عبدالله علي هاشم الذارحي
هلّ علينا هلالُ شهر رجب الحرام، أحد الأشهر العظيمة في الإسلام، حاملًا معه لليمنيين ذكرى إيمانية خالدة، تشكّل محطة فخر وهُـوية وانتماء؛ إنها ذكرى إسلام أهل اليمن في أول جمعة من رجب، اليوم الذي دخل فيه اليمانيون دين الله طواعية، لا بالسيف ولا بالإكراه، بل بالإيمان والبصيرة، على يد أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام).
لقد كان دخولُ اليمنيين في الإسلام حدثًا مفصليًّا في تاريخ الأُمَّــة، يعكس صفاء الفطرة وصدق التوجّـه، حين بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الإمام عليًّا إلى اليمن.
وفي هذا السياق، يقول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله):
"وصل الإمام عليٌّ عليه السلام إلى صنعاء ومعه رسالةٌ من رسول الله، قرأها على الناس فكانت الاستجابة سريعة، ودخولٌ طوعيٌّ بكل رغبةٍ وقناعة..
في ذلك اليوم التحق عددٌ كبير من أبناء هذا البلد بالإسلام، وكتب الإمامُ عليٌّ إلى رسول الله يُخبِرُه بذلك؛ فسَجَدَ الرسولُ شكرًا، وسُــرَّ سرورًا عظيمًا".
رجب.. شهر الإيمان والوعي
إن ارتباط هذه الذكرى بشهر رجب يمنحها بُعدًا روحيًّا عميقًا؛ فليس رجب مُجَـرّد شهر في التقويم، بل هو موسم وعي وتجديد للعهد مع الله، واستحضار للمسؤولية الإيمانية في واقع مليء بالتحديات.
ويؤكّـد السيد القائد على أهميّة استلهام هذه الذكرى كمنهج حياة: «إسلام اليمن لم يكن إسلام خضوعٍ ولا تبعية، بل إسلام وعيٍ وبصيرة، واستجابة صادقةٍ لله ورسوله، ولهذا بقي اليمن عبر التاريخ حاضرًا في ميادين الإيمان والجهاد والثبات».
هُـوية لا تنفصل عن الموقف
لقد ظل اليمن، منذ تلك الجمعة، المباركة، وفيًّا لجوهر الإسلام الأصيل، متمسكًا بخط العدل ورافضًا للظلم.
وهذا ما يفسّر مواقفَ اليمنيين اليوم في مواجهة قوى الاستكبار العالمي ونصرة القضية الفلسطينية.
ويشير السيد القائد إلى هذا الامتداد التاريخي بقوله: «هذا الشعب الذي دخل الإسلام في يوم واحد، وبقلب واحد، لا يمكن أن ينفصل عن القرآن، ولا أن يتخلى عن مسؤوليته في مواجهة أعداء الله مهما كانت التضحيات».
جُمعة رجب.. عيدٌ ومسؤولية
إن اعتبار أول جمعة من رجب عيدًا لليمنيين ليس احتفالًا شكليًّا، بل هو احتفاءٌ باليوم الذي تأسَّست فيه الهُـوية الإيمانية لهذا الشعب.
وهو ما يستدعي تحويلَ الذكرى إلى ثبات، وتجديد للعهد بأن يبقى اليمنُ "أرضَ الإيمان وحِصْنَ الإسلام".
وكما قال السيد القائد: «اليمنيون حينما يتمسّكون بهُـويتهم الإيمانية، فإنهم يحفظون كرامتَهم، ويصنعون مستقبلَهم، ويؤدون دورَهم الحقيقي في هذه الأُمَّــة».
ختامًا.. يحلُّ علينا "عيدُ جمعة رجب" ليجدِّدَ في النفوس معنى الانتماء للإسلام المحمدي الأصيل، ويؤكّـدُ أن هذا الشعبَ كان وسيظلُّ في قلب التاريخ.
إن الوفاءَ لهذا اليوم لا يكون إلا بالثبات على نهج القرآن، والسير على خُطَى أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، والالتفاف حول القيادة القرآنية الحكيمة.
فسلامٌ على رجب، وسلامٌ على اليمن يوم أسلم، ويوم ثبت، ويوم ينتصر بالله.





.jpg)
.jpg)
