محمد نبيل اليوسفي
اليمن -خلال عامين من الإسناد- استطاع أن يحوّلَ التحدياتِ إلى فرص، والفرص إلى مكاسب سياسية–وعسكرية–واقتصادية أثخنت كاهلَ العدوَّينِ الأمريكي والإسرائيلي.
لطالما العدوّ الأمريكي استعرض كَثيرًا من حاملاته وبارجاته وفرقاطاته في قلب البحر الأحمر–والعربي، محاولًا إسناد العدوّ الإسرائيلي الذي صَبَّ كُـلّ عدائه الهمجي على رؤوس أهل غزة بغيًّا وعدوانًا وظلمًا.
إلا أن اليمن حوّل البحر الأحمر إلى ورقةِ ضغطٍ وجودية عملت على ردع العدوّ الأمريكي وإحراق أوراقه واحدةً تلو الأُخرى، بدءًا من الفرقاطات والبوارج الحربية، وانتهاء بحاملات طائراته بأشكالها، دون أن يستطيع العدوّ الأمريكي تحقيق ما تبنّاه من محاولةٍ يائسة ظنًّا أنها ستوقف اليمن عن مساندة غزة.
لقد تلقّى العدوّ الأمريكي العديد من الضربات الاستراتيجية والقاسية التي لم تقتصر على استهداف قواته وسفنه العسكرية في البحر الأحمر والعربي فحسب، بل امتدت حتى لاستهداف سفنه التجارية في البحر الأحمر ممّا تسبّب ذلك بقطع شريانِه الاقتصاديّ العالمي.
وقد شهد العديد من القادة وضباط البحرية الأمريكية تلك الهجمات وعبّروا عن هولها، ووصفوها بأنها قاسية واستراتيجية، بل واصفِين إياها بالأولى من نوعها في تاريخ الصراع.
القوات المسلحة اليمنية لم تكتفِ بمهاجمة البحرية الأمريكية فحسب، بل كان لها دورٌ كبير استطاع أن يشكّل غطاءً جويًّا أربك طائرات العدوّ الأمريكية الحربية والتجسسية في سماء اليمن.
وأبرز هذه الطائرات التي كانت رمزًا للعدو الأمريكي كانتMQ-9 وF-35 وF/A-18، التي ولى زمانُها، ووصل الأمر إلى تحول التحَيُّز من جانب اليمن في مساندة غزة إلى انحياز أمريكا لمساندة كيان الاحتلال.
إن الإرادَة اليمنية في مواجهة الكيان الإسرائيلي شعبيًّا استمرت بالخروج المليوني في كُـلّ الساحات غضبًا لله ونصرةً لغزة، ورسميًّا تفعيل كُـلّ معدات المواجهة المباشرة والملحمية الوجودية ضد هذا العدوّ الإسرائيلي وشركائه وداعميه الأمريكيين وأدواتهم في المنطقة.
وقد تجسّد ذلك في نموذجٍ قويٍّ «بقوة الله» أمامَ العالم أجمع.
"قوةٌ إلهية" تجاوزت حتى الإرادات السياسية والعسكرية العميقة.
كما لم تقتصر هذه الجهود التي بذلها اليمن وقواته المسلحة على مواجهة وهزيمة العدوّ الأمريكي فحسب، بل امتدت إلى أوكار الكيان الإسرائيلي لتشمل الاستهداف المباشر لمنشآته الاستراتيجية والاختراق لمنظوماته الدفاعية التي فشلت عن حماية نفسها ومستوطنيه، ممّا شكّل تهديدًا وجوديًّا دفع بالملايين من المغتصبين إلى الملاجئ يوميًّا.
لطالما روج الكيان الإسرائيلي وبمقدّمة إعلامه للمزاعم القائلة بأن منظوماته الدفاعية هي الأقوى والأحدث والتي لا تُخترق، لكن حين بدأت القوات المسلحة اليمنية تستهدف بصواريخها وطائراتها المسيرة المنشآت الحيوية لدى الكيان يوميًّا، ظهرت هشاشة ومحدودية تلك المنظومات الفاشلة، وأثبتت للمستوطَنين الصهاينة وللعالم أنها مُجَـرّد تهويل إعلامي عابر.
شملت الضربات اليمنية اتّجاهاتٍ في الكيان الإسرائيلي على مدى عامين من الإسناد لغزة، ووصلت إلى مناطق مثل يافا وشمال فلسطين والنقب ورامون، واستُهدِفت كُـلّ المطارات، خَاصَّة مطار اللد الاستراتيجي، ممّا أَدَّى إلى حظر الملاحة الجوية ومنع شركات الطيران العالمية من الهبوط في هذه المطارات، وأسفر ذلك عن عزل الكيان دوليًّا.
ثم شمل الحظر ومهاجمة كُـلّ سفن الكيان الإسرائيلي أَو السفن المرتبطة به من البحر على امتداده، بدءًا من باب المندب ثم إلى الخليج ومن الخليج إلى البحر الأحمر–والعربي.
وقد تميّز الحظر البحري على الكيان الإسرائيلي بتوقيف ميناء أم الرشراش تمامًا على مدى عامين، وبلغت الخسائر نحو 10.95 مليار شيكل، وُصُـولًا إلى انخفاض الواردات في أسدود بنسبة 94 % وهروب رؤوس الأموال نتيجة عدم الاستقرار في عمق الكيان.
هذه المنجزات التي حقّقها اليمن لم تكن وليدة الصدفة أَو العشوائية، بل جاءت ضمن تخطيطٍ وابتكار وبراعة قلّ نظيرها على مستوى المنطقة.
وتظلّ هذه المنجزات التي حقّقها اليمن شعبيًّا ورسميًّا بموقفه الحق نصرةً لغزة نموذجًا تاريخيًّا تجسّد فيه كُـلّ المبادئ والمبادرات التي عمدها التاريخ بالتضحيات وتقديم الشهداء في سبيل إعلاء كلمة الله ونصرة المستضعفين.
ثم تكبيد العدوين الإسرائيلي والأمريكي خسائر فادحة استطاعت التغلب على القوى التقليدية الهشة بأكملها، والصمود حتى وقف إطلاق النار على قطاع غزة، والاستمرار والترقّب لأي نقضٍ إسرائيلي لعدم الالتزام بالشروط التي فرضتها حماس على طاولات التفاوض، والتي تُعد في هذه المرحلة مُجَـرّد جولةٍ إن أراد الكيان الإسرائيلي الدخول في كثيرٍ من الجولات والالتحام المباشر.