مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الأثر الطبيعي للنعم عندما نستذكرها، وعندما حتى نستذكرها في مقامات التذكر والتأمل على نحوٍ أوسع وأفضل وأكثر وأعمق، الأثر الطبيعي هو: الانشداد إلى الله “سبحانه وتعالى”، المحبة لله “جلَّ شأنه”، الذي هو ولي كل هذه النعم، والتي هي برحمته وفضله وكرمه، وأن نتوجه بالشكر له على هذه النعم، وألَّا نقابل إنعامه علينا بالإساءة إليه، أو باستخدامها فيما هو معصيةٌ له، هذا هو الأثر الطبيعي.

 

وبالتالي أن نستجيب له، وأن نسير على هداه، وأن تكون استجابتنا له على المستوى العملي ونحن نتحرك فيما يرضيه عنا، ونسعى لما يرضيه، أن تكون استجابةً برغبة، بمحبة، بتفاعلٍ إيجابي؛ لأن نعمه عظيمةٌ جدًّا علينا، ونحن إنما نتقلب فيها، إنما نتحرك فيها، هذا هو الأثر الطبيعي، الأثر السليم، الأثر الصحيح، والذي يغيب عنا، وعن مشاعرنا ووجداننا، وعن أعمالنا واهتماماتنا، إلى حدٍ كبير، بسبب غفلتنا عن التذكر كما ينبغي لهذه النعم العظيمة، والتأمل فيها، وإلَّا فالنتيجة هي هذا التوجه، بكل رغبة، بكل محبة، فيما يرضي الله “سبحانه وتعالى” عنا.

 

الحالة السلبية والخطيرة جدًّا على الإنسان تجاه هذه النعم، مع غفلته عن الله “سبحانه وتعالى”، وعن عظيم هذه النعم التي أسبغها عليه: هي حالة التكبر، حالة التكبر، عندما لا يكون للنعم أي تقديرٍ لديك، وكأنه ليس لله أي فضلٍ عليك، وكأنك أنت شخصياً الجدير بهذه النعم، وأن تُعطاها بدون فضلٍ ولا منَّة، هذه حالة خطيرة جدًّا.

 

وهذه النعم التي وردت هي نماذج عامة، وإلَّا فموقف الإنسان حتى تجاه بقية النعم المعنوية والمادية: نعمة أن يهيئ الله لك في هذه الدنيا جاهاً، أو دوراً، أو موقعاً محترماً، أو أن يكون لك دورٌ عمليٌ مهمٌ وبارز.

 

النعم الأخرى: أن تكون صاحب ثروة، وصاحب إمكانيات مادية.

 

وهكذا بقية النعم: أن تكون صاحب علمٍ وذكاءٍ وفهمٍ، وتمتلك في القدرة البيانية والإعلامية أكثر من الكثير من الناس.

 

الكثير من الناس يغتر ويتكبر؛ لأن البديل عن استذكار النعمة، واستشعار فضل الله عليك: هو أن تغتر بما وهبك الله من النعم، وأن تتكبر بها، وأن تَكبُر نفسك، وتعظُم نفسك، بدلاً من أن تكبر فيك المحبة لله “سبحانه وتعالى”، وهذا ما يحصل للكثير من الناس، تجاه ما يعطيهم الله من النعم، وما يهبهم من نعمه، فبدلاً من أن يستشعروا عظيم فضل الله عليهم، وأن ينشدوا إليه “سبحانه وتعالى” ويحبوه، فالنتيجة الأخرى والبديل الآخر: هو أن تعظم أنفسهم، وأن تكبر أنفسهم لديهم، وكأنَّ ما أعطاهم الله هو جدارة شخصية لديهم، وليس هبةً من الله، وفضلاً من الله عليهم، يقترن به مسؤولية عليهم، كأنه مجرد جدارة شخصية، هذه الحالة تؤثِّر على نفسية الإنسان إلى حدٍ كبير، تؤثِّر عليه في:

 

أولاً: تبعده عن الشكر.

 

ثم هي تؤثر عليه في مقام الاستجابة العملية لله “سبحانه وتعالى”.

 

فهو لا يستشعر نعمة الله عليه؛ فلا يتوجه عملياً بالشكر لله، والالتزام بتوجيهاته، والسير على هديه، والانطلاقة العملية الجادة بكل رغبة؛ إنما يتحرك وكأنه صاحب جدارة شخصية بكل ما وهبه الله، متكبراً، مغتراً، وحركته فيما يتعلق بالاستجابة العملية إنما تنطلق بدوافع ذاتية شخصية، ناشئة عن حالة الغرور، وليس بدافع المسؤولية، ولا بدافع المحبة لله “سبحانه وتعالى”، فتراه منفصلاً عن هذا الارتباط الإيماني، والصلة الإيمانية بالله “سبحانه وتعالى”، وترى ذلك يؤثر على أدائه العملي؛ لأن أداءه العملي بات محكوماً وخاضعاً ومتأثراً بمقاصده الشخصية، واعتباراته الشخصية، وأهدافه الشخصية، ومكاسبه الشخصية؛ وبالتالي إذا تعارض أي شيءٍ مع تلك المقاصد الشخصية، والأهواء الشخصية، والأهداف الشخصية، فهو قد يتخلى عن أي مسؤولية، أو قد لا ينطلق في أي عملٍ، أو في موقفٍ معين، مهما كان مهماً، مهما كان مهماً، بات المهم لديه هو مقاصده الشخصية، وحساباته الشخصية، وأهدافه الشخصية، ولذلك هو لا يذوب فيما هو رضا الله، ولا ينطلق انطلاقةً سليمة، انطلاقة المحب لله، الساعي لمرضاة الله “سبحانه وتعالى”، الراغب فيما عند الله، الذي يخجل أمام الله، ويستحي أمام نعمه العظيمة، لا، هو قد تضخَّمت ذاته لديه؛ وبالتالي يتمحور حول ذاته في الواقع العملي.

 

وقد يأتي هذا حتى في إطار العمل تحت عنوان العمل في سبيل الله، في أي مجال من المجالات، في أي مجال من المجالات، قد ينطلق الإنسان والعنوان عنواناً دينياً، عنواناً مقدَّساً، ولكن لأنه يعيش هذه الحالة، من احتساب ما هو فيه بأنه جدارة شخصية، وعظمة ذاتية، وقيمة خاصة، وأنه ليس هبةً من الله العظيم، ونعمةً تقترن بها مسؤولية، فهو ينشد إلى نفسه أكثر مما ينشد إلى الله، وبدلاً من أن يعظم الله في نفسه، تعظم عنده نفسه وتتضخم، تتضخم، وهذه حالة خطيرة جدًّا.

 

ولهذا أتى بعد التذكير بتلك النعم قوله “سبحانه وتعالى”: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}[الرحمن: 14-16]؛ ليذكِّر الإنسان، وليذكِّر الجان أيضاً، بحقيقة أصله، هذا مما يفيد كمعالجة تربوية: أن تتذكر أصلك، أصلك المادي وقيمتك المادية لا تساوي شيئاً، وعندما وهبك الله هذه النعم، فهي برحمته وفضله، لا تنظر وكأنه ليس لله فضلٌ عليك.

 

استشعار الإنسان لأصله، واستشعار الإنسان لنقاط ضعفه، يجعله يخجل أمام الله، يجعله يستشعر التكريم الإلهي، يجعله يستشعر عظيم فضل الله عليه، ويدرك أنَّ الفضل لله، وأنَّ المنَّة لله، وأنَّ عليه أن يتوجه إلى الله بالشكر، وأنه في أصله هو محل العجز، محل الضعف، محل الإفلاس والعدم؛ إنما الله من وهبه كل شيء، وأنعم عليه بكل شيءٍ، فالفضل لله عليه، لا يتنكر لنعمة الله، لا يتجاهل فضل الله عليه، هذه معالجة تربوية مهمة جدًّا.

 

 

 

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة السادسة 1442هـ


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر