عبدالجبار الغراب
أخرجت الأحداث الحالية المفتعلة أمريكيًّا وصهيونيًّا في المنطقة برمتها وبقطاع غزة ولبنان خُصُوصًا؛ إيضاحاتها الكاملة وبشكلها المباشر والموثقة إعلاميًّا لمجمل الانتهاكات والجرائم التي أرتكبها الصهاينة بحق سكان قطاع، وبإخفاقاتهم المُستمرّة وبتراكم خسائرهم الفادحة وبتعاظم مشاكلهم الاقتصادية وبتصاعد انقساماتهم الداخلية وبالارتفاع غير المسبوق للغليان الإنساني العالمي وازدياد الكراهية للصهاينة جراء ارتكابهم للإبادة الجماعية، لتنكشف كُـلّ الحقائق الأمريكية في محاولاتهم لإنقاذ الكيان من مأزق تورطه وغرقه في مستنقع غزة ولبنان سواء بتقديمها لكل أنواع وأشكال الدعم، وفشله الواضح مجدّدًا في لبنان عندما ذهب إلى تنفيذ مخطّطه الموضوع والمرتب منذ أعوام والذي وجدوا الفرصة لتحقيقه بشنهم الحرب على لبنان وجعلها نقطة تحول للمسار لخطف انتصار سريع باغتيالهم للقادة وارتكابهم لعمليات إرهابية بتفجيرات أجهزة الاتصالات، لتنعكس كُـلّ هذه الأحداث عليهم وسريعًا في عدم تشكيلها للأماني والأحلام بالقضاء على المقاومة اللبنانية، وانصدامهم بعودة التنظيم والقيادة والسيطرة وبصلابة وبشجاعة مجاهديه في تسديدهم للضربات الصاروخية القوية لجيش الاحتلال وإلحاقهم للخسائر الكبيرة في جنوده وآلياته وإفشالهم لكل ما تم التخطيط له أمريكيًّا وغربيًّا ولسنوات طويلة للانقضاض على المقاومة اللبنانية.
دلائل وإثباتات حالية أعطت حقائقها الكاملة والتي تجلت وضوحًا في إخراجها لنتائج طبيعية عجز بذلك كيان الاحتلال عن تحقيقه لأي أهدافه المعلنة بالقضاء على حركة حماس ولا باستعادته للأسرى ولا حتى المخفية، ليهرب من فشله باعتدائه على المقاومة اللبنانية والتي كان لإسنادها لغزة تشكيلها للنجاح العظيم في إرهاقها واستنزافها للاحتلال عسكريًّا ومنذ اللحظات الأولى لانطلاق معركة (طُـوفَان الأقصى)، ليغوص الكيان في فخ ومستنقع لبنان وفق كُـلّ المعطيات والوقائع الحالية ميدانيًّا، لتبرز مساعي أمريكا الحثيثة وبإيعاز صهيوني وحديثهم أنهم انجزوا الأهداف في لبنان، وهي محاولات لإخراج أنفسهم من مأزق خسائرهم الفادحة المشتعلة النيران في وجه الكيان، والذي تكبدوا فيها أكثر من ألف قتيل وجريح خلال أقل من شهر فارضين عليهم نطاقات واسعة من الاستهدافات المباشرة لعمق الأراضي المحتلّة، جاعلين من مختلف الأسلحة المتطورة التي يمتلكها الحزب فرضها لمعادلات قوية استنفرت بموجبها كُـلّ الدفاعات الإسرائيلية وبمختلف أنواعها العاجزة عن التصدي للطائرات المسيّرة والتي وضع بموجبها أغلب المدن في الأراضي المحتلّة ضمن مرمى دائرة الخطر الشديد لتؤدي لنزوح عشرات الآلاف من المستوطنين، لتتراكم المعاناة الإسرائيلية بزيادة أعداد النازحين والتي ما كان لأعدادهم بالارتفاع إلا بسبب الاعتداء على لبنان.
المحاولات والممارسات الأمريكية متعددة وكلها تندرج في إطار تقديمها للخدمات الممكنة واللازمة لمساعدة الصهاينة على تحقيق أهدافهم الكاملة، والتي قد تعوض الكيان عن عجزه العسكري بالميدان، وبالطرق السياسية دائمًا ما تكون لمساعي أمريكا وضعها لكل المسارات التي تلبي توجّـهات الصهاينة كاتّفاق عن طرق المفاوضات وفق شروطهم للوصول إلى صيغة كاملة تؤدي إلى إيقاف الحرب، وهو ما يدور حَـاليًّا في لبنان، والذي يشبه سابق المحاولات الأمريكية في غزة سياسيًّا لأخذه من المقاومة الفلسطينية وفشلهم في ذلك، ونشاهد أنه كلما اشتد الخناق الميداني العسكري على الكيان سارعت الإدارة الأمريكية في اتِّخاذها للعديد من الخطوات الممكنة لإيجاد المخارج والحلول المناسبة لخدمة الصهاينة.
وما الاعتداء الأمريكي البريطاني على اليمن لإيقافه عن استهداف سفن الكيان إلا من الأنواع الواضحة لإسناد أمريكا للصهاينة والذين فشلوا في تحقيقه ليستمر اليمنيون بمواصلة عملياتهم البحرية وتتصاعد كمًّا ونوعًا وإطلاقهم للصواريخ والمسيّرات النوعية والمتطورة لعمق الأراضي المحتلّة.
معطيات واضحة المعالم ووقائع ثابتة المعاني حقّقها حزب الله عسكريًّا بشمولية عملياته واختراق كبير لمسيّراته لكل أجواء الكيان وإعطائها للرسائل أن الميدان نحن من نملكه ونسيطر عليه، وما تحليقها لساعات وعجزهم عن اعتراضها إلا لفشل دائم له تبعاته القادمة، سيكون لها ما بعدها من تأثيرات إذَا ما زاد الاحتلال من ارتكابه للمجازر، وهو ما بعث بالرعب والهلع لدى المستوطنين الذين باتت الملاجئ أماكنهم لأيام وسماع صفارات الإنذار تدوي باستمرار، وأنه لا جدوى من التلاعب سياسيًّا لتحقيق مكاسب عجز عن تحقيقها بالميدان مع تراجعات كبيرة وانسحابات عديدة لقواته البرية، لتثبت المقاومة كُـلّ هذه المعطيات والوقائع الميدانية في فرضها للشروط في أية مفاوضات، وأنه لا مكان للإملاءات والأوهام التي تخدم الكيان العاجز أصلًا عن تحقيقه لأية مكاسب طيلة أكثر من عام.