مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

1 ـ المكر والخداع
 
{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ} النفاق مثلما قلنا يتنامى يزداد، يزداد النفاق في قلوب أهله حتى يصلوا إلى درجة شديدة من العداء لدين الله، عداء شديد، بعض المنافقين يصل إلى درجة شديدة من العداء لدين الله، لو أنه يتمكن من قتل رسول الله لقتل رسول الله، حقد شديد وهو في نفس الوقت ينتمي إلى الإسلام، هذه من أعجب العجائب، وهذه حالة حصلت حتى في عصر رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
لقد حاول بعض المنافقين وخططوا لاغتيال رسول الله، كانوا يريدون القضاء على رسول الله، وهم منتمين إلى الإسلام، منتمون إلى الإسلام، وهم في نفس الوقت داخل جيش رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وهو عائد من غزوة تبوك، وكيف كان مخططهم؟ مخطط غريب، خططوا أن يعملوا للرسول حادث مروري، هل سمعتم بالحوادث المرورية؟ حادث مروري، قالوا عندما يصل النبي إلى العقبة ـ مكان مرتفع في الطريق، حيد ـ عندما يصل إلى أعلى العقبة سينفرون في وجه الناقة التي يركب عليها ليفزعوها فتسقط، والطريق ضيق ومرتفع على شفا حيد، على شفا الجبل فيسقط، تسقط الناقة برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) من على ذلك المكان المرتفع فيتقطع رسول الله إرباً إرباً، ويقولوا رسول الله مسكين جاء لرسول الله حادث، اسقطتهُ ناقتهُ فسببت لمقتله.
يعني أسلوب خبيث أسلوب ماكر؛ لأنهم يدركون أنهم لو باشروا إلى قتل رسول الله بالسيوف لن يتمكنوا من ذلك وفوراً سيقتلون ويفتضحون، وهم يريدون أن لا يفتضحوا، يريدون أن يقتلوا الرسول بطريقة لا ينتبه لها الأخرون، إنما يبكي بقية الجيش على رسول الله المسكين الذي سقطت به ناقته.. خططوا هذا المخطط وأعدوه وكشفه الله لنبيه محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) ففشل هذا المخطط، وعرفت تلك المجموعة التي تآمرت هذه المؤامرة.
أرأيتم النفاق؟ النفاق يزداد ويشتد حتى يصل إلى درجة شديدة من العداء لدين الله لدرجة أن يكون المنافق الذي يتظاهر بالإسلام ويعد نفسه من المسلمين مستعد أن يقتل رسول الله، ولماذا؟ لماذا؟.
لماذا يحقد المنافقون على الإسلام لهذه الدرجة؟ لماذا يميلون إلى الكفر وأهله؟ ما الذي نقموه؟ ما هو السبب؟.
{وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ} فالإسلام كان لخيرهم لسعادتهم لسعادة حياتهم لسعتهم. {فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} باب التوبة مفتوح ولمصلحة المنافقين أن يتوبوا، إن لم يتوبوا هم موعودون من الله سبحانه وتعالى بالعذاب في الدنيا، في الدنيا أولاً وفي الآخرة ثانياً. {وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} لن ينفعهم حتى الكافرون الذين ينظرون إليهم نظرة الاستعظام والإكبار.


