مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

والرسول "صلوات الله عليه وعلى آله" قال عنه الله "سبحانه وتعالى" وهو يذكِّرنا بعظيم منته علينا برسوله، قال "جلَّ شأنه": {هُوَ}، يعني: الله العظيم الكريم، الله الملك القدوس، الله العزيز الحكيم، الله الرحيم الكريم، هو بعظمته، بفضله، بجلاله، بكماله، برحمته، {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[الجمعة: الآية2]، الله "سبحانه وتعالى" أعظم النعمة والمنَّة، منَّ "جلَّ شأنه" علينا بذلك، عندما بعث في الأميين،

بدايةً المنطقة العربية سكانها كانوا أميين، ليسوا بأهل كتاب، كانت تفتخر عليهم بعض الأمم وبعض الطوائف بأن لديها كتاب، وكان فيها رسل وأنبياء، وهم ليسوا بأهل كتاب، فالله "سبحانه وتعالى" {بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ}، بدلاً من أن تكون الكثير من ثقافاتهم وأفكارهم وتصوراتهم خرافية، وأن يكونوا أمةً أمية، بدلاً عن ذلك: يأتي لهم ما يسمو بهم؛ لكي يكونوا الأمة التي تمتلك رصيداً ثقافياً لا مثيل له، ويعطيها الله "سبحانه وتعالى" هدياً ومنهاجاً عظيماً يكون نوراً للبشرية بكلها.

 

{بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ}، والذين كانوا في وضعهم السابق- كما في آخر الآية- في حالة ضلالٍ مبين، {لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، ضياع، كانوا في حالة شتات، ليس لديهم منهج موحَّد، منهج صحيح، منهج عظيم، ليس لديهم أهداف كبيرة في هذه الحياة، يعانون من الكثير من المشاكل والأزمات في واقع حياتهم، ولا يمتلكون الرؤية الصحيحة تجاه أكثر الأشياء، بدءاً من الحالة العقائدية، لديهم عقائد أكثرها باطل، وأكثرها خرافة، واقعون في مصيبة الشرك بالله "سبحانه وتعالى"، وفي طامات وكوارث على المستوى الأخلاقي، حالة متدنية حطتهم وسقطت بهم إلى الحضيض عن المقام الإنساني، وعن الفطرة الإنسانية، حالة خطيرة عليهم في الدنيا، وحالة خطيرة عليهم في الآخرة، لا ثقافة صحيحة، اعوجاج كبير في واقع الحياة، ضياع في هذه الحياة، شتات، بُعد عن الأهداف الاستراتيجية الصحيحة، التي ينبغي أن يعطيها الإنسان حياته، وجهده، وعمله، واهتمامه، واختلالات كبيرة جداً في كل شؤون حياتهم، بل على مستوى أنهم كانوا يأكلون الميتة، كانوا يأكلون الميتة، كانوا يئدون البنات، كانوا في واقعهم السلوكي في حالة من الانحراف الكبير جداً، والهبوط والانحطاط عن المستوى الإنساني، فقدوا إنسانيتهم. فجاء هذا النور وهذا الهدى، وأتى به مَنْ؟ أعظم إنسانٍ منذ وجود البشرية إلى ختامها، شرف كبير، الله شرفنا بالرسالة وبالرسول؛ لأن هذا الرسول الذي أتى بهذه الرسالة هو سيِّد المرسلين، هو خير، وأكمل، وأعظم، وأشرف إنسانٍ على وجه الأرض منذ بداية الوجود البشري إلى ختامه، ليس إنساناً عادياً، بل ليست مرتبته ومقامه بين الرسل والأنبياء أنه مجرد رسول كأحدهم، وكلهم له مقامه العظيم، وفضلهم عظيم، وشأنهم عظيم، ومرتبتهم عظيمة كرسل لله، وكأنبياء لله "سبحانه وتعالى"، ولكنه هو بينهم هو سيِّد المرسلين، هو خاتم الأنبياء وسيِّد المرسلين.

