مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الرسول صلوات الله عليه وعلى آله  بعثه الله والعالم آن ذك في واقع مظلم في جاهليته الأولي التي تتشابه إلى حدٍّ كبير مع جاهلية اليوم ، تلك الجاهلية التي كان عليها الواقع على مستوى المنطقة العربية وعلى مستوى بقية العالم بات مُفرَّغ من القيم الإنسانية و الأخلاقية ، باتت حالة الضلال والتِّيه التي يعيشها الإنسان في شتى أرجاء المعمورة آنذاك هي المسيطرة ، بات الإنسان يفتقر كل الافتقار إلى ما يحقق إنسانيته كإنسان ، إلى ما يستنقذه من حالة التيه والانحطاط والضياع التي يعيشها في واقع الحياة ، بات مفتقر ومتعطش إلى القيم الفطرية التي بها كرامته كإنسان ، وتميّزه كإنسان ، وسعادته كإنسان في هذا الوجود.
ولذلك كان الواقع العربي أولاً كما قال الله سبحانه وتعالي ، ?وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ? [آل عمران:164]، ذلك الضلال المبين يتمثل فيما كان عليه العرب من الاعتماد على الخرافة وعلى الجهل وعلى الشرك وعلى الكفر وعلى الوثنية وعلى التوحش ، مظاهر ذلك الضلال كانت في آن الواقع الذي كان يعيشه العرب كله واقع ضياع لا كيان يجمعهم لا هدف لا مشروع لا رسالة لا قضية سواء أمة متفرقة متبعثرة متناحرة ليس لها أي مشروع مهم في هذه الحياة ، تعيش في واقعها العداء الشديد والنهب والسلب والتخلُّف والجهل بكل أشكاله .
ولذلك كانوا يستندون إلى الخرافة عقيدة ، وأي ضلال للانسان حينما يجعل حينما يجعل من الخرافة عقيدة ، فعبدوا الأصنام وأشركوا بها مع الله سبحانه وتعالى ، وجعلوا من الأحجار التي كانوا هم يقومون بنحتها أو بشرائها أو ببعيها جعلوا منها آلهة مع الله سبحانه وتعالي ، اعتقدوا فيها النفع واعتقدوا فيها الضر وتعبَّدوا لها وتوجهاً إليها كشريكة أشركوها مع الله سبحانه وتعالي .
كذلك كانوا في واقعهم العام بعيدين عن الواقع الإنساني على مستوى فضيع من التوحش لدرجة أن البعض منهم لم يكن أبداً ليتحاشى من أن يقوم بقتل ابنه إذا ولد له مولود وهو يعيش ظروف صعبة أو فقر فيقتل ابنه خشية الإملاق ، إما على ابنه أو من واقعه الذي يعيشه كظرف اقتصادي صعب كما قال الله سبحانه وتعالى: ?وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ المُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ? [الأنعام:137] ، كذلك قال لهم: ? وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ? [الإسراء:31].
وهكذا كان العربي الذي ينظر إلى واقع الحياة من حوله نظرة سخيفة تعتمد الخرافة ، ونظرة زائفة لا تستند إلى الحقيقة ولا إلى الوعي ، كان متخبط في واقع الحياة ، بهذه النظرة يتعاطي مع كل ما حوله ، ينظر إلى المرأة نظرة احتقار بالغة ، ينظر لها إلى أنها مجرد سوأة وعار ، فكان أحدهم كما حكى القران الكريم: ? وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ? [النحل:58-59] .
يقتل ابنته وهي طفلة وهي في منتهى الصغر في مقام يستجلب من الإنسان ويكسب من الإنسان عاطفته ومحبته ، ?وَإِذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ? [التكوير:8-9].
يأكل الميته ، يتناحر الجميع على أتفه الأسباب وأبسط المسائل فيقتتلون عشرات السنين ، ليس لهم هدف في الحياة ولا مشروع في الحياة كل واقعهم عبارة عن ضياع بكل ما تعنيه الكلمة.
أما الواقع من حولهم فهناك إمبراطوريات قائمة؛ ولكنها متوحشة لا رُوح لها ولا قيم ولا أخلاق ولا عد تقتل واقع عالمي أشبه ما يكون بواقع الغابة ، كل اهتمامات الناس منصبة إلى أن يأكل بعضهم بعض ، وأن يقتل بعضهم بعض ، وأن ينهب بعضهم بعض ، وأن يضطهد القوي الضعيف ، وهكذا كان.
لكن عندما أتى الرسول محمد صلوات الله عليه وعلى آله برسالة الله الخاتمة بمبادئها العظيمة غيَّر كل هذا الواقع وابتدأ بالواقع العربي نفسه، ابتدأ بالواقع العربي نفسه، ذلك العربي الجاهل البدوي المُتخلِّف الذي يركع ويسجد للحجر التي نحتها او اشتراها، والذي يقتل ابنته ويأدها وهي طفلة، والذي لا يعيش الرحمة في وجدانه ولا كيانه، والذي يحمل الخرافة تجاه واقعه والواقع من حوله بعيد عن الحقيقة والذي ليس له هدف ولا مشروع في هذه الحياة.
بفعل الإسلام وبفعل مبادئ الاسلام وبفعل نور الإسلام وبفعل حركة نبي الإسلام تحول إلى عربي آخر، إلى عربي راقي مؤمن مُوحِّد لله سبحانه وتعالي، يحمل القيم ويترفَّع عن سفاسف الأمور يحمل رسالة الخير وإرادة الخير، ويتحرك لإقامة الحق والعدل.
الأمة المبعثرة المتفرقة المتناحرة المقتتلة المتهالكة على عقال بعير أو على قليل من الغنم أو على قليل من الأرض أو أي اعتبارات أخرى؛ تحولت إلى أمة موحِّدة تجتمع كلمتها على أشرف رسالة، على أعظم مبدأ، على أشرف قيم، على أزكى أخلاق.

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر