مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

شعفل علي عمير
الحالة الراهنة في السعوديّة تعكِسُ تناقضًا معقَّدًا يتجلَّى في ظاهرتين متعارضتين: الإفراط في التحالفات الخارجية والتفريط في الهُـوية الثقافية والدينية.. يمكن تلخيص حالة المملكة وانفصامها في الإشكالية الجمع بين الإفراط والتفريط.

فالإفراط في تحالفاتها على المستوى الإقليمي والدولي يبرزُ في كَثيرٍ من الأحيان مَيْلًا لدى السياسة السعوديّة نحو الإفراط في الاعتماد على هذه التحالفات؛ مما أثار انتقاداتٍ لكونها تدعم سياسات قد تؤثِّرُ سلبًا على مصالح قضايا الأُمَّــة العربية والإسلامية.

يعد النزاعُ اليمنيُّ مِثالًا بارزًا على ذلك، حَيثُ يُنظَرُ إلى التدخُّلِ السعوديّ في الأزمة اليمنية كجزءٍ من هذا الإفراط؛ ممَّا أَدَّى إلى تعقيدِ الأزمةِ وزيادةِ معاناة الشعب اليمني، الجار الجنوبي المباشر الذي يعد العُمْقَ الاستراتيجيَّ للمملكة.

وهذا الإفراطُ لا يُؤَثِّــرُ فقط على اليمن، بل يُسهِمُ أَيْـضًا في تدهورِ العلاقات مع دول عربية أُخرى، التي تتهمُ المملكة بالتدخل في شؤونها الداخلية؛ مما يضُـــرُّ بصورتها الخارجية.

فالتبعيةُ المفرِطة لأمريكا أضاعت نفوذ المملكة في الساحة الإقليمية، وهذا يستدعي إعادةَ النظر في استراتيجياتها السياسية.

يمكنُ أن يؤدِّيَ الإفراطَ في التحديث إلى إضعافِ الروابط الاجتماعية والعادات والتقاليد التي تُشكِّل أَسَاسَ الهُـوية السعوديّة.

فالتغيير السريع دون اعتبار كافٍ لهذه الجوانب قد يعزز الشعور بالغربة أَو فقدان الانتماء لدى بعض فئات المجتمع.

كما أن التفريطَ في المحافظة على عادات وتقاليد قديمة دونَ محاولة دمجها مع القيم الحديثة يمكن أن يعرقلَ التقدُّمَ المرجوَّ ويزيدُ من الهُوة الجيلية بين الأجيال المختلفة.

في ظِلِّ هذه البيئة الديناميكية، تبدو التحدياتُ المستقبليةُ واضحةً؛ إذ يتطلَّبُ النجاحَ في هذا المسار وضع استراتيجيات شاملة ومتكاملة تجمعُ بين أهدافِ التنمية والتحديث مع الحفاظ على الهُـوية الثقافية الأصيلة.

وبتوازُنٍ مدروسٍ وحكمة في التنفيذ، يمكنُ للمملكة أن تتجنَّبَ المستقبلَ المجهولَ وتحقّقَ التقدُّمَ المنشودَ بطريقة تراعي طموحات الشعب وثوابت المجتمع.

ومن ناحية أُخرى، تواجهُ السعوديّةُ تحدِّيَ التفريط في هُـويتها الثقافية والدينية نتيجةَ الانفتاح السريع على الثقافات الخارجية والتغيرات الاجتماعية السريعة.

خلالَ السنواتِ الأخيرة، أقدمت المملكةُ على سلسلة من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية ضمن رؤية 2030، التي تهدفُ إلى تقليلِ الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل.

ورغم أهميّة هذه الإصلاحات لتحقيق الاستدامة الاقتصادية، إلا أنها تعرَّضت للانتقادِ من عدة فئات اعتبرتها قد تضر بالهُـوية الثقافية والدينية للمملكة، إضافةً إلى أنها اعتمدت على بدائلَ تعمِّقُ ظاهرة التفريط في القيم الدينية والأخلاقية العربية، ورهن سياساتها وثرواتها لأعداء الأُمَّــة وأعدائها.

وفي الاتّجاهِ الآخر، تُظهِرُ الانتقاداتُ أن هذه التغييراتِ قد تُضعِفُ قِيَمَ المجتمع السعوديّ؛ فالانفتاحُ السريعُ يمكنُ أن يؤدِّيَ إلى تآكُلِ التقاليد، ويزيد الفجوة بين الأجيال الجديدة وقيمهم.

فالتوازن المطلوب يتطلب من المملكة توازنًا دقيقًا بين الحفاظ على استقلالية قراراتها السياسية والدفاع عن مصالحها القومية، من جهة، والاندماج الفاعل في الساحة الدولية، من جهة أُخرى.

من الضروري أن تحافظ المملكة على علاقاتها الإيجابية مع الدول الكبرى، دون أن يأتي ذلك على حساب القضايا المحورية للأُمَّـة العربية والإسلامية، أَو يُنظر إليه كتنازل عن المبادئ الأَسَاسية التي تأسست عليها الدولة السعوديّة.

يبقى التحدي الذي تواجهه السعوديّة - كما هو الحال مع جميع الدول الكبرى - هو كيفيةُ تحقيق التوازن بين التعاون الدولي والمصالح الوطنية، بما يعزز الاستقرار الداخلي ويدعم القضايا العادلة على الساحة الدولية.

وباعتبارها قلب العالم الإسلامي، يتعين على المملكة العربية السعوديّة أن تلعب دورًا قياديًّا في تعزيز السلام والتنمية المستدامة، ليس فقط لنفسها، ولكن للمنطقة بأسرها.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر