علي الموشكي
عندما نأتي نستقرئُ اليهودَ والنصارى من خلال القرآن الكريم، الآيات الكثيرة جِـدًّا التي تعدد أساليب المكر والخداع والفساد الأخلاقي والقيمي وقدراتهم الفائقة جِـدًّا على أن يفسدوا الشعوبَ ويخربوا الأوطان، وذلك نابعٌ من ثقافاتهم ومعتقداتهم التي يدينون بها، فالفكرُ اليهودي يزرعُ في قلوب ذويهم منذ الصغر العداءَ الشديدَ للبشرية وللإنسانية، هم يقدسون أنفسهم ويعتبرون أن الله خلق بقيةَ الناس في خدمتهم وبقية البشر عبيد لهم، ولديهم في معتقداتهم إشكالية وخلافٌ مع الله سبحانه وتعالى ليس فقط مع البشرية فحسب، لكن انحلالهم عن دين الله وتحريفهم لكتب الله وقتلهم الأنبياء جعلهم أكثرَ عدائية وأكثر كفراً بالله، دعونا نستذكرْ ما ورد في القرآن الكريم عن تقولهم على الله.
قال الله تعالى في محكم آياته البينات مبينًا عقائدهم وكفرهم وسوء اعتقادهم في الله عزو جل: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا﴾ وقال تعالى ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأنبياء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ وقال تعالى ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾ وقال تعالى ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أبناء اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ وقال تعالى ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ، إذ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثيراً وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾، كُـلّ هذه الآيات البيانات توضح مدى التقول على الله والجحود والكفر البواح بالله سبحانه وتعالى، لماذا اللهُ عرض هذا في القرآن الكريم، وذلك لكي يوضح لنا مدى كفرهم وانحرافهم عن منهجية الله التي لا تستقيم الحياة إلا بهذا الدين القويم.
هم سعوا بالكثير من الأساليب الشيطانية وذلك للانحراف من خلال تحريفهم لكتب الله، قال تعالى: ﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، ومع كفرهم بالله ورسله وكتبه، فهم أَيْـضاً كفروا باليوم الآخر، وقد بين الله انحراف اعتقادهم ذلك في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾، وقد تحداهم الله تعالى في اعتقادهم في اليوم الآخر، وأنهم لن يُعَذَّبوا فقال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخرة عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾، وسببُ اعتقادهم بأنهم لن يُعذبوا في الآخرة، قولهم: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أبناء اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِـمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِـمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَللهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْـمَصِيرُ﴾، حَيثُ رد الله على الشبهات التي يعتقدونها في الآية الكريمة من سورة المائدة.
ويمتاز اليهود بالكثير من الصفات النفسية السيئة، والتي منها الحقد والحسد وكذلك حب التملك والسيطرة، نقض العهود والمواثيق، الغش وأكل الربا وأكل أموال الناس بالباطل وَقسوة القلب، وحبهم للكذب وسماعة والنفاق والجدال والمراءة وكتمان الحق والاحتيال على حدود الله ومخالفة القول والعمل والكذب على الله والجبن والتخاذل والسحر والبخل والشح وحب الدنيا وكراهية الموت وَالاختلاف والتناحر بينهم وحب للفساد ونشرة، وردة هذه الصفات في القرآن الكريم.
الله -سبحانه- فضحهم في كتابه الكريم حتى نعرفهم ونتيقنَ عداوتهم وسوء مصير من يتولهم يكون مثلهم ويحمل صفاتهم وما عداوة الأنظمة المطبِّعة للسلام مع الكيان الصهيوني إلَّا انعكاس لنفسيات تأثروا بها من خلال علاقتهم ودخولهم في سياق الكفر، فكان كُـلّ هذا العداء نتاجاً لذلك الانحراف الذي تذوب معه الإنسانية والأخلاق والقيم والمبادئ القرآنية العظيمة.
يسعى الكيان الصهيوني اليوم بكل هذه المعتقدات وبكل هذه النفسيات الخبيثة والحقيرة إلى التوغل في جسد الإسلام وتدمير القيم والمبادئ ونشر الفساد الأخلاقي في الدول العربية، كيف لا والجنس الثالث ما يُعرف بالـ(مثاليين) هم من صُنْعِ اليهود في كُـلّ دول العالم.
إن الصهيونية العالمية تسعى وبكل جد إلى نشر الضلال وانحراف الإنسان عن إنسانية حتى يكون قذرا وشاذا وديوثا، بعد أن كرمه الله ومَنّ عليه بنعمة الاستخلاف في الأرض ليكون خليفةً في الأرض وعلمه ما لم يعلم وخلقه في أحسن تقويم وجعل منا الذكر والأنثى، هذا الإنسان الذي خلقه الله وأبدع في خلقه ما زال معجزةً خالدة إلى يوم القيامة وهذا التطور الذي حصل على يديه هو من عظمة خلق الله وشاهدٌ على عظمة خلق الله، يكون معه أكثر تعبداً لله أكثر تقديساً لله، لكن الشيطان يجر معه الإنسان إلى وحل الكفر ويسخر فيه ويجعله يتنكرُ لمن خلقه ويسعى إلى الفساد في الأرض، الله خلقنا وكرّمنا وحملنا في البر والبحر، وجعل الملائكة تسجد لأدم على عظيم هذا المخلوق العجيب الصنع سبحانه من خالق، ومع هذا ننحرف ونضل ونفسد وهذا هو تنكر لنعم الله لنا.
لنعلم أن الكيانَ الصهيوني هو شيطانُ العصر ويجرُّ بعده وفي سياقه الكثير من الدول التي تصبح عبيداً للشيطان، وهذا هو من الانحراف عن منهج الله وهدي الله، فاتّباعُ الصهاينة ليس وراءه إلَّا الانحراف عن هدي الله المستقيم.