 

فرسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله" بما أعطاه الله من الكمال العظيم، وأهَّله به، جسَّد كل مكارم الأخلاق إلى حدٍ بلغ فيه مستوى العظمة، مستوى العظمة، فما من خُلُقٍ من مكارم الأخلاق إلَّا وهو بلغ فيه مستوى العظمة، وجاء القرآن الكريم ليعبِّر تعبيراً جامعاً عظيماً وراقياً ليقول: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم: الآية4]، الله يشهد لنبيه لرسوله محمد "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله" في هذه الآية المباركة بأنه بلغ مستوى العظمة في كل مكارم الأخلاق وبالتأكيد: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، بصيغة فيها تأكيد قاطع وكبير جداً، هذا الإنسان العظيم الذي نحتفي به، الذي قدَّمه الله ليكون هو قائدنا، وقدوتنا، وأسوتنا، وأعطاه منهجاً من نوره ووحيه وكلماته وتعليماته المباركة، التي هي برحمته وبحكمته، أليس نعمةً عظيمةً علينا؟

لو أتينا إلى الواقع البشري، واقع الأمم والشعوب فيما هي عليه، تراهم شعباً هنا أو شعباً هناك يتشبث ببعضٍ من العادات والتقاليد، وببعضٍ من الأساطير؛ ليجعلوا منها عقيدةً، وليجعلوا منها ثقافةً، وليعتمدوا عليها كهوية ينتمون إليها في مسيرة حياتهم، وتراهم يعتزون بها، ويقيمون من أجلها الأعياد والمناسبات، وتكون محط فخرهم واعتزازهم، يلتفون حولها، يتعصبون لها، يتشبثون بها، يخلصون لها، يتفانون من أجلها، ويجعلون منها هويةً يربون عليها أجيالهم جيلاً بعد جيل، ويتوارثونها عبر الأجيال، وكم فيها من خلل كبير جداً، ومن إشكالات، وأحياناً حتى من المتاعب والصعوبات.

 

لو نأتي إلى ما قد يعتبرونه في نظرهم أدياناً معينة، أو ثقافات معينة يعتقدونها، ويبنون عليها حياتهم، ويطبعون بها هوياتهم، في كثير من شعوب الأرض، تجد حتى المأساة فيها، حتى المأساة فيها، وكم ينشأ عن واقع حياتهم تلك في تلك العقائد، وذلك الموروث الذي يتشبثون به من مشاكل اجتماعية، مشاكل اقتصادية... مشاكل متنوعة في حياتهم؛ أما نحن كأمةٍ مسلمة، فإنَّ الله أعطانا وهو أعطى للبشرية بكلها، إنما مع نعمة الإسلام الحجة علينا أكبر، والنعمة متاحةٌ لنا أكثر من غيرنا من بني البشر؛ لأننا منتمين لهذه الإسلام، فلدينا أعظم منهج قويم؛ لأنه ممن؟ مصدره مَنْ؟ قد يكون مصدر ثقافة، أو عقيدة، أو حضارة معينة لشعبٍ معين: زعيم معين يعتزون به منتهى الاعتزاز، وأحياناً أسطورة حتى، يعتزون بها منتهى الاعتزاز، ويتشبثون بها بأشد ما يكون من التشبث والتمسك، ويحافظون عليها، ويسعون ألا يفرِّطوا فيها؛ أما نحن فالله منَّ علينا، وكما قلت وأعطى للعالمين، لكن مع نعمة الإسلام يتاح لنا أن نستفيد أكثر من غيرنا من بني البشر، وأن نقدِّم أرقى نموذج بأعظم منهج: آيات الله، تعليماته المباركة والقيِّمة والعظيمة، التي هي منطلق علمه، وحكمته، ورحمته، ما يساعدنا على أن نمتلك أرقى ثقافة، وأن تكون لدينا في هذه الحياة أرقى رؤية نعتمد عليها في كل شؤون حياتنا، وعندنا مشكلة بالفعل في واقعنا كأمةٍ مسلمة: هي الفجوة الكبيرة في علاقتنا بالرسول والقرآن؛ لأن العلاقة عندما إما يشوبها الكثير من الإشكالات نتيجة البعض من الخلل الثقافي والفكري، الذي يؤثر سلباً في ارتباطنا الصحيح والأصيل بهذه المصادر العظيمة جداً بهذه النعمة الكبيرة التي فيها الرحمة وفيها الفضل من الله "سبحانه وتعالى".