2 ـ  البخل ونقض العهود


ثم يذكر لنا أيضاً حالة من حالات النفاق وسبباً من أسباب النفاق: {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ} منهم من عاهد الله ثم نقض العهد، ثم نقض العهد، لم يفِ مع الله، لم يفِ بما عاهد عليه، لم يفِ بما التزم به، وهذه مسألة خطيرة.
هذه من أسباب النفاق {مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ}؛ لأنهم البعض يبرر يبرر بخله وعدم إنفاقه بظروفه يقول: ظروفي صعبة، أنا ما عندي أموال كثيرة، لكن إذا أعطاني الله أموال كثيرة سأنفق وأصَّدَّق وأعمل الأعمال الصالحة. {لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ} فوسَّع لهم في رزقهم وأعطاهم من فضله {بَخِلُواْ بِهِ} ولم يفوا أبداً، قال: أنا سأنفق، المقصود فقط تتحسن ظروفي، عندي الآن ظروف صعبة، إذا جاء في المزرعة ولاَّ إذا جاء من الدكان ولاَّ إذا جاء رزق من هنا أو هناك إنشاء الله، ثم لا يفي.
وحصلت حالات حتى في عصر النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) البعض عاهد، وقصة ثعلبة مشهورة الذي كان يطلب من الرسول أن يدعو له بسعة الرزق، فكان الرسول يقول له: (قليلٌ تشكره خيرٌ لك من كثيرٍ لا تطيقه) فيصر على النبي أن يدعو له بسعة الرزق، (قليلٌ يغنيك خيرٌ من كثيرٍ يطغيك) فيصر أكثر، فيدعو له النبي بسعة الرزق، أتسع رزقه، أصبح له أغنام كثيرة جداً، خرج خارج المدينة، جاء وقت جمع الزكاة قال إذاً هذه أخت الجزية ورفض أن يقدم، وبالتالي اختلف عما كان عاهد عليه، كان قد عاهد على أن ينفق. الحالة هذه حالة عامة، يعني كل من يعيشها يعيش نفس النتائج والعواقب ويسبب لنفسه سخط الله.
{بَخِلُواْ بِهِ} هذا تنكر، تنكر وإساءة إلى الله، وإساءة إلى الله أن تعد الله وتلتزم لله أن إذا وسَّع عليك رزقك أن تعطي، أن تنفق، أن تصَّدَّق، وأن تقدم من أموالك للأعمال الصالحة، ثم ينعم الله عليك فإذا بك تتنكر، تختلف، تغدر، تتعامل بطريقة سيئة مع الله بعيداً عن الوفاء، جحودٌ بالنعمة، كفرانٌ للنعمة، إساءةٌ إلى المنعم سبحانه وتعالى، هذه حالة خطرة جداً، ماذا كانت نتيجتها؟.
{وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ} ألا ترون إلى خطورة بعض الأشياء التي تسبب النفاق، بعض الأشياء يجب أن يحذرها الإنسان؛ لأنها طريقٌ من سلكه وصل إلى النفاق، مدعاة للنفاق، تجر إلى النفاق، تعقب النفاق، تسبب النفاق.
هناك ذنوب وهناك معاصي، هناك أعمال تسبب للإنسان وإن لم يكن قد صار منافقاً تسبب له أن يتحول إلى منافق، يجب أن يحذرها الإنسان. هذه الحالة من الكفر للنعمة والجحود لها والكذب على الله وإخلاف الوعد معه سببت نفاقاً لازماً، نفاق، نفاق يستمر ما عاد هناك توفيق ولا هداية ولا ألطاف ولا رعاية، خذلانٌ تام.
{فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ} نفاقاً مستحكماً أحبوه وتعلقوا به وأشربوه في قلوبهم {إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} نفاق لا يبرح من قلوبهم ولا يفارقهم، يلقون الله يوم القيامة وهم على ذلك النفاق فيتجهون إلى جهنم، السبب ماذا؟ {بِمَا أَخْلَفُواْ اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ} هذه حالة خطيرة جداً يجب أن يحذرها الإنسان، إخلاف، أن تخلف الله ما وعدته، وأن لا تفي بما التزمت به لله سبحانه وتعالى، سواءً مالاً أو عملاً أو موقفاً أو ما شابه.
{وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ (77) أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ} فيما انطوت عليه سرائرهم وقلوبهم ونواياهم السيئة والكاذبة. {وَنَجْوَاهُمْ} فيما يتناجون به فيما بينهم من مؤامرات ودسائس وأكاذيب وما شابه. {وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} لا يخفى عليه شيء أبداً.

3 ـ التثبيط واللمز

ثم من أعمال النفاق والمنافقين وأساليبهم وحركة بعضهم لا يكتفون بالبخل أنهم باخلين ممسكين، لا يكتفون بهذا، ولا يكتفون أنهم يخذّلون الأخرين من الإنفاق، ويحاولون أن يثبطوا الناس من الإنفاق، ويمنعون الناس عن الخير، لا يكتفون بذلك بل يحاولون أن يسيئوا إلى المُنفقين، فإذا رأوا مُنفقين من ذوي الظروف الصعبة الذين ينفقون بدافع الإيمان وإن كانت ظروفهم صعبة بقلة ذات يد، ليس عندهم سعة، ليس عندهم إمكانيات، فهم ينفقون بقدر حالهم.. لكن المنافق الذي هو يبخل أساساً عن الإنفاق، ثم هو يخذّل الناس عن أن ينفقوا يسخر من المُنفقين الذين أنفقوا مع قلة ذات يدهم، وقسوة حالهم، لكن إيمانهم دفعهم للإنفاق فأنفقوا من القليل القليل بقدر الحال.
{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ}،{يَلْمِزُونَ} يعيبون ويطعنون وينتقدون ويسيئون بجارح الكلام، يسيئون إلى من؟ إلى {الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ}،{الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} الذين ينفقون طوعاً، طوعاً، برغبة نفس، برغبة نفس. المؤمن حتى وإن كان فقيراً وإن قلَّت ذات يده وإن قلَّت إمكانياته هو ينفق وبرغبة، يقدم من القليل القليل، المؤمن أبداً ليس بخيلاً، من هو بخيلٌ عن الإنفاق هو لا يعيش الإيمان أبداً، لا يعيش الإيمان أبداً، لو كان مؤمناً لما أطاق البخل أبداً، ولأنفق برغبة، يدرك قيمة الإنفاق.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم.
دروس من سورة التوبة / الدرس الخامس.
ألقاها السيد:
عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بتاريخ
19/رمضان/1434هـ
اليمن - صعدة.

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر