{وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} ولذلك لا يستوعبون مستوى خسة ما هم فيه ومستوى سوء ما وقعوا فيه، لكن.. لكن وما أهم لكن هذه في هذا الموقع {لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا} جاهدوا، الرسول رجال مجاهد في سبيل الله والأوفياء معه المؤمنين حقيقة الصادقين في إيمانهم {لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ} فلم يقعدوا كما قعد القاعدون ،ولم يتخاذلوا ولم يرضوا لأنفسهم بأن يكونوا مع الخوالف، يعني: ولو كان هناك متخاذلين، ولو كان هناك قاعدين متخلفين، ولو كان هناك ناس رضوا لأنفسهم بالذل ورضوا لأنفسهم بالهوان فهناك نوعية مختلفة، نوعية مختلفة تماماً هي تمثل منهج الله سبحانه وتعالى، وتمثل الاتجاه الصحيح الذي يعبر عن حقيقة دين الله سبحانه وتعالى.
مهما كان هناك من تخاذل ومتخاذلين لا يؤثرون في موقفهم على المؤمنين حقيقة، على الصادقين، الصادقين في إيمانهم لا يبالون ولا يتأثرون بموقف المتخاذلين، ولا يؤثر على تحركهم وجهادهم وصدقهم مع ربهم أن هناك متخاذلون أو هناك قاعدون وهناك راضون لأنفسهم بالذل والهوان.
المؤمنون بعزة الإيمان وباستجابتهم لله سبحانه وتعالى من واقع إيمانهم ينهضون بمسئوليتهم، ويتحركون في سبيل ربهم سبحانه وتعالى، والحالة هذه إذا وجدت هناك وهناك فهي لا تعبر عن الواقع العام لكل المسلمين لا. هناك صادقون.
{لَكِنْ الرَّسُولُ}يا من يؤمن بالرسول ويا من يتبع الرسول الرسول جاهد، وكان مجاهد في سبيل الله، {لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} الذين آمنوا معه الصادقين في إيمانهم، بماذا عرف الصادقون في إيمانهم؟ بجهادهم. {لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِم} فلم يبخلوا، ما كانوا بخلاء أبداً، فجاهدوا بالمال وأنفقوا منه في سبيل الله، وأعدوا منه في سبيل الله، وقدموا منه في سبيل الله، {وَأَنفُسِهِمْ} فتحركوا في ميدان المواجهة في سبيل الله. {وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ}، {وَأُوْلَئِكَ} الرسول والذين آمنوا معه فجاهدوا واستجابوا لله أولئك لهم الخيرات، الخير الكثير في الدنيا والآخرة، لهم العزة، لهم الكرامة، لهم النصر، لهم الغلبة، لهم التأييد، لهم الخير في الدنيا ولهم الخير في الآخرة رضى الله والجنة واليسرى في الحساب والنعيم العظيم.
{وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ} فهم كسبوا لأنفسهم الخير، ليسوا خاسرين بجهادهم ولا بما قدموا من أموالهم وأنفسهم، بل هم رابحون وفائزون {وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} هم المفلحون، من يظفرون بالخير في الدنيا والخير في الأخرة. {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} أعد الله لهم جنات فهيئها وجهزها وأعدها بقدرته وبديع حكمته على أرقى ما يمكن أن يكون عليه النعيم، وعندما يكون الله هو الذي يعد ويهيئ من رحمته الواسعة من كرمه العظيم بقدرته المطلقة التي لا حدود لها كيف سيعد؟ سيعد لهم نعم الضيافة، نعم الاستقبال، نعم الكرامة، نعم المستقر، نعم النعيم.
{أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ} جزاء لهم على جهادهم وصبرهم وثباتهم وإيمانهم {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} بدلاً مما أعد للمتخلفين والمتخاذلين حر جهنم وعذاب جهنم ونار جهنم والخزي في جهنم أعد لعباده المؤمنين الصادقين المجاهدين {جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} يستقرون فيها، يتنعمون فيها بين بساتينها ومزارعها وأنهارها وجمالها {خَالِدِينَ فِيهَا}لا نهاية لنعيمهم ولا نهاية لبقائهم {ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} وأي شيء يمكن أن يفوز الإنسان به أعظم من ذلك، أعظم من رضى الله وأعظم من الجنة.
ثم يستمر الحديث عن بقية الفئات مع الأهمية الكبيرة للجهاد، مع ما يترتب عليه من الخير والعز والنصر والتأييد والفلاح والسعادة والجنة والفوز برضى الله وجنته مع ذلك كله لا يزال البعض يتهرب محاول أن يبحث له عن مهرب، هو يهرب عن جنة الله، هو يبتعد عن الخير. من يريد أن يتهرب من الجهاد هو يبعد نفسه من الخير، يبعد نفسه من الاتجاه الذي يوصله إلى رضى الله وجنة الله لينحرف في الاتجاه الأخر، هريبة إلى جهنم والعياذ بالله وما أشده من غباء، البعض يهرب من مشاق الجهاد وأخطار الجهاد التي يتصورها أخطاراً لكن هريبة إلى جهنم، غباء، غباء شديد.
{وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنْ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ}، {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ} المختلقون للأعذار والباحثون عن المبررات ليؤذن لهم في التخلف عن الجهاد في سبيل الله؛ لأنه يريد أن يقعد بإذن يصبح له مبرر، {وَقَعَدَ} فلم يتحرك، لم يتحرك، قعد متخاذل جبان {وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أحياناً حتى نفس التهرب من الجهاد في سبيل الله يجعل الإنسان يدخل في متاهات سيئة جداً، {كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} فلم يصدقوا مع الله ولم يصدقوا مع رسوله، كذبوا الله في انتمائهم للإيمان فليسوا صادقين في إيمانهم، وكذبوا الله في اصطناع المبررات والأعذار التي يتهربون من خلالها عن الجهاد في سبيل الله.
{سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}؛ لأن البعض يصل في واقعه النفسي إلى حالة الكفر التي يختزنها في قلبه، وقد انعدمت ثقته بنصر الله، وقد انعدمت ثقته بصدق الله في وعده. {وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} مفتوح، شر مفتوح على أنفسهم، فهم متهربون من الجهاد في سبيل الله ففتحوا على أنفسهم باب عذاب الله الأليم والشديد، وأي شيء آلم وأشد وجعاً وعقوبة من عذاب الله سبحانه وتعالى.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم.
دروس من سورة التوبة - الدرس السادس .
ألقاها السيد
عبد الملك بدر الدين الحوثي
الدرس السادس
بتاريخ
21/رمضان/1434هـ
اليمن – صعدة