مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

لما كان عطاء الشهداء هو أسمى عطاء وهم يضحون بحياتهم وبأرواحهم، ويجودون بحياتهم في سبيل الله "سبحانه وتعالى"، نصرةً لأمتهم، نصرةً لشعوبهم، نصرةً للمستضعفين من عباد الله، والمظلومين من عباد الله، فإن الله "سبحانه وتعالى"، وهو الكريم العظيم الرحيم، قابل عطاءهم بكرمه الواسع، فهم لما وهبوا حياتهم، الله "سبحانه وتعالى" قدم لهم وعجل لهم بحياة واستضافة كريمة، واستضافة مميزة يستضيفهم الله فيها "سبحانه وتعالى" إلى يوم القيامة، ولهذا يؤكد لنا هذه الحقيقة في القرآن الكريم في آياتٍ متعددة (في سورة البقرة، وفي سورة آل عمران).

 

في (سورة البقرة) يقول الله "سبحانه وتعالى": {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ}[البقرة: الآية154]، لَا تَقُولُوا: لا تكن هذه نظرة لكم تعبرون عنها، فأنتم ترون فيهم أناساً فقدوا حياتهم، خسروا حياتهم، وانتهت حياتهم، وبقوا في حالة الموت إلى يوم القيامة، عندما تنظرون هذه النظرة فتعبرون عنها بقولكم أنهم أموات، وفلان- يعني: الشهيد فلان مثلاً- ميت، ومات فلان وهو شهيد، وفلانٌ أصبح من الأموات، لا تقولوا ذلك أبداً؛ لأن هذا ينافي الحقيقة، لا صحة لذلك، ولأن هذه المقولة تقدم فكرة عن الموضوع وكأنه خسارة، والمسألة مختلفة عن ذلك كلياً.

 

(بَلْ أَحْيَاءٌ): هم أحياء بكامل مشاعرهم، وهم حضوا باستضافةٍ كريمةٍ لدى الله "سبحانه وتعالى"، هذه الاستضافة تستمر في وضعٍ خاص، وكامتياز خاص للشهداء، امتياز خاص للشهداء، تستمر هذه الاستضافة إلى يوم القيامة، وما بعد يوم القيامة هو جنة المأوى والفوز العظيم الدائم الأبدي، ولكن إلى أن تأتي القيامة ليسوا كغيرهم ممن ماتوا بشكلٍ طبيعي وبوفاة طبيعية، أولئك حالتهم مختلفة، وكامتياز خاص قدمه الله "سبحانه وتعالى" لهم أنه استضافهم استضافةً كريمة.

 

(وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ)؛ لأنهم غائبون عن إدراكنا، عن مشاهدنا، عن مشاهدتنا، عن إدراكنا، أمرٌ هو خارجٌ عن كل ذلك، ولكن الذي أخبرنا عنه هو الله "سبحانه وتعالى"، هو المستضيف الكريم "جلَّ شأنه".

 

في آيةٍ أخرى في (سورة آل عمران) يقول: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}[آل عمران: الآية169]، لا يكن في حساباتك، في تقديراتك، في تصورك، أنهم أصبحوا من الأموات، وأنهم انتهت حياتهم وسيبقون في حالة الموت إلى يوم القيامة، فالمسألة مختلفة عن ذلك، الشهداء كما كررنا لهم امتياز خاص، هم انتقلوا فوراً، ينتقل من ساحة المعركة عندما يكون في ساحة المعركة، أو استشهد فيها أو في أي مكانٍ كان ينتقل فوراً إلى تلك الاستضافة الكريمة، تتجه روحه إلى حيث يهيأ الله لها تلك الاستضافة، بالطريقة التي يجعلها الله "سبحانه وتعالى"، التفاصيل غائبة عنا، غائبة عنا، ولكنها بالتأكيد تفاصيل تدل على أنهم في حياةٍ حقيقية، حياة حقيقية يرزقون فيها، يعيشون فيها على المستوى النفسي حالة الفرح، السرور، لا يشعرون بالغبن، لا يندمون على عطائهم، ولا على تضحياته، هم يعيشون كما قال عنهم: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}[آل عمران: من الآية170]، هم في حالة فرح، قبل ذلك: {عِنْدَ رَبِّهِمْ}، بكل ما يعبر عنه ذلك، من مقامٍ عظيم، من تكريمٍ كبير، من سعادةٍ عظيمة، من استضافةٍ كريمة، عند ربهم، هذا يعزز في نفس الإنسان حالة الاطمئنان التام تجاه قريبه الشهيد، أين هو؟ {عِنْدَ رَبِّهِمْ}، في استضافة الله "سبحانه وتعالى"، يرزقون، هذا يدل على أنهم يعيشون حياةً حقيقية، حياةً بكامل مشاعرهم، يحظون فيها بالرزق، بالعطاء الإلهي المستمر في تلك الحياة، قد سلموا كل الهموم، كل المعاناة، كل متاعب هذه الحياة، كل ما في هذه الحياة من مخاطر على الإنسان فيما بقي من حياته، وصلوا إلى حيث يأمنون، إلى حيث يطمئنون على مستقبلهم الأبدي، على مستقبلهم الأبدي، وأصبحوا في حالة يستبشرون فيها حتى بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم، كما قال: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}[آل عمران: الآية170].


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر