مـوقع دائرة الثقافة القرآنية – تقارير – 4 جمادى الأولى 1446هـ
تقرير | أحمد داود
ينساق المرتزقة وراء العدو الأمريكي في كل تحركاته المعادية لليمن، آملين العودة إلى تحقيق حلمهم بالوصول إلى السلطة في صنعاء، حتى وإن كان ذلك على حساب الدم الفلسطيني.
وخلال الأيام الماضية، كثف المرتزقة من تحركاتهم في الميدان، في إطار تصعيد تخطط له واشنطن، بغية إيقاف العمليات النوعية للقوات المسلحة المساندة لغزة، بعد أن عجزت على مدى الأشهر الماضية من خلال تحريك الأساطيل والقطع الحربية، وتنفيذ الغارات على بلادنا.
وبالتوازي مع الميدان، تعمل وسائل الإعلام التابعة للمرتزقة على تحريف الحقائق، والعمل على شيطنة عمليات القوات المسلحة اليمنية، ووصفها “بالإرهابية”، كما حدث من خلال تقرير بثته قناة “سهيل” التابعة لرجل الأعمال المرتزق حميد الأحمر قبل أيام، حيث دعت المجتمع الدولي لمساعدة ما سمته “بالشرعية” للسيطرة على مدينة الحديدة غربي البلاد.
ويتبنى المرتزقة الرواية الأمريكية بشأن العمليات اليمنية في البحر الأحمر، مؤكدين أنها تشكل تهديداً حقيقياً لحركة الملاحة الدولية، ولهذا تصدر قيادات المرتزقة السياسية والعسكرية التصريحات المتتالية حول خطورة هذه العمليات، مؤكدين استعدادهم لاستئناف المعارك في أي وقت لضمان استعادة الحديدة واستقرار المنطقة، بحسب زعمهم.
هذه التصريحات تتطابق مع التوصيف الأمريكي لمجريات الأحداث في البحر الأحمر، وكأنها تخرج من مشكاة واحدة، فالأمريكيين يعتقدون أن عمليات القوات المسلحة اليمنية تهدد حركة الملاحة في البحر الأحمر، وأن التحركات العسكرية في اليمن تأتي في سياق الردع لهذه الأعمال التي يتم وصفها في أغلب الأحيان “بالإرهابية”.
بالنسبة للقوات المسلحة اليمنية، وكما هو معروف، فإن عملياتها في البحر الأحمر، أو البحر العربي، والمحيط الهندي، تأتي لمساندة غزة التي يتعرض سكانها لعدوان صهيوني غاشم على مدى أكثر من عام، فالبيانات التابعة للقوات المسلحة تؤكد أن هذه العمليات لن تتوقف إلا بتوقف العدوان والحصار على قطاع غزة، كما أنه موقف مبدئي تؤكد عليه القيادة الثورية ممثلة بالسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- ورئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، والقيادة العسكرية، ومن خلال الحضور الجماهيري اليمني المليوني الذي يخرج يوم الجمعة من كل أسبوع لمناصرة غزة في صنعاء وعموم محافظات اليمن.
-
روايات تخدم الصهاينة
وإذا كانت قناة سهيل، قد أظهرت قبحها تجاه العمليات اليمنية المساندة لغزة في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب، ووصفتها “بالإرهابية” فإن القيادات العسكرية والسياسية للمرتزقة تواصل المسار ذاته، حيث يصف المتحدث باسم القوات التابعة للمرتزقة العميد عبده مجلي عمليات قواتنا المسلحة “بالإرهابية”، مؤكداً أنها تعرض الأمن والسلم الإقليمي والدولي للمخاطر، وتضاعف من معاناة الشعب اليمني الاقتصادية.
ويذهب وزير دفاع المرتزقة الفريق ركن محسن الداعري إلى ما هو أبعد في حديثه عن عمليات القوات المسلحة اليمنية المساندة لغزة، حيث يدعي أن هذه العمليات هدفها الحصول على تعاطف الآخرين، وأن صنعاء تقوم بها للهروب من المأزق الاقتصادي الذي تعاني منه، ولهذا يظهر المرتزق الداعري استعداده لخدمة أمريكا لمواجهة ما يسميه “بالحوثيين” في أي وقت وأية لحظة.
رئيس ما يسمى بالمجلس الرئاسي العميل الأكبر رشاد العليمي، يتحدث بأسلوب وزير دفاعه، ويقول إنه “بدلاً من مواجهة التحديات الداخلية والتخفيف من معاناة الشعب اليمني، يستدعون إسرائيل في محاولة يائسة لتغيير مجريات الصراع».
ويواصل: “هذه العمليات البحرية «لم تحقق أي نتائج إيجابية على أرض المعركة ولم تسهم في تحسين وضع غزة المنكوبة، بل على العكس زادت من تعقيد الوضع الإنساني في اليمن وأضرَّت بمصالح شعوب المنطقة».
ويتضح من كلام المرتزق العليمي ووزير دفاعه الانسياق الكامل مع الأمريكيين والتخادم العلني معهم، فبدلاً من أن يتحرك هؤلاء لمساندة غزة التي تتعرض لحرب إبادة جماعية، يتم غض الطرف عن “إسرائيل” ووحشيتها في المنطقة، والتركيز على العمليات اليمنية المساندة، في دلالة على مدى الامتهان والتطبيع مع الكيان.
ويكذب العليمي هنا عندما يتحدث عن عدم جدوائية العمليات اليمنية المساندة لغزة، مع أن العالم أجمع، بما فيها أمريكا تتحدث علانية عن خسائرها الكبيرة نتيجة لهذه العمليات، والتي أجبرت حاملات الطائرات الأمريكية (ايزنهاور) و(روزفلت) على مغادرة المنطقة هرباً من عمليات اليمن، إضافة إلى إعلان الصهاينة افلاس ميناء “أم الرشراش”، وتكبيد شركات الشحن الموالية للعدو الإسرائيلي الخسائر الفادحة بسبب هذه العمليات.
وعلى مدى أكثر من عام من معركة “طوفان الأقصى” انحاز المرتزقة إلى العدو الأمريكي الصهيوني، فوسائل إعلامهم الرسمية لا تتعاطى إطلاقاً مع مجريات الأحداث، وإن تم التطرق لها، فيتم ذلك من خلال شيطنة عمليات القوات المسلحة اليمنية، والتقليل من شأنها، بل والإصرار على أنها تضر بالبيئة، وتقلق السلم والأمن الدوليين.
هذا التماهي مع العدو يكشف عن التطبيع الخفي لقيادات المرتزقة مع العدو الإسرائيلي، وفي مقدمة ذلك التطبيع الإعلامي، فالمحتوى الإعلامي لوسائل إعلام المرتزقة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والأحداث في قطاع غزة ولبنان هو نسخة أخرى من الخطاب لوسائل الإعلام السعودية، والتي تصف قيادات المقاومة بأنها “إرهابية” وتفرح وتهلل لمقتل القيادات من حركة حماس، وحزب الله.
في المقابل، لا تغفل القيادة الثورية والسياسية والعسكرية عن هذه التحركات للعملاء والمرتزقة، فالمعركة هي في الأساس مع أمريكا، وهؤلاء مجرد أدوات يتم تحريكهم وفقاً للمصلحة الأمريكية والحاجة الأمريكية، لذلك تظهر صنعاء استعدادات كبيرة لمواجهة التصعيد الأمريكي، سواء في البر أو البحر أو في أي منطقة من اليمن، فمن الناحية العسكرية تظهر المناورة الأخيرة “ليسوءوا وجوهكم” مدى الجهوزية العالية للقوات المسلحة لمواجهة أمريكا وحلفائها، ومن الناحية السياسية كان خطاب السيد القائد عبد الملك الحوثي – يحفظه الله- واضحاً في التحذير من أي تصعيد جديد ضد بلادنا من قبل المرتزقة أو النظامين السعودي والإماراتي، في حين يكتمل المشهد مع الخروج المليوني للشعب اليمني يوم الجمعة الماضية للتأكيد على الجهوزية والاستعداد الكامل لمواجهة التصعيد الأمريكي مهما كانت التحديات والمخاطر.