 

في واقع المسلمين عندما حصل خلل ثقافي، عندما دخلت حالة التحريف والانحراف؛ أثَّرت وشوشت على هذه العلاقة، وهذا الارتباط العظيم بالرسول وبالقرآن، وترك هذا الانحراف والتحريف تأثيرات سيئة في واقع الحياة في واقع المسلمين، ومشاكل كثيرة في واقع المسلمين، وأصبح الكثير من المسلمين اليوم لديهم ثقافات تختلف مع ثقافة القرآن، لديهم تصورات خاطئة، لديهم انحرافات، لديهم تحريف، وهذا أثَّر في واقعنا كمسلمين، واستغله أعداؤنا في إساءتهم إلى الإسلام، وحتى في إساءتهم إلى الرسول وإلى القرآن.

 

ولذلك علينا أن نعيد اتصالنا بهذه النعمة، بهذه الرحمة، بهذا الفضل؛ ليكون اتصالاً صحيحاً، سليماً من الشوائب التي أثَّرت سلباً، ورأينا تأثيراتها السلبية في واقع الحياة، إذا أعدنا هذا الاتصال السليم من الشوائب بالرسول، وتعرفنا على رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله" من خلال القرآن الكريم، ثم يكون القرآن نفسه في آياته المباركة، فيما نتعرف من خلاله على رسول الله هو المعيار الأساس حتى فيما ينقل إلينا في السير، فننظف مناهجنا، وننظف موروثنا كله: الثقافي، والفكري، والتاريخي، من كل ما يحسب على رسول الله، وهو يختلف مع القرآن، هنا سنجد عظمة رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، سنجد كم سيكون هذا الارتباط الصحيح وهذه الصلة التي تنظف من الشوائب فاعلةً ومباركةً ومؤثرةً في واقع حياتنا، فنرى فضل الله "سبحانه وتعالى" علينا في واقع هذه الحياة، نتصل حينها بالتعليمات الإلهية بشكلٍ صحيح، بالنور الإلهي بشكلٍ صحيح، ونرى أثر ذلك في أنفسنا، وفي واقع حياتنا، وفي مسيرة حياتنا، فنبني على ذلك أسمى حضارةٍ في الواقع البشري؛ لأن الإسلام هو يهيِّئ بتعاليمه العظيمة، بمنهجه العظيم، بهذا القدوة العظيم، والأسوة العظيم: رسول الله "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله"، يهيِّئ لنا أن نبني أرقى حضارة، تتميز بأنها حضارة مبنية على قيم إلهية، على مبادئ عظيمة وسامية وراقية، وعلى مكارم الأخلاق، الأخلاق الكريمة، فتكون حضارة المبادئ الإلهية، وحضارة مكارم الأخلاق، وحضارة التعاليم الإلهية، التي تؤسس هذه الحياة على أساسٍ من العدل والخير والرحمة والفضل، وتسمو بالإنسان. التوجهات الحضارية المنحرفة، والتي هي مطبوعةٌ بكلها بالطابع المادي، هي تبني ناطحات السحاب، ولكنها تدمِّر في الإنسان إنسانيته، ولكنها تسحق المجتمعات البشرية بلا رحمة.

كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي خلال لقاء موسع تدشيناً للمولد النبوي الشريف 1442هـ بحضور العلماء ومسؤولي الدولة 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر