عبدالمؤمن محمد جحاف
لم يكن يوم المولد النبوي الشريف هذا العام يومًا عاديًّا في اليمن، بل كان موعدًا مع التاريخ، حَيثُ شهدت الساحات والميادين وعلى رأسها ميدان السبعين في صنعاء حضورًا مهيبًا، خرج فيه اليمنيون بالملايين ليجددوا بيعتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في مشهد لم تعرف له الأُمَّــة مثيلًا.
لقد بدت الحشود وكأن الأرض قد اجتمع سكانها في مكان واحد لأجل محمد، منظر يختصر الهيبة والجلال، ويعكس مدى الحب والارتباط برسول الله الذي يسكن القلوب ويقود المواقف. إن هذا الحضور غير المسبوق لم يكن مُجَـرّد احتفال، بل كان إعلانًا عمليًّا أن راية "لبيك يا رسول الله" ستظل خفاقة في السماء، تميّز اليمنيين جيلًا بعد جيل.
لقد اكتملت الصورة جمالًا بتنظيم مهيب وعمل جبّار شارك فيه الآلاف من المجاهدين، ليصنعوا مشهدًا حضاريًّا يليق بمقام النبي الخاتم، بارك الله في كُـلّ من أعد وجهز وأمّن ونظم وحضر. تلك الجهود جسدت مستوى الوعي والحرص، وحولت المولد النبوي من مُجَـرّد ذكرى إلى موقف جامع للأُمَّـة ومشروع مواجهة يبعث على الثقة واليقين.
وإذا كان اليمنيون قد أحيوا المناسبة العظيمة برفع أصواتهم "لبيك يا رسول الله"، فإنهم في ذات الوقت جدّدوا عهدهم مع الله ورسوله بالسير على نهج الرسالة والتمسك بالراية التي حملها أنصار الله منذ البدايات الأولى، راية الحق والكرامة التي لم ولن تُسقط من أيديهم، مهما اشتدت التحديات أَو تعاظمت المؤامرات.
إنها لوحة قرآنية كاملة الأركان، ترسم ملامح أُمَّـة حيّة، وتبشّر بثمار عظيمة سيدفع الله بها عن هذا الشعب ويلات لم تكن بالحسبان، ويكرمه بنصر لم يكن متخيلًا.
لقد أثبت اليمنيون في هذا اليوم أن الاحتفاء برسول الله ليس مناسبة عاطفية عابرة، بل هو انتماء، وولاء، وجهاد مُستمرّ في مواجهة أعداء الله ورسوله، وأن صوتهم الذي صدح في الساحات "لبيك يا رسول الله" سيبقى عهدًا يتجدد لأنهم أنصارًا لدين الله وكتابه ورسوله الكريم.