زياد الحداء
تعد مظلومية الشعب الفلسطيني قضية معقدة ومؤلمة، تمتد عبر عقود من الزمن.
إنها قصة صمود ومقاومة، وتحمل في طياتها الكثير من الألم والأمل.
الظروف القاسية من النزوح والتهجير، فمنذ عام 1948، تعرض الفلسطينيون للنزوح والتهجير من أراضيهم؛ مما أَدَّى إلى فقدان هُويتهم وممتلكاتهم وامتدت لتصل في (طوفان الأقصى) إلى نزوح متكرّر من منطقة إلى أُخرى وسط مخاطر معقدة تشمل الاستهداف المباشر للنازحين بالقصف والقتل المتعمد، وضيق المعيشة المتعمد من قبل العدوّ الإسرائيلي وانعدام وسائل النقل، وكذلك عدم توفر الأماكن الملائمة للنزوح فالمناطق التي ينزحون إليها تفتقر إلى الأمن وإلى مقومات الحياة كالغذاء والصحة والمسكن وغيرها.
كذلك يعيش الفلسطينيون في ظروف صعبة تحت الاحتلال الإسرائيلي، مع حصار مُستمرّ على قطاع غزة وانتهاكات لحقوقهم الأَسَاسية وارتكاب مجازر وشن حروب متكرّرة عليهم وقمع دائم للسكان في كافة أراضي فلسطين المحتلّة فالسجون الإسرائيلية ممتلئة بالأسرى من الشعب الفلسطيني من رجاله ونسائه وشبابه وشيوخه، من كُـلّ طوائف الشعب الفلسطيني، ويعانون فيها من سوء المعاملة والتعذيب النفسي والبدني.
كذلك ما يحدث من ارتكاب مجازرَ تصل إلى درجة الإبادة الجماعية في فترات متقطعة منذ نشوء دولة الاحتلال.
فلا أحد يستطيع أن يتحدث عن فلسطين ومظلومية شعبها مهما كان بليغاً، لكن الأسوأ من بين كُـلّ ما يعاني هو ما يلاقيه من خذلان وتآمر من إخوانه العرب الذين تجمعهم به رابطة هذا الدين الذي يستوجب على كُـلّ من ينتمي إليه نصرة هذا الشعب المظلوم، لكن الحاصل شيء مؤسف ومخز؛ فالموقف العربي تجاه الشعب الفلسطيني موقف لا يرقى إلى المستوى المطلوب، فـعلى مدى فترة الاحتلال لم يقدم العرب أي موقف مشرف مع الشعب الفلسطيني -باستثناء ما يقوم به محور المقاومة وهو موضوع يحتاج لحديث آخر- وهذا شيء مؤلم جِـدًّا بالنسبة له.
ومع ذلك فروح المقاومة والأمل لدى الفلسطينيين لم تمت ولن تموت أَو تستكين فهم شعب جبار يقدم لأمة الإسلام وللبشرية جميعاً دروسًا مهمة وقوية في الكفاح والجهاد والثقة بالله وبوعده الصادق بنصرة المظلومين الذين يتحَرّكون من منطلق الثقة به والتوكل عليه فيتحَرّكون في كافة الميادين، ونجدهم يقدمون نماذج راقية في أي مجال يتحَرّكون فيه سواء أكان عسكريًّا أَو فنياً وحتى الجانب الإعلامي نرى صحفيين يكتبون ويوثقون جرائم الاحتلال وإنجازات الشعب بالدم ويقدمون صورة عظيمة من الكفاح لكسر قيد الاحتلال المفروض.
نستطيع القول إن الفلسطيني نموذج يجب على الأُمَّــة الاقتدَاء به في الكفاح ورفض الظلم، وبناء الذات، والصمود بوجه التحديات، واليقظة العالية تجاه مخطّطات استهداف للأُمَّـة كُـلّ الأُمَّــة بلا استثناء، فهم يدافعون عن الأُمَّــة بكلها ويحترقون لأجل قضية الأُمَّــة في سبيل الله جهاداً لا هوادة فيه ولا استكانة كي لا تعظم شوكة إسرائيل في وجه الأُمَّــة بكلها (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ).
في النهاية، يجب أن نتذكر أن مظلومية الشعب الفلسطيني لا تقتصر على الكلمات والأقوال، بل تتجسد في حياتهم اليومية وتاريخهم المؤلم، يجب أن نعمل معًا؛ مِن أجلِ حقوقهم وكرامتهم.