{وَابْنَ السَّبِيلِ}، يدخل في هذا العنوان طبعاً (ابْنَ السَّبِيلِ): هو المنقطع عن بلده، عن منطقته، الإنسان عادةً في واقع حياته يكون في بلده قد بنى حياته وأسَّس حياته ونشاطه على أساس كسب الرزق واستقراره، لكن عندما يكون منقطعاً تتأثر حياته في أشياء كثيرة، ومنها في وضعه المعيشي، يعيش وضعاً معيشياً صعباً، في مثل هذه الحالة يوجب الإسلام وأمر الله -سبحانه وتعالى- بالعناية بابن السبيل والاهتمام به، واليوم النازحون هم كثر مع العدوان، النازحون هم كثر من المناطق المحتلة، وهم من خيرة أبناء هذا الشعب، الكثير منهم نزحوا؛ لأنها لم تطب نفسه أن يعيش خانعاً لقوى الاحتلال وعملائها، فنزح، لم يستقر في بلده أو في منطقته عندما سيطر عليها الأعداء وعملاؤهم ومرتزقتهم وخونتهم، ويعيشون ظروفاً صعبة، البعض في صنعاء، والبعض في مناطق أخرى، ولذلك يجب الالتفات إليهم سواءً على مستوى الزكاة للمحتاجين منهم إلى الزكاة، أو من جانب الدولة فيما عليها أن تقوم به بحسب ما تستطيعه وتتمكن منه، وبالتفاتة جادة وصادقة، وباهتمام، اهتمام من يحرص على أن يقدِّم كل ما يستطيع أن يقدِّم، من المفترض أن يسعى الجميع على المستوى الرسمي من جانب الدولة، على مستوى التكافل المجتمعي من جانب الشعب، من جانب الناس، أن يحرصوا على العناية بهؤلاء النازحين، سواءً من كانوا في مخيمات، أو من كانوا في المدن والقرى، وقد استقروا واستقرت حياتهم.
من واجب الجميع على مستوى التجار، على مستوى المزارعين… على مستوى كل من يستطيع أن يستوعب على المستوى العملي، هذا نوعٌ مهمٌ من المساعدة، التشغيل، التشغيل لمن يستطيعون أن يشغِّلوه، هذا نوعٌ مهمٌ جدًّا من المساعدة، يعني: بعض التجار قد يستطيع أن يستوعب البعض من الفقراء، البعض من النازحين في إطار أعمال يحصلون من خلالها على مكافئات، وتكون سبباً للحصول على رزقهم، البعض من الفلاحين، البعض من المزارعين، البعض من المقاولين والشغالين في مختلف الأعمال يمكن الاستيعاب للكثير كيد عاملة، يستوعبون في أعمال، يستوعبون في أنشطة تكون سبباً ومفتاحاً لأرزاقهم، ولمساعدتهم في معيشتهم، وهذا نوعٌ مهمٌ جدًّا من المساعدة.
{وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً}، نستطيع أن نقوم بالتزاماتنا المالية إذا انطلقنا على أساس وعيٍ وفهمٍ صحيح لما هي مسؤوليتنا تجاه المال، ماذا يعني لنا المال؟ إذا كنا نفهم أنَّ المال وأنَّ الجانب الاقتصادي في الإسلام أمرٌ مهمٌ جدًّا تقوم عليه الحياة للأمة وللناس، وتقوم عليه أيضاً قوة الناس، الجانب الاقتصادي في الإسلام مهمٌ للغاية، مهمٌ جدًّا، وليس النظرة إليه إلى أنه للترف والعبث، وللاستهتار والإهدار كيفما كان، والتصرف العبثي. لا، إنما نتعامل من واقع الحكمة، وعلى أساسٍ من المسؤولية، وعلى أساسٍ من المبادئ والقيم والأخلاق والتشريعات التي وردت في هذا الجانب، النظرة العامة بأصلها مطلوبة أن تكون نظرة صحيحة إلى موضوع المال وموضوع الاقتصاد كيف هو في الإِسلام؛ لأن للإسلام رؤيته تجاه الموضوع الاقتصادي، وموضوع المال والثروة، ما الذي ينبغي أن نحصل عليه من خلال ذلك؟ ماذا نريد بالثروة؟ ماذا نريد بالمال؟ ماذا نريد بالاقتصاد؟ الاقتصاد في الإسلام وسيلة وليس غاية.
الفرق بين نظرتنا كمسلمين من خلال الرؤية القرآنية، من خلال الثقافة القرآنية، من خلال التشريعات الإسلامية، والنظرة المادية عند القوى الرأسمالية والاشتراكية: أنَّ الإسلام يجعل من الاقتصاد وسيلة وليس غاية، ووسيلة مهمة لتحقيق غاياتٍ مهمة، عندما نقول: [وسيلة]، هذا لا يقلل من أهميته في الإسلام؛ إنما هو وسيلة لتحقيق غايات مهمة ومضبوط بتشريعات وتوجيهات من الله -سبحانه وتعالى- هذه الالتزامات المالية التي نصلح بها واقعنا المجتمعي، ونبني لنا اقتصاداً قوياً يحقق لنا الاستقلال والاكتفاء الذاتي والقوة، وحتى نكون أمةً منتجة، وأمةً قويةً على المستوى الاقتصادي، لا تعتمد في اقتصادها، وفي معيشتها، وفي غذائها، وفي احتياجاتها الأساسية على أعدائها، لا بدَّ أن ننطلق من هذا المنظور الإسلامي بعين المسؤولية، وعلى أساسٍ من المبادئ والتشريعات الإلهية.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
من المحاضرة العاشرة
التبذير وآثاره السلبية على كل المستويات
سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة العاشرة