المسألة خطيرة جدًّا، الذي يخرجك من الذنب، من المعاصي، هو التوبة والإنابة إلى الله -سبحانه وتعالى- والتوبة جُعِلت لهذا، من رحمة الله من فضله أن جعل التوبة لتكون هي الطريق التي يخرجنا من الذنوب، والطريقة التي تخرجنا من سخط الله -سبحانه وتعالى- والطريق التي تقينا من عذاب الله -سبحانه وتعالى- على الأعمال السيئة والمعاصي والذنوب، ما كان من الذنوب عبارةً عن جرائم أو معاصٍ ارتكبها الإنسان مما فيه تعدٍ لحدود الله، وما كان منها تقصيراً وتفريطاً في الطاعات، في الأعمال الصالحة، في الأعمال التي أمرنا الله بها، في المسؤوليات التي حمَّلنا الله إياها.
ولهذا أتى في القرآن نداء الرحمة، يتوجه إلينا ينادينا بالتوبة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا}[التحريم: من الآية 8]، هذه التوبة وعد من خلالها بأن يكفر عنا سيئاتنا، لا يبقى لها أي أثر، حتى يوم القيامة لا تكون في صحف أعمالنا، ولا نسأل عنها، ولا نشهَّر بها يوم القيامة، ثم التوبة النصوح تمحي تأثيرات المعصية نفسياً على الإنسان نفسياً؛ لأنها تغطي كل هذه الآثار، وتمحو كل هذه الآثار السلبية، وتسقط عنك الوزر الكبير للذنب، {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [التحريم : 8].
يأتي أيضاً الأمر بالتوبة بشكلٍ جماعي، يقول الله -جلَّ شأنه-: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[النور: من الآية 31]، حالة الرجوع إلى الله -سبحانه وتعالى- والإنابة إلى الله -سبحانه وتعالى- والتوجه الجاد نحو الالتزام بتوجيهاته -سبحانه وتعالى- هي الحالة التي يجب أن نكون عليها جميعاً كمجتمعٍ مسلم، فإذا لاحظ الإنسان أنه خالف شيئاً من توجيهات الله، رجع، وتاب، واستغفر، وندم، واتجه اتجاهاً جاداً للالتزام العملي والطاعة لله -سبحانه وتعالى- فإذا لاحظ أنه زل هنا أو هناك هكذا يبادر بالرجوع، حالة الرجوع يجب أن تكون حالة مستمرة في واقعنا كمسلمين وكمجتمعٍ مؤمن، وبها الفلاح؛ أما إذا كان الإنسان مستهتراً تتراكم الذنوب، تتراكم المعاصي، وتكبر تأثيراتها على نفسه، وتعظم تأثيراتها السلبية في واقع الحياة من حوله، فيكون لهذا الأثر السيء على الإنسان في نفسه، يتخرب، يَفسُد، يَفسُد الإنسان وتَفسُد نفسيته، ثم يعظم انحرافه ويسوء في هذه الحياة، وتكثر أعماله السيئة، ويتجه اتجاهاً سلبياً، قد يصل إلى درجة الخذلان التام والعياذ بالله -سبحانه وتعالى-.
الله -سبحانه وتعالى- يقدِّم أيضاً وعداً للإنسان بأنه إذا رجع إلى الله، وتاب، وأناب إليه بصدق؛ أنه سيغفر له، حتى لا يكون الإنسان محبطاً، أو يائساً، أو قانطاً من رحمة الله، يقول الله -جلَّ شأنه- في القرآن الكريم: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا}[النساء: الآية110]، هذا وعد من الله -سبحانه وتعالى- وعد بالمغفرة، إنك عندما تعمل سوءاً، أو تظلم نفسك، ثم تندم وتعود بالتوبة النصوح والصادقة إلى الله -سبحانه وتعالى- وتطلب منه المغفرة، وتسعى لنيل مغفرته، أنه سيغفر لك؛ ولذلك لا مبرر للإنسان في استمراره على الذنب، في إصراره على المعصية، لا مبرر له، وإذا يئس فاليأس بنفسه ذنب، هو ذنبٌ آخر، وإذا قنط من رحمة الله فهذه معصية أخرى، عظيم فضل الله -سبحانه وتعالى- وسعة رحمته وكرمه أنَّ اليأس من رحمته ذنب بحد ذاته.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الرمضانية السابعة 1441هـ.