كانت معركة بدر معركة مهمة جدًّا، تحقق فيها أول انتصار وأكبر انتصار آنذاك في تلك المرحلة، غيَّر موازين المعركة، وغيَّر الواقع بكله، وأسَّس لمستقبلٍ جديد، فلذلك كان يوماً فارقاً في التاريخ، كان ما بعده يختلف عن ما قبله، في تلك المعركة قتل عدد ما يقارب السبعين من المشركين من أعداء الإسلام، وكان فيهم قيادات أساسية، وشخصيات عسكرية مهمة وأبطال من أبطال الأعداء، فمثَّل هذا كسراً لشوكة الشرك، لشوكة الأعداء، وأثَّر تأثيراً كبيراً حتى في الأحداث المستقبلية ما بعد غزوة بدر وصولاً إلى فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة، والذي كان- أيضاً- في شهر رمضان.
كان لهذا الانتصار التاريخي والعظيم أثرٌ كبيرٌ في الساحة، في واقع المسلمين: ارتفعت المعنويات، اطمأنت النفوس، استقوى أمر الأمة، ازدادت القناعة والتصميم على مواصلة المشوار تحت راية الإسلام، وتأثير كبير في الساحة والمحيط العربي آنذاك بالقبائل العربية الأخرى، ولدى الأطراف الأخرى، فكان حدثاً مهماً جدًّا، استحق أن يسميه الله -سبحانه وتعالى-: {يَوْمَ الْفُرْقَانِ} [الأنفال: من الآية41]؛ لأنه كان يوماً فارقاً في التاريخ، وأسَّس لمرحلةٍ جديدة، وحسم الوضع في معركة كانت معركةً مصيرية، كانت تلك المعركة لو استشهد فيها الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- وتمكن الأعداء من قتل المسلمين وحسم المعركة لصالحهم؛ لاستمر الطاغوت في سيطرته العامة على الواقع، وبتأثيره الكبير جدًّا في الساحة، ولانطفأ نور الإسلام، ولكن الله -سبحانه وتعالى- يأبى إلا أن يتم نوره، كان لذلك الانتصار أهمية كبيرة جدًّا في ارتفاع راية الإسلام، وفي استمرارية بناء هذه الأمة المسلمة المتحررة من ولاية الطاغوت؛ لأن الحالة القائمة في الواقع البشري: إما أن تكون تحت ولاية الطاغوت، وإما تحت ولاية الله -سبحانه وتعالى-؛ ولذلك يقول الله في القرآن الكريم: {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة: من الآية257]، ويقول -جلَّ شأنه-: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا} [البقرة: من الآية256]، وهكذا تأتي الآيات الأخرى التي تؤكِّد أنَّ ولاية الله -سبحانه وتعالى- ولاية يتحرر فيها الإنسان من الطاغوت ومن سيطرته، ويعتمد في حياته على هداية الله، على منهج الله، على توجيهات الله، على تعليمات الله؛ ليبني عليها مسيرة حياته، ويبني عليها مواقفه، وهذه المسألة هي المسألة الحسَّاسة جدًّا في كل زمن وفي كل عصر.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
(1) غزوة بدر الكبرى (ترجمة لرؤية الإسلام في الصراع مع الطاغوت)
سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة السابعة عشر
مايو 24, 2019م