشرس والأكثر جنونًا وضراوة، الذي تتعرض له شعوب أمتنا في فلسطين واليمن وغيرهما، ومن بين الأدخنة الكثيفة التضليلية والدعائية والتدليسية التي يثيرها المعتدون في أجواء معركتنا معهم دفاعا وصمودا وصدا لهجمتهم الاستئصالية الخبيثة، تبقى تلك الحقيقة البارزة والوضاحة والعصية على الطمس والتغطية والالتفاف عليها من قبل هؤلاء الأعداء المجرمين السفاحين، وهي أنهم يواصلون عدوانا يفوق بكثير مستويات الإجرام والتوحش وحتى الإبادة المتعارف عليها، وهذا كنه وعين ما يحدث في غزة بغرض التهجير والاستئصال التام للوجود الآدمي لأهلها فيها تحقيقا لحُلم ثنائي الشر ترامب/نتن ياهو ومخطّطهما الشيطاني بهذا الشأن، وهذا ما لن يتحقّق يقينا مهما فعلوا.
ففلسطين وجوهرُها القلبي القدس، هي عصب حساس جِـدًّا لدى كُـلّ عربي ومسلم حر.. حساسٌ دينيا وعقائديا وإيمانيا بأبعاد سياسية ومعنوية ومبدئية لا تخفى.
وقد بقيت قضيتها على مدى عقود طويلة مضت وحتى اليوم.. مَعْلما مضيئا دالًا على أن طريق الحرية والعزة والكرامة ومواجهةِ المحتلّين والمعتدين هو الطريق اللائق والأسلم، رغم ما يستدعيه من تضحيات وأثمان باهظة.. وهذا ما شكل روحا حية نابضة محركة للشعوب في وجه ظُلامها وجلاديها وأعدائها الألداء، كالشعب الجزائري والشعب الإيراني والشعب الأفغاني والشعب الفنزويلي وشعب جنوب إفريقيا والشعب الكوبي والشعب الفيتنامي وغيرهم من الشعوب التي شكلت تجاربُها التحرّرية الظافرة منارات مضيئة في طريق غيرها من الشعوب التي مسها الضر الاستكباري العدواني المرير.. ولشعبنا اليمني فضل التتويج لهذا المسار المشرف بتجربته الجهادية التحرّرية الرائدة والفريدة في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني النفاقي الحاقد الأرعن على مدى عشر سنوات، وما زال على هذا الدرب حتى النصر الناجز بإذن الله تعالى.
في الشأن الجهادي النضالي الفلسطيني التليد والعتيد نرى اليوم تحديثا تاريخيًّا ناصعا لقائمة الشواهد التحرّرية الإنسانية الشامخة عبر ملحمة*طوفان الأقصى* ونرى عظمة ومهابة المشهد، حَيثُ تتراكم شواهد الشرف والمجد في إصرار الشعب الفلسطيني، ومعه محور الجهاد والمقاومة المصدَّرُ بالجبهة اليمنية الإسنادية الفاعلة، على التصدي لجرائم المحتلّ الصهيوني وعدوانيته الفاشية الوحشية البائنة والمسنودة بدعم غربي مطلق.. وتتوالى الأحداث المغذية ليقين النصر الحتمي وصدق وعده المحضون بالمقتضى الإرادي الإلهي الذي لا حائل دون نفاذه، ومنطقِ نواميس هذا الوجود الثابتة.
ها نحن نرى اليوم، كما يرى العالم بكله أن استمرار حياةِ ووتيرةِ الفعل الفلسطيني المجاهد المقاوم العالية واجتراحاتِه المذهلة وعملياتِه الفدائية الباهرة رغم صعوبات وتعقيدات الظروف الميدانية التي يتحَرّك فيها.. أغرق الصهاينة المحتلّين في أمواج الرعب والهلع وضرَبَ منظومة أمنهم في الصميم، ووضعهم أمام حقيقة أن لا مستقبل لهم في أرض فلسطين وأن نهاية كيانهم اللقيط وشيكة، وأن خيانات الأعراب و”تطبيعهم” لا يجديهم في شيء.
وما انطوى وينطوي في هذا الحصاد التحرّري الجهادي المتوالي والمتراكم، من مظاهر العنفوان والزخمِ الاستثنائي المتعاظم والمتصالب لمواقف أحرار وشرفاء الأُمَّــة، وبقية أحرار العالم.. يرفد حتمية بزوغ فجر النصر الآتي لدى الشعب الفلسطيني وكل شعوب أمتنا المظلومة.. وهذه الحتمية التي لا مراء فيها ولا ريب يعتريها، تتغذى من حقائق منطق التاريخ وسنن الله في هذا الوجود، ولا يستطيع العدوّ “الإسرائيلي” ومن معه من الداعمين والمتواطئين، مهما كان مستوى قوتهم وإمْكَاناتهم، الحيلولةَ دون نفاذها.. فأقصى ما تطاله غريزة إجرامهم المكابرة المعاندة، هو ارتكاب المزيد من الجرائم التي تُغرقهم أكثر في وحل مصيرهم الأسود المحتوم.