عندما نعود إلى الآية المباركة لندرك أهمية هذه النعمة العظيمة، التي هي نعمة القرآن الكريم ككتاب هداية، وكيف يجب أن تكون علاقتنا من واقع حياتنا به.
الله “جلَّ شأنه” قال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}، مما ينبغي أن نستذكره، وأن نستحضره دائماً: هو أنَّ هذا القرآن هو كتاب الله، ومن الله “سبحانه وتعالى”، هو كلماته هو، آياته “جلَّ شأنه”، من نوره، لم يوكل عملية تأليف هذا الكتاب وإنشاء هذا الكتاب إلى أحدٍ من خلقه، لا من ملائكته المقربين، ولا من أنبيائه المرسلين، فليس نتاجاً لمخلوقٍ من مخلوقات الله في أي مستوى من المستويات، لا، هو من الله “جلَّ شأنه”، وهذا يدلنا على أهمية هذا الكتاب العظيم، على عظمته؛ لأنه من الله “سبحانه وتعالى”، أنزله إلينا هدايةً لنا، وهو من علمه، برحمته، ومن منطلق رحمته بنا، هو “جلَّ شأنه” قال عنه: {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[فصلت: الآية2]، فكلما في هذا الكتاب من هداية، من توجيهات، من أوامر، هو من منطلق رحمة الله بنا، ليس فيه شيءٌ من هدايته، أو ما فيه من الأوامر والتوجيهات، خارجٌ عن إطار رحمة الله “سبحانه وتعالى”، ونحن في أمسِّ الحاجة إلى رحمة الله “سبحانه وتعالى”، ولكن نحصل على هذه الرحمة، نصل إلى هذه الرحمة، تتحقق لنا هذه الرحمة، نتلمس آثار هذه الرحمة في واقع حياتنا، من خلال اهتدائنا بهذا الكتاب، من خلال اتِّباعنا لهذا الكتاب، من خلال تمسكنا بهذا الكتاب، وهذه هي المشكلة التي نعاني منها حتى في واقعنا كأمةٍ مسلمة: النقص الكبير في اتِّباع القرآن الكريم، والنقص الكبير في الاهتداء به، ترك في واقع حياتنا ثغراتٍ كبيرة، وآثاراً كبيرة، ونقصاً كبيراً، وابتعاداً كبيراً عن أسباب رحمة الله “سبحانه وتعالى”، فكان لذلك آثار سيئة في واقع حياتنا، ونحن كأمةٍ إسلامية من نجني على أنفسنا عندما نترك شيئاً من القرآن، عندما لا نهتدي بالقرآن في أشياء مهمة جدًّا في شؤون حياتنا، وفي مجالات ذات أهمية كبيرة في حياتنا، نخسر من رحمة الله “سبحانه وتعالى”، الرحمة التي تتجسد بتلك التوجيهات الرحيمة، والرحمة التي تأتي إضافةً إلى ذلك من خلال الرعاية الإلهية الواسعة، التي تأتي نتيجةً لاتِّباع كتاب الله، والاستجابة له “سبحانه وتعالى”.
فعندما ندرك أنَّ هذا الكتاب كلما فيه هو رحمة؛ تتغير نظرتنا إلى تشريعات الله “سبحانه وتعالى”، إلى توجيهاته، وبالذات في الأمور التي ننظر إليها نظرةً سلبية، نعتبرها تشكِّل خطورةً علينا، أو نعتبرها ذات مشقة كبيرة في واقع حياتنا، فنتهرب عن الالتزام بها، أو القيام بها، أو النهوض بها؛ نتيجةً لهذه النظرة الخاطئة، هذا مما يجب أن نصحح من خلاله نظرتنا إلى القرآن الكريم، وبشكلٍ كامل، فكلما فيه من أوامر وتوجيهات، وكلما فيه من هداية، هو خيرٌ لنا، ومن منطلق رحمة الله بنا، وهو أرحم الراحمين، هو أرحم الراحمين، والثمرة التي تتحقق لنا من خلال التمسك بكتاب الله، والاهتداء به، والاستبصار به، ثمرة مهمة لنا نحن: رحمةٌ في الدنيا، ورحمةٌ في الآخرة، رحمةٌ في الدنيا: التمسك بهدى الله “سبحانه وتعالى” والاهتداء به يتحقق لنا به كأمة، الخير، والعزة، والكرامة، والحرية بمفهومها الصحيح، العزة بمفهومها الصحيح، الاستقلال، الخير، البركات، الرعاية الإلهية الواسعة في شؤون حياتنا، القوة، المنعة، الغلبة في مواجهة أعدائنا، كم وعد الله “سبحانه وتعالى”، الرحمة دائرتها واسعة، تمتد إلى كل مجالٍ من مجالات حياتنا، وإلى كل شأنٍ من شؤون حياتنا.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة الثانية 1442هـ