قد يثق الكثير من الشعوب والأنظمة بما يفعلونه، ما أقدموا عليه من تخاذل، وتواطؤ، وتفرُّج، وتجاهل لما يجري، ويتصوَّرون أنَّ السلامة في ذلك، ولكن الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" حينما قال: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[التوبة:24]، الله مدبِّر، ويصنع المتغيِّرات، والشعوب والأنظمة بنفسها حينما تُعاقب في الدنيا، ستـدرك أن تخاذلها لم ينفعها شيئاً، ولم يحقق لها السلامة.
التبعات خطيرة في الدنيا قبل الآخرة، ثم في الآخرة، وعيد الله تعالى: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}[التوبة:39]، الله صادقٌ في وعده ووعيده، {لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ}[الزمر:20]؛ ولـذلك يصنع المتغيرات، وترى الأُمَّة العقوبات العاجلة في الدنيا؛ أمَّا في الآخرة فالأمر خطير جدًّا، الوعيد هو بجهنم، الوعيد هو بنار جهنم، {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا}[التوبة:81]، الوعيد في هذه الآية بنار جهنم لمن؟ وعلى ماذا؟ لمتخاذلين، وعلى تخاذلهم، المسألة خطيرة جدًّا.
كلَّما زاد طغيان العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وكلَّما زاد ظلمه، كلَّما كبرت مأساة الشعب الفلسطيني ومعاناته؛ نتيجةً لهذا الإسهام العربي بالتخاذل والتواطؤ؛ كلَّما عظمت المسؤولية أكبر على هذه الأُمَّة، يعني: ليست المسألة أنه كلَّما طال الوقت والأُمَّة في تجاهل، والأُمَّة في تخاذل، انتهى الموضوع، وأصبحت الأحداث التي تحصل في شعب فلسطين، والمظلومية الكبرى على الشعب الفلسطيني، مجرَّد أحداث اعتيادية روتينية يومية عند الكثير من الناس، انتهى الموضوع، المسألة خطيرة على هذه الأُمَّة، بل تعظم المسؤولية، يكبر الوزر، يعظم الذنب، وتكبر معه العقوبة الإلهية في الدنيا والآخرة، المسألة خطيرة على هذه الأُمَّة.
لا تظنوا أيُّها المسلمون أنَّ الحساب والعقاب ليس فقط إلَّا على مسألة الصلاة والصوم والصيام، وعلى جرائم محدودة معيَّنة، بل حينما تكون الأُمَّة مسهمة في صناعة أكبر إجرام على مستوى العالم، مساهمة في ذلك بتنصُّلها، وتفريطها، وتخاذلها، وتواطؤ البعض منها، فهي تُعَرِّض نفسها لعقوبة كبيرة من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وهذا حصل للمسلمين في تاريخهم، كم تخاذلوا عن مثل هذه القضايا؛ فعوقبوا.
انظروا في تاريخ المسلمين فيما يتعلَّق بالحروب الصليبية، وفيما يتعلَّق بالمغول، والحروب مع المغول، كان المسلمون في بقية الأقطار يتفرَّجون على قطرٍ هناك، وبلدٍ إسلاميٍ هناك، يُفْعَل فيه مثلما يُفْعَل في فلسطين اليوم، أو قريباً منه، لم يكن الأعداء آنذاك يمتلكون مثل الوسائل التي يمتلكها العدو الإسرائيلي، وتقدِّمها له أمريكا والغرب، لكن من نوع هذا الإجرام: إبادة جماعية، قتل، انتهاك للأعراض، نهب، سيطرة، احتلال، انتهاك لحرمة الإسلام، تمزيق للمصاحف، تدنيس للمساجد وتدمير لها... كل أنواع هذه الجرائم تُرتكب والناس يتفرَّجون.
في ذلك الزمن لم يكن هناك وسائل إعلام تنقل المشاهد، كان الناس يسمعون، تُنقل لهم الأخبار والحكايات، يصل إليهم من يصل من الفارين، ليخبرهم عن هول ما يحدث؛ لكن في هذا العصر الناس يشاهدون مشاهد الفيديو، القنوات الفضائية، الصورة الحيَّة، يشاهدون المأساة بِأُمِّ أعينهم؛ ولـذلك المسؤولية أكبر، آنذاك كانوا يتخاذلون؛ فيمتد الشرُّ ويطالهم، ثم ما كانوا يسمعونه عن الآخرين يصبح واقعاً قائماً في حالهم هم، في واقعهم هم، حالةً قائمة.
لابدَّ من الجهاد في سبيل الله؛ لأنه لدفع الشر، لدفع الطغيان، لدفع الظلم، لدفع الإجرام، لإرساء قيم الحق والعدل والخير، لابدَّ من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن ما يفعله العدو الإسرائيلي هو من أكبر المنكرات على وجه الأرض؛ وإلَّا فالوزر كبيرٌ جدًّا.
العدو الإسرائيلي هو- من عوامل اطمئنانه وجرأته على هذا النوع من الجرائم الذي تمادى إليه، حتى إلى هذا المستوى من تعذيب الأطفال الرُّضَّع، من تعذيب مليوني إنسان وتجويعهم، كل ما يتفنن فيه من الجرائم- هو يرى الحالة القائمة في واقع العرب.
و [الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي
حول آخر التطورات والمستجدات الأسبوعية
الخميس: 6 صفر 1447هـ 31 يوليو 2025م