هناك أيضاً شكل من أشكال الحرب الناعمة يستهدفنا في الأخلاق والقيم، يسعى إلى تدنيس النفوس، من أعظم ما في الإيمان وما في الإسلام هو: التزكية للنفس البشرية، والتطهير للنفس البشرية، والسمو بالنفس البشرية عن الرذائل، عن الفواحش، عن الخسائس التي تدمر المجتمع، مثلاً المفاسد الأخلاقية (الفواحش) تدمر النسيج الاجتماعي، تفكك الأسرة، إذا تفككت الأسرة تفكك المجتمع، إذا لم يعد أمر المجتمع قائماً على النظام الأسري المترابط، وإذا دمرت هذه اللبنات الاجتماعية دمر المجتمع بكله. كيف تصبح العلاقات والروابط إذا لم تبقَ محفوظةً بسياجها الشرعي والأخلاقي، فيعيش الرجل في غريزته الجنسية مع زوجته فحسب، على شرع الله، على دين الله طاهراً سليماً، وتعيش هي كذلك طاهرة سليمة، ويبنيان أسرةً من واقع هذه العفة وهذا الطهر وهذا الشرف، إذا تفككت هذه الروابط، ودخلت العلاقات غير الشرعية، وأصبح الرجل على علاقات غير شرعية هنا وهناك، بامرأة هنا وامرأة هناك، وخارج هذا الإطار الشرعي والأخلاقي، وأصبحت المرأة كذلك؛ انتهى المجتمع. آفات ومصائب، لا أسر محصنة ومترابطة ستبقى، لا شرف، ولا كرامة، ولا سمو في النفوس، النفوس تدنس، تنحط، يصبح الإنسان تافهاً، خسيساً، نذلاً، سيئاً، لا قداسة عنده لشيء ولا احترام لشيء ولا كرامة لشيء، ساقطاً يمكن أن يستعبده الآخرون بكل بساطة، حتى نظرته إلى الحياة تتغير، واقعه العملي والحياتي يتغير. هذه حالة من التدمير للمجتمع: الاستهداف للأسرة وللنظام الأسري في الإسلام، الذي يبني أسرة موحدة عفيفة صالحة متماسكة: (أب وأم، زوجة وزوج، أخوة وأبناء) بينهم كل الروابط الأسرية العظيمة، تفكيك للنسيج الاجتماعي، ثم يصبح مجتمعاً مبعثراً، مفرقاً، مشتتاً، لا تجمعه أي روابط، ولا أي أواصر، ولا أي علاقات، إلا العلاقة الحرام التي لا قداسة فيها ولا رحمة فيها ولا خير فيها ولا شرف فيها ولا ثمرةً طيبة لها.
هناك تركيز على هذا الجانب من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال اختراق الجو المحافظ في المدارس والجامعات، والتأسيس لعلاقات غير سليمة، غير مشروعة، غير مستحبة لدى البعض، تدخل كثقافة، وينظر البعض إليها على أنها تمثل حضارة، أن الحضارة هي هكذا: علاقات غير مرتبطة، غير منضبطة، غير أخلاقية، روابط غير شرعية، مفاسد ورذائل، ونحن لا نرمي بهذا الكلام الطلاب والطالبات، الكثير منهم شرفاء، ولكننا نتحدث كي يكونوا منتبهين؛ لأن هناك من يروج اليوم لهكذا علاقات وروابط غير شرعية ولا أخلاقية، من يروج لحالة من الانفلات في العلاقات، لفوضى في الاختلاط والعلاقات، لفوضى في الروابط والتواصل، وانخلاعاً وانسلاخاً عن كل الضوابط الشرعية والأخلاقية التي تحمي المجتمع المسلم وتحافظ عليه وتصونه، تصون المرأة وتحافظ عليها لتكون عفيفةً طاهرةً شريفةً كريمةً أصيلة، تكون نواةً لأسرة عظيمة، وتحمي الرجل كذلك، ليكون إنساناً عفيفاً زكياً صالحاً طاهراً شريفاً نظيفاً، فيكون أيضاً مع تلك المرأة نواةً لأسرة تبنى على هذه القيم العظيمة، تعيش حالة الترابط، الروابط المقدسة، لقد جعل الله الرابطة في نظام الأسرة الإسلامية رابطة مقدسة، سليمة، نظيفة.
اليوم الغرب يروج عبر بعض المنظمات، عبر الهجمة الإعلامية، الهجمة التي تأتي عن مواقع التواصل الاجتماعي، عن مواقع في الإنترنت، الهجمة الإباحية الخليعة، الشنيعة، القبيحة، الفظيعة، الشيطانية، الخطيرة، السيئة جدًّا… يأتي ليدمر كل هذا الجو الراقي في واقعنا، كل هذه المحافظة، يأتي ليُعَلم الناس الفوضى في الروابط، والفوضى في الاختلاط، والفوضى في التواصل… وهكذا حتى تنشأ روابط غير شرعية.
يجب التقيُّد بالتعاليم الإسلامية، بالأخلاق والقيم الإيمانية؛ لأنها تحمي مجتمعنا وتصونه وتحافظ على قوته وتماسكه، ويجب أن نعي أن الانفلات في الروابط والعلاقات بين الرجل والمرأة ليس حضارة أبداً، إنما هو خسة، إنما هو دناءة، إنما هو انحطاط، إنما هو تدمير للمجتمع المسلم، للأسرة المسلمة، تمزيق للنسيج الاجتماعي الإسلامي.
ويجب أن نعي أن ذلك حرب بكل ما تعنيه الكلمة، إسقاط للإنسان، حتى يصبح إنساناً ساقطاً، مائعاً، تافهاً، حقيراً، نذلاً، لا شرف عنده، لا أهمية عنده لشيء أبداً، فعلاً من يصبح ساقطاً أخلاقياً هل يبقى عنده كرامة؟ هل يبقى عنده شرف؟ هل يبقى عنده غيرة؟ هل يبقى عنده حمية؟ هل يبقى عنده إباء؟ هل يبقى عنده عزة؟ هل يبقى عنده مَنَعة؟ |لا|، من يصبح ساقطاً أخلاقياً في العلاقات غير الشرعية فيما بين الرجال والنساء، أو أي شكل من أشكال الفواحش والإباحية، لا يبقى لديه إحساس لا بكرامة، ولا شرف، ولا عزة، ولا إباء، ولا غيرة، ولا حمية، ولا أي شيء من هذه الأشياء، عندها يصبح رخيص النفس وقابلاً للاستعباد.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة جمعة رجب 1439هـ / 5/ يوليو, 2019م.